«العوامل العاطفية توشك أن تكون معدومة الأثر في حلبة السياسة» بسمارك
(1)
لا تعبير أفضل مما قاله رئيس مجلس الأمة عن زيارة رئيس مجلس النواب العراقي إلى الكويت حين قال ان رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة. فها هي الرحلة قد بدأت ولكن السؤال الأهم هو إلى أين ستوصلنا؟
لا شك أن طبيعة الجغرافيا والتاريخ لا تجعل للكويت مفرا من النظر بكل منطقية وعقلانية إلى الجار الشمالي، وفي المقابل فإن العراق مجبر على التعامل معنا لكن ليس بدرجة الأهمية نفسها، فللكويت جاران فقط بينما للعراق ستة، وإن كنا أكثر جيرانه قرباً منه ومودة له وفائدة، فنحن نافذته على الخليج العربي وبوابته إلى المياه، ولا داعي لذكر ما قدمناه للعراق اتباعاً لنصيحة عبد الله بن المقفع حين قال: «إذا أسديت جميلاً إلى إنسان فحذار أن تذكره وان أسدى إنسان إليك جميلاً فحذار أن تنساه».
(2)
جاءنا الدكتور اياد السامرائي بطلب يراه متواضعاً ونراه حساساً، فوجد عرضنا أكبر مما أراد، وأراد من وراءه النواب العراقيون وحكومتهم، فهكذا نحن في الكويت دوماً نعطي بسخاء وبلا حدود، ولكن تاريخ علاقتنا بالأخوة في العراق علمنا أن السخاء أحياناً يضرنا أكثر مما ينفعنا، وينفعهم بشكل ضار بنا وبمصالح بلادنا!
طلب رئيس مجلس النواب العراقي تشكيل لجنة مشتركة لحسم نقاط الخلاف فوجد أمامه مطالبة بتشكيل لجنة صداقة كويتية - عراقية، وكم نحن بحاجة لتأسيس صداقة مع الجار الشمالي، بشرط أن تبنى على الصراحة والأريحية والاحترام المتبادل، والأهم من كل ذلك ترسيخ اعتذار رسمي عراقي للكويت وشعبها عن خطيئة الغزو الصدامي ونتائجه. فمن هنا باعتقادنا تكون نقطة البداية الحقيقية لعلاقات رسمية وشعبية وطيدة بين الجانبين، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، ونحن لدغنا من جارنا مرتين ولا نريد لدغة ثالثة!
(3)
كشف السامرائي عن عرض بعض الجهات الكويتية المسؤولة والمختصة لمقترحاته البديلة عن التعويضات وتحويلها إلى استثمارات، لكن الرئيس جاسم الخرافي عقب على كلامه فأوضح أنه: «حتى لا يكون هناك لبس، فهذا الطرح ينبغي أن يكون من الجهات الحكومية التنفيذية، وبعد التوصل إلى توجه فبالإمكان عرضه على مجلسي البلدين لاستصدار تشريع قانوني، ونحن حسب «المادة 50» من الدستور لابد من التفريق بين اختصاصات السلطتين، وهذا لا يمنع أن تساعد السلطة التشريعية السلطة التنفيذية».
فهنا مربط الفرس كما يقولون، والحمد لله أن هناك وعياً من الرئيس ومن سواه لما بين السطور من رسائل لا تعتقد بأن «ما أخذ حياء فهو حرام»!
(4)
علمنا التاريخ أن الخطر الخارجي يدفع إلى تناسي الخلافات بين أهل البيت الواحد، وهذا ما يدفعنا للتفاؤل بأن يكون الملف العراقي الخطوة الأولى على طريق الألف ميل للتعاون «الإيجابي» بين مجلس الأمة والحكومة. فالسفينة واحدة والخلافات التفصيلية يجب ألا تدفع أبداً إلى الإضرار، عن قصد أو غير قصد، بمصالح البلاد العليا وأمنها القومي، والحكمة تقول ان أحداً لا يستطيع أبداً ركوب ظهرك... إلا إذا كنت منحنياً!
في النهاية، فإن كل ما نتمناه ويتمناه كل مخلص للكويت وساع لتحقيق مصالحها العليا أن نكون فعلاً على البداية الصحيحة لرحلتي الألف ميل، في العلاقات الخارجية مع العراق، والداخلية بين الحكومة ومجلس الأمة.
ماسيج:
- كيف تسافر ثماني فتيات كويتيات من الحضانة العائلية التابعة لقطاع الرعاية الاجتماعية إلى لندن وتايلند، لوحدهن ودون إذن من الإدارة، والله إن ذلك كافٍ لاستقالة وزير أو إطاحة رؤوس كبيرة في دار الرعاية!
- جميل أن يكون هناك تحرك شعبي مضاد للفساد، والأجمل أن يكون هذا التحرك «بريء» من أي تسييس فهل يكون؟
- لابد أن يكون الانتصار الحكومي في استجواب وزير الداخلية مفاعيل على الأرض، فهل ستترجم الحكومة انتصارها بما يخدم المصلحة العامة أم ستجيره لغيرها؟
- تقاعس وزارة الشؤون عن تحصيل 50 مليون دينار في مخالفات شركات القطاع الخاص لنسب العمالة الوطنية أمر يطرح علامات استفهام فهل المال العام رخيص أم القانون ظالم وغير واقعي؟
- الحرارة تزداد وشبح القطع المبرمج يظهر ويختفي، والله يستر!
