«بُيُوت الرحمن» فتحت أبوابها للمصلين... وأذان الظهر ارتفع في 830 مسجداً بلا عبارة «صلّوا في رحالكم»

... شَوْقٌ إلَيكِ تَفيضُ منهُ الأدمُعُ

تصغير
تكبير
  • تسابق إلى المساجد وسط مشاعر جيّاشة لم تنقصها الدموع والفرح بالعودة الحميدة 
  • الشوق أحضر المصلين قبل الأذان انتظاراً لفتح الأبواب وأشعرَهم كأنّه يوم عيد 
  • الصلاة بالكمّام والتباعد... والمصلون استبشروا خيراً بعودة الحياة في دور العبادة 
  • بعض الجاليات الآسيوية لديها جهل ببعض التعليمات ما استدعى تنبيههم بالالتزام بشروط الصلاة 
  • عمر الدمخي لـ «الراي»: سعداء بعودتنا لمساجد وبيوت الله والالتزام بالاشتراطات الصحيّة مطلب شرعي

بعد انقطاع لأكثر من 90 يوماً، صدح صوت مؤذني نحو 830 مسجداً في الكويت لأذان الظهر بالتكبير والنداء إلى الصلاة فيها، وللمرة الأولى بلا عبارة «صلوا في رحالكم» التي كثيراً ما أبكت المصلين الذين هجروا المساجد مرغمين درءاً للضرر، فتوافدت جموع المؤمنين يسابقها الشوق والدموع إلى بيوت الرحمن.
المساجد المعتمدة فتحت الأبواب لاستقبال المصلين مع أذان الظهر أمس، ضمن الاشتراطات الصحية التي أعلنت عنها وزارة الأوقاف، بحيث يحضر كل مصلّ معه سجادة الصلاة ويلتزم بوضع الكمام وقفازات اليد، فيما كانت الترتيبات داخل المساجد جاهزة، بعد تنظيم الاستقبال بالمعقمات ووضع علامات لوقوف المصلين محققين التباعد الاجتماعي بمسافة تقدر بنحو 1.5 متر تفصل بين الشخص والآخر، فيما بدت علامات الارتياح على محيّا المصلين الذين ولوا وجوههم قِبل المساجد وقد طفحت بالبِشر والابتهاج والخشوع.
«الراي» واكبت عودة الحياة إلى المساجد، على امتداد محافظات الكويت، ورصدت إقبال المصلين إليها، واستطلعت آراءهم.
ففي مسجد سبيكة عبدالمحسن الفارس في منطقة الصليبخات، كان المصلون يتسابقون لأداء الصلاة، وسط مشاعر جياشة، بالعودة إلى بيت الله، وقال محمد السعدي، حمداً لله على هذه العودة المباركة، راجيا عودة صلاة الجمعة أيضا ولو بإجراءات وقائية، وداعيا المولى عز وجل أن تعود الحياة إلى طبيعتها في كل مكان وأن تزول هذه الغمة عن البشرية كافة.
كما وصف إمام المسجد أنس عبدالقادر العودة الى المساجد باليوم المبارك، وان كان مشوباً ببعض المخاطر والاشتراطات الصحية، مؤكدا أن الصلاة مخففة والكمّامات حاضرة.
وفي كيفان عبّر عدد من المصلين في مسجد سعيد بن جبير عن سعادتهم وهم يقفون بين يدي الله سبحانه وتعالى وفي بيوته العامرة، معربين عن فرحهم بتواجدهم في صفوف المصلين بعد ان عانوا خلال 3 شهور وهم يسمعون الأذان والصلاة فقط في منازلهم.
وفي هذا الجانب قال مهند بوعباس «اليوم من الأيام التي لا تنسى وهي فرحة لكل المسلمين في عودة الصلاة وفتح أبواب المساجد، لكي نطلب الغفران والرحمة من رب السماوات والأرض الذي مكننا جموع سكان أهل الكويت بعد أزمة جائحة كورونا التي تسبّبت في وقف الصلاة في المساجد».
