| القاهرة - من حنان عبدالهادي |
قال رئيس «المركز الاسلامي» في المكسيك ممدوح سيد محمود حسن انه رغم أن المسلمين في المكسيك أقلية وعددهم 2000 من أصل 120 مليون نسمة، الا أن الاسلام ينتشر حالياً هناك بشكل كبير، والسيدات هن أكثر من يشهرن اسلامهن.
وأضاف في حوار مع «الراي» في القاهرة: «ان الاسلام في المكسيك غير مضطهد، والمفارقة أن المكسيك الدولة الوحيدة التي ليس فيها مسجد أو مقبرة للمسلمين». وطالب ممدوح الدول العربية والأمة الاسلامية بمساعدة المسلمين في بلاده، بايفاد دعاة، وارسال كتب دينية، مؤكداً أن مثل هذا التحرك سيساعد كثيراً في انتشار الاسلام في المكسيك.
وهذا ما دار معه من حوار:
• ماذا عن حال المسلمين في المكسيك وهل هناك اضطهاد لهم؟
- الجالية الاسلامية في المكسيك من الأقليات فعدد المسلمين ما يقرب من 2000 مسلم من اجمالي 120 مليون نسمة، وجهودنا لنشر الاسلام في المكسيك جهوداً ذاتية، فمعظم الموجودين في المكسيك من المسلمين رجال أعمال، ونحاول اضافة لعملنا أن ندعم الدعوة الاسلامية في المكسيك وخاصة أنها دولة من الدول البكر، والخصبة بالنسبة للدعوة الاسلامية. وأهل المكسيك يحبون أن يتعرفوا على الاسلام، وليس بها تعصب ديني مثل دولة الجوار الولايات المتحدة، أو أميركا الشمالية، التي تعامل المسلمين بشكل سيئ. نحن في المكسيك لا نعاني من المعاملة السيئة أو الاضطهاد، بل على العكس المسلمون هناك يقابلون بترحاب من أهل البلد، وتشوق لمعرفة معلومات عن الدين الاسلامي، لذلك عقدوا معنا لقاءات في التلفزيون، ووسائل الاعلام المختلفة والحمد لله يعلن اسلامه من أهل البلد الأصليين أعداد كبيرة، فالمسلمون هناك في تزايد.
• كيف تعرف المكسيكيون من غير المسلمين على الاسلام، وهل «المركز الاسلامي» الذي تترأسه له دور في ذلك؟
- الحمد لله خلال العام الماضي أسلم من المكسيكيين ما يقرب من أربعين فرداً من السيدات والرجال، وهناك اقبال كبير على التعرف والدخول في الاسلام، ولذلك فنحن نحاول أن نقدم لهم محاضرات عن الاسلام سواء في المركز بوسط العاصمة، أو خارج المركز في مراكز تجارية كبيرة ومفتوحة لالقاء محاضرات عن الدين الاسلامي على أهل البلد الأصليين. ونعلن عن المحاضرات في وسائل الاعلام المختلفة، وهناك اذاعة من ضمن المحطات الاذاعية المكسيكية طلبت منا أن نسجل في الاذاعة معهم طوال العام 2009 كله.
• ما هي الأنشطة الدعوية التي تقومون بها في المركز الاسلامي بالمكسيك؟
- من الأنشطة الدعوية الأساسية اقامة الصلاة في المركز، وخاصة صلاة الجمعة، والمركز مفتوح للصلوات الخمس، وفي صلاة الجمعة نقوم، رغم أنه ليس لدينا امام أو خطيب من الأزهر، أو من دولة اسلامية أخرى مخصص لنا، بالقاء الخطبة وأداء صلاة الجمعة، ونقوم بتدريس اللغة العربية لتحفيز المكسيكيين على المجيء للمركز. فهم بذلك يأتون بغرض آخر وهو دراسة اللغة، ثم يتعلمون من الاسلام والمسلمين، ونقوم بتدريس منهج وعمل محاضرات عن الاسلام، وفي العام الماضي تحدثنا عن التوحيد، وقمنا بتقديم دروس في العقيدة والفقه، وتعليم الصلاة للمسلمين الجدد، ونقوم بتنظيم دورات عن القرآن، قراءة وحفظاً، والتعريف به، ونقدم للأطفال دورات بحيث يتعلقون بالمسجد، ولدينا أنشطة أخرى تحاول تعريف المسلمين وغير المسلمين كيف يأكلون حلالاً، ونحن نساعد في ذلك ولعدم وجود أماكن للذبح الحلال، فنرسل بعض المسلمين للمزارع الخارجية ويقومون هم بالذبح ونقدمه للمسلمين في «المركز».
• على اعتبار أن المسلمين في المكسيك أقلية فهل أصواتكم غير مسموعة بالمكسيك، وما هي المعوقات التي تواجهكم؟
- نعم نحن أقلية، لكن صوتنا مسموع، واذا حدث أي شيء للمسلمين فاننا نتحرك، ففي أحداث غزة المؤسفة الأخيرة جاءت وسائل الاعلام وقامت بالتسجيل معنا كجالية اسلامية وعربية حول ما يحدث في غزة، فكلمة الجالية المسلمة مسموعة لدى السلطات. لكن هناك معوقات كثيرة منها أن اللغة في دولة المكسيك هي الاسبانية، والحصول على كتب اسلامية مكتوبة باللغة الاسبانية يعد أمراً صعباً، وليس كاللغة الانكليزية مثلاً، لذلك نحاول أن نتواصل مع بعض الجهات التي تقوم بارسال الكتب. لكن المشكلة دوماً مادية، لكن هناك جهوداً ذاتية، وهناك أحد المسلمين في المكسيك قام بشراء منزل ونحن نقيم فيه الصلاة كمسجد، والمجهودات التي يجب أن تقوم بها السفارات الممثلة للدول الاسلامية بالمكسيك ضئيلة جداً، لدينا سفارات عدة لدول عربية واسلامية، لكن ليس هناك دعم.
• ألا يوجد تعاون بينكم كمركز اسلامي في المكسيك وبين المنظمات الاسلامية المختلفة لتقديم الدعم لكم كمركز يحتاج للنشر والتعريف بالدعوة الاسلامية؟
- نحن دوماً نحاول أن نتواصل مع المنظمات الاسلامية، ومع مجمع فقهاء الشريعة بأميركا، لكن لظروف خارجة عن ارادتنا، وغير معلومة لنا، لم يحدث أي نوع من التعاون للأسف، لكن هناك مجهودات تقوم بها «جمعية الدعوة» بالاسكندرية في مصر، ترسل الكتب مجاناً لمقر المركز في المكسيك.
• تحدثتم وقلتم انكم تعانون من عدم وجود مسجد واحد في المكسيك لصلاة المسلمين فهل المشكلة عدم وجود دعم فقط، أم أن هناك معوقاً يعوق اقامة مسجد للجالية الاسلامية بالمكسيك؟
- في كل دول العالم تقريباً هناك مساجد، حتى في كوبا وهي الدولة الشيوعية، لكن في المكسيك لا يوجد مسجد، أو حتى مقبرة للمسلمين، والمشكلة مادية بحتة لأن الجالية فقيرة، وليس لدينا الدعم المادي الذي نستطيع أن نبني به مسجداً، ونحن نحتاج الى مسجد متواضع، متطلباتنا أن يضم مكاناً للصلاة، وقاعة للتدريس، أو اجتماعات لأعضاء الجالية، ومدرسة لتعليم أطفال المسلمين والمسلمين الجدد، وما نريده مكاناً متواضعاً مساحته من 500 الى 1000 متر في مكان يكون مستوى الأمن فيه معقولاً، والتكلفة لذلك تتراوح من 2 حتى 2.5 مليون دولار.
• هل هناك من يعبر عنكم كجالية اسلامية في البرلمان المكسيكي؟
- في الحقيقة لا، الى الآن ليس لنا تمثيل في البرلمان المكسيكي، فنحن أقلية وليس لنا تمثيل رسمي في الحكومة، لكن هناك اعتراف بنا لدى الحكومة المكسيكية، و«المركز الاسلامي» مركز مسجل ومعروف. وان شاء الله نأمل مع المسلمين الجدد، والأجيال الجديدة المسلمة أن يكون هناك بعض المسلمين يقومون بتنظيم لوبي اسلامي في المكسيك، ويشاركون في البرلمان.
