| كتبت غادة عبدالسلام |
في لقاء ربما يكون الأخير قبيل انتهاء مهامه ممثلا لبلاده لدى الكويت والتي استمرت خمس سنوات وبعد اعتماده سفيرا لسورية لدى بيروت، بدا التفاؤل واضحا في حديث السفير علي عبدالكريم الذي أكد انه استفاد من تجربته في الكويت وتعلم منها الكثير ومقدرا للكويت وعلى رأسها سمو الامير الشيخ صباح الاحمد الدور الحكيم المحوري والبناء والغيور والحريص على إتمام المصالحة العربية.
واذ شدد السفير عبدالكريم على انه «ليس وحده المتفائل بمهمته الجديدة في لبنان وان المتفائلين نسبتهم عالية»، مشيرا إلى «وجود تعاون بين رئيسي لبنان وسورية يسير بخطوات متسارعة» وأكد انه «لا احس بوجود صعوبات تنتظرني وسأكون بين أهلي وفي بيئة اتوقع فيها النجاح في اداء مهمتي ومعتبرا ان العلاقات بين البلدين قائمة وممتدة».
ولفت إلى ان «بلاده تعنى بالوفاق اللبناني الذي هو في مصلحة لبنان وسورية» موضحا ان للبلدين عدوا مشتركا هو اسرائيل وان الرباط العربي يجمعهما اضافة إلى الاحترام المتبادل القائم، داعيا إلى «عدم البحث في عناصر الاثارة» في العلاقة بين البلدين ومشيرا إلى ان «لسورية صداقات ورأي ورؤية في لبنان وعلاقاتها واسعة وتشمل الساحة اللبنانية كلها»، ومشددا على ضرورة عدم تضخيم المشاكل غير القائمة.
وفيما يتعلق بالمحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري، أكد السفير علي عبدالكريم ان «الحقيقة تعني سورية وانكشافها غاية لها» معتبرا ان «اغتيال الحريري كان في عكس مصلحة سورية ولبنان وان البلدين كانا مستهدفين»، ومشددا على انه «يجب ألا تستغل الجريمة لمآرب لا تخدم البلدين بل تساهم في النيل من العلاقة بينهما» وموضحا ان التحقيقات تشير إلى شبكات اسرائيلية.
وفيما يخص المصالحة العربية قال «نقدر للكويت واميرها الدور المحوري والغيور والحريص على المصالحة».
وفي الوقت الذي اعتبر ان سورية كانت مبادرة الى الانفتاح على الاشقاء ليكون شعار قمتها «التضامن العربي» اشار إلى انها مع تكريس منطق التعاون والتكامل العربي، مضيفا ان المصلحة العربية غايتنا وعلاقات سورية وتحالفاتها لا تشكل تناقضا، موضحا ان ايران حليف للقضايا العربية وان الخلاف في وجهات النظر يحل بالحوار وهذا ما تدعو اليه الكويت دائما على لسان سمو اميرها ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد الصباح.
واعتبر ان ما حصل في غزة شكل دافعا لتقريب وجهات النظر العربية وخلق ارضية لإعادة قراءة المعطيات وتوافقا على ضرورة المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، مضيفا ان «سورية حريصة على التضامن العربي ومؤازرة للقضايا الجوهرية ولنزع فتيل الخلاف والحفاظ على المؤسسات العربية».
وبالحديث عن الانفتاح الاميركي على سورية وعملية السلام في الشرق الاوسط قال السفير عبدالكريم ان «بلاده حريصة على بناء قواتها الذاتية وعلى علاقاتها العربية ومع اصدقائها وان يبقى السلام من اولوياتها على اساس المحافظة على الأرض والسيادة وشرط قبول الطرف الآخر، ومطالبة بدور للقوى العالمية خصوصا الولايات المتحدة حامية العدوان الاسرائيلي»، ومعتبرا ان اجراء محادثات غير مباشرة مع اسرائيل في ظل رعاية تركية ومساعدة اميركية يكون هناك حوار على قاعدة الشرعية الدولية وقراراتها.
واعتبر ان المنطقة مقبلة على السلام في ظل وجود خطوات اميركية، داعيا إلى تقوية الموقف العربي ليتم احترامه وإعادة النظر في الاولويات بشأن الصراع العربي - الإسرائيلي واسس السلام من قبل اميركا، ومشددا على ان «سورية رحبت بالخطوات الاميركية داعية لتعميق الحوار» ومؤكدا عدم وجود اي معلومات اكيدة لعودة السفير الاميركي إلى دمشق وان موقف سورية لا غموض فيه وانفتاح الغرب على دمشق يتكامل بين اميركا واوروبا.
وفيما يلي نص اللقاء مع السفير علي عبدالكريم:
• انتم في طريقكم للانتقال من الكويت إلى لبنان بعد تعيينكم سفيرا لسورية لدى بيروت، بأي تجربة يذهب السفير علي عبدالكريم من الكويت إلى العاصمة اللبنانية؟ وماذا يقول بالمناسبة؟
- لا اريد ان ابحث عن كلام كبير، فأنا اذهب لأداء مهمة ارجو ان اكون اهلا لها وان استطيع ترجمة العلاقة الاخوية العميقة بين البلدين الشقيقين اللذين تربطهما اواصر كثيرة. وارجو ان اوفق وانا متفائل جدا في تعاون الاصدقاء والاشقاء في هذا البلد الغالي والشقيق والعزيز.
• قد تكون العلاقات اللبنانية - السورية بالرغم من قواها وتاريخيتها بحاجة إلى اعادة هيكلة وترتيب، هل يذهب السفير عبدالكريم إلى بيروت بمشروع بهذا الحجم؟
- الجواب عن مثل هذا السؤال تترجمه الوقائع على الارض، واظن ان هناك تعاونا يسير بخطوات متسارعة إلى الامام بين الرئيسين والقيادتين والمؤسسات المعنية.
ودعونا نقرأ المستقبل بعين متفائلة ومستبشرة بأن البلدين وفعاليات البلدين المختلفة يستطيعون تحقيق نجاحات كثيرة اذا ما توافقوا وهذا التوافق ان شاء الله تزداد اطره ومقوماته ويعطي نتائج طيبة.
انا متفائل ولست وحدي متفائلا، فالمتفائلون في البلدين نسبتهم عالية اضافة إلى جميع الغيورين على مصلحة البلدين ومستقبلهما والوئام بينهما.
• ما ضمانات نجاحكم في مهمتكم الجديدة كأول سفير سوري لدى بيروت؟
- انا لا ادخل في قراءة الغيب ولكن الضمانات بتقديري قائمة وكبيرة، ولا اجد غربة ابدا فجميع اللبنانيين اخواني ولي صداقات كبيرة وواسعة في المجالات السياسية والصحافية والادبية والاجتماعية ولا احس بأن هناك صعوبات كثيرة تنتظرني فأنا متفائل بالنجاح لأني سأكون بين اهلي واخواني وانا اخدم في بيئة مقومات النجاح فيها هي التي تسمح لي بأداء مهمتي.
• ما الذي سيضيفه تعيينكم سفيرا لسورية لدى بيروت إلى العلاقات بين البلدين؟
- العلاقة وثيقة واخوية وممتدة والاشخاص في مواقعهم اذا ادوا المهمة بشكل ودي مسؤول وبرغبة في التجديد يمكن ان يكون لهم ملامح ولمسات ولكن العلاقات قائمة وممتدة وعميقة، ودور السفير لو ان كل شخص في موقع مماثل هو اضافة إضاءات او لمسات في هذا النسيج الممتد والمتشابك والمتكامل ونأمل ان نضيف بعض هذه اللمسات الإيجابية.
• هل تعتقد ان تعيين السفير سيغير في خارطة علاقات دمشق مع بعض الفرقاء اللبنانيين وسيحصر هذه العلاقات في الجانب الرسمي؟
- ان ما يعني سورية هو الوفاق اللبناني - اللبناني الذي يسهم في مصلحة لبنان وسورية ومصلحة العلاقة بين البلدين.
والرئيس السوري الدكتور بشار الاسد قال ان سورية قلبها مفتوح وابوابها مفتوحة تجاه اشقائها اللبنانيين على قاعدة ان لنا عدوا مشتركا واحدا هو اسرائيل وان الرباط العربي يجمعنا جميعا، والمصالح المشتركة كثيرة والاحترام المتبادل قائم وكلا البلدين لديه رغبة ومصلحة في افضل تكامل وعلاقات لخدمة البلدين وتحصينهما.
• هل هذا يعني ان سورية التي لها علاقات وثيقة مع بعض الاطراف اللبنانية دون الاخرى ستغير من مواقفها بحيث تعامل الاطراف اللبنانية كافة بناء على مبدأ المساواة؟
- ارجو ألا نبحث عن عناصر الاثارة، فسورية لها صداقات ورأي ورؤية وهذا واضح، ولكن سورية حريصة على جميع الاشقاء في لبنان وتحصينه ضد اي خطر يهدده وبالتالي اظن ان العلاقة واسعة وتشمل الساحة اللبنانية كلها، ولا اريد تصنيف محاور.
لبنان بلد ابناؤه يحبونه وهو جدير بهم وهم جديرون به ويحرصون عليه ويتوافقون على بنائه وتطويره، ونحن معا في تعاون لرسم افضل علاقة ان شاء الله.
• قد تكون قضية ترسيم الحدود ومزارع شبعا والمفقودون اللبنانيون احدى اهم القضايا التي يجب على اول سفير سوري في لبنان العمل على بلورة تفاهم مشترك حيالها فهل هذا الامر يأخذ مكانة متقدمة على سلم اولوياتكم؟
- هنالك اجابات واضحة كانت على لسان وزير الداخلية اللبناني زياد بارود ونظيره السوري اللواء بسام عبدالمجيد بشأن التعاون في جميع القضايا المشتركة في الجانب الامني.
وبالنسبة لجانب الحدود سمعت الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان والمسؤولين اللبنانيين - وهنا احيلكم على المسؤولين اللبنانيين الذين قالوا بتعاون البلدين والجهات المعنية فيهما.
ونحن يجب ألا نضخم مشكلة غير قائمة، واذا اردنا ان نسمي الأشياء فلنضعها في حجمها وموقعها وهذا بتقديري يخدم ويقرب الطريق للوصول إلى الغاية.
• هناك توقعات بأن يتم استدعاء مسؤولين لبنانيين وسوريين حاليين وسابقين للمثول امام المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري... كيف تستعد سورية لمثل هذا الاحتمال؟
- قبل الكلام في هذا... لا شك ان الجميع قرأ اللقاء الذي جرى مع رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي بلمار والذي اصبح مدعيا عاما للمحكمة وقال انه حتى الآن لا يوجد لديه ادلة يستطيع ان يوجه على اساسها اتهاما صريحا لأحد.
فلننظر... وسورية قالت على لسان رئيسها وجميع المواقع ان الحقيقة تعنيها وانكشاف الحقيقة غاية لسورية لأن اغتيال الرئيس رفيق الحريري كان في عكس مصلحة سورية ولبنان وكانت سورية مستهدفة منه كما لبنان.
ولذلك يجب ان نقرأ الامور بمنطق الغيرة والحرص والبحث عن الحقيقة وليست استغلال هذه الجريمة لمآرب لا تخدم لبنان ولا سورية انما تنال من بنية العلاقة بين البلدين وبنية العلاقة اللبنانية - اللبنانية باغتيال الرئيس الحريري والاغتيالات الاخرى، واظن ان التحقيقات التي كشفتها المؤسسات اللبنانية ووسائل الاعلام اللبنانية اشارت بوضوح إلى شبكات اسرائيلية لنا مصلحة بأن نقرأ بعين مفتوحة وبشكل متكامل وبزوايا نظر متعددة وبعيدا عن استسهال الاتهام دون ادلة وبعيدا عن اعطاء امر اكثر من حجمه.
وايضا بعيدا عن اجتزاء الحقيقة واذا ما قرأنا بهذا التكامل وبهذه العين الغيورة والحريصة قلنا نستطيع ان نحقق شيئا كثيرا وان نحصن الوضع في لبنان والعلاقة السورية - اللبنانية وعندي امل كبير بأن الخطوات المقبلة تبشر بخير لمصلحة البلدين ونأمل ان تصل إلى حقيقة من وراء هذه الجرائم التي استهدفت سورية ولبنان وشوشت وعطلت كثيرا من الفعل الذي كان يجب ان يتوحد في مواجهة خطر يستهدفنا جميعا واللبنانيون عانوا من العدوان الاسرائيلي العام 2006 وشهدنا فصلا آخر في حرب اسرائيل على غزة ولذلك للجميع مصلحة في ان يسمي الامور بأسمائها ولا يقفز على الحقائق ولدينا من عناصر القوة والتكامل الكثير ونأمل ان يتحقق وفاق وتحقيق نجاحات لجميع النسيج اللبناني مما يسهم في نماء لبنان واسعاد سورية فما يسعد لبنان يسعد سورية وما يصيبه من اذى يصيبنا بالاذى ذاته ونحن اخوة واشقاء وكل شيء يجمعنا يجب ان نقتسم فيه النجاح والامن والاستقرار بإذن الله.
• تنتقلون من الكويت إلى بيروت تحت مظلة المصالحة العربية الاخيرة، كيف تقرأ دور الكويت في هذه المصالحة؟ وما مقومات استمرارها؟
- الانتقال إلى بيروت هو ضمن العلاقات السيادية بين البلدين، اما بالنسبة للمصالحة، فسورية متفائلة ومساهمة بفاعلية فيها، ونقدر للكويت التي اعتز بتجربتي فيها ونقدر لهذا البلد العزيز وسمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الحكيم الدور المحوري والبناء والغيور والحريص على اتمام المصالحة.
وقد بدأت خطوات نتفاءل ان تستكمل في توحيد للمواقف وان يكون هنالك مواقف موحدة وقواسم مشتركة اكبر في تحديد الاولويات ورسم الطريق إلى مجابهة كل التحديات برؤية وتكامل على الصعيد الاقتصادي والسياسي والثقافي والإعلامي.
ونتفاءل بدور اكبر لوسائل الاتصال والاعلام من خلال الحرص على ان يكون لصناعة الرأي العام دور في التوعية ونقل الحقائق والابتعاد ما امكن عن الاثارة والتضخيم والاجتزاء وقلب الحقائق لأن للجميع مصلحة في تحصين المواطن العربي والموقف العربي بين جميع اقطاره وما يجمع الجميع كبير وكبير جدا والفتن التي يراد زرعها في هذه المنطقة، هنالك حصانة في الوعي العام ولدى حكماء الامة في تجاوزها ودرء مخاطرها وتحقيق ما امكن من التكامل العربي.
• ربما تكون الاطراف المعنية كافة قد لعبت دورا في هذه المصالحة وقد تكلمتم في دور سورية، ما هذا الدور تحديدا؟
- سورية مبادرة دائما للانفتاح على الاشقاء ولم تنجر يوما إلى ردود الافعال الجانبية وحرصت على ان يكون اولا شعار قمة دمشق «التضامن العربي» وان يكون العمل العربي المشترك غاية، وهذا ما اشار اليه سمو امير الكويت عندما قال بعد قمة الكويت بان «الروحية الطيبة للرئيس السوري كانت مشجعة لأن الرئيس الاسد قال انه على استعداد للذهاب لأي مكان لتحقيق المصالحة العربية وتوحيد الموقف العربي».
وقد لمسنا هذا الشيء في قمة الرياض ونرجو ان نتفاءل بالمستقبل بأن يستطيع القادة تحقيق وفاق حقيقي وتذليل خلافات الدول ووضعها في حجمها بما لا يعطل او يسيء إلى التكامل العربي الذي نحن في امس الحاجة اليه في جميع الميادين.
• هل انتم متفائلون بمصالحة عربية؟
- متغيرات العالم تسمح بمثل هذه الرؤية المتفائلة، حيث وصلت الادارة الاميركية الجديدة إلى قراءة جديدة بعد الاهتزاز الكبير لصورة الولايات المتحدة في العالم في عهد الرئيس السابق جورج بوش وادارة المحافظين الجدد وبالتالي توجه الادارة الاميركية الجديدة بقيادة الرئيس اوباما للحوار واعادة النظر في كثير من علاقات اميركا بالدول سواء على مستوى الشرق الاوسط او على مستوى الاتحاد الاوروبي والصراعات في محاور اخرى في العالم، هذا يشير إلى اننا نحن اولى بأن نعيد النظر في قراءة الاحداث والتحديات والصراعات التي تمثل منطقتنا المسرح لها ونحن المتضررون الاكثر منها.
واظن ان هذه القراءة بدأت بشكل جدي ولنحترم بعضنا ونصغي لبعضنا ويكون الحوار مصدره الغيرة والحرص والنظر إلى المستقبل حينها سنجد ان القواسم تكبر واننا نستطيع ان نفعل الكثير.
• هل هذا يعني التفاؤل بوجود اتصالات جديدة من اجل ترسيخ المصالحة العربية التي جرت في الكويت وبعد قمة الدوحة؟
- اللقاءات التي تتالت بعد قمة الكويت والتصريحات المسؤولة والمتوازنة والهادفة التي صدرت عن عدد غير قليل من العواصم يشير إلى وجود ما يبرر هذا التفاؤل.
• يعتقد البعض ان علاقات سورية مع ايران وربما حزب الله لطالما اثرت وتؤثر سلبا على علاقات دمشق العربية - كيف تردون على هذا الكلام؟
- قالت سورية بشكل دائم بان المصلحة العربية غايتها الاولى وعلاقاتها وتحالفاتها تصب في هذا الاتجاه ولا تشكل تشويشا او تناقضا مع ذلك.
وايران حليف للقضايا العربية، قد يكون هناك خلافات في وجهات النظر وهواجس تجاه بعض الامور ولكن هذا يمكن ان يحل بالحوار وهذا ما هو قائم وما دعت اليه المملكة العربية السعودية على لسان وزير خارجيتها وما دعت اليه الكويت دائما وبمنطق متوازن ومسؤول على لسان سمو الامير ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد الصباح، اما سورية فهذا خطابها المستمر والمؤشرات تقول بان عناصر الحوار والوفاق تكبر والحلول للقضايا والمشكلات القائمة لها مؤشرات تدعو للتفاؤل بخطوات مقبلة.
• ما السبيل إلى سد الفجوة في المواقف حيال قضية الشرق الاوسط بين الدول العربية لا سيما مصر والسعودية وسورية؟
- اصبح هناك شيء من هذا القبيل، وما حدث في غزة من اجرام اسرائيلي دون مبرر وقدرة على اقناع الرأي العام العربي والدولي وبعد ذلك تصويت الناخب الاسرائيلي للأكثر تطرفا في اسرائيل، شكل دافعا اساسيا لتقريب وجهات النظر وشكل ارضية لإعادة قراءة المعطيات على الارض وبالتالي فإن الخلافات بدأت تضيق والرؤية وان اختلفت نسبة الحماسة ونسبة التوصيف من طرف لآخر الا ان امكانية توحيد القواسم وتوسيع دائرة الاتفاق اصبحت اكبر.
واظن ان الاشقاء في مصر وجميع الدول العربية توافقوا على ضرورة المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية وضرورة احترام النتائج التي تحققت والافادة منها سواء في صمود وانتصار المقاومة في لبنان او صمود المقاومة الفلسطينية واجهاض المخططات الاسرائيلية وهذا يشكل رصيدا قويا يمكن الافادة منه في تحقيق المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية وتحقيق التوافق العربي على قاسم مشترك تكون في مصلحة الجميع.
• في الوقت الذي تتسلم فيه قطر رئاسة القمة العربية، ما تقييمكم لما قدمته سورية للعلاقات العربية - العربية خلال ترؤسها القمة لمدة عام؟
- ان استمرار القمة كان انجازا اضافة الى وجود توافق حيث كانت سورية حريصة على حشد التضامن العربي بأقصى حد ممكن لمؤازرة القضايا العربية الجوهرية وفي نزع فتيل اي خلاف ممكن ولم تدخر جهدا في هذا ولم تقطع صلة ولم توسع شقة خلاف وبالتالي هذا كان انجازا.
وقد شهدنا الثلاثي العربي - العربي في قمة الكويت الاقتصادية، فسورية كانت حريصة غاية الحرص على اللقاء العربي - العربي وعلى الحفاظ على المؤسسات ذات الطابع العربي سواء على مستوى القمة ام الجامعة العربية بمؤسساتها المختلفة.
• اعلنت دمشق قبل ايام انه بات بالامكان استئناف المحادثات غير المباشرة مع اسرائيل وما الجديد الذي استدعى حدوث هذا التغير في الموقف السوري؟
- الرئيس الاسد قال ان سورية حريصة على بناء قوتها الذاتية وحريصة على علاقاتها العربية - العربية وعلى علاقاتها مع اصدقائهما وفي الوقت ذاته حريصة على ان يكون السلام من اولوياتها ولكن على اساس الحفاظ على الارض والسيادة والحقوق وشرط وجود قبول من الطرف الآخر، فنحن لم نغلق بابا للعمل من اجل السلام ولكن على قاعدة اننا نريد حقنا كاملا وحق اشقائنا ونطالب بدور للقوى العالمية المؤثرة خصوصا الادارة الاميركية كونها الحامية للعدوان الاسرائيلي في جميع المراحل، وعندما توجد رعاية تركية تساندها رعاية اميركية يمكن ان يكون هناك حوار على قاعدة الشرعية الدولية وقراراتها المنظمة التي انطلقت منها المحادثات ومؤتمر مدريد.
وسورية واضحة في مطالبها بعودة كامل الارض المحتلة إلى حدود يونيو 1967 ولا تناقض في موقف سورية الامس واليوم وكل يوم.
• ايضا يعتقد الكثيرون بأن المنطقة مقبلة على سلام. هل ترى أن هذا الاعتقاد يتصف بالواقعية والموضوعية؟
- الواقعية والموضوعية - كلمات كبيرة حتى الآن لم نلمسها، وهناك خطوات اولى قامت بها الادارة الاميركية مغايرة للإدارة السابقة وهذا امر يجب ان نعترف به وان نتفاءل به وفي الوقت نفسه يجب ان ننتظر خطوات لاحقة ونشجع على الحوار على ارضية تقوية الموقف العربي الذي يستدعي من الطرف الاميركي احترامه وتقديره واعادة النظر في الاولويات في شأن الصراع العربي - الاسرائيلي واسس السلام التي تقول الولايات المتحدة انها تسعى اليها نستطيع ان نحدد الوجهة اذا ما قوينا الموقف ووجدنا الرؤية واستندت مواقفنا على ركائز واضحة في الموقف والسياسة والاقتصاد وبنية العلاقات وكل هذا يمكن ان يسهم بجدية وفعالية
في اعادة ترتيب الاولويات وترتيب المشهد بالنسبة للسياسة الدولية خصوصا الاميركية.
• هل هذا يعني انكم مع الذين استبشروا خيرا بوصول اوباما إلى سدة الرئاسة الاميركية او ما مدى ما ذهب اليه البعض ان تغيرا كبيرا سيطرأ على السياسة الاميركية حيال الشرق الاوسط؟
- نحن مع التفاؤل الحذر ومع ضرورة ان يقرأ الانسان العربي اولا بعينه وعقله وقلبه وان يعيد النظر في كل شيء ويمحصه من زوايا مختلفة ولكن لا يرفض للرفض ولا يقبل بسهولة وان يتمسك بالحق وبرؤية واضحة وعندما يكون ذلك ويصغي اليه الآخر ويقدر مواقفه ويتعاطى معه بجدية اكثر بكثير من الترحاب المبالغ فيه.
• ما مقومات حدوث انفراج في العلاقات الاميركية - السورية؟ وهل من الممكن ان نشهد قريبا عودة للسفير الاميركي إلى دمشق؟
- جواب هذا السؤال في الوقائع التي تجري ولا اريد تحديد تواريخ ويرى الجميع حجم الوفود والاتصالات ويقرأ نبرة جديدة في الخطاب الاميركي ونظرة جديدة إلى سورية.
وسورية ايضا رحبت بالخطوات الاميركية وهي تدعو لتعميق الحوار اكثر واظن ان المستقبل يوحي ويبشر بذلك وسورية لم تكن يوما الا مع الحوار الذي يحترم مصالح الطرفين ويحترم الخصوصية العربية والمصالح العربية ولا ينتقص من سيادة اي طرف والامور تشير إلى امكان حدوث انفراج اكبر والخطوات التي تمت تقول ذلك وبالنسبة لعودة السفير الاميركي لدمشق ان الاشارات قائمة ولكن ليس هناك معلومات يقينية عن زمن محدد او تاريخ ولكن المؤشرات تقول ان الآتي من الامور يسير نحو الافضل.
• في ظل بوادر الانفراج والتغيير في هذا، هل قدمت سورية من تنازلات ادت إلى مثل هذا التغيير؟
- سورية لا غموض في مواقفها وما تقوله تفعله ولا يوجد لديها شيء تخجل منه اذا تم كشفه وسرها هو المعلن وهذا كلام لا اصل له فسورية قالت منذ البداية انها ضد الاحتلال الاميركي للعراق وعندما حضر وزير الخارجية الاميركي السابق كولن باول إلى العراق كان موقفنا واضحا في رفض تقبل الاملاءات وهي مع الحوار والنتائج ان شاء الله تكون للأفضل.
• إلى اي مدى يشكل تحسن العلاقات السورية - الاميركية مدخلا لتحسين علاقات دمشق مع اوروبا عموما؟
- الانفتاح الاميركي على سورية سبقه حوار وانفتاح اوروبي اوسع على دمشق واظن ان الآخرين هم الذين وجدوا ضرورة لإعادة القراءة وسورية تحترم هذا وترحب به.
والامر يتكامل بين اوروبا واميركا ولا تناقض في هذا ونحن مع الحوار والتعاون على ارضية ضمان المصالح السورية والعربية وهذا يكون متبادلا والخطوات تحدث متلاحقة على هذا الصعيد.
• ربما تكون هذه آخر مقابلة صحافية للسفير علي عبدالكريم ممثلا لبلاده لدى الكويت، ما ذا تود ان تقول ككلمة اخيرة؟
- انتقل الى بيروت بعدما تنتهي الاجراءات العادية التي يجب ان تحدث.
انا اسجل تقديرا كبيرا للعلاقة مع الكويت وتجربتي فيها التي تعلمت منها الكثير واستفدت منها، واحتفظ بصورة ستبقى معي طويلا عن الكويت ورجالاتها.
واعتز بتجربتي في السنوات الخمس التي امضيتها في هذا البلد الشقيق.
كما اتمنى ان احقق نجاحا وخدمة لبلدي وللعلاقة بين سورية ولبنان.
