يقول الأمير تركي الفيصل في لقاء جمعه مع عدد من رؤساء الحكومات السابقة بالأردن، كالدكتور عبدالسلام المجالي وعبدالرؤوف الروابدة، إن الخلاف العربي هو سبب أساسي في زيادة الدور الإيراني في المنطقة وعلى حساب المصالح العربية والقضايا العربية المصيرية، واصفاً إيران بـ «نمر من ورق» والقيادة فيها هزيلة وضعيفة.
هل بحق إيران دولة هزيلة ونمر من ورق؟ يبدو لي أن الأمر يحمل غرابة شديدة لأن إيران دولة بتعداد سكاني كبير وتحتل مساحة جغرافية واسعة ولها تاريخ في الصمود والمقاومة سواء قبل قيام الجمهورية أو بعدها، هذا كله إلى جانب التطور التقني والعسكري الذي بلغ حداً وصل إلى تطوير صناعات مدنية وعسكرية، كالصواريخ والطائرات وسباق الفضاء! فهل بحق صفة النمر الورقي واردة عليها؟ لا أدري، لكنني أظنها صورة مغايرة تماماً للواقع الإيراني بدليل عجز الإدارة السابقة عن احتوائها وخوف الاسرائيليين من الإيفاء بعهدهم بضرب مفاعل بوشهر رغم تكرار تهديداتهم إياها ورغم جرأتهم للقيام بأفعال مشابهة كضربهم مفاعل تموز العراقي في العام 1981، إلى جانب ضرباتهم المتكررة والاستباقية، كما حصل في سورية والسودان. فلو كان الإيرانيون بهذه السهولة فلِم تلكأ أعداؤهم بتوجيه ضربات لتهد كيان حكمهم «الهزيل»؟ وإن كانت من ورق حقاً، فلِم هذا الاهتمام والخوف كله من التغلغل والانتشار في الدول العربية طالما أنها لا تهش ولا تنش؟
كما قلت يبدو أنها صورة غير واقعية وغير منطقية كثيراً، فالإيرانيون فرضوا أنفسهم كواقع وأصبحوا قوة إقليمية لا يُستهان بها. ولكن موضع الصحة في كلام الأمير هو الضعف العربي وانشغالهم عن العراق، ما تسبب بفتح مجال واسع للمناورة الإيرانية في هذه الدولة الناهضة للتو من كبوتها.
لكن مركز الاهتمام يجب أن ينصب وينصرف إلى نوعية المتكلم والحضور. فللرجل سيرة سياسية خطيرة لا يُستهان بها، فهو رئيس الاستخبارات السعودية وسفير المملكة في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا سابقاً. بمعنى أن الرجل قريب جداً من موقع القرار السياسي.د أضف إلى ذلك أنه كان في لقاء جمعه مع حضور مميز، وهم رؤساء حكومات سابقون. لذا أتساءل: هل يمكن حمل هذا الكلام على محمل الجد، وأن العرب بصدد الدخول في لعبة جديدة مع الإيرانيين على الساحة العراقية مثلاً؟ لا أدري، ولكن الأهم منه أن التصريح والكلام الصادر يُحسب على باب حرية التعبير والرأي والتحليل السياسي، وهو ما يجب أن نتوقعه كذلك من شخصيات على الطرف المقابل وأقصد به الطرف الإيراني. فكما أنه لا يجب أن ترتعد فرائص الإنسان الإيراني من تصريحات كهذه، كذلك لا يجب أن ترتعد فرائصنا نحن بسبب تصريح إيراني من هنا أو هناك كتصريحي النائبين في البرلمان الإيراني قبل فترة أو تعليقات «كيهان» ورئيسها شريعتمداري بين الفينة والفينة.


د. حسن عبدالله عباس
كاتب كويتي
Hasabba@gmail.com