• ما الذي تريده الجالية الاسلامية في المكسيك من الدول العربية والاسلامية؟
- نحن كجالية اسلامية نطالب بالدعم بشتى الوسائل، سواء دعم مادي، أو تبادل الزيارات، والقيام بتنظيم مؤتمرات اسلامية، لأن المسلمين في دول أميركا اللاتينية يشعرون أنهم مهملون الدول، وخاصة من الدعم في مجال الدعوة الاسلامية، ليس هناك أي تعاون بين «المركز الاسلامي» والأزهر، وفقط نشارك في مؤتمرات اسلامية في بعض الدول الاسلامية.
• ما مدى اقبال المكسيكيين على الدخول في الاسلام؟
- هناك انتشار للاسلام في المكسيك، وأعداد المسلمين تزداد يوماً بعد يوم، ومن الطرائف أنه في الفترة الأخيرة يدخل في الاسلام نساء مكسيكيات أكثر من الرجال، هناك اهتمام منهن بالتعرف والدخول في الاسلام، رغم أننا نقول لهم ان الدخول في الاسلام يلزمكن بأمور معينة، سواء في الشكل، أو في الزواج من مسلم، لكننا نجد اصراراً منهن على الدخول في الاسلام، وبعضهن يلبسن الحجاب ويذهبن لعمل مقابلات في العمل، واذا رفضن من مكان بسبب الحجاب يصررن على التمسك به، ويذهبن للبحث في مكان آخر يقبلهن بحجابهن.
• البعض يقول ان أحداث 11 سبتمبر لم تكن محنة للاسلام بل كانت منحة لزيادة المسلمين... فهل تلمسون ذلك بالفعل بعد تلك الأحداث؟
- بالفعل تلك الأحداث كانت منحة بالنسبة للاسلام، وخاصة للاسلام في المكسيك، فالناس هناك بعد تلك الأحداث كانوا يأتون ليسألوا عن الاسلام، ويطلبون كتباً ونشرات وتنظيم لقاءات، لدينا نقص في الكتب كما قلت لكننا نحاول التواصل مع جهات مختلفة للحصول عليها، والحمد لله استطعنا الحصول على كتب كثيرة باللغة الاسبانية عن الاسلام تساعد من يريد من أهل البلد تكوين فكرة عن هذا الدين، ونحن متواجدون على الانترنت لمن يريد التواصل، وبالفعل نجد هناك من المكسيكيين من يتواصل معنا عبر الانترنت ويكتب لنا أنه مسلم دخل الاسلام حديثاً، ويريد أن يصلي، ونقوم بتوجيهه. ويوجد لدينا قرآن مترجم باللغة الاسبانية، وما نوده أن تتعاون معنا الدول الاسلامية والأزهر لارسال دعاة الى المكسيك وخاصة في شهر رمضان، منذ حوالى عامين أرسلت وزارة الأوقاف المصرية قراء للقرآن الكريم، لكننا في حاجة الى داعية شيخ يعلمنا ويعلم الأجيال الجديدة الأخرى التي تحتاج الى معرفة المزيد عن الاسلام، وأيضاً نحتاج لفتاوى وتعليم في مجالات مختلفة، نحتاج المزيد من الدارسين المتخصصين في مجال الدعوة الاسلامية.