في لقاء ربما يكون الأخير قبيل انتهاء مهامه ممثلا لبلاده لدى الكويت والتي استمرت خمس سنوات وبعد اعتماده سفيرا لسورية لدى بيروت، بدا التفاؤل واضحا في حديث السفير علي عبدالكريم الذي أكد انه استفاد من تجربته في الكويت وتعلم منها الكثير ومقدرا للكويت وعلى رأسها سمو الامير الشيخ صباح الاحمد الدور الحكيم المحوري والبناء والغيور والحريص على إتمام المصالحة العربية.
واذ شدد السفير عبدالكريم على انه «ليس وحده المتفائل بمهمته الجديدة في لبنان وان المتفائلين نسبتهم عالية»، مشيرا إلى «وجود تعاون بين رئيسي لبنان وسورية يسير بخطوات متسارعة» وأكد انه «لا احس بوجود صعوبات تنتظرني وسأكون بين أهلي وفي بيئة اتوقع فيها النجاح في اداء مهمتي ومعتبرا ان العلاقات بين البلدين قائمة وممتدة».
ولفت إلى ان «بلاده تعنى بالوفاق اللبناني الذي هو في مصلحة لبنان وسورية» موضحا ان للبلدين عدوا مشتركا هو اسرائيل وان الرباط العربي يجمعهما اضافة إلى الاحترام المتبادل القائم، داعيا إلى «عدم البحث في عناصر الاثارة» في العلاقة بين البلدين ومشيرا إلى ان «لسورية صداقات ورأي ورؤية في لبنان وعلاقاتها واسعة وتشمل الساحة اللبنانية كلها»، ومشددا على ضرورة عدم تضخيم المشاكل غير القائمة.
وفيما يتعلق بالمحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري، أكد السفير علي عبدالكريم ان «الحقيقة تعني سورية وانكشافها غاية لها» معتبرا ان «اغتيال الحريري كان في عكس مصلحة سورية ولبنان وان البلدين كانا مستهدفين»، ومشددا على انه «يجب ألا تستغل الجريمة لمآرب لا تخدم البلدين بل تساهم في النيل من العلاقة بينهما» وموضحا ان التحقيقات تشير إلى شبكات اسرائيلية.
وفيما يخص المصالحة العربية قال «نقدر للكويت واميرها الدور المحوري والغيور والحريص على المصالحة».
وفي الوقت الذي اعتبر ان سورية كانت مبادرة الى الانفتاح على الاشقاء ليكون شعار قمتها «التضامن العربي» اشار إلى انها مع تكريس منطق التعاون والتكامل العربي، مضيفا ان المصلحة العربية غايتنا وعلاقات سورية وتحالفاتها لا تشكل تناقضا، موضحا ان ايران حليف للقضايا العربية وان الخلاف في وجهات النظر يحل بالحوار وهذا ما تدعو اليه الكويت دائما على لسان سمو اميرها ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد الصباح.
واعتبر ان ما حصل في غزة شكل دافعا لتقريب وجهات النظر العربية وخلق ارضية لإعادة قراءة المعطيات وتوافقا على ضرورة المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، مضيفا ان «سورية حريصة على التضامن العربي ومؤازرة للقضايا الجوهرية ولنزع فتيل الخلاف والحفاظ على المؤسسات العربية».
وبالحديث عن الانفتاح الاميركي على سورية وعملية السلام في الشرق الاوسط قال السفير عبدالكريم ان «بلاده حريصة على بناء قواتها الذاتية وعلى علاقاتها العربية ومع اصدقائها وان يبقى السلام من اولوياتها على اساس المحافظة على الأرض والسيادة وشرط قبول الطرف الآخر، ومطالبة بدور للقوى العالمية خصوصا الولايات المتحدة حامية العدوان الاسرائيلي»، ومعتبرا ان اجراء محادثات غير مباشرة مع اسرائيل في ظل رعاية تركية ومساعدة اميركية يكون هناك حوار على قاعدة الشرعية الدولية وقراراتها.
واعتبر ان المنطقة مقبلة على السلام في ظل وجود خطوات اميركية، داعيا إلى تقوية الموقف العربي ليتم احترامه وإعادة النظر في الاولويات بشأن الصراع العربي - الإسرائيلي واسس السلام من قبل اميركا، ومشددا على ان «سورية رحبت بالخطوات الاميركية داعية لتعميق الحوار» ومؤكدا عدم وجود اي معلومات اكيدة لعودة السفير الاميركي إلى دمشق وان موقف سورية لا غموض فيه وانفتاح الغرب على دمشق يتكامل بين اميركا واوروبا.
وفيما يلي نص اللقاء مع السفير علي عبدالكريم:
• انتم في طريقكم للانتقال من الكويت إلى لبنان بعد تعيينكم سفيرا لسورية لدى بيروت، بأي تجربة يذهب السفير علي عبدالكريم من الكويت إلى العاصمة اللبنانية؟ وماذا يقول بالمناسبة؟
- لا اريد ان ابحث عن كلام كبير، فأنا اذهب لأداء مهمة ارجو ان اكون اهلا لها وان استطيع ترجمة العلاقة الاخوية العميقة بين البلدين الشقيقين اللذين تربطهما اواصر كثيرة. وارجو ان اوفق وانا متفائل جدا في تعاون الاصدقاء والاشقاء في هذا البلد الغالي والشقيق والعزيز.
• قد تكون العلاقات اللبنانية - السورية بالرغم من قواها وتاريخيتها بحاجة إلى اعادة هيكلة وترتيب، هل يذهب السفير عبدالكريم إلى بيروت بمشروع بهذا الحجم؟
- الجواب عن مثل هذا السؤال تترجمه الوقائع على الارض، واظن ان هناك تعاونا يسير بخطوات متسارعة إلى الامام بين الرئيسين والقيادتين والمؤسسات المعنية.
ودعونا نقرأ المستقبل بعين متفائلة ومستبشرة بأن البلدين وفعاليات البلدين المختلفة يستطيعون تحقيق نجاحات كثيرة اذا ما توافقوا وهذا التوافق ان شاء الله تزداد اطره ومقوماته ويعطي نتائج طيبة.
انا متفائل ولست وحدي متفائلا، فالمتفائلون في البلدين نسبتهم عالية اضافة إلى جميع الغيورين على مصلحة البلدين ومستقبلهما والوئام بينهما.
• ما ضمانات نجاحكم في مهمتكم الجديدة كأول سفير سوري لدى بيروت؟
- انا لا ادخل في قراءة الغيب ولكن الضمانات بتقديري قائمة وكبيرة، ولا اجد غربة ابدا فجميع اللبنانيين اخواني ولي صداقات كبيرة وواسعة في المجالات السياسية والصحافية والادبية والاجتماعية ولا احس بأن هناك صعوبات كثيرة تنتظرني فأنا متفائل بالنجاح لأني سأكون بين اهلي واخواني وانا اخدم في بيئة مقومات النجاح فيها هي التي تسمح لي بأداء مهمتي.