وشدّد بوعباس على الجميع الالتزام بقوانين وقرارات وزارة الصحة والأوقاف من خلال التباعد الاجتماعي وارتداء قفازات اليد والكمامات، والوضوء في المنازل، مبديا أسفه من ان بعض الجاليات الآسيوية لديها جهل في بعض التعليمات، متمنياً من مسؤولي المساجد التنبيه عليهم باتباع التعليمات ومنعهم من دخول المساجد في حال عدم التزامهم بالشروط التي وضعت لصالح سلامة وصحة الجميع.
وإلى مسجد معن بن عدي بمنطقة العارضية، توافد المصلون بقلوب مؤمنة خاشعة، وعيون دامعة وألسنة ذاكرة، وقال إمام المسجد ابراهيم صالح ان القرار جاء مفرحاً للمسلمين وعودتهم إلى رحاب بيوت الله وان كانت كمرحلة اولى، وفق اشتراطات صحية أهمها ان يكون مع كل مصلّ سجادة خاصة به للصلاة والوضوء في المنزل مع لبس الكمام من دخول المسجد وحتى خروجه بل وحتى أثناء الصلاة مع التباعد الاجتماعي وترك صف بين كل صفين.
وأوضح صالح ان المسجد يفتح أبوابه قبل الصلاة بخمس دقائق ويغلق بعدها بعشر دقائق على أن تؤدى صلاة الفجر والمغرب والعشاء في المسجد داخل الأحياء السكنية، والذهاب، للمسجد سيرا على الاقدام وقت الحظر مع الالتزام بعدم المصافحة أو لمس المصاحف مع دعوة لكبار السن والمرضى بالصلاة في بيوتهم لسلامتهم.
وفي منطقة الرابية رصدت «الراي» جانباً من مظاهر اشتياق ولهفة أصحاب الوجوه النيّرة، خلال حضورهم إلى مسجد محمد بن جاسم الزريج لاقامة أول صلاة جماعة بعد قرار إعلان فتح المساجد للمصلين. وحمد إمام المسجد الشيخ حمد الحربي، المولى عز وجل حمداً كثيراً على فضله ومنته ورحمته بعباده، وعودة المصلين إلى بيوته التي أذن فيها أن ترفع ويذكر فيه اسمه، مشيداً بزيارة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية فهد العفاسي التي أثنى فيها على إجراءات المسجد. ودعا الحربي جميع المصلين عقب صلاة الظهر إلى ضرورة التقيد بالاشتراطات الصحية، وخصوصا المتعلقة بالتباعد الجسدي، حماية للمصلين، مثنياً على الجهود التي قامت بها القيادة العليا خلال فترة أزمة كورونا والجهود الحكومية التي حدت كثيرا من تفشي وباء كورونا.
ومن منطقة حطين، توافد المصلون إلى مسجد الزبن، وعلامات الفرح والسعادة تبدو على وجوههم، منهم من سجد وبكى عند عتبة الباب، ومنهم من رفع كفيه شاكراً حامداً المولى عز وجل. وكان التنظيم رائعا من القائمين على المسجد، حيث التزموا بتطبيق الاشتراطات الصحية من تباعد بين المصلين، وتوزيع الصفوف بترتيب تسلسلي، إضافة لتوزيع الكمامات، والمعقمات، وتوفير «سجادات» الصلاة لمن لم يأتِ بها.
وأبدى إمام المسجد الكبير الشيخ عمر الدمخي، خلال تواجده في المسجد، لـ«الراي» فرحته وفرحة وسرور الجميع بالعودة إلى المساجد، لا سيما أن هذا الأمر تم بفضل الله عز وجل، والالتزام بالاشتراطات الصحية، مشدداً على ضرورة تطبيق الإرشادات كافة سواء كانت الصحية أو الاحترازية كي لا نعود للمربع الأول، خصوصاً أن هذا الأمر مطلب شرعي.
من جانبه، دعا مؤذن مسجد عبدالعزيز بوربيع لـ«الراي» المصلين إلى أهمية الالتزام بالإرشادات الصحية، والحضور إلى المساجد لأداء الصلوات الخمس، لافتاً إلى أن «أول صلاة تم أداؤها بكل يسر وسهولة، وبالتالي لا بد من تقديم الشكر لوزارة الأوقاف والحكومة، وكل من قام على بذل هذا الجهد الجبّار».
