No Script

فلسفة قلم

كيف مات هيثم إسماعيل!

No Image
تصغير
تكبير

موضوع اليوم من أكثر المواضيع حساسية، ولكن ما الفائدة إذا ظلت قناعاتنا حبيسة أقلامنا، وإذا لم نجلد ذواتنا وأنماط تفكيرنا من باب تجديد الوعي الذي هو جوهر الإنسان، ولذا يجب التنويه أن ما سأذكره هو انعكاس للواقع وقناعة توصلت اليها بعد بحث واطلاع تدافعت افكاري نحوه، عقب حادثة مقتل الطفل هيثم اسماعيل الذي قتل ومثّل في جثته في ساحة الوثبة بأبشع صور اللاإنسانية، ومن خلال بحثي العميق للتوصل الى قاتل البراءة عرفت اسم القاتل الحقيقي والذي سأعلن عنه في نهاية المقال.
منذ قيام البشرية كان علم النفس يقبع تحت مظلة الفلسفة أم العلوم، حتى رأى علم النفس التجريبي النور في القرن الثامن عشر على يد العديد من العلماء مثل سيغموند فرويد وغوستاف لوبون مؤسس علم نفس الجماهير وهو موضوع حديثنا اليوم، فطبيعة الجماهير تحكمهم قوانين علم نفسية تختلف عن الفرد بعد أن تشكلهم فكرة ويجمعهم هدف أياً كان أبيض وأسود أو الإصلاح والعدالة الاجتماعية.
المهم... يقول غوستاف لوبون: «إن عقل الإنسان عندما يكون مع مجموعة ليس هو عقله عندما يكون منفرداً فقد يكون ذا شخصية مثقفة وذكية ومنطقية، إلا أنه بمجرد أن ينخرط مع الجماهير يبدأ عقله يذوب وتتغير تركيبته، مثلما تتغير المركبات الكيميائية إذا تم مزجها ببعض، فالجمهور تظهر عليه صفات من غير وعي، فعلى سبيل المثال قد يكون شخصاً يحمل أسوأ الصفات، إلا أنه إذا اندمج مع الجمهور تغلب عليه روح الصفات الحميدة، والعكس كذلك».


إن تصرفات الجمهور من المستحيل أن تكون مدروسة، إنما هي لحظية مبنية على انفعالات وعواطف يغلب عليها التحكيم العاطفي كجماهير كرة القدم، فعند حدوث أي أعمال شغب وقتل بعد المباريات هي بكل تأكيد تشكلت من منطلق تحكيم عاطفي جماهيري، عكست سلوكا إجراميا ولو فرقتهم فمن المستحيل أن يتصرف أي فرد منهم كما تصرف عندما كانوا جمهوراً بل إن اغلبهم إذا عاد وحيداً وحكم عقله يندم على ما فعل، وقد يصرح بأنه تلك الأفعال التي بدرت من الجماهير غير أخلاقية.
ولذلك فإن الجماهير يحكمها التعصب لقضيتهم كما أنها تمتاز بمزاج جنون يصعب السيطرة عليه، فإذا صفقت لك اليوم قد تقذفك بالبيض الفاسد غداً من دون أي مراعاة للمنطق، فتصرفاتها لحظية جماعية من دون تفكير، أذكر ذات مرة كنت خارجاً في مسيرة (كرامة وطن) على شارع الخليج للتغطية الصحافية، وأذكر جيداً أننا كنا نركض فجأة ومن دون سبب فقط لأن فرداً واحداً من الجمهور ركض! وأذكر ما إن يبدأ أحد بإلقاء الحجارة يبدأ الجميع بالقذف من دون أن يعلموا تجاه من ولماذا !
فالأفراد إذا اجتمعوا وتحول وعيهم إلى وعي الجماعة، لا يريدون سوى أفكار ملهمة تبسط من قبل ناس أذكياء وكاريزما عالية الجودة، حتى يتحولوا إلى أدوات تتحرك بناء على انفعالات وقرارات فورية بعقل معطل، وذلك بسبب مبدأ المجهول، حيث إن الفرد لا يتصرف باسمه الشخصي غير أن السلوك الجماعي معدٍ أكثر من السلوك الفردي، كما أن غاية الجماعة أهم وأولى، لذلك يتخلى الأفراد عن قناعاتهم العقلانية، فينخرطون في لا عقلانية الجماعة من دون وعي.
كيف استطاع نابليون بونابرت الضحك على شوارب الجماهير؟! يقول نابليون: «لم أستطع إنهاء حرب الفاندي إلا بعد أن تظاهرت بأني كاثوليكي حقيقي، ولم أستطع الاستقرار في مصر إلا بعد أن تظاهرت بأني مسلم تقي وعندما تظاهرت بأني بابوي متطرف استطعت أن أكسب ثقة الكهنة في إيطاليا، ولو أنه أتيح لي أن أحكم شعباً من اليهود لأعدت من جديد معبد سليمان»، حقاً علينا ان نشكره على صراحته التي تشكل وعينا.
أنا شخصاً بعد هذا العرض وبعد مشاهدة مقطع اعترافات هند بشار صالح عن مقتل هيثم - والذي أدعوكم لمشاهدته بعد الانتهاء من هذه القراءة - عرفت أن القاتل الحقيقي والوحش السيكوباتي الذي قتل الطفل البريء هيثم في ساحة الشؤم هي (سيكولوجية الجماهير)، لا بارك الله فيهم وجعل هيثم طائراً من طيور الجنة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي