نمر في مرحلة حرجة للغاية، وحالة السوء تكبر وانتشرت وتغلغلت في كثير من الأبعاد، البعد السياسي هابط، البعد الفكري والثقافي متدن، البعد العلمي متردٍ، البعد العملي مشلول، البعد الاجتماعي متدنٍ، ونبرة الحوار في هيجان وانحطاط، والأهم هو البعد الأخلاقي والقيمي الذي أضحى في الحضيض.
لا ننخدع بالمشهد الذي نراه فهو ليس حقيقياً، وإنما الصحيح ما هو مستور، وهو كالتالي: مدّعو الديموقراطية هم أكثر الذين يمارسون الديكتاتورية، ومن يصرخ بالقانون أول من ينتهك القانون، ومن يتمترس بشعار الإصلاح فاسد حتى النخاع، ومن يتخفى برداء الوحدة الوطنية أكبر ممزق للنسيج الاجتماعي، ومن يتشدق بالدستور لا يعترف بكثير من نصوص الدستور، ومن ينادي بالتنمية يعيش في أدنى دركات التخلف، ومن يزعم الحق أظهر مصداق للضلال.
أسماعنا ملّت من الشعارات المزيفة، وعقولنا كلت من الاسطوانات المشروخة، ما إن نتفاءل قليلاً حتى انبرت مؤشرات التشاؤم وبرزت عناصر الإحباط من جديد. الأسلوب المتبع الآن والدائر هذه الأيام يقوم على التناقض ما بين هو في الظاهر بعكس ما هو في الباطن، وهناك بعد كبير بين ما هو في السر وما نراه في العلن. يصافحك بيده اليمنى، ويخفي وراءه خنجراً في يده اليسرى، يعطيك من طرف اللسان حلاوة، ويضمر سوءاً تجاهك داخل خلجات نفسه.
هذا الأسلوب الذي نعيشه حالياً ليس بجديد، وليس وليد الساعة، وإنما كان موجوداً منذ القرون الأولى، فكان ينتهجه العديد من الحكام في التاريخ الإسلامي، إذ يقومون بتشويه الحقائق وتزييف أحداث التأريخ، تارة بالإضافة وأخرى بالإلغاء، ففي الماضي والحاضر يتم استخدام الحيل والمكائد كافة، والتلبس بلباس الفضيلة، فيُخلط الحابل بالنابل، ويتحد الصادق مع الكاذب... بذمتكم في مثل هذه الأجواء المليئة بالنفاق واللف والدوران... هل يمكن أن نتقدم شبراً واحداً؟ طل ثم طل ثم طل!


شاكر عبدالكريم الصالح
كاتب كويتي
sh-al-saleh@windowslive.com