بدوره، قال المواطن فيصل الأنصاري، نشكر الله الذي مكننا من أداء الصلوات مجدداً في المساجد، وهذه نعمة تحتاج إلى الحمد والشكر، وأدعو في الوقت نفسه جميع المصلين إلى ضرورة الالتزام بالاشتراطات الصحية.
وفي مسجد ناصر سعد المصيليت بمنطقة سلوى حضر المصلون قبل الأذان، وانتظروا متشوقين لفتح أبواب المسجد قبل الأذان، والسعادة واللهفة بادية على وجوههم التي غطى معظمها الكمامات.
وقال المواطن علي عبدالله إنه لا يستطيع إيجاد الكلمات التي تعبر عن شعوره بعودة الصلاة في المساجد، معربا عن سعادته الكبيرة هذا اليوم، سائلا المولى عز وجل أن يزيح هذه الغمة عن الأمة الإسلامية والعالم أجمع، شاكرا «الراي» على تواجدها حتى قبل رفع الأذان لتنقل شعورهم بالفرحة لكل العالم.
بدوره، قال المواطن عبدالله العازمي ان شعوره اليوم لا يضاهيه شعور، فهو يشعر كأنه عيد أو انه ولد من جديد اليوم أو كشعور المعتمر للمرة الأولى، لافتا إلى أن قلبه يتلهف لفتح باب المسجد وأنه حضر مبكرا ليكون أول الداخلين للمسجد من كثرة الشوق.
وفي مسجد عتبة بن الندر السلمي، في منطقة سعدالعبدالله، تسابقت قلوب الطامعين في الثواب قبل خطواتهم، قاصدين الظفر في الصفوف الأولى، مبتهلين إلى الله أن يرفع البلاء والوباء. ووفرت الوزارة المعقمات ووضع الارشادات الصحية في المداخل والمخارج كما تم رفع جميع المصاحف تجنباً لحملها من المصلين حيث يتم الاعتماد على المصاحف الالكترونية في تطبيقات الهواتف.
وقال مدير إدارة مساجد محافظة الجهراء إبراهيم العنزي، لـ«الراي» إن إدارات المساجد بذلت جهودها في استيفاء شروط السلطات الصحية من أجل العودة الآمنة وأداء الفروض في بيوت الله، منذ صدور القرار المنظم لعودة المصلين وإعادة فتح المساجد. وأضاف، «اليوم بداية طيبة ونتوقع من جمهور المصلين التعاون في تنفيذ التعليمات والاشتراطات الصحية لدخول المساجد».
وعبر، المواطن حميد العنزي عن فرحته بعودة صلاة الجماعة في المسجد، وقال إن «فرحتنا لا توصف ومن كثر الاشتياق للمسجد بعد الغياب الطويل»، سائلا المولى عزوجل أن يتم الفرحة وأن يرفع الغمة عن الامة الإسلامية ويشافي جميع مرضى المسلمين.
بدوره، قال المواطن غالي الحربي، «نحمد الله على إعادة فتح المساجد وإن شاء الله تكمل فرحتنا بفتح جميع المساجد»، داعيا إلى الالتزام بالشروط والضوابط الصحية في المساجد لضمان سلامة جميع المصلين.
وفي منطقة الصباحية، شهد مسجد بيبي البدر إقبال جموع المصلين الذين أدوا صلاة الظهر، وإنتظموا في صفوفهم متبعين كل الإجراءات التي نصت عليها «الأوقاف». كما وجه إمام المسجد العديد من التوجيهات والارشادات للمصلين بعد انتهاء الصلاة، ومشددا على اتباع كل الاشتراطات التي نص عليها قرار اعادة فتح المساجد حفاظا على رواد المسجد.
ومن ناحيته، عبّر أحد رواد المسجد عن بالغ سعادته بافتتاح المساجد، وقال «نحمد الله على عودة افتتاحها، وفرحتنا فيها لا توصف، كأن الشخص مبشر بمولود جديد، وجئنا وفقا للاشتراطات قبل الصلاة بخمس دقائق، وتفقدنا رواد المسجد ولله الحمد الكل ملتزم ونسأل الله أن يزيل هذه الغمة».

