لست متابعاً جيداً لما تعرضه القنوات الفضائية من أعمال هادفة أو هادمة، ولكن السويعات التي أقضيها في كل يوم مع أسرتي وعيالي وما يدور من حديث عن القنوات الفضائية وبرامجها تجعل معلوماتي في هذا المجال ترتقي إلى مستوى جيد. وحين أردت المباشرة بكتابة هذه المقالة شاورت كبرى بناتي عن عنوانها وكان الانطباع الأول والمتوقع أنها قالت ان العنوان أشبه بعناوين المسلسلات التركية، حيث ان كل ما فيها ضائع أو أحلام أو أيام تدور. فلم أملك حينها إلا أن ابتسم لتحليل ابنتي، وكم كنت أرغب أن أذكر لها بأن العنوان ومحتوى المقالة يدور حول أمر مبك أكثر مما هو مضحك. ولكن قررت أن أشاطر الجميع بسبب اختياري لهذا العنوان.
ولكي لا أتهم بأن الهدف من مقالتي هذه هو الطعن بشخص أو بآخر، أو الدفاع عن شخص ضد الآخر، أود أن أعلنها وبكل صراحة ان ما يجمعني والسيدين الفاضلين الشيخ أحمد الفهد والأستاذ محمد بن همام هو تماما ما يجمع المشرق بالمغرب، أي بمعنى أقرب انه ليست لي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالسيدين الفاضلين غير علاقة قارئ ومتتبع لما يدور من مناوشات تلفزيونية، وصحافية، والكترونية بينهما. وإذاً لربما يتساءل القارئ عن سبب اختياري لهذا الموضوع الشائك في هذا الوقت الملتهب بين شخصين يمتلكان من الخبرة والقدرة والسلطة ما يملكان. والسبب يتلخص في أمور عدة قد تغفل عنا لا سيما ان للموضوع أبعادا أكبر من البعد الرياضي، أو الخلافات الشخصية بين السيدين الفاضلين.
البعد الأول يكمن في حاضر ومستقبل النشاط الرياضي للكويت خصوصا واننا نعلم تماما أن السيدين الفاضلين يمتلكان من النفوذ والسلطة والسيطرة ما يمكنهما من التأثير على حاضر ومستقبل رياضتنا المحلية منها والدولية. فنرى على سبيل المثال ان أعمدة الرياضة بالمنطقة والمحللين الرياضيين قد اختاروا وبكل وضوح وصراحة خطا من الخطين المعارضين للسيدين الفاضلين ليكونا إما مع أو ضد هذا الخط أم ذاك. فقد باتت المحطات الفضائية، سواء المحلية أو الاقليمية، تظهر وتقابل وتناظر وبشكل شبه يومي التعارض بين هذين الخطين من خلال استضافة أعيان النشاط الرياضي الكويتي والاقليمي لمناقشة هذا الموضوع. والكثير من هذه المناقشات والمناظرات تظهر لنا فئة تدافع وأخرى تهاجم أحد الخطين بأدلة سواء كانت ملموسة أو عينية، ولشديد الأسف فإن المتتبع العادي كأمثالي لم يستطع أن يميز طريق الحق من الباطل، ولم يستطع أن يقف إلى جانب هذا الخط أو ذاك. وما يؤسف له حقا أن جميع الفئات، ومن دون استثناء، التي تناقش هذه القضية بات همها الأكبر أن ترجح كفة هذا على ذاك، أو أن تدين تصرفات خط على الآخر دونما مراعاة أو انتباه إلى أن المتضرر الأوحد أو الأكبر هو النشاط الرياضي الكويتي، وربما الاقليمي إن تفاقمت الأمور بشكل أكبر، وهذا متوقع قريباً. فهذا البعد يلخص وبشكل واضح أن مقولة «لا عزاء للرياضة الكويتية» تنطبق تماما على حاضر ومستقبل نشاطنا الرياضي لأن كلا الخطين منشغل بالدفاع عن رموزهم بغض النظر عن الدفاع عن خطة نشاطنا وتاريخنا الرياضي.
وأما البعد الثاني للأزمة التي ستبدد أحلامنا هو اننا كمتابعين للأحداث الرياضية في الكويت والمنطقة أصبحنا نزج بأنفسنا في خلافات شخصية بين اثنين من رموز الرياضة العالمية وربما من خيرة الطاقات الإدارية الرياضية في المنطقة أو العالم، وكأنه تربطنا الأنساب، أو الدماء، أو القرابة إن صح التعبير. فلا أعتقد أن هنالك أي مجلس أو ديوانية أو ملتقى في الكويت يخلو من المناقشات الحادة حول هذا الموضوع ومحاولة الدفاع عن خط ضد الآخر لدرجة أن بعضا من هذه المجالس قد أصبح ينبذ فئة من روادها لانها تملك رأيا يخالف الرأي العام. وانه لأمر مؤسف أن يأخذنا التعصب إلى درجة اننا مستعدون أن نفقد صداقات حميمة، أو أن نجرح اخواننا في الوطن سواء بشكل خاص في الملتقيات، أو بشكل عام عن طريق القنوات الفضائية، من خلال تقريحهم ومخالفتهم لدرجة الكراهية بسبب ما يجري من خلاف شخصي واضح وصريح بين قطبين من أقطاب الرياضة الخليجية. فنعم لا بأس أن نناقش حيثيات هذا الموضوع لكي نتعرف على أسباب الخلاف، ولكي تتضح عندنا الرؤية للجهة التي تملك الحق وللجهة المخطئة، ولكن أن تصل بنا الأمور بأن نجعل من خلاف بين شخصين في التوجهات، أو الآراء، أو حتى التصرفات مصدرا جديدا لشق الصف والوحدة في هذا الوطن فهو أمر يستحق الوقوف والنظر فيه وتحكيم البصيرة والعقل.
والبعد الثالث والأخير لهذه الأزمة لا يرتبط بشكل مباشر بالشيخ أحمد الفهد أو الأستاذ محمد بن همام، بل بواقع الحال المرير الذي نعيشه من استغلالنا، أو فهمنا الخاطئ، أو رغبتنا المجنونة في اختلاق مشاكل كبيرة من خلال موضوع بسيط لا يستحق منا كل هذا الاهتمام أو التركيز. فللأسف الشديد نجد أن الشعب، وبعض أعيان المجلس، أو حتى الحكومة أصبحت مصطلحات الحكمة، والبصيرة، والرشد، وسداد الرأي، والصمت، والتريث كلها لا تعني له شيئا. فنجد ان شخصا ما يعتبره الكثيرون رمزا من رموزهم يصرح بأن ما يجري اليوم من خلال افرازات هذه الأزمة الانتخابية الرياضية إنما هو قلة احترام لدول المنطقة سواء كان ذلك الشخص كويتيا، أو قطريا، أو بحرينيا، أو من أي دولة أخرى. وفي الجانب الآخر نجد شخصا من الطرف المقابل يستصغر هذه الدولة أو تلك ويستهين بتاريخها وانجازاتها. وبكل صراحة فإنني شخصيا كنت أعجب خلال قراءتي لتاريخ الحروب أيام الجاهلية ولأسبابها التافهة، ولكن كل ذلك العجب وكل تلك الحيرة قد زالت بعد أن عشت هذه الأزمة الرياضية وكم أحمد خالقي اننا لسنا من الجاهلية، ولسنا نعيش أيامهم وإلا لقامت حرب ضروس بين العرب بسبب انتخابات تضر أكثر مما تنفع نشاطنا الرياضي من حاضره إلى مستقبله. ولو كانت هذه الحرب لتقوم في العصر الجاهلي لربما امتدت إلى مئات الأعوام. نعم يحق لنا أن نتناقش، وأن نختلف، ولكن لا يحق لأي كان، سواء صاحب سلطة، أو منصب، أو نفوذ، أو شخص عادي من سائر البشر أن يتجرأ على تاريخ الكويت، ومنطقتنا، وخليجنا، ولينعم الله علينا بالبصيرة والرشد والحكمة في جميع ما نعمل وليحقق لنا أحلامنا وأحلام أجيالنا القادمة.
د. محسن دشتي
drmohsen.dashti@gmail.com
ولكي لا أتهم بأن الهدف من مقالتي هذه هو الطعن بشخص أو بآخر، أو الدفاع عن شخص ضد الآخر، أود أن أعلنها وبكل صراحة ان ما يجمعني والسيدين الفاضلين الشيخ أحمد الفهد والأستاذ محمد بن همام هو تماما ما يجمع المشرق بالمغرب، أي بمعنى أقرب انه ليست لي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالسيدين الفاضلين غير علاقة قارئ ومتتبع لما يدور من مناوشات تلفزيونية، وصحافية، والكترونية بينهما. وإذاً لربما يتساءل القارئ عن سبب اختياري لهذا الموضوع الشائك في هذا الوقت الملتهب بين شخصين يمتلكان من الخبرة والقدرة والسلطة ما يملكان. والسبب يتلخص في أمور عدة قد تغفل عنا لا سيما ان للموضوع أبعادا أكبر من البعد الرياضي، أو الخلافات الشخصية بين السيدين الفاضلين.
البعد الأول يكمن في حاضر ومستقبل النشاط الرياضي للكويت خصوصا واننا نعلم تماما أن السيدين الفاضلين يمتلكان من النفوذ والسلطة والسيطرة ما يمكنهما من التأثير على حاضر ومستقبل رياضتنا المحلية منها والدولية. فنرى على سبيل المثال ان أعمدة الرياضة بالمنطقة والمحللين الرياضيين قد اختاروا وبكل وضوح وصراحة خطا من الخطين المعارضين للسيدين الفاضلين ليكونا إما مع أو ضد هذا الخط أم ذاك. فقد باتت المحطات الفضائية، سواء المحلية أو الاقليمية، تظهر وتقابل وتناظر وبشكل شبه يومي التعارض بين هذين الخطين من خلال استضافة أعيان النشاط الرياضي الكويتي والاقليمي لمناقشة هذا الموضوع. والكثير من هذه المناقشات والمناظرات تظهر لنا فئة تدافع وأخرى تهاجم أحد الخطين بأدلة سواء كانت ملموسة أو عينية، ولشديد الأسف فإن المتتبع العادي كأمثالي لم يستطع أن يميز طريق الحق من الباطل، ولم يستطع أن يقف إلى جانب هذا الخط أو ذاك. وما يؤسف له حقا أن جميع الفئات، ومن دون استثناء، التي تناقش هذه القضية بات همها الأكبر أن ترجح كفة هذا على ذاك، أو أن تدين تصرفات خط على الآخر دونما مراعاة أو انتباه إلى أن المتضرر الأوحد أو الأكبر هو النشاط الرياضي الكويتي، وربما الاقليمي إن تفاقمت الأمور بشكل أكبر، وهذا متوقع قريباً. فهذا البعد يلخص وبشكل واضح أن مقولة «لا عزاء للرياضة الكويتية» تنطبق تماما على حاضر ومستقبل نشاطنا الرياضي لأن كلا الخطين منشغل بالدفاع عن رموزهم بغض النظر عن الدفاع عن خطة نشاطنا وتاريخنا الرياضي.
وأما البعد الثاني للأزمة التي ستبدد أحلامنا هو اننا كمتابعين للأحداث الرياضية في الكويت والمنطقة أصبحنا نزج بأنفسنا في خلافات شخصية بين اثنين من رموز الرياضة العالمية وربما من خيرة الطاقات الإدارية الرياضية في المنطقة أو العالم، وكأنه تربطنا الأنساب، أو الدماء، أو القرابة إن صح التعبير. فلا أعتقد أن هنالك أي مجلس أو ديوانية أو ملتقى في الكويت يخلو من المناقشات الحادة حول هذا الموضوع ومحاولة الدفاع عن خط ضد الآخر لدرجة أن بعضا من هذه المجالس قد أصبح ينبذ فئة من روادها لانها تملك رأيا يخالف الرأي العام. وانه لأمر مؤسف أن يأخذنا التعصب إلى درجة اننا مستعدون أن نفقد صداقات حميمة، أو أن نجرح اخواننا في الوطن سواء بشكل خاص في الملتقيات، أو بشكل عام عن طريق القنوات الفضائية، من خلال تقريحهم ومخالفتهم لدرجة الكراهية بسبب ما يجري من خلاف شخصي واضح وصريح بين قطبين من أقطاب الرياضة الخليجية. فنعم لا بأس أن نناقش حيثيات هذا الموضوع لكي نتعرف على أسباب الخلاف، ولكي تتضح عندنا الرؤية للجهة التي تملك الحق وللجهة المخطئة، ولكن أن تصل بنا الأمور بأن نجعل من خلاف بين شخصين في التوجهات، أو الآراء، أو حتى التصرفات مصدرا جديدا لشق الصف والوحدة في هذا الوطن فهو أمر يستحق الوقوف والنظر فيه وتحكيم البصيرة والعقل.
والبعد الثالث والأخير لهذه الأزمة لا يرتبط بشكل مباشر بالشيخ أحمد الفهد أو الأستاذ محمد بن همام، بل بواقع الحال المرير الذي نعيشه من استغلالنا، أو فهمنا الخاطئ، أو رغبتنا المجنونة في اختلاق مشاكل كبيرة من خلال موضوع بسيط لا يستحق منا كل هذا الاهتمام أو التركيز. فللأسف الشديد نجد أن الشعب، وبعض أعيان المجلس، أو حتى الحكومة أصبحت مصطلحات الحكمة، والبصيرة، والرشد، وسداد الرأي، والصمت، والتريث كلها لا تعني له شيئا. فنجد ان شخصا ما يعتبره الكثيرون رمزا من رموزهم يصرح بأن ما يجري اليوم من خلال افرازات هذه الأزمة الانتخابية الرياضية إنما هو قلة احترام لدول المنطقة سواء كان ذلك الشخص كويتيا، أو قطريا، أو بحرينيا، أو من أي دولة أخرى. وفي الجانب الآخر نجد شخصا من الطرف المقابل يستصغر هذه الدولة أو تلك ويستهين بتاريخها وانجازاتها. وبكل صراحة فإنني شخصيا كنت أعجب خلال قراءتي لتاريخ الحروب أيام الجاهلية ولأسبابها التافهة، ولكن كل ذلك العجب وكل تلك الحيرة قد زالت بعد أن عشت هذه الأزمة الرياضية وكم أحمد خالقي اننا لسنا من الجاهلية، ولسنا نعيش أيامهم وإلا لقامت حرب ضروس بين العرب بسبب انتخابات تضر أكثر مما تنفع نشاطنا الرياضي من حاضره إلى مستقبله. ولو كانت هذه الحرب لتقوم في العصر الجاهلي لربما امتدت إلى مئات الأعوام. نعم يحق لنا أن نتناقش، وأن نختلف، ولكن لا يحق لأي كان، سواء صاحب سلطة، أو منصب، أو نفوذ، أو شخص عادي من سائر البشر أن يتجرأ على تاريخ الكويت، ومنطقتنا، وخليجنا، ولينعم الله علينا بالبصيرة والرشد والحكمة في جميع ما نعمل وليحقق لنا أحلامنا وأحلام أجيالنا القادمة.
د. محسن دشتي
drmohsen.dashti@gmail.com