قال الشريك التنفيذي في شركة «المستشارون العالميون» هشام سرور «إن العالم يعيش حاليا ازمة طاحنة بدأت ارهاصاتها في صورة اضطراب للقطاع المالي العالمي ثم امتدت الى باقي القطاعات الاخرى واصبح العالم مهددا بضغوط انكماشية حادة».
وأضاف سرور «ان التداعيات السلبية للازمة المالية جعلت من الضروري التفكير قدما في حل ناجح يقي جميع المؤسسات واموال المساهمين من ازمات مستقبلية وينقذها من مغبة الافلاس والتهاوي». ولابد من الاستفاده القصوى من الازمة المالية خصوصاً في اسواقنا على ان تكون هذه الاستفادة من خلال توجيه جزء من الاستثمارات الخارجية وتوظيفها في السوق المحلي.
واصبحت عمليات الاندماج بين الشركات احد ابرز الخيارات المطروحة على الساحة المالية العالمية والاقليمية والمحلية لمواجهة تداعيات الازمة المالية العالمية التي افرزت واقعا يهدد الكثير من الكيانات الاقتصادية بالافلاس او التصفية.
واوضح سرور ان الاندماج قد يكون عاملا اساسيا في تحويل المجموعات الكبرى من متعثرة الى كيانات مليئة خاصة وان الاندماج سيؤثر فيها بشكل ايجابي من خلال تجميع حزمة من الاصول التابعة تحت مظلة واحدة، الامر الذي سيجعلها في عيون المؤسسات المالية والمصرفية مليئة وهي الحال التي تعمل عليه شركات كويتية وخليجية في الوقت الحالي سواء عبر الاستحواذ او أي آلية اخرى.
خيار الاندماج
واشار سرور الى انه في ظل التطورات التي يصورها المشهد الاقتصادي في دولة الكويت وبالرغم من صدور قانون الاستقرار الاقتصادي والذي شهد تأخيرا في صدوره كإجراء تفاعلي مع الازمة المالية العالمية فان هذا القانون قد جاء ليساعد الشركات التشغيلية الناجحة والتي تعثرت بالفعل من جراء الأزمة المالية العالمية ولايزال خيار الاندماج والاستحواز هو البديل الفعال لوضع بعض الشركات المساهمة سواء كانت المدرجة أو غير المدرجة في سوق الكويت للاوراق المالية لخلق كيانات أعمال قوية ينعكس في شكله النهائي على وضع الاقتصاد الكويتي والذي يستمد جزءا من قوته من قوة الشركات العاملة فيه.
وأكد سرور أنه وفي ظل وطأة الازمة المالية العالمية وقانون الاستقرار المالي المشروط سيجعل من الاندماج والاستحواذ طوق نجاة لعتق الشركات الكويتية من شبح الافلاس والركود. وبالرغم من تشجيع القيادات الاقتصادية في اتجاه الاندماج والاستحواذ إلا أنها لن تتم بالسهولة والسرعة المطلوبة لغياب البيئة التشريعية والمتمثلة في قانون الشركات.
مفهوم الاندماج والاستحواذ
واوضح سرور ان مفهوم الاندماج بين الشركات عبارة عن توجه من جانب شركتين أو أكثر نحو التكتل أو التحالف أو التكامل لخلق كيان جديد يكون قادراً على تحقيق الأهداف التي لا تستطيع أن تحققها الشركة بمفردها، أو للتغلب على مشاكل قائمة حالياً أو متوقعة في المستقبل، مؤكدا في الوقت ذاته أن لهذه العمليات دورا في تعزيز الموقف المالي للمحافظة على التنافسية.
وذكر سرور أن تعريف الاندماج قانوناً هو التحام شركتين أو أكثر وزوالهما وقيام شركة جديدة تنتقل إليها ذمم الشركات الزائلة، أما الاستحواذ فهو شراء شركة لأصول وموجودات شركة أخرى وانتقال ملكيتها إلى الشركة المستحوذة. ويتمثل الفرق الرئيسي بين الاندماج والاستحواذ في وضعية المساهمين في الحالين. ففي حال الاندماج يحتفظ المساهمون في الشركتين بأسهمهم في الكيان الجديد أو في الشركة الدامجة، وبالتالي يتحولون إلى مساهمين في الشركة الجديدة. أما في حال الاستحواذ فغالبا ما تبقى الشركة المستحوذ عليها موجودة وتقوم بعملياتها بالشكل المعتاد، إلا أن ملكية أسهمها تنتقل إلى مساهمي الشركة المستحوذة إما عن طريق الدفع النقدي أو عن طريق سندات دين، وتتمكن في هذه الحال الشركة المستحوذة من السيطرة على الأصول الثابتة للشركة المستحوذ عليها وموجوداتها ومطلوباتها، مشيرا الى ان الاستحواذ إما أن يكون كليا بشراء كافة أصول الشركة المستحوذ عليها أو جزئيا بامتلاك جزء من أسهم تلك الشركة، وغالبا ما تتطلع الشركات عند الشراء الجزئي، إلى أن تكون كمية الأسهم المستحوذ عليها تمكن الشركة المشترية من التحكم في قرارات مجلس الإدارة للشركة أو المشاركة الفعالة في إصدارها وتسمى في هذه الحال أسهماً استراتيجية.
أنواع الاندماج
واوضح سرور ان هناك نوعين من الاندماج الأول رأسي والآخر أفقي، والفرق بينهما أن الرأسي هو اندماج شركة لشركة أخرى تمارس نشاطا آخر أو تكون الشركة أحد مورديها أو عملائها بحيث تكوّن مجموعة من النشاطات المتكاملة مثلا شركة في مجال التطوير العقاري، وأخرى تعمل في مجال المقاولات، والنوع الثاني هو استحواذ أفقي بين شركات تعمل في النشاط نفسه.
أشهر عمليات الاندماج
في الشرق الأوسط
وأشار إلى أن قطاعي الاستثمار والخدمات هما أكثر القطاعات المرشحة للدخول في استحواذات واندماجات في الفترة المقبلة حيث ان هذين القطاعين جرى تفريخ شركات عليهما بداع ومن دون داع وان الاستحواذ والاندماج سيتمان في شركات استثمارية وخدمية ذات أداء تشغيلي وملاءة مالية جيدة.
أهم عمليات الاندماج المتوقعة
في دولة الكويت
وقد شهد الربع الأول من العام 2009 في الكويت الإعلان عن عمليات الاندماج الآتية:
- بيت الاستثمار الخليجي والشركة الاولى للاستثمار .
- شركة الديرة والشركة الدولية للمشروعات.
- شركة المدينة للتمويل والاستثمار وشركة صرح المدينة.
- شركة المزايا القابضة وشركة دبي الاولى.
ونتنبأ بتوالي المزيد من الاعلانات عن عمليات اندماج واستحواذ.
عمليات الاندماج المتوقعة
وفي دبي تم الإعلان عن اندماج شركة أملاك وشركة تمويل. كما أفصح بنك المشرق الامارتي عن خططه للاندماج مع احدى المؤسسات المالية المعروفة لتقوية وضعية البنك وتوسيع نشاطاته.
أما في قطر فقد أوصت الحكومة القطرية باندماج شركة بروة الخور مع الشركة العقارية.
وقال سرور انه وبتحليل عمليات الاندماج والاستحواذ التي تمت خلال الخمس سنوات الأخيرة، نجد أن غالبيتها قابل تعثرات كبيرة بدءا من مرحلة المفاوضات وحتى مراحل إتمام الصفقة. حتى ان منها ما استمر لمدة سنة أو سنتين لإتمام الصفقة. وهي فترات طويلة جديا إذا ما تم التعامل مع هذه الصفقات على أنها أداة للتغلب على أي مشاكل أو تعثرات مالية تواجهها الشركات.
خطوات أولية
ونصح سرور الشركات خصوصاً التي تقبل على الدمج بعدة امور اهمها يتلخص في الآتي:
1 - القيام بعمل تقييمات مالية على أسس مهنية تتوافق مع أفضل التطبيقات المهنية، للتوصل لسعر عادل لسهم كل من الشركتين التي تسعيان للاندماج. مع توجيه نظر المكاتب الاستشارية للتحفظ في استخدام المنهجيات في التقييم والتي يمكن أن تعكس مغالة في تقييم بعض الأسهم والتي تؤدي في النهاية.
2 - إجراء المفاوضات المخططة بين إدارات الشركات والقيادات العليا، وضمن إطار زمني محدد وواضح تسعى الشركات جاهدة للالتزام به.
3 - إجراء عمليات فحص فني ومهني من قبل مختصين، للتأكد من أصول والتزامات كلا الشركتين.
4 - تحري الدقة في إتمام عقود الصفقات والتي لابد أن تتوافق مع القوانين والتشريعات واللوائح التي تخضع لها الشركة، حتى لا تتعرض لأي عقوبات من جهات رقابية قد تؤثر سلبا على حقوق مساهميها.
5 - العمل على إعادة الهيكلة المالية والإدارية لضمان تنفيذ عملية الاندماج بشكل فعال يضمن تطور أداء الشركات بما يعظم من منفعة المساهمين. وقال سرور ان شركة «المستشارون العالميون» و في إطار الدور المنوط بها في إلقاء الضوء على عمليات الاندماج والاستحواذ بما تمثله من أهمية في الحراك الاقتصادي في الفترة المقبلة فإنها تقدم الكثير من الخدمات الاستشارية للشركات المحلية والخليجية والتي تساعد بدورها في عمليات الاندماج والاستحواذ، كما ستعقد ورشة عمل بنهاية شهر مايو المقبل في الكويت وسيحاضر ويدير هذه الورشة احد خبراء التمويل العالميين وهو البروفيسور نبيل زكي.