البترون (لبنان) - ا ف ب - البعض يتهمه بالجنون، وآخرون لا يخفون ضحكة هازئة لدى رؤيته، الا ان المندوب التجاري وبائع السمك بيار الحشاش يتمسك بحلمه في مقعد برلماني يمثل «الفقراء والناس العاديين».
ويقول الحشاش (37 عاما)، «الانتقادات لا تزعجني. فالذي يريد ان يعرض نفسه للعموم عليه ان يتحمل كل ردات الفعل».
وذاع صيت الحشاش بين ابناء مدينته البترون (شمال) ذات الغالبية المسيحية المارونية، بعد اعلان ترشحه الى الانتخابات النيابية في العام 2000.
وكان شعاره الانتخابي الاول «سأجعل الزفت يصل الى الركب»، ويقول انه اختار هذا الشعار «لان معظم الطرق في لبنان كانت فيها حفر وغير مزفتة»، مشيرا الى ان «النواب والمرشحين يعملون على ترغيب الناخبين من خلال تزفيت الطرق» قبيل حلول موعد الانتخابات.
واضاف: «كنت احاول ان اوصل رسالة الى الناخبين مفادها ان الزفت حقكم على الدولة، وفي الوقت نفسه اهزأ من اسلوب السياسيين الذين يعرضون الزفت بدلا من البرامج».
ومبدأ السخرية من المرشحين ثابت لدى بيار. ففي كل مرة يترشح الى الانتخابات، يجول على الناخبين ويصل الى منازلهم في مواكب سيارات «زجاجها داكن» شبيهة بمواكب السياسيين، فيما يقوم اصدقاؤه بدور المرافقين الذين يفتحون له الطريق ويقودون السيارات.
ويقول الحشاش، الذي يعمل مندوبا لدى شركة لبيع ادوات تجميل، «انا املك سيارة عادية، ولم يكن عندي سابقا ملابس رسمية لكي اقابل بها الناخبين، وكنت استعير الثياب من اصدقائي، واجمع منهم السيارات لكي نقوم بهذه المسرحية».
ويمضي الحشاش العازب غالبية وقته في البترون متنقلا بسرواله الجينز وقميصه القطني وحذائه الرياضي، بين المقهى الذي اعتاد ان يلتقي فيه اصدقاءه، ومنزله حيث يقيم مع والدته، والبحر حيث يصطاد السمك في اوقات فراغه ويبيعه لتأمين دخل اضافي يساعده «على تحمل نفقات الحياة الصعبة»، كما يقول.
ولم يحالف الحشاش الذي ترشح في دورات 2000 و2005 والانتخابات الفرعية في 2007، الحظ في الوصول الى قبة البرلمان، او حتى في الحصول على عدد مرتفع من اصوات المقترعين، الا انه لم ييأس.
وهو يستعد للمشاركة في الانتخابات المقبلة المقررة في السابع من يونيو، لان الموضوع ليس الوصول الى البرلمان فحسب كما يقول، انما في «ايصال رسالة الى الطبقة السياسية الحاكمة بأنه يحق لأبناء الطبقة الفقيرة الترشح والتعبير عن وجهة نظرهم».
وبعد البترون وبعبدا (دائرة شرق بيروت)، اعلن الحشاش هذه المرة ترشحه عن المقعد الماروني في طرابلس، وهو المقعد الوحيد لهذه الطائفة في منطقة غالبية سكانها من السنة. ويقول انه اختار طرابلس لان «ابناء مدينتي البترون خذلوني سابقا، ولانني حصلت على الكثير من التأييد من ابناء طرابلس في الانتخابات الماضية ولان ابناء طرابلس رفضيون للنظام ولا يحبون القمع ويملكون روحا مرحة».
اما شعار الحملة الحالية فهو «اللي متلنا تعا لعنا».
في 2000، جمع بيار الحشاش مبلغ تسعة آلاف دولار من التبرعات لتغطية ثمن الصور وباقي النفقات، وفي 2005، حصل على 13 الف دولار.
وفي اطار حملة 2009، يوزع اصدقاء الحشاش اوراقا نقدية عليها صورته وقد كتب عليها «من اشتراك يبيعك»، في اشارة الى المال الذي ينفقه المرشحون لاجتذاب ناخبيهم في موسم الانتخابات.
ويهمس البعض بان الحشاش يترشح ليقايض انسحابه في ما بعد بالمال.
وقال رائد مقصود (26 عاما) وهو صاحب محل لبيع الألبسة في طرابلس، «هذا شخص مهرج، وفي الوقت نفسه تاجر. يستخدم هذا الاسلوب لكي يبتز السياسيين ماليا ويتصدر اجتماعيا». ويضيف: «هذه طريقة رخيصة».
الا ان الحشاش اجاب ساخرا لدى سؤاله عن هذا الموضوع خلال المؤتمر الصحافي الذي اعلن فيه برنامجه الانتخابي، «في حال دفعت لي اموال لكي انسحب من الانتخابات، فانني سأطلب مبلغ 47 مليار دولار، 40 ملياراً لدفع ديون لبنان، وسبعة مليارات لكي انفذ مشاريع انمائية في طرابلس».
ويدعو برنامجه الى «محاربة الفساد»، وقد وعد ناخبيه بمنح جامعية لاولادهم وقروض لشراء منازل.
ويقول فادي الرويدي (37 عاما)، الذي يعمل في تأجير اجهزة صوت للحفلات «سأصوت لبيار الحشاش، ليس حبا فيه انما نكاية بالآخرين».
بين صور مرشحي الشمال المعلقة هنا وهناك، صور بيار مختلفة. في احداها، يرتدي الجينز وقميصا رماديا ويترجل من باص عمومي متجهاً الى طرابلس، وفي اخرى يتحدث من هاتف عمومي على الطريق، وثالثة تصوره وهو يأكل سندويش سمك في احد مطاعم طرابلس الشعبية.
كما يوزع اصدقاؤه صورة له وهو يحمل لوحة سيارة تابعة لمجلس النواب رقمها 190، وكتب عليها «مش جريمة ان اكون نائبا». علما ان عدد اعضاء المجلس النيابي 128.