• يحاول الغرب التصدي لمنع انتشار الاسلام بأي طريقة ومن ذلك انتشرت الدعوات الغربية لتطبيق العلمانية في الدول الاسلامية والعربية، فلماذا في رأيك يتم محاربة الاسلام من الغرب بهذه الشراسة؟
- أدرك أعداء الاسلام أن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة بما قرراه من تشريع هما مصدر قوة المسلمين، وأنه لا أمل في القضاء على الاسلام والمسلمين مادام المسلمون يطبقون اسلامهم تطبيقا عملياً في كل حياتهم، ومن هنا وضعوا أسلوباً جديداً لمقاومة الاسلام وهو محاولة ابعاده عن مجال الحياة واحلال القوانين الوضعية الغربية مكانه، ليصلوا بذلك الى ما يريدون من هدم العقيدة الاسلامية، واخراج المسلمين من التوحيد الى الشرك، وهذا ما قصده أعداء الاسلام حين نادوا في المجتمعات الاسلامية بفكرة ابعاد الاسلام عن مجال التطبيق، والاستعاضة عنه بنظام الغرب وقوانينه. وهو ما عرف في التاريخ بالفصل بين الدين والدولة، وامعاناً في التضليل والخداع سماها الفكر الغربي بالعلمانية، وهو اصطلاح يوحي بأن لها صلة بالعلم حتى ينخدع الآخرون بصواب الفكرة واستقامتها، فمن الذي يقف في وجه دعوة تقول للناس ان العلم أساسها وعمادها، ومن هنا انطلى الأمر على بعض السذج وأدعياء العلم، فقبلوا المذهب منبهرين بشعاره من دون أن ينتبهوا الى حقيقته وأبعاده. والحق أن الاسلام لا يصد عن العلم والانتفاع به، ولكن أي علم هذا الذي يدعيه دعاة العلمانية، ويزعمون أنه سندها وأساسها، وأنه العلم الذي يكون بعيداً عن الدين، أو الفصل الكامل بين الدين والحياة، والعلمانية بهذا المفهوم تعتبر في ميزان الاسلام مفهوهاً جاهلياً، اذ تعني عزل الدين عن شؤون الحياة، ذلك أن الاسلام دين متكامل جاء لينظم الحياة بأوجه نشاطها، ويوجه الناس الى ما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة، وابعاد الدين عن الحياة وعن شؤون الدنيا، وعزله عن العقيدة والشريعة، والاقتصاد، والسياسة، والتعليم، والأسرة، والمجتمع، وغيرها، انما يعني في الاسلام الكفر والصد عن سبيل الله وتعطيل حدوده. كما أن اسم العلمانية يوحي بأن العلم والدين ضدان، وأن الصراع قائم، كما يوحي بأن الدين لا علاقة له بالدنيا، والتمسك به يعني التأخر، والرجعية، والجهل وهذا خطأ فاحش لأن الدين، الذي هو الاسلام، دين العلم والسعادة والتقدم، وهذا لا يخفى على الغربيين أنفسهم، فضلاً عن المسلمين، فالاسلام هو الذي فتح لهم آفاق العلم، والاختراع، والتقدم، والحضارة.
• حذرتم من ارسال البعثات الطلابية من أبناء المسلمين الى الخارج فلماذا أطلقتم ذلك التحذير؟
- الطلاب الذين يذهبون من أبناء المسلمين الى الدول غير الاسلامية، وليست لديهم الحصانة الكافية في عقيدتهم، هؤلاء الطلاب من أخطر الوسائل لأن كثيراً منهم تعلقوا بقيم الغرب، ومثله، وعاداته. وقد عاد هؤلاء الى بلدانهم وهم يحملون ألقاباً علمية وضعتهم في مناصب التوجيه، ونظر الناس اليهم على أنهم قدوة لأنهم وطنيون، وكان لتسرب العلمانية الى المجتمعات الاسلامية أسوأ الأثر على المسلمين في دينهم، ثم الاستعاضة عنه بالقوانين الوضعية المقتبسة عن أنظمة غير المسلمين، واعتبار الدعوة الى تطبيق الشريعة الاسلامية تخلفاً ورجعية. وجعل التعليم خادماً لنشر الفكر العلماني من خلال بث الأفكار العلمانية في ثنايا المواد الدراسية، وتقليص الفترة الزمنية المتاحة للمادة الدينية لأقصى حد ممكن، ومنع تدريس نصوص معينة لأنها واضحة وصريحة في كشف باطلهم، وتزييف ضلالاتهم، وتحريف النصوص الشرعية عن طريق تقديم شروح مقتضبة ومبتورة لها، بحيث تبدو وكأنها تؤيد الفكر العلماني، مع نشر الاباحية، والفوضى الأخلاقية، وهدم بنيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى في البنية الاجتماعية، والدعوة الى الارتماء في أحضان الغرب، وأخذ حضارته من دون وعي ولا تمييز، والزعم بأن الشريعة الاسلامية لا تتوافق مع الحضارة الحديثة، والاسلام يرفض العلمانية رفضاً قاطعاً لأنها دعوة ضد الاسلام الذي جاء لاخراج الناس من الظلمات الى النور
قال رئيس «المركز الاسلامي» في المكسيك ممدوح سيد محمود حسن انه رغم أن المسلمين في المكسيك أقلية وعددهم 2000 من أصل 120 مليون نسمة، الا أن الاسلام ينتشر حالياً هناك بشكل كبير، والسيدات هن أكثر من يشهرن اسلامهن.
