No Script

رواق

بلاغ للرئاسة

تصغير
تكبير

سمو الرئيس
تحية طيبة وبعد
امتثالاً لرغبة سموكم الكريمة بالإبلاغ عن الفساد والفاسدين... يؤسفني أن أبلغ عن نفسي... فأنا جزء من منظومة الفساد، التي ندّعي جميعاً أننا نحاربها، لكننا نجد أنفسنا بطريقة أو بأخرى، نفسد معها!


سمو الرئيس
أعرف أنك تقول في قرارة نفسك «شدعوة»، لكن والله هذا هو الواقع، هل جربت أن تطبع ورقة؟ طباعة ورقة واحدة في إدارة حكومية واحدة في وزارة واحدة، كفيلة بأن تجعلك تدرك حجم الفساد الذي عجزت عنه الأباعر، في أفضل الأحوال ستنتظر ثلاث ساعات، وستجد الموظفات يلتهمن الفلافل والبطاط والبديان، وعندما تشكو لمسؤوليهن سيشكوْن لك ضيق الحال وقلة الحيلة والعجز فتجد الحل السحري، الذي تضطر إلى اللجوء إليه لشراء راحتك في كومار الهندي الذي يخلص لك ما لا يخلص بـ«خشم الدينار»!
سمو الرئيس
أين الفساد هنا؟
 تصرفاتنا نحن وكومار التي يعتبرها الفاسدون رشوة، وكلانا مضطر عليها، كومار يريد أن يطعم أسرته، ونحن نريد أن ننهي معاناة طباعة الورقة، ماذا عن الذي دفعنا لها طمعاً في رشوة أكبر أو كلمة متنفذ يقبض ثمنها تسهيل معاملة هنا أو ترقية هناك؟
الفاسدون أفسدوا الجميع.
الصالح الوحيد الذي لم تتح له فرصة الفساد والفرصة متاحة للجميع.
كلنا فاسدون إذاً؟
سبب الفساد ورقة لا حاجة لها في عصر التحول الإلكتروني... العالم يتجه إلى أن يكون paperless ونحن نركض من وزارة الى وزارة، ومن إدارة الى إدارة بحثا عن ختم... هل نقول إن أختامنا سبب فسادنا؟
سمو الرئيس
أعرف صالحاً صار فاسداً وأريد أن أدلك عليه، تفوق في دراسته، تشرف باحتلال قوائم الشرف، لكنه بعد تخرجه اضطر أن يفسد ليعيش، لجأ لمنظومة الفساد ليحصل على وظيفة بالواسطة، وسموك يعرف أن الواسطة من ثوابت المجتمع الراسخة في القدم، نقبل جبينها ويديها في السر ونلعنها في العلن، ولا ننتقدها إلا حينما نعجز عن الحصول عليها!
سمو الرئيس
من لم يحصل على مَرَضِيّة واحدة في الكويت من دون وجه حق فليحارب الفساد... من لم يطوّف الدور في طابور واحد في حياته حين يصل متأخرا فليحارب الفساد... من لم يرمِ ورقة كلينكس من شباك سيارته فليحارب الفساد... من لم ينزوِ في زاوية خفية في مكان يمنع التدخين ليختلس له سيجارة فليحارب الفساد.
سمو الرئيس
أول ضحايا الحرب على الفساد هم الفاسدون الصغار، سيذهبون كبش فساد للفاسدين الكبار، الذين لا يصل إليهم أحد... في إحدى المسرحيات المحلية صرخ البطل مخرجاً من جيبه ثمرة مانجو «تنغصها» لابنته من مأدبة غداء وهو يبكي: اللي باق الهمبة حرامي واللي باق المسباح (بحسب أحداث مسرحية طماشة) حرامي... زين واللي باقوا الملايين؟
والمسرحية بالمسرحية تذكر فعادل إمام في «شاهد ما شافش حاجة» قال جملته الخالدة: لو كل واحد تسكن فوق شقته رقاصة، يعزل من البيت، كنت شفت مصر كلها بايته في الشارع... وفي الكويت لو كل واحد رأى فاسداً بلّغ عنه نزاهة، لوجدنا الكويت كلها تبيت في نزاهة وأنا منهم!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي