«من كبر لقمته قص» مثل شعبي
(1)
كتبنا في مقالة الثلاثاء الماضي أن أزمة المسرحين من وظائفهم في القطاع الخاص يجب أن تلفت الأنظار لقانون العمل الأهلي الذي لم يتمكن من حمايتهم من التسريح التعسفي، وهم مواطنون، فما بالك بالمستضعفين من المقيمين.
ومنذ أربعة أيام بدأ الكلام حول ضرورة إقرار القانون الجديد للعمل في القطاع الأهلي، وإن في جلسة خاصة، لإغلاق الباب أمام تضخم المشكلة وتفاقمها، خاصة وأن التلكؤ في إقرار القانون فاقم المشكلة وأوصل عدد المسرحين إلى أربعة آلاف، فهل سيستمر التباطؤ حتى يرتفع الرقم ونجد أنفسنا أمام أضعاف العدد الحالي؟
(2)
نضم أصواتنا لصوت النائب صالح الملا الذي تخوف من تضاعف عدد المسرحين وتضخم الملف في حال استمرار التأخر في إقرار القانون، فلا ضمانة لدى الحكومة أو أي أحد تطمئننا بعدم مس التسريح التعسفي بالمواطنين العاملين في القطاع الخاص، والذين يتجاوز عدده الخمسة وأربعين ألف مواطن.
وبحسبة بسيطة مفادها أن متوسط عدد أفراد الأسرة الكويتية يتجاوز العشرة أشخاص كحد أدنى إن احتسبنا من يعيلهم رب الأسرة ومن يدفع لهم الأجور كالخدم والسائقين، فإن تضرر العاملين بالقطاع الخاص سيضع حوالي نصف مليون مواطن في دائرة الخطر، إضافة لعدد كبير آخر من المقيمين المستفيدين من المتضررين.
مما يعني أننا أمام شبح أزمة اقتصادية-اجتماعية كبرى، لا سمح الله، إن لم تتم حماية العاملين في القطاع الخاص من التسريح التعسفي بقانون العمل الأهلي الجديد.
(3)
ليس المطلوب من الحكومة «ترقيع» الوضع الحالي باتخاذ إجراءات مسكنة، أو اعتماد حلول ارتجالية ينطبق عليها المثل القائل «تِيش اِبريش امعلق بالعريش»، بل المطلوب منها هو المعالجة الكاملة والشاملة للوضع المبنية على دراسات علمية وواقعية تأخذ بعين الاعتبار مصلحة الأطراف كافة بشكل عادل ومتوازن يجعل من القطاع الخاص شريكاً في الحل وإن كان هو المشكلة، فلا ضرر ولا ضرار.
وجل ما نخشاه أن يصبح القطاع الخاص طارداً للعمالة الوطنية التي لن تغامر بالعمل فيه إن فقد تلك الصورة «الوردية» التي رُوج لها، والتي دفعت المواطنين الخمسة وأربعين ألفاً إلى التخلي عن حقهم بالتوظيف الحكومي والتوجه للقطاع الخاص بدعم حكومي لا جدال فيه، مما رفع عن عاتق الحكومة هم توظيفهم وأراحها من تقديم الإعانات لهم.
(4)
نخشى أن تتم مكافأة الشركات التي سرحت المواطنين العاملين لديها بإفادتها عبر قانون الاستقرار الاقتصادي، وهو أمر غير مقبول ومعيب بكل المقاييس، ثم إن على الحكومة أن تأخذ بعين الاعتبار كذلك عدم استفادة الشركات التي سرحت موظفيها من الوافدين أيضاً من القانون، خاصة وأن قانون العمل الأهلي الساري المفعول لم يحم المواطن ولا المقيم، وهو من مسؤوليات الحكومة التي ستتهم يوماً بالتقصير أو التواطؤ إن لم تدفع باتجاه إقرار القانون الجديد، العادل والآمن، والمثل يقول من سَوى روحه سُبوس لعبت فيه الدياي!
(5)
منذ أيام دشنت اللجنة المكلفة دراسة أوضاع المسرحين اجتماعاتها، وبدأت بمناقشات، نتمنى ألا تطول، للإحاطة بالملف من جميع جوانبه وصولاً لوضع حلول عدة للمشكلة، ومن ثم انتخاب أحدها كحل جذري للمشكلة، وجل ما نتمناه هنا ألا تعمل هذه اللجنة بالطريقة نفسها التي تعمل فيها اللجان عادة، والتي تأخذ من الوقت والجهد المهدور ما يكفي لحل مشكلة الشرق الأوسط، خصوصاً وأن من سمات العمل الحكومي لدينا ما نتيجته أن إحالة موضوع إلى لجنة هو تجميد له ورفع للعتب إن لم نقل قتل له، والمثل يقول «يا شين شيء ما شابه هله»!
(6)
هناك، بكل أسف، تبسيط مقصود أو غير مقصود للتعاطي مع أزمة المسرحين، التي يجب أن تدق ناقوس الخطر، خاصة مع ما يقال حول أن الآثار الارتدادية للأزمة الاقتصادية ستظهر على القطاع الخاص الخليجي ابتداء من سبتمبر المقبل، والسؤال هنا مشروع جداً إن لم يكن واجباً حول المدى الذي ستصل له آثار الأزمة العالمية على القطاع الخاص المحلي، فهل من مجيب أم أن الكحلة بعين الرمدة خسارة؟

ماسيج
- لا يبدو أن هناك حلاً يلوح في الأفق للمشكلة الرياضية، فكل الأطراف أعلنت عدم التعاون... ولا عزاء للروح الوطنية الرياضية!
- صنفت إحدى الدارسات الكويتيات كأتعس المواطنين العرب، ومع كل ما أنعم به الله علينا، هل سأل أحد عن سبب تعاستنا... والحدق يفهم!
- الشركات الوهمية خطر على الاقتصاد المنتج، ومن واجب القطاع الخاص المساهمة بالتخلص من ظواهره السلبية ليكون رافداً للاقتصاد الوطني بحق.
- فوضى عارمة تجتاح مركز خدمة المواطن في منطقة النعيم بالجهراء، ومدير المركز نايم بالعسل. نوم الهنا!
- مكاتب الخدم مشكلة كبيرة على المعنيين مواجهتها كي لا يستمروا في تشويه صورة الكويت بتجاوزاتهم لعاداتنا وتقاليدنا وتعاليم ديننا، ولأبسط القيم الإنسانية.

خالد عيد العنزي

كاتب وصحافي كويتي

Al_malaas@hotmail.com