أتعجب من هذا الجدل الدائر حول تأجيل العام الدراسي، وتلك الآراء التي تطالب بوقف الدراسة في كل المدارس، وفي كل المراحل على اعتبار أن صحة الأبناء أهم من تعليمهم، ولا شك أننا مع تفضيل صحة الأبناء على تعليمهم، لكن علينا أن نحسب الأمور بشكل عقلاني ومنطقي وسليم من خلال وقائع وأحداث وشواهد، وقليل من بعد النظر.
تأجيل الدراسة ماذا يعني؟ يعني أن حياة الطلبة العملية ستتأخر ربما عام أو اثنين. تأجيل الدراسة ماذا يعني؟ يعني أنه لابد وأن تؤجل الدراسة حتى تنتهي موجة أنفلونزا الخنازير، التي لا يعلم أحد متى يمكن أن تنتهي، هي موجودة منذ أشهر، وربما يكون لها موجة ثانية وثالثة كما يقول المتخصصون، فهل سنظل نؤجل الدراسة حتى تنتهي هذه الأنفلونزا مع العلم أن وجودها قد يمتد لأعوام وليس لأيام أو أشهر. تأجيل الدراسة يعني أنه من المفروض أن نتخذ إجراءات مماثلة في أماكن تجمع البشر، وبذلك علينا أن نغلق أيضاً الجامعات والمعاهد، ونغلق المصالح الحكومية بما فيها الوزارات، ونغلق كذلك أماكن الترفيه من دور سينما وشواطئ ومسارح وغير ذلك، وإذا ما كان هناك إصرار على إغلاق المدارس فعلينا أيضاً أن نغلق المساجد.
هل يستطيع أحد أن يجزم بأن الأطفال الذين لن يدخلوا المدارس لن يخالطوا أطفالاً في أعمارهم من أبناء العمومة والأصدقاء والمعارف وأبناء الفريج، هل هناك من يجزم أن هؤلاء الأطفال لن يلعبوا ويمرحوا مع أقرانهم ويخالطوهم عن قرب، ويستخدموا أدواتهم الشخصية وألعابهم، ألن يذهب هؤلاء لأماكن الترفيه ويلمسوا ويتمسحوا في الألعاب التي تعامل معها من سبقوهم؟
من واقع تجربتي وخبرتي كمديرة للمدرسة البريطانية، وعضو اتحاد أصحاب المدارس الخاصة أقولها بأعلى صوت... تأجيل الدراسة ضرره أكثر من نفعه، فالمدارس وبالأخص ذات المنهج الأجنبي ملتزمة بتدريس مناهج من الخارج ولكي يحصل الطالب على شهادته عليه أن يكمل عدد أيام دراسية معينة أقلها 220 يوماً دراسياً، وبغير ذلك لن يحصل على شهادته... فهل هذا ما نسعى إليه؟
الموضوع يتلخص في تغيير السلوك داخل المدارس... أن نمنع القبلات والأحضان بين الطلبة، وأن نعودهم على عادات مختلفة، خلال هذا العام على الأقل حتى نحد من انتشار العدوى، وكذلك علينا أن نوجههم من خلال محاضرات خاصة بهذا الأمر، وأن نراقبهم في تصرفاتهم المختلفة، وأن نخصص لكل طالب أغراضه الخاصة، وأن نزيد من الإجراءات الوقائية بالنظافة المستمرة والتعقيم والتهوية السليمة، وربما نفرض عليهم لبس الكمامات والقفازات... لا أن نؤجل الدراسة كلها.
طلب تأجيل الدراسة ليس هو الحل لمواجهة مرض «AH1N1» وإنما الحل بأن نواجهه بحرص، لن نوقف حياتنا تماماً بسبب الخوف المبالغ فيه، ولن نضيع مستقبل أبنائنا لخوفنا الزائد والمفرط. نعم سنتخذ كل الإجراءات الاحترازية، ونعم سيصاب أطفال بالمرض، ونعم سندخل في دوامة، وسنرهق من المتابعة ومحاولة تعليم الأبناء عادات جديدة، ولكن كل ذلك أفضل من أن نؤجل ونؤجل ونؤجل، فتأجيل الدراسة حل سهل وهادم، أما استمرارها فهو الحل الصعب، ولكنه حل بناء وطموح.
هنا ونحن من المتخصصين في التربية والتعليم نطالب اللجنة التعليمية البرلمانية والتي تجتمع اليوم الأحد 30 أغسطس أن تضع كل هذه الأمور في حسبانها، كما نطالب مجلس الوزراء الذي يناقش هذا الموضوع غداً الأثنين ألا يأخذ بالرأي قصير النظر الذي يدعو لتأجيل المدارس، وعليه أن يأخذ القرار بأن تبدأ الدراسة في موعدها دون أي تأجيل، مع التشديد على أخذ الاحتياطات اللازمة. وفي النهاية الله خير حافظ، وما علينا هو أن نعقلها ومن ثم نتوكل.
