| القاهرة - من أحمد نصير |
ساحر في أدائه لشخصياته... مرعب في تقمصه لأدواره... إطلالته على الشاشة الكبيرة أو الصغيرة وحتى على خشبة المسرح مختلفة إلى حد التميز ومتميزة إلى حد التفرد، استحق عن جدارة أن يستحوذ على نصف دستة ألقاب - أو أكثر- لا ينازعه فيها أحد.
فهو «العبقري»... رئيس جمهورية التمثيل... الامبراطور، المريض بالفن... زعيم مدرسة فن التقمص... وجاك نيكلسون العرب.
هكذا قالوا عن النجم الأسمر الراحل أحمد زكي الذي رحل عن عالمنا قبل 4 سنوات وعدة أشهر لكنه بقي خالدا في ذاكرة «الفن السابع» بأفلامه المتفردة.
هذا «الفتى الأسمر»... الذي عانى اليتم والحرمان والانكسار منذ ولادته في مدينة الزقازيق «عاصمة محافظة الشرقية»ـ على بعد نحو 85 كيلو مترا شمال شرق العاصمة المصرية - جاء إلى القاهرة «هوليوود الشرق» ليقلب الموازين في عالم السينما، ويصبح بالرغم من سمرة وجهه التي تشبه طمي النيل فتى الشاشة الذي تفوق على نجومها السابقين والمعاصرين له حتى ان نجم هوليوود روبرت دي نيرو والفنان عمر الشريف... أكدا أنه لولا حاجز اللغة لأصبح «ابن الزقازيق» نجما عالميا لا نظير له.
عندما تشاهد أعمال «أحمد زكي» على الشاشة فأنت ترى نجما فوق العادة... ملامحه منحوتة من أرض مصر... يتكلم ويعبّر فتشعر أنك أمام بطل شعبي وليس ممثلا يعشق الفن إلى حد الجنون، حتى انهم قالوا عنه «صاحب مدرسة الفن المنحوت»، وقالوا: إنها مدرسة من إبداعه... وربما لهذا أحبه الجمهور واعتبره بطله الأول الذي يحرص على مشاهدة أفلامه.
أسرار ومواقف وحكايات مثيرة كثيرة في حياة أحمد زكي... سنتعرف عليها في 30 حلقة، عبر «الراي»... نقترب من شهادات عدد من الذين اقتربوا منه وآراء النقاد وزملاء المشوار لنعرف النجم الأسمر عن قرب، ونعرف ما كان بداخله وكيف استطاع الوصول إلى هذه المكانة، وكيف استحوذ على قلوب عشاق السينما والمسرح والتلفزيون، وكيف أحبه كل من عمل معه، وكل من تعامل معه... فابقوا معنا... حلقة بعد أخرى.
لعبت المرأة دورا «هامشيا» في حياة أحمد زكي... فقد عانى مرارة الحرمان المبكر من أحضان والدته لزواجها بعد وفاة والده... وحينما استقر على شاطئ الحب تزوج الفنانة المعتزلة الراحلة هالة فؤاد في زفاف أسطوري وتصور الجميع أن الحب والاستقرار سيفجر مواهب جديدة في حياته.
لكن سرعان ما تبدد الحلم وحدث الانفصال بينهما وعاد بعدها أحمد زكي لحياة الوحدة يبحث عن لحظة حب ولا يجدها إلا في مشاهد بعض أفلامه.
في أحد الأيام قرأ أحمد زكي خبرا تحت عنوان «أمنيتي» وصورة لهالة فؤاد وتحت أمنيتي قالت: «أنا كان نفسي أدخل كلية الإعلام لكي أصبح مذيعة في التلفزيون».
وكان وقتها قد بدأ التمثيل مع هالة ويعرفها عن قرب فوجد فيها ملامح من المرأة التي كان يحلم بها وتوسم فيها أنها ستكون زوجة رائعة فقد أنهت لتوها- وقتها - دراستها في كلية التجارة.
اللقاء الأول
كانت مشاعر الحب قد بدأت في التسلل إلى قلب أحمد زكي وبحث عن طريقة يفاتح بها فتاة أحلامه.
وفي أحد الأيام تحدث مع هالة وقال لها: «مارأيك في أن تصبحي مذيعة في التلفزيون خاصة وأن شكلك محبب إلى الناس وتستطيعين أن تقدمي برامج تلفزيونية ناجحة ليس لأن الفن مجال سيئ أو لأنني أرفض عملك بالتمثيل ولكن لأنني أريد في الوقت نفسه أن أكوّن أسرة وأنجب أطفالا كثيرين فقد حرمت من جو الأسرة وأريد تعويض سنوات الحرمان الطويلة... قال ذلك لهالة لأنه ممثل وكان يرى زميلاته الممثلات يتعبن كثيرا ليلا ونهارا حسب ظروف العمل.
عرض أحمد زكي على هالة فؤاد أن يحقق لها هذه الأمنية وتكون مذيعة ناجحة وأنه سيساعدها على تحقيق أمنيتها... ويومها وافقت هالة على الفور... لكنه شعر أنها تعيش في أزمة... إنها تريد الارتباط به ولكنها في الوقت ذاته تحب الفن، لكنه لم يكن يعرف ذلك... وتم الزفاف وبدأ أحمد زكي يحلم بالمستقبل وإنجاب الأطفال.
ولم تسعه الفرحة عندما أخبرته هالة بقرب قدوم وليّ العهد... وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن... فقد حدث أثناء فترة الحمل أن كتبت إحدى المجلات الأسبوعية ـ على لسان هالة ـ أنها ستعود للفن بعد انتهاء فترة الحمل وإنجاب طفلها، ويومها قرأ أحمد زكي الخبر وجُن جنونه وواجهها بهذا الخبر وأصبح في حال عصبية.
وبدأت الخلافات الصغيرة تكبر ولم يستطع المحيطون بهما أن يمنعوها وأصبحت هالة فؤاد حائرة بين حبها للفن وحبها لأحمد زكي وكان الانفصال بينهما وضاع الحلم بعد زواج لم يستمر سوى عام وعدة أشهر فقط.
الابن الوحيد
وبعد إنجابها لابنها الوحيد ـ هيثم ـ شاركت هالة في بطولة فوازير رمضان مع صابرين ويحيى الفخراني وكشفت عن موهبتها الفنية وشعر أحمد زكي يومها أنه أخطأ في حقها حيث سعى لإقناعها بالابتعاد عن شيء تحبه وبالرغم من انفصالهما فقد حرصت هالة فؤاد على مساندته حينما تعرض لأزمة صحية وطارت إليه في لندن لتقف بجواره بصفته والد ابنها وطاردتهما اشعاعات استئناف حياتهما الزوجية.
ووقفت الكرامة والكبرياء والعناد بين أحمد وهالة وضاع الحلم الجميل مرة أخرى ثم تزوجت هالة بعد «5» سنوات وظل هيثم يعيش معها وحين مرضت لم يكن يعرف أحمد زكي كيف يتصرف وماذا يمكن أن يقدم لها وقيل يومها إن هناك دواء في أميركا فسعى للبحث عنه ولكنه كان مقيدا لأنها سيدة متزوجة وكان الموقف حساسا لكنه ذهب إليها في المستشفى وحين سمع خبر وفاتها ـ وقع أثناء التصوير ـ حزنا على إنسانة أحبها من كل قلبه.
والمثير أن يصاب أحمد زكي بعد رحيل هالة بسنوات بنفس المرض الذي عانت منه ويعيش نفس الآلام التي عاشتها.
وبالرغم من الانفصال ووفاة هالة في منتصف الثمانينات إلا أن أحمد زكي كثيرا ما صرح للمقربين منه بأنها كانت حب عمره وأنه أضاعها من يديه.
إلا هيثم
بعد رحيل هالة فؤاد خاف أحمد زكي على ابنه الوحيد هيثم وأراد أن يعطيه الدفء والحنان و خبراته في الحياة وبالفعل كان قريبا جدا من ابنه حتى إنه قال: إن ابنه هو الوحيد في الدنيا الذي يفهمه والقريب منه جدا ولا يفارقه بشكل يومي حتى في أماكن التصوير وأحيانا كان يصحبه معه.
وقد كانت تجربة اليتم التي عاشها وراء حرصه على علاقته بهيثم وهذا ما أكده بنفسه عندما قال: أنا عايز أعطي لابني الحنان الذي افتقدته.... المسألة مش مجرد تدليل ودلع.
وقد وصف أحمد زكي ابنه هيثم من الراحلة هالة فؤاد بأنه «هو العلاقة الصادقة والجميلة الوحيدة في حياتي»، وعندما انفصلت عن أمه تركته لها حتى ماتت لأنني حُرمت حنان الأم ولم أشأ أن تتكرر مأساتي مع «هيثم» الذي يعيش عصرا مختلفا وأحيانا أعتبره أستاذي وأتعلم منه أشياء كثيرة.
ويتذكر عندما سمع خبر وفاة هالة فؤاد قائلا: «بعد وفاة أم ابني الفنانة الراحلة هالة فؤاد سمعت الخبر وأنا أصور أحد المشاهد فسقطت مغشيا عليّ ونقلوني إلى المنزل منهارا وطلبت ممن معي ألا يخبروا أحدا بما حدث لي لأن هالة عندما توفيت كانت زوجة رجل آخر».
ويضيف: هناك رباعية لصلاح جاهين أرى فيها ملامحي ونفسي يقول فيها:
مهبوش بخربوش الألم وضياع قلبي... ومنزوع من الضلوع انتزاع
يا مرايتي ياللي بترسمي ضحكتي... يا هل ترى ده وشي ولا قناع
البحث عن زوجة
ولم يجد الفنان أحمد زكي بعد هالة فؤاد المرأة التي تشاركه حياته وتسعده بعد الرحلة المجهدة التي مر بها تتحلى بالصفات التي يبحث عنها ومنها ألا تتصارع معه لأنه مجهد وتقف بجانبه وتريحه وقال إنه على استعداد أن ينشر إعلانا لزواجه مكتوب فيه : إذا كانت هناك امرأة تبحث عن وظيفة كبيرة ومهمة فلتتزوجني... وظيفة كبيرة وفي غاية الإجهاد وهكذا كان رأيه في الزوجة الثانية.
ولكن القدر لم يجمعه بهذه الزوجة التي تجيد فن التعامل مع فنان قلق ومصاب دائما بالاكتئاب وتعامله كرجل عادي وليس كفنان ولديها توازن نفسي.
وعندما سمع أن البعض يقول إنه لا يريد أن تتكرر أزمته مع ابنه هيثم رفض أحمد زكي أن يكون لابنه دخل في ذلك وقال: ليس صحيحا أنني لا أريد أن أتزوج من أجل ابني هيثم وأنني أخاف عليه من زوجة الأب... لأن المرأة التي لن تكون أمينة على ابني لن تكون أمينة عليّ أيضا والتي لا تخاف على ابني لن تخاف عليّ ولا أتصور أن تحبني امرأة ولا تحب ابني.
معاناة لا تنتهي
ولأن حياة الفنان أحمد زكي مليئة بالصور الحزينة فإنه بعد أن رحلت هالة فؤاد ووجد نفسه وحيدا في شقته في حيّ المهندسين قرر أن يقيم في أحد الفنادق «هيلتون رمسيس» الذي ظل فيه لأكثر من «18» عاما قضاها في غرفته المطلة على نيل القاهرة وكان يجد نفسه في الفندق - عن الشقة - بالرغم من وجود شغالة فيها إلا أن الفندق كان يجد فيه ابتسامة وهو عائد من العمل بالليل لا يجدها في شقته ـ شبه المهجورة ـ التي تذكره بالوحدة، خصوصا وأن ابنه يقيم منذ رحيل الزوجة بعد الطلاق مع جدته.
