الجهات المسؤولة عن قضايا التنمية في أي دولة لا تقتصر على الحكومة ومجلس الأمة فقط، ولكن هناك جهازاً آخر دوره يفوق الحكومة والمجلس معاً، وهو كيان يتحمل الحمل الكبير، ويلعب الدور الحقيقي بشقيه العلمي والعملي، وبأبعاده الاستراتيجية والتخطيطية والتنفيذية، هذا الجهاز هو المجلس البلدي.
مشكلتنا المزمنة في الكويت هي استهانتنا بالمجلس البلدي، وإنه فقط لتخليص المعاملات وإنجاز الخدمات ليس إلا، هذه النظرة الدونية يشوبها كثير من الاستخفاف والبخس في حق وشأن هذا المجلس الفني وفلسفته واختصاصاته، ونحن من كوّن وشوّه هذه الصورة.
لا نبالغ إذا قلنا إن الخطوة الابتدائية والمرحلة الأولى لعملية التنمية تنطلق من المجلس البلدي، كيف؟ كما هو معلوم أن التنمية تقوم على خطة، ولإعداد خطة لابد من وجود مخطط هيكلي عام للدولة، والمخطط الهيكلي هو من اختصاصات المجلس البلدي، وذلك وفقاً للبند (11) من المادة الثانية عشرة للقانون رقم 5 لسنة 2005، وهذا يعني أن أي عملية تنمية من دون مخطط هيكلي هي بحكم المحال، كمن يمشي على الهواء، والضائع في العراء. إن الاستغراق في الأمور الهامشية، والتي نسمع عنها داخل دهاليز البلدية، بالإضافة إلى المشاكل التي تنخر في المجلس البلدي، هي التي أبعدتنا وحادت بنا عن جادة الصواب، وجرتنا إلى موضوعات ثانوية على حساب القضايا الحيوية والجوهرية المناطة بالمجلس البلدي، ولهذا السبب كثير منا يجهل أهداف البلدي الحقيقية الكبيرة وغاياته النهائية التي ترمي إلى بناء دولة حديثة عصرية متحضرة، وما يبني الدولة المتحضرة إلا من يملك الرؤية والقدرة التخطيطية والحس الاستراتيجي والعلوم المتخصصة، وهذا ما نفتقده في أعضاء البلدي الذين أتينا بهم طوال الأعوام الماضية. فهل من معتبر؟


شاكر عبدالكريم الصالح
كاتب كويتي
sh-al-saleh@windowslive.com