د. حنان المطوع
كاتبة كويتية
تأجيل الدراسة ماذا يعني؟ يعني أن حياة الطلبة العملية ستتأخر ربما عام أو اثنين. تأجيل الدراسة ماذا يعني؟ يعني أنه لابد وأن تؤجل الدراسة حتى تنتهي موجة أنفلونزا الخنازير، التي لا يعلم أحد متى يمكن أن تنتهي، هي موجودة منذ أشهر، وربما يكون لها موجة ثانية وثالثة كما يقول المتخصصون، فهل سنظل نؤجل الدراسة حتى تنتهي هذه الأنفلونزا مع العلم أن وجودها قد يمتد لأعوام وليس لأيام أو أشهر. تأجيل الدراسة يعني أنه من المفروض أن نتخذ إجراءات مماثلة في أماكن تجمع البشر، وبذلك علينا أن نغلق أيضاً الجامعات والمعاهد، ونغلق المصالح الحكومية بما فيها الوزارات، ونغلق كذلك أماكن الترفيه من دور سينما وشواطئ ومسارح وغير ذلك، وإذا ما كان هناك إصرار على إغلاق المدارس فعلينا أيضاً أن نغلق المساجد.
هل يستطيع أحد أن يجزم بأن الأطفال الذين لن يدخلوا المدارس لن يخالطوا أطفالاً في أعمارهم من أبناء العمومة والأصدقاء والمعارف وأبناء الفريج، هل هناك من يجزم أن هؤلاء الأطفال لن يلعبوا ويمرحوا مع أقرانهم ويخالطوهم عن قرب، ويستخدموا أدواتهم الشخصية وألعابهم، ألن يذهب هؤلاء لأماكن الترفيه ويلمسوا ويتمسحوا في الألعاب التي تعامل معها من سبقوهم؟
من واقع تجربتي وخبرتي كمديرة للمدرسة البريطانية، وعضو اتحاد أصحاب المدارس الخاصة أقولها بأعلى صوت... تأجيل الدراسة ضرره أكثر من نفعه، فالمدارس وبالأخص ذات المنهج الأجنبي ملتزمة بتدريس مناهج من الخارج ولكي يحصل الطالب على شهادته عليه أن يكمل عدد أيام دراسية معينة أقلها 220 يوماً دراسياً، وبغير ذلك لن يحصل على شهادته... فهل هذا ما نسعى إليه؟
الموضوع يتلخص في تغيير السلوك داخل المدارس... أن نمنع القبلات والأحضان بين الطلبة، وأن نعودهم على عادات مختلفة، خلال هذا العام على الأقل حتى نحد من انتشار العدوى، وكذلك علينا أن نوجههم من خلال محاضرات خاصة بهذا الأمر، وأن نراقبهم في تصرفاتهم المختلفة، وأن نخصص لكل طالب أغراضه الخاصة، وأن نزيد من الإجراءات الوقائية بالنظافة المستمرة والتعقيم والتهوية السليمة، وربما نفرض عليهم لبس الكمامات والقفازات... لا أن نؤجل الدراسة كلها.
طلب تأجيل الدراسة ليس هو الحل لمواجهة مرض «AH1N1» وإنما الحل بأن نواجهه بحرص، لن نوقف حياتنا تماماً بسبب الخوف المبالغ فيه، ولن نضيع مستقبل أبنائنا لخوفنا الزائد والمفرط. نعم سنتخذ كل الإجراءات الاحترازية، ونعم سيصاب أطفال بالمرض، ونعم سندخل في دوامة، وسنرهق من المتابعة ومحاولة تعليم الأبناء عادات جديدة، ولكن كل ذلك أفضل من أن نؤجل ونؤجل ونؤجل، فتأجيل الدراسة حل سهل وهادم، أما استمرارها فهو الحل الصعب، ولكنه حل بناء وطموح.
هنا ونحن من المتخصصين في التربية والتعليم نطالب اللجنة التعليمية البرلمانية والتي تجتمع اليوم الأحد 30 أغسطس أن تضع كل هذه الأمور في حسبانها، كما نطالب مجلس الوزراء الذي يناقش هذا الموضوع غداً الأثنين ألا يأخذ بالرأي قصير النظر الذي يدعو لتأجيل المدارس، وعليه أن يأخذ القرار بأن تبدأ الدراسة في موعدها دون أي تأجيل، مع التشديد على أخذ الاحتياطات اللازمة. وفي النهاية الله خير حافظ، وما علينا هو أن نعقلها ومن ثم نتوكل.
د. حنان المطوع
كاتبة كويتية