من يوم العودة

الكويت ودّعت
أذان «النوازل»

عودٌ والعود أحمد، وكما يحن الجذع إلى المياه استقبلت مساجد الرحمن الجباه. وبعد ما قطع الغياب عن المساجد في الكويت نياط القلوب بسبب الجائحة لقرابة ثلاثة أشهر، عادت حي على الصلاة لتشنف الآذان وتزرع البهجة في قلوب حمائم بيوت الرحمن.
انقطاع جسدي استمر بسبب ظروف طارئة لكن الأفئدة كانت معلقة بأماكن العبادة حتى توقف أذان النوازل بصيغته التي لم تكن مألوفة ولكنها باتت محفوظة «ألا صلوا في بيوتكم.. ألا صلوا في رحالكم»، لتعود بعد ذلك الصيغة المعتادة «حي على الصلاة» مع ظهر أمس.

المسباح لـ«الراي»: الصلاة
بالكمام والتباعد... صحيحة

أكد الشيخ ناظم المسباح أن «بعض العلماء ذهبوا إلى وجوب تسوية الصف في الصلاة، أما المذاهب الأربعة فيرون أنّ تسوية الصف مستحبة وغير واجبة ويجعلونها من متممات الصلاة، ولذا فإن عموم علماء أكدوا صلاة الجماعة مع التباعد، ومن دون تسوية الصفوف، خاصة مع ظروف فيروس كورونا الذي يتطلّب من المصلين التباعد الاجتماعي، حفاظاً على سلامتهم مع صحة صلاتهم بإذن الله».
وعن حكم وضع الكمام عند السجود، قال المسباح لـ«الراي» إن الأصل عند السجود أن يمكّن الجبهة والكفين من موضع سجوده، وإذا احتاج إلى أن يفترش شيئا مثل الشماغ أو الكمّام لحاجة فهذا جائز لحديث أنس بن مالك، الذي قال «كنا نصلي مع رسول الله في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكّن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه»، ولحديث أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «نهى أن يغطي الرجال فاه في الصلاة» وعند الضرورة أو الحاجة تزول هذه الكراهة.

سجادات بلاستيكية
لمن لم يحضر معه

غمرت الفرحة والسرور مشاعر المصلين الذين حضروا قبل رفع أذان الظهر بخمس دقائق، حيث دعوا الله ألا يحرمهم من أداء الفروض الخمس في بيوته حتى مماتهم، معتبرين أن قرار إغلاق المساجد كان بمثابة غمة، أزاحها الله بفضله ومنته. ووفر مسجد محمد الزريج بمنطقة الرابية سجادات صلاة بلاستيكية، للمصلين الذين لم يحضروا معهم سجاداتهم الخاصة، تطبيقاً للاشتراطات الصحية التي تم اتخاذها.

«كأنني دخلت الجنة»

قال المواطن حمد العتيقي «أتينا اليوم ملبين نداء المآذن لتأدية فرض الصلاة التي كتبت على جميع المسلمين، وإنني اشعر اليوم وكأنني دخلت الجنة في فتح أبواب المساجد واحتضانها للمصلين الذين أتوا بعد حرمان دام اكثر من 90 يوما وهم يتمنون ولو لحظة اعادة الصلاة في المساجد». واضاف ان الصلاة في المساجد فيها قمة الراحة والسعادة والطمأنينة حينما نسجد نطلب الغفران والرحمة من الله سبحانه وتعالى ونحن نرفع أيدينا خلف الإمام.

دموع... الفرح

عبر المواطن حميد الرشيدي عن فرحته بالعودة إلى المساجد بالدموع تنهمر من عينيه وهو يرى المصلين مجتمعين في المسجد وعودة الحياة لبيوت الله، شاكراً المولى عز وجل على هذه النعمة، وداعيا الى ان يمن على المسلمين برفع البلاء، ويحفظ الدين والمسلمين في كل مكان. بدوره قال الدكتور دويم المويزي انه سعيد بقرار السماح بعودة الصلاة في المساجد وكذلك رؤية المصلين ومدى التزامهم بالاشتراطات الصحية، داعياً المولى عزوجل برفع البلاء عن العباد والبلاد.

من لقيا الحبيب نصيب

المعلم علاء الدين عبدالكريم، هاجه صوت المؤذن للصلاة فصدح بهذه الأبيات:
صدع المؤذّن للصلاة فهاجني
صوت إلى بيت الكريم يجيبُ
وتسارعت دقات قلبٍ خافقٍ
إذ حان من لقيا الحبيب نصيبُ
يا ربِّ فاعمر بالصلاة مساجداً
سمعْتُ لفرقتها بكىً ونحيبُ

سجادات وكمامات
من «الهلال الأحمر»

كونا - وزّعت جمعية الهلال الأحمر سجادات الصلاة وكمامات ومعقمات، على المصلين في مساجد عدة بمختلف المحافظات، كإجراء احترازي لمواجهة فيروس كورونا.
وقال مدير إدارة الشباب والمتطوعين في الجمعية الدكتور مساعد العنزي، إن المبادرة تأتي في سياق الجهود الرامية لمساندة أجهزة الدولة المختلفة في مواجهة الجائحة. وأضاف أن هذه المبادرة التي قام بها مجموعة من المتطوعين تعقب مبادرات أخرى منها توزيع باقات من الورد على رجال الأمن إضافة إلى كمامات وقفازات في بعض المؤسسات والجمعيات التعاونية.

فريق العمل

المحررون: علي التركي - أحمد عبدالله - علي العلاس - محمد أنور - ناصر المحيسن - ناصر الفرحان - تركي المغامس - نايف كريم - خالد الشرقاوي.
المصورون: أسعد عبدالله - نايف العقلة - سعود سالم.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي