| أمل العبيد |
عندما يفقد الشخص الثقة بنفسه، ويستسلم لأبسط الأمور في حياته، ويرى الحلول جبالا لا يستطيع مواجهتها، ويرى نفسه صغيرا جدا أمامها، وفي قمة الضعف فيدير لها ظهره، ليعود إلى عرينه في تلك الحياة حاملا ضعفه ومتقوقعا به. ويرى القوة والحل في ذلك الأفق البعيد... وينسى ان القوة تنبع من الداخل لا من الخارج، وذلك ما أعجبني في كتاب (قوة التحكم في الذات) للدكتور ابراهيم الفقي.
وأعجبتني المقدمة جدا في قصة الفيل نيلسون! عندما كان عمره شهران، وقع هذا الفيل في فخ الصيادين في افريقيا، وبيع لرجل يملك حديقة حيوانات وأُطلق عليه اسم نيلسون.
فقاموا بربط قدمه في سلسلة حديد، وفي نهايتها وضعوا كرة حديد صلبة، فشعر نيلسون بالغضب الشديد، وعزم على تحرير نفسه، ولكنه كلما حاول أن يتحرك ويفك نفسه زادت أوجاعه، ثم يتعب وينام وفي اليوم التالي، يكرر العملية نفسها، ثم بعد فترة من الزمن رضخ للأمر الواقع، ولم يحاول تخليص نفسه، وبذلك استطاع مالكه أن يبرمجه تماماً، وفي إحدى الليالي عندما كان نيلسون نائماً قاموا بتغيير الكرة الحديد الكبير، بكرة صغيرة مصنوعة من الخشب فكان من السهل اختراقها، ولكن الذي حدث كان هو العكس تماماً، فقد تبرمج الفيل على أن محاولاته ستبوء بالفشل، وفي إحدى الأيام زار فتىً صغير مع والدته هذا الفيل، وسأل المالك: هل يمكنك أن تشرح لي كيف أن هذا الفيل القوي لا يحاول تخليص نفسه؟ فرد الرجل: بالطبع انت تعلم يا بني أن الفيل قوي جداً، ويستطيع تخليص نفسه، وأنا أيضاً أعرف هذا، لكن المهم أن هو لا يعرف مدى قدرته الذاتية.
معظم الناس يتكلمون بطريقة معينة، ويعتقدون اعتقادات معينة فأصبحوا سجناء اعتقاداتهم السلبية، ولكن هذا الوضع ممكن تغييره إلى صالحنا، ولكن هذا التغيير يبدأ بالخطوة الأولى وهي أن نقرر التغيير، «لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».
وهنا نعود إلى البرمجة الذاتية أو التحدث مع الذات، والرجوع إلى مصادرها، وهي الوالدين والمدرسة ومحيطها والاصدقاء وتأثيرهم السلبي والايجابي ونفسي (انا)، وكل هذا الكم من الرسائل الايجابية والسلبية التي نختزلها في أفكارنا وتعيش في عقلنا الباطن منذ نعومة أظفارنا، من أساليب السخرية والاستهزاء والمدح والتشجيع وجميع الرسائل السلبية والايجابية من محيطها واكتسابنا لها من حيث التقليد السيئ بسلوكيات خاطئة في سنوات المراهقة، ومن الإعلام غير الهادف، حيث يقوم الناس بارسال إشارات سلبية للعقل الباطن ويرددونها باستمرار، إلى أن تصبح جزءاً من اعتقاداتهم وايمانهم الحقيقي بأنفسهم، وبالتالي تؤثر على تصرفاتهم، وبذلك أكون أنا سجينا لاعتقادات السلبية نتيجة تراكم الرسائل السلبية في العقل الباطن وقناعتي فيها، والاعتقاد والايمان بها وهو الأساس الذي نبني عليه كل أفعالنا، وهو أهم خطوة في طريق النجاح وهناك حكمة تقول: لكي ننجح لا بد أولاً، أن نؤمن بأننا نستطيع النجاح، وان نغير اعتقادنا الذي يعمل كالمغناطيس القابع في عقلنا الباطن، الذي يسير لنا أفكارنا وتصرفاتنا جميعا بطريقة روتينية قال فرانك أوتلو: «راقب أفكارك لأنها ستصبح أفعالاً، راقب أفعالك لأنها ستصبح عادات، راقب عاداتك لأنها ستصبح طباعا، راقب طباعك لأنها ستحدد مصيرك».
فهذا كلام خطير جدا! فالأفكار التي نحملها، هي التي ستحدد مصيرنا فلنراقب أفكارنا جيدا... من الآن ولنغير طريقة رؤيتنا للأحداث أيضا بكل بما هو ايجابي لنا، ولنبتعد عن اللوم في انفسنا لامور فشلنا في تحقيقها، وعدم المقارنة بين أعمالنا وأعمال الآخرين في أبسط المواضيع، وان نتخطى العيش في الماضي والذكريات، التي تجعل منه أسراً لنا محبطا لمستقبلنا، والتقليل من كلمة أنا (حدث الناس عن نفسك سيستمعون إليك وحدثهم عن أنفسهم سيحبونك لذلك)، وذلك بتطوير مهاراتي في تحسين العلاقة مع الآخرين، وان أتذكر دائما وابدا ان لا انتقد الآخرين او احكم على تصرفاتهم، وعدم اطلاق الصفات السلبية، عليهم ولا أن أخجل من المبادرة في الاعتذار، وان أقول آسف اذا أخطأت ولا ان تأخذني العزة بالاثم، فأكون صلبا شديدا متعنتا في خطئي، ويجب ان أحدث الآخرين واخبرهم، عما يجول في خاطري لا ان يشعروا بي والعكس صحيح، وألا أتحدث في مشاكلي وهمومي مع الآخرين، حتى لا تتسع نطاق الاعتقاد وتكون محاطا بدائرة مغلقة. وان أحسن الظن بالآخرين، هو سبيل الراحة النفسية في التعامل المريح مع الآخرين، ويجب ان أتذكر أنه من الممكن أن أصبح الشخص الذي كنت دائماً أتمنى أن أكونه، وبالتالي سيكون بإمكاني إحداث التغيير في حياتي وفي حياة الآخرين.