وأضاف في حوار مع «الراي» في القاهرة: «ان الاسلام في المكسيك غير مضطهد، والمفارقة أن المكسيك الدولة الوحيدة التي ليس فيها مسجد أو مقبرة للمسلمين». وطالب ممدوح الدول العربية والأمة الاسلامية بمساعدة المسلمين في بلاده، بايفاد دعاة، وارسال كتب دينية، مؤكداً أن مثل هذا التحرك سيساعد كثيراً في انتشار الاسلام في المكسيك.
وهذا ما دار معه من حوار:
• ماذا عن حال المسلمين في المكسيك وهل هناك اضطهاد لهم؟
- الجالية الاسلامية في المكسيك من الأقليات فعدد المسلمين ما يقرب من 2000 مسلم من اجمالي 120 مليون نسمة، وجهودنا لنشر الاسلام في المكسيك جهوداً ذاتية، فمعظم الموجودين في المكسيك من المسلمين رجال أعمال، ونحاول اضافة لعملنا أن ندعم الدعوة الاسلامية في المكسيك وخاصة أنها دولة من الدول البكر، والخصبة بالنسبة للدعوة الاسلامية. وأهل المكسيك يحبون أن يتعرفوا على الاسلام، وليس بها تعصب ديني مثل دولة الجوار الولايات المتحدة، أو أميركا الشمالية، التي تعامل المسلمين بشكل سيئ. نحن في المكسيك لا نعاني من المعاملة السيئة أو الاضطهاد، بل على العكس المسلمون هناك يقابلون بترحاب من أهل البلد، وتشوق لمعرفة معلومات عن الدين الاسلامي، لذلك عقدوا معنا لقاءات في التلفزيون، ووسائل الاعلام المختلفة والحمد لله يعلن اسلامه من أهل البلد الأصليين أعداد كبيرة، فالمسلمون هناك في تزايد.
• كيف تعرف المكسيكيون من غير المسلمين على الاسلام، وهل «المركز الاسلامي» الذي تترأسه له دور في ذلك؟
- الحمد لله خلال العام الماضي أسلم من المكسيكيين ما يقرب من أربعين فرداً من السيدات والرجال، وهناك اقبال كبير على التعرف والدخول في الاسلام، ولذلك فنحن نحاول أن نقدم لهم محاضرات عن الاسلام سواء في المركز بوسط العاصمة، أو خارج المركز في مراكز تجارية كبيرة ومفتوحة لالقاء محاضرات عن الدين الاسلامي على أهل البلد الأصليين. ونعلن عن المحاضرات في وسائل الاعلام المختلفة، وهناك اذاعة من ضمن المحطات الاذاعية المكسيكية طلبت منا أن نسجل في الاذاعة معهم طوال العام 2009 كله.
• ما هي الأنشطة الدعوية التي تقومون بها في المركز الاسلامي بالمكسيك؟
- من الأنشطة الدعوية الأساسية اقامة الصلاة في المركز، وخاصة صلاة الجمعة، والمركز مفتوح للصلوات الخمس، وفي صلاة الجمعة نقوم، رغم أنه ليس لدينا امام أو خطيب من الأزهر، أو من دولة اسلامية أخرى مخصص لنا، بالقاء الخطبة وأداء صلاة الجمعة، ونقوم بتدريس اللغة العربية لتحفيز المكسيكيين على المجيء للمركز. فهم بذلك يأتون بغرض آخر وهو دراسة اللغة، ثم يتعلمون من الاسلام والمسلمين، ونقوم بتدريس منهج وعمل محاضرات عن الاسلام، وفي العام الماضي تحدثنا عن التوحيد، وقمنا بتقديم دروس في العقيدة والفقه، وتعليم الصلاة للمسلمين الجدد، ونقوم بتنظيم دورات عن القرآن، قراءة وحفظاً، والتعريف به، ونقدم للأطفال دورات بحيث يتعلقون بالمسجد، ولدينا أنشطة أخرى تحاول تعريف المسلمين وغير المسلمين كيف يأكلون حلالاً، ونحن نساعد في ذلك ولعدم وجود أماكن للذبح الحلال، فنرسل بعض المسلمين للمزارع الخارجية ويقومون هم بالذبح ونقدمه للمسلمين في «المركز».
• على اعتبار أن المسلمين في المكسيك أقلية فهل أصواتكم غير مسموعة بالمكسيك، وما هي المعوقات التي تواجهكم؟
- نعم نحن أقلية، لكن صوتنا مسموع، واذا حدث أي شيء للمسلمين فاننا نتحرك، ففي أحداث غزة المؤسفة الأخيرة جاءت وسائل الاعلام وقامت بالتسجيل معنا كجالية اسلامية وعربية حول ما يحدث في غزة، فكلمة الجالية المسلمة مسموعة لدى السلطات. لكن هناك معوقات كثيرة منها أن اللغة في دولة المكسيك هي الاسبانية، والحصول على كتب اسلامية مكتوبة باللغة الاسبانية يعد أمراً صعباً، وليس كاللغة الانكليزية مثلاً، لذلك نحاول أن نتواصل مع بعض الجهات التي تقوم بارسال الكتب. لكن المشكلة دوماً مادية، لكن هناك جهوداً ذاتية، وهناك أحد المسلمين في المكسيك قام بشراء منزل ونحن نقيم فيه الصلاة كمسجد، والمجهودات التي يجب أن تقوم بها السفارات الممثلة للدول الاسلامية بالمكسيك ضئيلة جداً، لدينا سفارات عدة لدول عربية واسلامية، لكن ليس هناك دعم.
• ألا يوجد تعاون بينكم كمركز اسلامي في المكسيك وبين المنظمات الاسلامية المختلفة لتقديم الدعم لكم كمركز يحتاج للنشر والتعريف بالدعوة الاسلامية؟
- نحن دوماً نحاول أن نتواصل مع المنظمات الاسلامية، ومع مجمع فقهاء الشريعة بأميركا، لكن لظروف خارجة عن ارادتنا، وغير معلومة لنا، لم يحدث أي نوع من التعاون للأسف، لكن هناك مجهودات تقوم بها «جمعية الدعوة» بالاسكندرية في مصر، ترسل الكتب مجاناً لمقر المركز في المكسيك.
• تحدثتم وقلتم انكم تعانون من عدم وجود مسجد واحد في المكسيك لصلاة المسلمين فهل المشكلة عدم وجود دعم فقط، أم أن هناك معوقاً يعوق اقامة مسجد للجالية الاسلامية بالمكسيك؟
- في كل دول العالم تقريباً هناك مساجد، حتى في كوبا وهي الدولة الشيوعية، لكن في المكسيك لا يوجد مسجد، أو حتى مقبرة للمسلمين، والمشكلة مادية بحتة لأن الجالية فقيرة، وليس لدينا الدعم المادي الذي نستطيع أن نبني به مسجداً، ونحن نحتاج الى مسجد متواضع، متطلباتنا أن يضم مكاناً للصلاة، وقاعة للتدريس، أو اجتماعات لأعضاء الجالية، ومدرسة لتعليم أطفال المسلمين والمسلمين الجدد، وما نريده مكاناً متواضعاً مساحته من 500 الى 1000 متر في مكان يكون مستوى الأمن فيه معقولاً، والتكلفة لذلك تتراوح من 2 حتى 2.5 مليون دولار.
• هل هناك من يعبر عنكم كجالية اسلامية في البرلمان المكسيكي؟
- في الحقيقة لا، الى الآن ليس لنا تمثيل في البرلمان المكسيكي، فنحن أقلية وليس لنا تمثيل رسمي في الحكومة، لكن هناك اعتراف بنا لدى الحكومة المكسيكية، و«المركز الاسلامي» مركز مسجل ومعروف. وان شاء الله نأمل مع المسلمين الجدد، والأجيال الجديدة المسلمة أن يكون هناك بعض المسلمين يقومون بتنظيم لوبي اسلامي في المكسيك، ويشاركون في البرلمان.
• ما الذي تريده الجالية الاسلامية في المكسيك من الدول العربية والاسلامية؟
- نحن كجالية اسلامية نطالب بالدعم بشتى الوسائل، سواء دعم مادي، أو تبادل الزيارات، والقيام بتنظيم مؤتمرات اسلامية، لأن المسلمين في دول أميركا اللاتينية يشعرون أنهم مهملون الدول، وخاصة من الدعم في مجال الدعوة الاسلامية، ليس هناك أي تعاون بين «المركز الاسلامي» والأزهر، وفقط نشارك في مؤتمرات اسلامية في بعض الدول الاسلامية.
• ما مدى اقبال المكسيكيين على الدخول في الاسلام؟
- هناك انتشار للاسلام في المكسيك، وأعداد المسلمين تزداد يوماً بعد يوم، ومن الطرائف أنه في الفترة الأخيرة يدخل في الاسلام نساء مكسيكيات أكثر من الرجال، هناك اهتمام منهن بالتعرف والدخول في الاسلام، رغم أننا نقول لهم ان الدخول في الاسلام يلزمكن بأمور معينة، سواء في الشكل، أو في الزواج من مسلم، لكننا نجد اصراراً منهن على الدخول في الاسلام، وبعضهن يلبسن الحجاب ويذهبن لعمل مقابلات في العمل، واذا رفضن من مكان بسبب الحجاب يصررن على التمسك به، ويذهبن للبحث في مكان آخر يقبلهن بحجابهن.
• البعض يقول ان أحداث 11 سبتمبر لم تكن محنة للاسلام بل كانت منحة لزيادة المسلمين... فهل تلمسون ذلك بالفعل بعد تلك الأحداث؟
- بالفعل تلك الأحداث كانت منحة بالنسبة للاسلام، وخاصة للاسلام في المكسيك، فالناس هناك بعد تلك الأحداث كانوا يأتون ليسألوا عن الاسلام، ويطلبون كتباً ونشرات وتنظيم لقاءات، لدينا نقص في الكتب كما قلت لكننا نحاول التواصل مع جهات مختلفة للحصول عليها، والحمد لله استطعنا الحصول على كتب كثيرة باللغة الاسبانية عن الاسلام تساعد من يريد من أهل البلد تكوين فكرة عن هذا الدين، ونحن متواجدون على الانترنت لمن يريد التواصل، وبالفعل نجد هناك من المكسيكيين من يتواصل معنا عبر الانترنت ويكتب لنا أنه مسلم دخل الاسلام حديثاً، ويريد أن يصلي، ونقوم بتوجيهه. ويوجد لدينا قرآن مترجم باللغة الاسبانية، وما نوده أن تتعاون معنا الدول الاسلامية والأزهر لارسال دعاة الى المكسيك وخاصة في شهر رمضان، منذ حوالى عامين أرسلت وزارة الأوقاف المصرية قراء للقرآن الكريم، لكننا في حاجة الى داعية شيخ يعلمنا ويعلم الأجيال الجديدة الأخرى التي تحتاج الى معرفة المزيد عن الاسلام، وأيضاً نحتاج لفتاوى وتعليم في مجالات مختلفة، نحتاج المزيد من الدارسين المتخصصين في مجال الدعوة الاسلامية.
• يحاول الغرب التصدي لمنع انتشار الاسلام بأي طريقة ومن ذلك انتشرت الدعوات الغربية لتطبيق العلمانية في الدول الاسلامية والعربية، فلماذا في رأيك يتم محاربة الاسلام من الغرب بهذه الشراسة؟
- أدرك أعداء الاسلام أن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة بما قرراه من تشريع هما مصدر قوة المسلمين، وأنه لا أمل في القضاء على الاسلام والمسلمين مادام المسلمون يطبقون اسلامهم تطبيقا عملياً في كل حياتهم، ومن هنا وضعوا أسلوباً جديداً لمقاومة الاسلام وهو محاولة ابعاده عن مجال الحياة واحلال القوانين الوضعية الغربية مكانه، ليصلوا بذلك الى ما يريدون من هدم العقيدة الاسلامية، واخراج المسلمين من التوحيد الى الشرك، وهذا ما قصده أعداء الاسلام حين نادوا في المجتمعات الاسلامية بفكرة ابعاد الاسلام عن مجال التطبيق، والاستعاضة عنه بنظام الغرب وقوانينه. وهو ما عرف في التاريخ بالفصل بين الدين والدولة، وامعاناً في التضليل والخداع سماها الفكر الغربي بالعلمانية، وهو اصطلاح يوحي بأن لها صلة بالعلم حتى ينخدع الآخرون بصواب الفكرة واستقامتها، فمن الذي يقف في وجه دعوة تقول للناس ان العلم أساسها وعمادها، ومن هنا انطلى الأمر على بعض السذج وأدعياء العلم، فقبلوا المذهب منبهرين بشعاره من دون أن ينتبهوا الى حقيقته وأبعاده. والحق أن الاسلام لا يصد عن العلم والانتفاع به، ولكن أي علم هذا الذي يدعيه دعاة العلمانية، ويزعمون أنه سندها وأساسها، وأنه العلم الذي يكون بعيداً عن الدين، أو الفصل الكامل بين الدين والحياة، والعلمانية بهذا المفهوم تعتبر في ميزان الاسلام مفهوهاً جاهلياً، اذ تعني عزل الدين عن شؤون الحياة، ذلك أن الاسلام دين متكامل جاء لينظم الحياة بأوجه نشاطها، ويوجه الناس الى ما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة، وابعاد الدين عن الحياة وعن شؤون الدنيا، وعزله عن العقيدة والشريعة، والاقتصاد، والسياسة، والتعليم، والأسرة، والمجتمع، وغيرها، انما يعني في الاسلام الكفر والصد عن سبيل الله وتعطيل حدوده. كما أن اسم العلمانية يوحي بأن العلم والدين ضدان، وأن الصراع قائم، كما يوحي بأن الدين لا علاقة له بالدنيا، والتمسك به يعني التأخر، والرجعية، والجهل وهذا خطأ فاحش لأن الدين، الذي هو الاسلام، دين العلم والسعادة والتقدم، وهذا لا يخفى على الغربيين أنفسهم، فضلاً عن المسلمين، فالاسلام هو الذي فتح لهم آفاق العلم، والاختراع، والتقدم، والحضارة.
• حذرتم من ارسال البعثات الطلابية من أبناء المسلمين الى الخارج فلماذا أطلقتم ذلك التحذير؟
- الطلاب الذين يذهبون من أبناء المسلمين الى الدول غير الاسلامية، وليست لديهم الحصانة الكافية في عقيدتهم، هؤلاء الطلاب من أخطر الوسائل لأن كثيراً منهم تعلقوا بقيم الغرب، ومثله، وعاداته. وقد عاد هؤلاء الى بلدانهم وهم يحملون ألقاباً علمية وضعتهم في مناصب التوجيه، ونظر الناس اليهم على أنهم قدوة لأنهم وطنيون، وكان لتسرب العلمانية الى المجتمعات الاسلامية أسوأ الأثر على المسلمين في دينهم، ثم الاستعاضة عنه بالقوانين الوضعية المقتبسة عن أنظمة غير المسلمين، واعتبار الدعوة الى تطبيق الشريعة الاسلامية تخلفاً ورجعية. وجعل التعليم خادماً لنشر الفكر العلماني من خلال بث الأفكار العلمانية في ثنايا المواد الدراسية، وتقليص الفترة الزمنية المتاحة للمادة الدينية لأقصى حد ممكن، ومنع تدريس نصوص معينة لأنها واضحة وصريحة في كشف باطلهم، وتزييف ضلالاتهم، وتحريف النصوص الشرعية عن طريق تقديم شروح مقتضبة ومبتورة لها، بحيث تبدو وكأنها تؤيد الفكر العلماني، مع نشر الاباحية، والفوضى الأخلاقية، وهدم بنيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى في البنية الاجتماعية، والدعوة الى الارتماء في أحضان الغرب، وأخذ حضارته من دون وعي ولا تمييز، والزعم بأن الشريعة الاسلامية لا تتوافق مع الحضارة الحديثة، والاسلام يرفض العلمانية رفضاً قاطعاً لأنها دعوة ضد الاسلام الذي جاء لاخراج الناس من الظلمات الى النور