خالد عيد العنزي
كاتب وصحافي كويتي
Al_malaas@hotmail.com
(1)
لا تعبير أفضل مما قاله رئيس مجلس الأمة عن زيارة رئيس مجلس النواب العراقي إلى الكويت حين قال ان رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة. فها هي الرحلة قد بدأت ولكن السؤال الأهم هو إلى أين ستوصلنا؟
لا شك أن طبيعة الجغرافيا والتاريخ لا تجعل للكويت مفرا من النظر بكل منطقية وعقلانية إلى الجار الشمالي، وفي المقابل فإن العراق مجبر على التعامل معنا لكن ليس بدرجة الأهمية نفسها، فللكويت جاران فقط بينما للعراق ستة، وإن كنا أكثر جيرانه قرباً منه ومودة له وفائدة، فنحن نافذته على الخليج العربي وبوابته إلى المياه، ولا داعي لذكر ما قدمناه للعراق اتباعاً لنصيحة عبد الله بن المقفع حين قال: «إذا أسديت جميلاً إلى إنسان فحذار أن تذكره وان أسدى إنسان إليك جميلاً فحذار أن تنساه».
(2)
جاءنا الدكتور اياد السامرائي بطلب يراه متواضعاً ونراه حساساً، فوجد عرضنا أكبر مما أراد، وأراد من وراءه النواب العراقيون وحكومتهم، فهكذا نحن في الكويت دوماً نعطي بسخاء وبلا حدود، ولكن تاريخ علاقتنا بالأخوة في العراق علمنا أن السخاء أحياناً يضرنا أكثر مما ينفعنا، وينفعهم بشكل ضار بنا وبمصالح بلادنا!
طلب رئيس مجلس النواب العراقي تشكيل لجنة مشتركة لحسم نقاط الخلاف فوجد أمامه مطالبة بتشكيل لجنة صداقة كويتية - عراقية، وكم نحن بحاجة لتأسيس صداقة مع الجار الشمالي، بشرط أن تبنى على الصراحة والأريحية والاحترام المتبادل، والأهم من كل ذلك ترسيخ اعتذار رسمي عراقي للكويت وشعبها عن خطيئة الغزو الصدامي ونتائجه. فمن هنا باعتقادنا تكون نقطة البداية الحقيقية لعلاقات رسمية وشعبية وطيدة بين الجانبين، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، ونحن لدغنا من جارنا مرتين ولا نريد لدغة ثالثة!
(3)
كشف السامرائي عن عرض بعض الجهات الكويتية المسؤولة والمختصة لمقترحاته البديلة عن التعويضات وتحويلها إلى استثمارات، لكن الرئيس جاسم الخرافي عقب على كلامه فأوضح أنه: «حتى لا يكون هناك لبس، فهذا الطرح ينبغي أن يكون من الجهات الحكومية التنفيذية، وبعد التوصل إلى توجه فبالإمكان عرضه على مجلسي البلدين لاستصدار تشريع قانوني، ونحن حسب «المادة 50» من الدستور لابد من التفريق بين اختصاصات السلطتين، وهذا لا يمنع أن تساعد السلطة التشريعية السلطة التنفيذية».
فهنا مربط الفرس كما يقولون، والحمد لله أن هناك وعياً من الرئيس ومن سواه لما بين السطور من رسائل لا تعتقد بأن «ما أخذ حياء فهو حرام»!
(4)
علمنا التاريخ أن الخطر الخارجي يدفع إلى تناسي الخلافات بين أهل البيت الواحد، وهذا ما يدفعنا للتفاؤل بأن يكون الملف العراقي الخطوة الأولى على طريق الألف ميل للتعاون «الإيجابي» بين مجلس الأمة والحكومة. فالسفينة واحدة والخلافات التفصيلية يجب ألا تدفع أبداً إلى الإضرار، عن قصد أو غير قصد، بمصالح البلاد العليا وأمنها القومي، والحكمة تقول ان أحداً لا يستطيع أبداً ركوب ظهرك... إلا إذا كنت منحنياً!
في النهاية، فإن كل ما نتمناه ويتمناه كل مخلص للكويت وساع لتحقيق مصالحها العليا أن نكون فعلاً على البداية الصحيحة لرحلتي الألف ميل، في العلاقات الخارجية مع العراق، والداخلية بين الحكومة ومجلس الأمة.
ماسيج:
- كيف تسافر ثماني فتيات كويتيات من الحضانة العائلية التابعة لقطاع الرعاية الاجتماعية إلى لندن وتايلند، لوحدهن ودون إذن من الإدارة، والله إن ذلك كافٍ لاستقالة وزير أو إطاحة رؤوس كبيرة في دار الرعاية!
- جميل أن يكون هناك تحرك شعبي مضاد للفساد، والأجمل أن يكون هذا التحرك «بريء» من أي تسييس فهل يكون؟
- لابد أن يكون الانتصار الحكومي في استجواب وزير الداخلية مفاعيل على الأرض، فهل ستترجم الحكومة انتصارها بما يخدم المصلحة العامة أم ستجيره لغيرها؟
- تقاعس وزارة الشؤون عن تحصيل 50 مليون دينار في مخالفات شركات القطاع الخاص لنسب العمالة الوطنية أمر يطرح علامات استفهام فهل المال العام رخيص أم القانون ظالم وغير واقعي؟
- الحرارة تزداد وشبح القطع المبرمج يظهر ويختفي، والله يستر!
خالد عيد العنزي
كاتب وصحافي كويتي
Al_malaas@hotmail.com