وتحدث أحمد زكي كثيرا عن شعوره بالوحدة قائلا: أنا عندي شقتي في المهندسين لكنني تركتها لأعيش في فندق لأنني كنت أعود لشقتي فأجدها بلا روح لكن في الفندق يمكن أن أجد ابتسامة أو وردة في استقبالي أو قطعة شيكولاتة.
قد يقول البعض هذه الأشياء يمكن أن تعملها في بيتك لكنني لم أجد الدفء فيه فالدفء يأتي من الأسرة وأنا بلا أسرة ... أنا أحتاج لأسرة وأحتاج لامرأة لأسعدها وتسعدني لكنني لم أجد هذه المرأة وبعد هذه الرحلة المجهدة أصبحت أبحث عن إنسانة تخلي بالها مني... أنا أريد أن أرتاح ليس عندي جهد للشجار أريد امرأة تصنع رجلا وتقف بجانبه وتريحه وإذا كانت تبحث عن وظيفة مهمة فلتتزوجني... أريد امرأة تجيد التعامل مع فنان قلق لا أريدها ان تعاملني ـ كرجل عادي ـ وأنا لا يكفيني من المرأة عواطفها تجاهي يعني ليس كافيا أن تحبني لابد أن تصادقني تصبح أختي وصديقتي وأمي وتعرف كيف تسمعني وأنا أيضا أسمعها... ولن أجعلها تندم على مساندتها لي... ومشكلتي أنني لم أعد أحتمل امرأة لديها أحلامها الخاصة.
وأعترف أن هذه أنانية ولكن هذه هي الحقيقة وهذا هو شعوري أريدها موظفة تدير حياتي وأمنحها راتبها وهو عبارة عن رجل كبير يحمل قلب طفل صغير فعليها أن تعاملني معاملة الأطفال وأعرف أن مواصفاتي صعبة ومعقدة ولهذا دائما ما أفشل ولا تدوم علاقاتي العاطفية أحب بكل ما أملك من مشاعر وأحاسيس.
ثم أكتشف أن من أحببتها إنسانة لها طموحها الخاص فيبدأ الصدام بين أحلامي وأحلامها وتموت الحكاية. وأخاف أن أظل هكذا أو تمر أيامي دون أن أعيش لحظة دفء واحدة.
الشائعات ودونجوان
وحول الشائعات الكثيرة التي تعرض لها ووصفته بأنه «دونجوان» في حياته العادية أيضا، ومن هذه القصص انقلاب سيارته في الطريق الصحراوي وكانت بصحبته فنانة شهيرة وأيضا شائعة حب مع شيرين سيف النصر أثناء تصويرهما لفيلم «سواق الهانم» ومع سعاد حسني وغيرها.
قال أحمد زكي: كثيرا ما تنطلق شائعات كثيرة عني تربطني بامرأة معينة، ولكن كما قلت... المرأة لها تقدير خاص بالنسبة لي وأنا في دهشة حقيقية من كل ما يكتب أو يقال عني... فأنا فنان من المفترض أن يحاسبني الناس... هل أسبب إساءة للآخرين؟
وهل أسير هائما على وجهي في الشوارع؟ وهل اقتحمت حياة أحد؟ وما دمت أنني لم أسيء إلى أحد فإن حياتي الخاصة ملك لي وهذه أبسط حقوقي في الحياة... أنا مثل أي رجل في الدنيا من حقه أن يحب ومن حقه أن يختلف فإذا كانت قد وقعت حادثة ذات يوم فهناك حوادث كثيرة حدثت في نفس الطريق... ولم يتحدث عنها أحد فلماذا أحمد زكي بالذات هو الذي يحاط بالتشهير والإساءة.