• ما الذي سيضيفه تعيينكم سفيرا لسورية لدى بيروت إلى العلاقات بين البلدين؟
- العلاقة وثيقة واخوية وممتدة والاشخاص في مواقعهم اذا ادوا المهمة بشكل ودي مسؤول وبرغبة في التجديد يمكن ان يكون لهم ملامح ولمسات ولكن العلاقات قائمة وممتدة وعميقة، ودور السفير لو ان كل شخص في موقع مماثل هو اضافة إضاءات او لمسات في هذا النسيج الممتد والمتشابك والمتكامل ونأمل ان نضيف بعض هذه اللمسات الإيجابية.
• هل تعتقد ان تعيين السفير سيغير في خارطة علاقات دمشق مع بعض الفرقاء اللبنانيين وسيحصر هذه العلاقات في الجانب الرسمي؟
- ان ما يعني سورية هو الوفاق اللبناني - اللبناني الذي يسهم في مصلحة لبنان وسورية ومصلحة العلاقة بين البلدين.
والرئيس السوري الدكتور بشار الاسد قال ان سورية قلبها مفتوح وابوابها مفتوحة تجاه اشقائها اللبنانيين على قاعدة ان لنا عدوا مشتركا واحدا هو اسرائيل وان الرباط العربي يجمعنا جميعا، والمصالح المشتركة كثيرة والاحترام المتبادل قائم وكلا البلدين لديه رغبة ومصلحة في افضل تكامل وعلاقات لخدمة البلدين وتحصينهما.
• هل هذا يعني ان سورية التي لها علاقات وثيقة مع بعض الاطراف اللبنانية دون الاخرى ستغير من مواقفها بحيث تعامل الاطراف اللبنانية كافة بناء على مبدأ المساواة؟
- ارجو ألا نبحث عن عناصر الاثارة، فسورية لها صداقات ورأي ورؤية وهذا واضح، ولكن سورية حريصة على جميع الاشقاء في لبنان وتحصينه ضد اي خطر يهدده وبالتالي اظن ان العلاقة واسعة وتشمل الساحة اللبنانية كلها، ولا اريد تصنيف محاور.
لبنان بلد ابناؤه يحبونه وهو جدير بهم وهم جديرون به ويحرصون عليه ويتوافقون على بنائه وتطويره، ونحن معا في تعاون لرسم افضل علاقة ان شاء الله.
• قد تكون قضية ترسيم الحدود ومزارع شبعا والمفقودون اللبنانيون احدى اهم القضايا التي يجب على اول سفير سوري في لبنان العمل على بلورة تفاهم مشترك حيالها فهل هذا الامر يأخذ مكانة متقدمة على سلم اولوياتكم؟
- هنالك اجابات واضحة كانت على لسان وزير الداخلية اللبناني زياد بارود ونظيره السوري اللواء بسام عبدالمجيد بشأن التعاون في جميع القضايا المشتركة في الجانب الامني.
وبالنسبة لجانب الحدود سمعت الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان والمسؤولين اللبنانيين - وهنا احيلكم على المسؤولين اللبنانيين الذين قالوا بتعاون البلدين والجهات المعنية فيهما.
ونحن يجب ألا نضخم مشكلة غير قائمة، واذا اردنا ان نسمي الأشياء فلنضعها في حجمها وموقعها وهذا بتقديري يخدم ويقرب الطريق للوصول إلى الغاية.
• هناك توقعات بأن يتم استدعاء مسؤولين لبنانيين وسوريين حاليين وسابقين للمثول امام المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري... كيف تستعد سورية لمثل هذا الاحتمال؟
- قبل الكلام في هذا... لا شك ان الجميع قرأ اللقاء الذي جرى مع رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي بلمار والذي اصبح مدعيا عاما للمحكمة وقال انه حتى الآن لا يوجد لديه ادلة يستطيع ان يوجه على اساسها اتهاما صريحا لأحد.
فلننظر... وسورية قالت على لسان رئيسها وجميع المواقع ان الحقيقة تعنيها وانكشاف الحقيقة غاية لسورية لأن اغتيال الرئيس رفيق الحريري كان في عكس مصلحة سورية ولبنان وكانت سورية مستهدفة منه كما لبنان.
ولذلك يجب ان نقرأ الامور بمنطق الغيرة والحرص والبحث عن الحقيقة وليست استغلال هذه الجريمة لمآرب لا تخدم لبنان ولا سورية انما تنال من بنية العلاقة بين البلدين وبنية العلاقة اللبنانية - اللبنانية باغتيال الرئيس الحريري والاغتيالات الاخرى، واظن ان التحقيقات التي كشفتها المؤسسات اللبنانية ووسائل الاعلام اللبنانية اشارت بوضوح إلى شبكات اسرائيلية لنا مصلحة بأن نقرأ بعين مفتوحة وبشكل متكامل وبزوايا نظر متعددة وبعيدا عن استسهال الاتهام دون ادلة وبعيدا عن اعطاء امر اكثر من حجمه.
وايضا بعيدا عن اجتزاء الحقيقة واذا ما قرأنا بهذا التكامل وبهذه العين الغيورة والحريصة قلنا نستطيع ان نحقق شيئا كثيرا وان نحصن الوضع في لبنان والعلاقة السورية - اللبنانية وعندي امل كبير بأن الخطوات المقبلة تبشر بخير لمصلحة البلدين ونأمل ان تصل إلى حقيقة من وراء هذه الجرائم التي استهدفت سورية ولبنان وشوشت وعطلت كثيرا من الفعل الذي كان يجب ان يتوحد في مواجهة خطر يستهدفنا جميعا واللبنانيون عانوا من العدوان الاسرائيلي العام 2006 وشهدنا فصلا آخر في حرب اسرائيل على غزة ولذلك للجميع مصلحة في ان يسمي الامور بأسمائها ولا يقفز على الحقائق ولدينا من عناصر القوة والتكامل الكثير ونأمل ان يتحقق وفاق وتحقيق نجاحات لجميع النسيج اللبناني مما يسهم في نماء لبنان واسعاد سورية فما يسعد لبنان يسعد سورية وما يصيبه من اذى يصيبنا بالاذى ذاته ونحن اخوة واشقاء وكل شيء يجمعنا يجب ان نقتسم فيه النجاح والامن والاستقرار بإذن الله.
• تنتقلون من الكويت إلى بيروت تحت مظلة المصالحة العربية الاخيرة، كيف تقرأ دور الكويت في هذه المصالحة؟ وما مقومات استمرارها؟
- الانتقال إلى بيروت هو ضمن العلاقات السيادية بين البلدين، اما بالنسبة للمصالحة، فسورية متفائلة ومساهمة بفاعلية فيها، ونقدر للكويت التي اعتز بتجربتي فيها ونقدر لهذا البلد العزيز وسمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الحكيم الدور المحوري والبناء والغيور والحريص على اتمام المصالحة.
وقد بدأت خطوات نتفاءل ان تستكمل في توحيد للمواقف وان يكون هنالك مواقف موحدة وقواسم مشتركة اكبر في تحديد الاولويات ورسم الطريق إلى مجابهة كل التحديات برؤية وتكامل على الصعيد الاقتصادي والسياسي والثقافي والإعلامي.
ونتفاءل بدور اكبر لوسائل الاتصال والاعلام من خلال الحرص على ان يكون لصناعة الرأي العام دور في التوعية ونقل الحقائق والابتعاد ما امكن عن الاثارة والتضخيم والاجتزاء وقلب الحقائق لأن للجميع مصلحة في تحصين المواطن العربي والموقف العربي بين جميع اقطاره وما يجمع الجميع كبير وكبير جدا والفتن التي يراد زرعها في هذه المنطقة، هنالك حصانة في الوعي العام ولدى حكماء الامة في تجاوزها ودرء مخاطرها وتحقيق ما امكن من التكامل العربي.
• ربما تكون الاطراف المعنية كافة قد لعبت دورا في هذه المصالحة وقد تكلمتم في دور سورية، ما هذا الدور تحديدا؟
- سورية مبادرة دائما للانفتاح على الاشقاء ولم تنجر يوما إلى ردود الافعال الجانبية وحرصت على ان يكون اولا شعار قمة دمشق «التضامن العربي» وان يكون العمل العربي المشترك غاية، وهذا ما اشار اليه سمو امير الكويت عندما قال بعد قمة الكويت بان «الروحية الطيبة للرئيس السوري كانت مشجعة لأن الرئيس الاسد قال انه على استعداد للذهاب لأي مكان لتحقيق المصالحة العربية وتوحيد الموقف العربي».
وقد لمسنا هذا الشيء في قمة الرياض ونرجو ان نتفاءل بالمستقبل بأن يستطيع القادة تحقيق وفاق حقيقي وتذليل خلافات الدول ووضعها في حجمها بما لا يعطل او يسيء إلى التكامل العربي الذي نحن في امس الحاجة اليه في جميع الميادين.
• هل انتم متفائلون بمصالحة عربية؟
- متغيرات العالم تسمح بمثل هذه الرؤية المتفائلة، حيث وصلت الادارة الاميركية الجديدة إلى قراءة جديدة بعد الاهتزاز الكبير لصورة الولايات المتحدة في العالم في عهد الرئيس السابق جورج بوش وادارة المحافظين الجدد وبالتالي توجه الادارة الاميركية الجديدة بقيادة الرئيس اوباما للحوار واعادة النظر في كثير من علاقات اميركا بالدول سواء على مستوى الشرق الاوسط او على مستوى الاتحاد الاوروبي والصراعات في محاور اخرى في العالم، هذا يشير إلى اننا نحن اولى بأن نعيد النظر في قراءة الاحداث والتحديات والصراعات التي تمثل منطقتنا المسرح لها ونحن المتضررون الاكثر منها.
واظن ان هذه القراءة بدأت بشكل جدي ولنحترم بعضنا ونصغي لبعضنا ويكون الحوار مصدره الغيرة والحرص والنظر إلى المستقبل حينها سنجد ان القواسم تكبر واننا نستطيع ان نفعل الكثير.
• هل هذا يعني التفاؤل بوجود اتصالات جديدة من اجل ترسيخ المصالحة العربية التي جرت في الكويت وبعد قمة الدوحة؟
- اللقاءات التي تتالت بعد قمة الكويت والتصريحات المسؤولة والمتوازنة والهادفة التي صدرت عن عدد غير قليل من العواصم يشير إلى وجود ما يبرر هذا التفاؤل.
• يعتقد البعض ان علاقات سورية مع ايران وربما حزب الله لطالما اثرت وتؤثر سلبا على علاقات دمشق العربية - كيف تردون على هذا الكلام؟
- قالت سورية بشكل دائم بان المصلحة العربية غايتها الاولى وعلاقاتها وتحالفاتها تصب في هذا الاتجاه ولا تشكل تشويشا او تناقضا مع ذلك.
وايران حليف للقضايا العربية، قد يكون هناك خلافات في وجهات النظر وهواجس تجاه بعض الامور ولكن هذا يمكن ان يحل بالحوار وهذا ما هو قائم وما دعت اليه المملكة العربية السعودية على لسان وزير خارجيتها وما دعت اليه الكويت دائما وبمنطق متوازن ومسؤول على لسان سمو الامير ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد الصباح، اما سورية فهذا خطابها المستمر والمؤشرات تقول بان عناصر الحوار والوفاق تكبر والحلول للقضايا والمشكلات القائمة لها مؤشرات تدعو للتفاؤل بخطوات مقبلة.
• ما السبيل إلى سد الفجوة في المواقف حيال قضية الشرق الاوسط بين الدول العربية لا سيما مصر والسعودية وسورية؟
- اصبح هناك شيء من هذا القبيل، وما حدث في غزة من اجرام اسرائيلي دون مبرر وقدرة على اقناع الرأي العام العربي والدولي وبعد ذلك تصويت الناخب الاسرائيلي للأكثر تطرفا في اسرائيل، شكل دافعا اساسيا لتقريب وجهات النظر وشكل ارضية لإعادة قراءة المعطيات على الارض وبالتالي فإن الخلافات بدأت تضيق والرؤية وان اختلفت نسبة الحماسة ونسبة التوصيف من طرف لآخر الا ان امكانية توحيد القواسم وتوسيع دائرة الاتفاق اصبحت اكبر.
واظن ان الاشقاء في مصر وجميع الدول العربية توافقوا على ضرورة المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية وضرورة احترام النتائج التي تحققت والافادة منها سواء في صمود وانتصار المقاومة في لبنان او صمود المقاومة الفلسطينية واجهاض المخططات الاسرائيلية وهذا يشكل رصيدا قويا يمكن الافادة منه في تحقيق المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية وتحقيق التوافق العربي على قاسم مشترك تكون في مصلحة الجميع.
• في الوقت الذي تتسلم فيه قطر رئاسة القمة العربية، ما تقييمكم لما قدمته سورية للعلاقات العربية - العربية خلال ترؤسها القمة لمدة عام؟
- ان استمرار القمة كان انجازا اضافة الى وجود توافق حيث كانت سورية حريصة على حشد التضامن العربي بأقصى حد ممكن لمؤازرة القضايا العربية الجوهرية وفي نزع فتيل اي خلاف ممكن ولم تدخر جهدا في هذا ولم تقطع صلة ولم توسع شقة خلاف وبالتالي هذا كان انجازا.
وقد شهدنا الثلاثي العربي - العربي في قمة الكويت الاقتصادية، فسورية كانت حريصة غاية الحرص على اللقاء العربي - العربي وعلى الحفاظ على المؤسسات ذات الطابع العربي سواء على مستوى القمة ام الجامعة العربية بمؤسساتها المختلفة.
• اعلنت دمشق قبل ايام انه بات بالامكان استئناف المحادثات غير المباشرة مع اسرائيل وما الجديد الذي استدعى حدوث هذا التغير في الموقف السوري؟
- الرئيس الاسد قال ان سورية حريصة على بناء قوتها الذاتية وحريصة على علاقاتها العربية - العربية وعلى علاقاتها مع اصدقائهما وفي الوقت ذاته حريصة على ان يكون السلام من اولوياتها ولكن على اساس الحفاظ على الارض والسيادة والحقوق وشرط وجود قبول من الطرف الآخر، فنحن لم نغلق بابا للعمل من اجل السلام ولكن على قاعدة اننا نريد حقنا كاملا وحق اشقائنا ونطالب بدور للقوى العالمية المؤثرة خصوصا الادارة الاميركية كونها الحامية للعدوان الاسرائيلي في جميع المراحل، وعندما توجد رعاية تركية تساندها رعاية اميركية يمكن ان يكون هناك حوار على قاعدة الشرعية الدولية وقراراتها المنظمة التي انطلقت منها المحادثات ومؤتمر مدريد.
وسورية واضحة في مطالبها بعودة كامل الارض المحتلة إلى حدود يونيو 1967 ولا تناقض في موقف سورية الامس واليوم وكل يوم.
• ايضا يعتقد الكثيرون بأن المنطقة مقبلة على سلام. هل ترى أن هذا الاعتقاد يتصف بالواقعية والموضوعية؟
- الواقعية والموضوعية - كلمات كبيرة حتى الآن لم نلمسها، وهناك خطوات اولى قامت بها الادارة الاميركية مغايرة للإدارة السابقة وهذا امر يجب ان نعترف به وان نتفاءل به وفي الوقت نفسه يجب ان ننتظر خطوات لاحقة ونشجع على الحوار على ارضية تقوية الموقف العربي الذي يستدعي من الطرف الاميركي احترامه وتقديره واعادة النظر في الاولويات في شأن الصراع العربي - الاسرائيلي واسس السلام التي تقول الولايات المتحدة انها تسعى اليها نستطيع ان نحدد الوجهة اذا ما قوينا الموقف ووجدنا الرؤية واستندت مواقفنا على ركائز واضحة في الموقف والسياسة والاقتصاد وبنية العلاقات وكل هذا يمكن ان يسهم بجدية وفعالية
في اعادة ترتيب الاولويات وترتيب المشهد بالنسبة للسياسة الدولية خصوصا الاميركية.
• هل هذا يعني انكم مع الذين استبشروا خيرا بوصول اوباما إلى سدة الرئاسة الاميركية او ما مدى ما ذهب اليه البعض ان تغيرا كبيرا سيطرأ على السياسة الاميركية حيال الشرق الاوسط؟
- نحن مع التفاؤل الحذر ومع ضرورة ان يقرأ الانسان العربي اولا بعينه وعقله وقلبه وان يعيد النظر في كل شيء ويمحصه من زوايا مختلفة ولكن لا يرفض للرفض ولا يقبل بسهولة وان يتمسك بالحق وبرؤية واضحة وعندما يكون ذلك ويصغي اليه الآخر ويقدر مواقفه ويتعاطى معه بجدية اكثر بكثير من الترحاب المبالغ فيه.
• ما مقومات حدوث انفراج في العلاقات الاميركية - السورية؟ وهل من الممكن ان نشهد قريبا عودة للسفير الاميركي إلى دمشق؟
- جواب هذا السؤال في الوقائع التي تجري ولا اريد تحديد تواريخ ويرى الجميع حجم الوفود والاتصالات ويقرأ نبرة جديدة في الخطاب الاميركي ونظرة جديدة إلى سورية.
وسورية ايضا رحبت بالخطوات الاميركية وهي تدعو لتعميق الحوار اكثر واظن ان المستقبل يوحي ويبشر بذلك وسورية لم تكن يوما الا مع الحوار الذي يحترم مصالح الطرفين ويحترم الخصوصية العربية والمصالح العربية ولا ينتقص من سيادة اي طرف والامور تشير إلى امكان حدوث انفراج اكبر والخطوات التي تمت تقول ذلك وبالنسبة لعودة السفير الاميركي لدمشق ان الاشارات قائمة ولكن ليس هناك معلومات يقينية عن زمن محدد او تاريخ ولكن المؤشرات تقول ان الآتي من الامور يسير نحو الافضل.
• في ظل بوادر الانفراج والتغيير في هذا، هل قدمت سورية من تنازلات ادت إلى مثل هذا التغيير؟
- سورية لا غموض في مواقفها وما تقوله تفعله ولا يوجد لديها شيء تخجل منه اذا تم كشفه وسرها هو المعلن وهذا كلام لا اصل له فسورية قالت منذ البداية انها ضد الاحتلال الاميركي للعراق وعندما حضر وزير الخارجية الاميركي السابق كولن باول إلى العراق كان موقفنا واضحا في رفض تقبل الاملاءات وهي مع الحوار والنتائج ان شاء الله تكون للأفضل.
• إلى اي مدى يشكل تحسن العلاقات السورية - الاميركية مدخلا لتحسين علاقات دمشق مع اوروبا عموما؟
- الانفتاح الاميركي على سورية سبقه حوار وانفتاح اوروبي اوسع على دمشق واظن ان الآخرين هم الذين وجدوا ضرورة لإعادة القراءة وسورية تحترم هذا وترحب به.
والامر يتكامل بين اوروبا واميركا ولا تناقض في هذا ونحن مع الحوار والتعاون على ارضية ضمان المصالح السورية والعربية وهذا يكون متبادلا والخطوات تحدث متلاحقة على هذا الصعيد.
• ربما تكون هذه آخر مقابلة صحافية للسفير علي عبدالكريم ممثلا لبلاده لدى الكويت، ما ذا تود ان تقول ككلمة اخيرة؟
- انتقل الى بيروت بعدما تنتهي الاجراءات العادية التي يجب ان تحدث.
انا اسجل تقديرا كبيرا للعلاقة مع الكويت وتجربتي فيها التي تعلمت منها الكثير واستفدت منها، واحتفظ بصورة ستبقى معي طويلا عن الكويت ورجالاتها.
واعتز بتجربتي في السنوات الخمس التي امضيتها في هذا البلد الشقيق.
كما اتمنى ان احقق نجاحا وخدمة لبلدي وللعلاقة بين سورية ولبنان.