| كتبت ليلــى أحمــد |
بقيادة المخرج الدكتور يحيى عبدالتواب وهو ايضا معالج للنص قدم طلبة المعهد العالي للفنون المسرحية قسم تمثيل واخراج عرضا مسرحيا مذهلا للكاتب البريطاني شكسبير عن نصه «ماكبث»، صانع السينوغرافيا هو الدكتور عبدالله غيث عميد معهد المسرح، وإشراف عام الدكتور فهد السليم وكيل المعهد ورئيس قسم التمثيل.
ولأن شكسبير مبدع في الكشف عن دواخل النفس البشرية العميقة والمرتدية لأقنعة قل من يلاحظ شرورها، وصولا لمواجهة أقدارها التي تصب لعناتها على الاشرار ممن يخططون بمكر لأذية الاخرين، وربما كان شكسبير من المسرح العالمي واحدا من أكثر الكتاب الذي لعب على ثمة التضاد بين الشر في الفعل الدرامي «الانساني» والاحلام والاطماع الدنيئة والخير الكاشف نهاية كصيرورة قدرية لابد أن تجنح الامور لها،شكسبير هو جامع التضاد والتناقضات النفسية الانسانية.. النظام والعبث، الاسود الليلي الحالك حيث تحاك الشرور وابيض النهار الذي تنقشع به الحقائق، في هذا الاطار دارت احداث المسرحية والتي قدمها المخرج بإطار درامي موسيقي «بانتومايم» معتمدة على التعبير الحركي الجسدي والموسيقى والاضاءة، بحيث تناغمت المشهدية البصرية بشكل فني متقن وايضا ممتع.
قام بدور «ماكبث» الممثل الشاب عيسى ذياب وبدور الليدي ماكبث الممثلة جميلة الأداء احلام حسن التي أجادت مع ذياب عناصر الحركة والمرونة والاداء المعبر عن الحالات في الصراع الفكري والنفسي لماكبث وزوجته بمشاركة الساحرات الثلاث والتي أحيت - أي الليدي ماكبث - به أطماع الحصول على السلطة من خلال قتل الملك، للاستيلاء على منصبه.
الحقد والكراهية والرغبة في الحلول في قمة السلطة، ونهاية بعذاب الضمير والايدي الملطخة بالدماء كانت في قمة خفتها وعمقها وجمالها تعبيرا واحساسا وحركة انفعالية للوجه والجسد، فلقد استفاد المخرج عبدالتواب من جميع عناصر العرض المسرحي، من خلال الديكور الجميل وتغيير مشاهد الديكور وجعلها حية ومتناغمة مع اداء الممثلين والمؤدين - المجاميع - والاضاءة الموحية، والموسيقى المعبرة كما استفاد من خفة حركة الممثلين الذين لا شك قام بتدريبهم طويلا، لتكون اجسادهم مطواعة ومرنة للتعبير الحركي، فهو نجح في اضفاء بعد جمالي على الحركة سواء في اطار المجاميع أو في حركتي البطلين احلام وذياب، واضاف لها استغلاله لكل ابعاد خشبة المسرح «العلبة الايطالية» عمقا وطولا، الامر الذي اتاح له فرصا جميلة لإبراز جماليات عرض «ماكبث» بشكل لافت ومبهر.
تشكلت لدى المخرج أجساداً مطواعة، فأبرزها بخفة حركتها كالفراشات تتنقل من مشهد لآخر، إن كان على صعيد خفة وثبات وثقة البطلين «ماكبث» وزوجته، فهما بدا كراقصين مذهلين في الاداء الحركي المتناغم في فضاء المسرح، لتوصيل المعنى المراد ايضاحه في هذا الصراع، فأحلام الليدي ماكبث تنجح في إشعال الحقد والكراهية والاطماع الشخصية بقلب زوجها ماكبث للحصول على السلطة، وتؤديها بشكل لافت حركة جسد ووجه معبر، حتى في ظل غياب عنصر اللغة «الكلامية والحوارية»، فهما اوصلا بقدراتهما التعبيرية الحالة الشكسبيرية، يتساوى «ذياب» ماكبث في تعبيراته، فقدم الاثنان لغة جسد تعبر عن مكنون النفس ولم نشعر بإخلال وعدم فهم للعرض بسبب غياب اللغة المحكية على ألسنة البطلين. كما تميز العرض بإيقاعه السريع، ولم نلحظ «لونغير» في المشاهد، بل كانت الحيوية في أوجها في كل زمن العرض المسرحي.
لعبت الاضاءة «الصفراء - الرامزة للحقد»- دورا في التعبير عن الحالة النفسية وتحولاتها حتى وهي في قمة شرورها حين تتحول الخلفية الى لون أحمر «إضاءة حمراء بلون الدم»، تعبيرا عن وقوع الواقعة النهائية.
فيما العرض يتنامى ويكبر أمامنا، ونعيش حالات شخصياته، نلحظ بخل شديد في الصرف على الازياء، وهو ما اخل بالعرض، بالرغم من القدرة التعبيرية للديكور والاضاءة والموسيقى وأداء الممثلين، فالبطل ماكبث هو رجل دولة، وكذلك زوجته، وايضا الملك المغدور به والذي تمت الاشارة اليه بتاج السلطة الرخيص، فان كان المخرج يهدف الى عمومية المشاعر الشريرة عند البشر الا ان شكسبير اراد تخصيصها في رجل دولة وصراعه للحصول على السلطة، فكانت الازياء في قمة سوئها، وكذلك ازياء المجاميع خصوصا اثناء رقصة «الفالس» التي كان أداؤها جميلا الا ان رخص الازياء اساء لحركتها الجمالية كانت الازياء هي النقيصة الكبرى المؤذية والفقيرة التعبير عن حالة ماكبث وزوجته، وكان بالامكان استخدام خامات متوافرة بالسوق تبدو فخمة وخفيفة وقادرة على التعبير عن حالة رجل الدولة وتملك القدرة على اتاحة الفرصة امام الاداء الحركي التعبيري للبطلين.
 

فريق عمل مسرحية ماكبث
 
- معالجة النص وإخراج: د. يحيى عبدالتواب
- مساعد المخرج: هبة العيدان، منال الجارالله، سليمان المرزوق
- مهندس الديكور ومصمم الازياء: د. عبدالله غيث
- منفذ الصوت: عبدالله الصايغ، بدر المعتوق
- الممثليون: أحلام حسن، عيسى ذياب، عبير يحيى، سليمان المرزوق، أسامة الخرس، أيوب دشتي، غالية العامر، عابدين، بالاضافة الى نخبة من طلبة المعهد العالي للفنون المسرحية
- إشراف عام: د. فهد السليم.


يعرض الليلة

يعرض اليوم في تمام الساعة الثامنة مساء في مبنى الأمانة العامة للمجلس الوطني في منطقة الصوابر العرض الثاني الزائر من مملكة البحرين بعنوان «المحمل» وهي من تأليف علي أحمد الشرقاوي، اخراج خالد فارس الرويعي، بطولة كل من إبراهيم خميس بحر، إبراهيم أحمد خلفان، عبدالله لال بخض، عبدالله حجي وليد، خليل مبارك عبدالله، أحمد جاسم محمد، شيخة سليمان زوير، زكريا يحيى علي.