ساحر في أدائه لشخصياته... مرعب في تقمصه لأدواره... إطلالته على الشاشة الكبيرة أو الصغيرة وحتى على خشبة المسرح مختلفة إلى حد التميز ومتميزة إلى حد التفرد، استحق عن جدارة أن يستحوذ على نصف دستة ألقاب - أو أكثر- لا ينازعه فيها أحد.
فهو «العبقري»... رئيس جمهورية التمثيل... الامبراطور، المريض بالفن... زعيم مدرسة فن التقمص... وجاك نيكلسون العرب.
هكذا قالوا عن النجم الأسمر الراحل أحمد زكي الذي رحل عن عالمنا قبل 4 سنوات وعدة أشهر لكنه بقي خالدا في ذاكرة «الفن السابع» بأفلامه المتفردة.
هذا «الفتى الأسمر»... الذي عانى اليتم والحرمان والانكسار منذ ولادته في مدينة الزقازيق «عاصمة محافظة الشرقية»ـ على بعد نحو 85 كيلو مترا شمال شرق العاصمة المصرية - جاء إلى القاهرة «هوليوود الشرق» ليقلب الموازين في عالم السينما، ويصبح بالرغم من سمرة وجهه التي تشبه طمي النيل فتى الشاشة الذي تفوق على نجومها السابقين والمعاصرين له حتى ان نجم هوليوود روبرت دي نيرو والفنان عمر الشريف... أكدا أنه لولا حاجز اللغة لأصبح «ابن الزقازيق» نجما عالميا لا نظير له.
عندما تشاهد أعمال «أحمد زكي» على الشاشة فأنت ترى نجما فوق العادة... ملامحه منحوتة من أرض مصر... يتكلم ويعبّر فتشعر أنك أمام بطل شعبي وليس ممثلا يعشق الفن إلى حد الجنون، حتى انهم قالوا عنه «صاحب مدرسة الفن المنحوت»، وقالوا: إنها مدرسة من إبداعه... وربما لهذا أحبه الجمهور واعتبره بطله الأول الذي يحرص على مشاهدة أفلامه.
أسرار ومواقف وحكايات مثيرة كثيرة في حياة أحمد زكي... سنتعرف عليها في 30 حلقة، عبر «الراي»... نقترب من شهادات عدد من الذين اقتربوا منه وآراء النقاد وزملاء المشوار لنعرف النجم الأسمر عن قرب، ونعرف ما كان بداخله وكيف استطاع الوصول إلى هذه المكانة، وكيف استحوذ على قلوب عشاق السينما والمسرح والتلفزيون، وكيف أحبه كل من عمل معه، وكل من تعامل معه... فابقوا معنا... حلقة بعد أخرى.
لعبت المرأة دورا «هامشيا» في حياة أحمد زكي... فقد عانى مرارة الحرمان المبكر من أحضان والدته لزواجها بعد وفاة والده... وحينما استقر على شاطئ الحب تزوج الفنانة المعتزلة الراحلة هالة فؤاد في زفاف أسطوري وتصور الجميع أن الحب والاستقرار سيفجر مواهب جديدة في حياته.
لكن سرعان ما تبدد الحلم وحدث الانفصال بينهما وعاد بعدها أحمد زكي لحياة الوحدة يبحث عن لحظة حب ولا يجدها إلا في مشاهد بعض أفلامه.
في أحد الأيام قرأ أحمد زكي خبرا تحت عنوان «أمنيتي» وصورة لهالة فؤاد وتحت أمنيتي قالت: «أنا كان نفسي أدخل كلية الإعلام لكي أصبح مذيعة في التلفزيون».
وكان وقتها قد بدأ التمثيل مع هالة ويعرفها عن قرب فوجد فيها ملامح من المرأة التي كان يحلم بها وتوسم فيها أنها ستكون زوجة رائعة فقد أنهت لتوها- وقتها - دراستها في كلية التجارة.
اللقاء الأول
كانت مشاعر الحب قد بدأت في التسلل إلى قلب أحمد زكي وبحث عن طريقة يفاتح بها فتاة أحلامه.
وفي أحد الأيام تحدث مع هالة وقال لها: «مارأيك في أن تصبحي مذيعة في التلفزيون خاصة وأن شكلك محبب إلى الناس وتستطيعين أن تقدمي برامج تلفزيونية ناجحة ليس لأن الفن مجال سيئ أو لأنني أرفض عملك بالتمثيل ولكن لأنني أريد في الوقت نفسه أن أكوّن أسرة وأنجب أطفالا كثيرين فقد حرمت من جو الأسرة وأريد تعويض سنوات الحرمان الطويلة... قال ذلك لهالة لأنه ممثل وكان يرى زميلاته الممثلات يتعبن كثيرا ليلا ونهارا حسب ظروف العمل.
عرض أحمد زكي على هالة فؤاد أن يحقق لها هذه الأمنية وتكون مذيعة ناجحة وأنه سيساعدها على تحقيق أمنيتها... ويومها وافقت هالة على الفور... لكنه شعر أنها تعيش في أزمة... إنها تريد الارتباط به ولكنها في الوقت ذاته تحب الفن، لكنه لم يكن يعرف ذلك... وتم الزفاف وبدأ أحمد زكي يحلم بالمستقبل وإنجاب الأطفال.
ولم تسعه الفرحة عندما أخبرته هالة بقرب قدوم وليّ العهد... وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن... فقد حدث أثناء فترة الحمل أن كتبت إحدى المجلات الأسبوعية ـ على لسان هالة ـ أنها ستعود للفن بعد انتهاء فترة الحمل وإنجاب طفلها، ويومها قرأ أحمد زكي الخبر وجُن جنونه وواجهها بهذا الخبر وأصبح في حال عصبية.
وبدأت الخلافات الصغيرة تكبر ولم يستطع المحيطون بهما أن يمنعوها وأصبحت هالة فؤاد حائرة بين حبها للفن وحبها لأحمد زكي وكان الانفصال بينهما وضاع الحلم بعد زواج لم يستمر سوى عام وعدة أشهر فقط.
الابن الوحيد
وبعد إنجابها لابنها الوحيد ـ هيثم ـ شاركت هالة في بطولة فوازير رمضان مع صابرين ويحيى الفخراني وكشفت عن موهبتها الفنية وشعر أحمد زكي يومها أنه أخطأ في حقها حيث سعى لإقناعها بالابتعاد عن شيء تحبه وبالرغم من انفصالهما فقد حرصت هالة فؤاد على مساندته حينما تعرض لأزمة صحية وطارت إليه في لندن لتقف بجواره بصفته والد ابنها وطاردتهما اشعاعات استئناف حياتهما الزوجية.
ووقفت الكرامة والكبرياء والعناد بين أحمد وهالة وضاع الحلم الجميل مرة أخرى ثم تزوجت هالة بعد «5» سنوات وظل هيثم يعيش معها وحين مرضت لم يكن يعرف أحمد زكي كيف يتصرف وماذا يمكن أن يقدم لها وقيل يومها إن هناك دواء في أميركا فسعى للبحث عنه ولكنه كان مقيدا لأنها سيدة متزوجة وكان الموقف حساسا لكنه ذهب إليها في المستشفى وحين سمع خبر وفاتها ـ وقع أثناء التصوير ـ حزنا على إنسانة أحبها من كل قلبه.
والمثير أن يصاب أحمد زكي بعد رحيل هالة بسنوات بنفس المرض الذي عانت منه ويعيش نفس الآلام التي عاشتها.
وبالرغم من الانفصال ووفاة هالة في منتصف الثمانينات إلا أن أحمد زكي كثيرا ما صرح للمقربين منه بأنها كانت حب عمره وأنه أضاعها من يديه.
إلا هيثم
بعد رحيل هالة فؤاد خاف أحمد زكي على ابنه الوحيد هيثم وأراد أن يعطيه الدفء والحنان و خبراته في الحياة وبالفعل كان قريبا جدا من ابنه حتى إنه قال: إن ابنه هو الوحيد في الدنيا الذي يفهمه والقريب منه جدا ولا يفارقه بشكل يومي حتى في أماكن التصوير وأحيانا كان يصحبه معه.
وقد كانت تجربة اليتم التي عاشها وراء حرصه على علاقته بهيثم وهذا ما أكده بنفسه عندما قال: أنا عايز أعطي لابني الحنان الذي افتقدته.... المسألة مش مجرد تدليل ودلع.
وقد وصف أحمد زكي ابنه هيثم من الراحلة هالة فؤاد بأنه «هو العلاقة الصادقة والجميلة الوحيدة في حياتي»، وعندما انفصلت عن أمه تركته لها حتى ماتت لأنني حُرمت حنان الأم ولم أشأ أن تتكرر مأساتي مع «هيثم» الذي يعيش عصرا مختلفا وأحيانا أعتبره أستاذي وأتعلم منه أشياء كثيرة.
ويتذكر عندما سمع خبر وفاة هالة فؤاد قائلا: «بعد وفاة أم ابني الفنانة الراحلة هالة فؤاد سمعت الخبر وأنا أصور أحد المشاهد فسقطت مغشيا عليّ ونقلوني إلى المنزل منهارا وطلبت ممن معي ألا يخبروا أحدا بما حدث لي لأن هالة عندما توفيت كانت زوجة رجل آخر».
ويضيف: هناك رباعية لصلاح جاهين أرى فيها ملامحي ونفسي يقول فيها:
مهبوش بخربوش الألم وضياع قلبي... ومنزوع من الضلوع انتزاع
يا مرايتي ياللي بترسمي ضحكتي... يا هل ترى ده وشي ولا قناع
البحث عن زوجة
ولم يجد الفنان أحمد زكي بعد هالة فؤاد المرأة التي تشاركه حياته وتسعده بعد الرحلة المجهدة التي مر بها تتحلى بالصفات التي يبحث عنها ومنها ألا تتصارع معه لأنه مجهد وتقف بجانبه وتريحه وقال إنه على استعداد أن ينشر إعلانا لزواجه مكتوب فيه : إذا كانت هناك امرأة تبحث عن وظيفة كبيرة ومهمة فلتتزوجني... وظيفة كبيرة وفي غاية الإجهاد وهكذا كان رأيه في الزوجة الثانية.
ولكن القدر لم يجمعه بهذه الزوجة التي تجيد فن التعامل مع فنان قلق ومصاب دائما بالاكتئاب وتعامله كرجل عادي وليس كفنان ولديها توازن نفسي.
وعندما سمع أن البعض يقول إنه لا يريد أن تتكرر أزمته مع ابنه هيثم رفض أحمد زكي أن يكون لابنه دخل في ذلك وقال: ليس صحيحا أنني لا أريد أن أتزوج من أجل ابني هيثم وأنني أخاف عليه من زوجة الأب... لأن المرأة التي لن تكون أمينة على ابني لن تكون أمينة عليّ أيضا والتي لا تخاف على ابني لن تخاف عليّ ولا أتصور أن تحبني امرأة ولا تحب ابني.
معاناة لا تنتهي
ولأن حياة الفنان أحمد زكي مليئة بالصور الحزينة فإنه بعد أن رحلت هالة فؤاد ووجد نفسه وحيدا في شقته في حيّ المهندسين قرر أن يقيم في أحد الفنادق «هيلتون رمسيس» الذي ظل فيه لأكثر من «18» عاما قضاها في غرفته المطلة على نيل القاهرة وكان يجد نفسه في الفندق - عن الشقة - بالرغم من وجود شغالة فيها إلا أن الفندق كان يجد فيه ابتسامة وهو عائد من العمل بالليل لا يجدها في شقته ـ شبه المهجورة ـ التي تذكره بالوحدة، خصوصا وأن ابنه يقيم منذ رحيل الزوجة بعد الطلاق مع جدته.
