للمطر عشاقه، دموع فرح ترسلها السحب الجميلة، وقد تكون دموع حزن على مرور أيام جميلة، لم نقدرها، ونتذكر عشقنا كلما نزل المطر!
للمطر هواته، الذين يجلسون على شرفات منازلهم، يعدون قطرات الماء التي تقبل الأرض، أو عدد قطرات الدموع التي تبكي على من فقدنا منذ زمان!
للمطر احباؤه، الذين يرفعون وجهوهم بوجه السماء، لتلامس قطرات الماء جباههم وخدودهم، يتلذذون بوخزاتها وقرصاتها!
للمطر اصدقاؤه، الذين يحضرون جميع حفلاته الموسيقية، يجلسون بكل احترام وبكامل ملابسهم الرسمية، في مقاعد الصف الأول، يستمعون إلى صوت سيمفونية هطول المطر، نوتات ترسلها السماء فتعزفها فرقة الأرض!
للمطر أحزانه، فكلما سمعت صوت طرق المطر باب السماء، معلنا بدء احتفالية الماء، تتذكر «السياب» وانشودته، والصياد الفقير الذي يجمع شباك صيده، عائدا إلى داره، وتردد معه «أي حزن يبعث المطر»!
للمطر اعداؤه أيضا، ممن يفتحون مظلاتهم كلما أصابهم مس من الماء، يخافون ان تبلل أفكارهم الجافة، وتلين قلوبهم القاسية، وتعشوشب أرواحهم القاحلة... وما أكثرهم، وما اكثر تكاثرهم في هذه البلاد!
قد لن يزورنا المطر مرة أخرى، مهما صلينا استسقاء، فقد سمعت ان المطر لا يمر إلا على بلاد تزرع، ونحن فعلنا الوحيد، الاكل والشرب والنوم، والغيوم لا تمر إلا على شعوب تستظل بالسحب واشجارها... ونحن شعوب لا تستظل إلا بدينارها!
وسمعت ان السحب تعشق المرور على من يستمتع بالنظر إلى أشكالها، ويرسمها في مخيلته ودفاتره، ونحن بتنا بلا عقول لنتخيل، ولا دفاتر لنرسم، في صغرنا، كنا نتساءل ونحن ننظر إلى قوافل السحب التي تمر فوق رؤوسنا: ماذا ترى؟ كنا نرى
جبالا، وخرافا، واشجارا، وسفنا، وقصورا وتماثيل عملاقة... نحتتها السحب؟ الآن اسأل طفلك: ماذا ترى؟ سيجيب دون عناء:أرى سحبا!... خيالاتنا تجمدت عند الصفر، فنحن في بلاد، أصبح الخيال محرما، والتفكير مجرما!
قد لا يعود مرة اخرى، فهو يمر على شعوب تغني له «طق يا مطر طق...» ونحن حرمنا حتى غناء الاولاد في الشوارع... لخوف ان تنزل علينا الصواعق المحرقة، والكوارث المزلزلة!
بالأمس كان المطر «رجلا»، مر على بلادي، طرق الباب، وسلمني رسائله المبللة، دعوته للدخول، اعتذر قائلاً: لا مقام لي بينكم، أريد أن أمر على الصحاري، لأسقي بعض الشجيرات، لتصبح أشجارا تتحدى صفار عقولكم، ثم ودعني! فنزلت دموعي مطرا، وودعته هامسا: يا آخر الأمطار سلاما!
جعفر رجب
jjaaffar@hotmail.com
للمطر هواته، الذين يجلسون على شرفات منازلهم، يعدون قطرات الماء التي تقبل الأرض، أو عدد قطرات الدموع التي تبكي على من فقدنا منذ زمان!
للمطر احباؤه، الذين يرفعون وجهوهم بوجه السماء، لتلامس قطرات الماء جباههم وخدودهم، يتلذذون بوخزاتها وقرصاتها!
للمطر اصدقاؤه، الذين يحضرون جميع حفلاته الموسيقية، يجلسون بكل احترام وبكامل ملابسهم الرسمية، في مقاعد الصف الأول، يستمعون إلى صوت سيمفونية هطول المطر، نوتات ترسلها السماء فتعزفها فرقة الأرض!
للمطر أحزانه، فكلما سمعت صوت طرق المطر باب السماء، معلنا بدء احتفالية الماء، تتذكر «السياب» وانشودته، والصياد الفقير الذي يجمع شباك صيده، عائدا إلى داره، وتردد معه «أي حزن يبعث المطر»!
للمطر اعداؤه أيضا، ممن يفتحون مظلاتهم كلما أصابهم مس من الماء، يخافون ان تبلل أفكارهم الجافة، وتلين قلوبهم القاسية، وتعشوشب أرواحهم القاحلة... وما أكثرهم، وما اكثر تكاثرهم في هذه البلاد!
قد لن يزورنا المطر مرة أخرى، مهما صلينا استسقاء، فقد سمعت ان المطر لا يمر إلا على بلاد تزرع، ونحن فعلنا الوحيد، الاكل والشرب والنوم، والغيوم لا تمر إلا على شعوب تستظل بالسحب واشجارها... ونحن شعوب لا تستظل إلا بدينارها!
وسمعت ان السحب تعشق المرور على من يستمتع بالنظر إلى أشكالها، ويرسمها في مخيلته ودفاتره، ونحن بتنا بلا عقول لنتخيل، ولا دفاتر لنرسم، في صغرنا، كنا نتساءل ونحن ننظر إلى قوافل السحب التي تمر فوق رؤوسنا: ماذا ترى؟ كنا نرى
جبالا، وخرافا، واشجارا، وسفنا، وقصورا وتماثيل عملاقة... نحتتها السحب؟ الآن اسأل طفلك: ماذا ترى؟ سيجيب دون عناء:أرى سحبا!... خيالاتنا تجمدت عند الصفر، فنحن في بلاد، أصبح الخيال محرما، والتفكير مجرما!
قد لا يعود مرة اخرى، فهو يمر على شعوب تغني له «طق يا مطر طق...» ونحن حرمنا حتى غناء الاولاد في الشوارع... لخوف ان تنزل علينا الصواعق المحرقة، والكوارث المزلزلة!
بالأمس كان المطر «رجلا»، مر على بلادي، طرق الباب، وسلمني رسائله المبللة، دعوته للدخول، اعتذر قائلاً: لا مقام لي بينكم، أريد أن أمر على الصحاري، لأسقي بعض الشجيرات، لتصبح أشجارا تتحدى صفار عقولكم، ثم ودعني! فنزلت دموعي مطرا، وودعته هامسا: يا آخر الأمطار سلاما!
جعفر رجب
jjaaffar@hotmail.com