وتحدث أحمد زكي كثيرا عن شعوره بالوحدة قائلا: أنا عندي شقتي في المهندسين لكنني تركتها لأعيش في فندق لأنني كنت أعود لشقتي فأجدها بلا روح لكن في الفندق يمكن أن أجد ابتسامة أو وردة في استقبالي أو قطعة شيكولاتة.
قد يقول البعض هذه الأشياء يمكن أن تعملها في بيتك لكنني لم أجد الدفء فيه فالدفء يأتي من الأسرة وأنا بلا أسرة ... أنا أحتاج لأسرة وأحتاج لامرأة لأسعدها وتسعدني لكنني لم أجد هذه المرأة وبعد هذه الرحلة المجهدة أصبحت أبحث عن إنسانة تخلي بالها مني... أنا أريد أن أرتاح ليس عندي جهد للشجار أريد امرأة تصنع رجلا وتقف بجانبه وتريحه وإذا كانت تبحث عن وظيفة مهمة فلتتزوجني... أريد امرأة تجيد التعامل مع فنان قلق لا أريدها ان تعاملني ـ كرجل عادي ـ وأنا لا يكفيني من المرأة عواطفها تجاهي يعني ليس كافيا أن تحبني لابد أن تصادقني تصبح أختي وصديقتي وأمي وتعرف كيف تسمعني وأنا أيضا أسمعها... ولن أجعلها تندم على مساندتها لي... ومشكلتي أنني لم أعد أحتمل امرأة لديها أحلامها الخاصة.
وأعترف أن هذه أنانية ولكن هذه هي الحقيقة وهذا هو شعوري أريدها موظفة تدير حياتي وأمنحها راتبها وهو عبارة عن رجل كبير يحمل قلب طفل صغير فعليها أن تعاملني معاملة الأطفال وأعرف أن مواصفاتي صعبة ومعقدة ولهذا دائما ما أفشل ولا تدوم علاقاتي العاطفية أحب بكل ما أملك من مشاعر وأحاسيس.
ثم أكتشف أن من أحببتها إنسانة لها طموحها الخاص فيبدأ الصدام بين أحلامي وأحلامها وتموت الحكاية. وأخاف أن أظل هكذا أو تمر أيامي دون أن أعيش لحظة دفء واحدة.
الشائعات ودونجوان
وحول الشائعات الكثيرة التي تعرض لها ووصفته بأنه «دونجوان» في حياته العادية أيضا، ومن هذه القصص انقلاب سيارته في الطريق الصحراوي وكانت بصحبته فنانة شهيرة وأيضا شائعة حب مع شيرين سيف النصر أثناء تصويرهما لفيلم «سواق الهانم» ومع سعاد حسني وغيرها.
قال أحمد زكي: كثيرا ما تنطلق شائعات كثيرة عني تربطني بامرأة معينة، ولكن كما قلت... المرأة لها تقدير خاص بالنسبة لي وأنا في دهشة حقيقية من كل ما يكتب أو يقال عني... فأنا فنان من المفترض أن يحاسبني الناس... هل أسبب إساءة للآخرين؟
وهل أسير هائما على وجهي في الشوارع؟ وهل اقتحمت حياة أحد؟ وما دمت أنني لم أسيء إلى أحد فإن حياتي الخاصة ملك لي وهذه أبسط حقوقي في الحياة... أنا مثل أي رجل في الدنيا من حقه أن يحب ومن حقه أن يختلف فإذا كانت قد وقعت حادثة ذات يوم فهناك حوادث كثيرة حدثت في نفس الطريق... ولم يتحدث عنها أحد فلماذا أحمد زكي بالذات هو الذي يحاط بالتشهير والإساءة.