No Script

ترشيد الإنفاق في زمن كورونا

No Image
تصغير
تكبير

نعيش أزمة استثنائية بعد هبوط أسعار النفط العالمية وتوقف أغلب مناحي الحياة، ما يشكل تحدياً أمنياً وصحياً واقتصادياً بكل ما تعنيه الكلمة، فقد خفض صندوق النقد الدولي في تقريره الصادر في أبريل الماضي توقعاته للناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي للعام 2020 على خلفية تداعيات تفشي الفيروس، إلى انكماش نمو الناتج الخليجي بنحو 207 في المئة، بعد أن كان يتوقع تسجيل نمو هامشي بـ0.6 في المئة، وتشير توقعات الصندوق إلى انكماش النشاط الاقتصادي غير النفطي بـ4.3 في المئة، بينما كانت توقعاته في أكتوبر الماضي تشير إلى نمو بـ2.3 في المئة، إضافة إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي النفطي الكلي في 2020 بنحو 0.3 في المئة قبل إضافة تأثير اتفاق «أوبك+».
ورغم أن الحد من الخسائر الصحية لهذا الوباء هو الأولوية القصوى، يتعين على الدول معالجة التأثير الاقتصادي من خلال إجراءات سريعة، قد تكون قاسية ولكنها ضرورية للبقاء. ومن البديهي أن تعكف الدول بهيئاتها وشركاتها، وبالأخص النفطية، إلى أن يكون من أولوياتها ترشيد الإنفاق لمواجهه الأزمة، فقد تسابقت الشركات العالمية النفطية إلى إجراءات غير مسبوقة لخفض النفقات التشغيلية والرأسمالية، وبلغت التخفيضات التي أعلنت عنها 9 شركات نفط رئيسية مجتمعة، بما في ذلك «أرامكو» السعودية و«إكسون موبيل» و«شل»، نحو 38 مليار دولار، بانخفاض نسبته 22 في المئة عن خطط الإنفاق الأولية البالغة 175 مليار دولار (رويترز - أبريل 2020).
وفي حين بادرت مؤسسة البترول الكويتية، بناءً على مذكرة الرئيس التنفيذي للشركات النفطية، إلى تقنين الصرف على بعض بنود الموازنة التشغيلية الحالية 2020 /2021 مستبقةً الجهات الحكومية، أتمنى أن تسعى الشركات التابعة لتخفيض ميزانيتها التشغيلية بنسبة لا تقل عن 15 في المئة من الميزانية المعتمدة، من خلال تخفيض بنود ذات قيم عالية كبنود عقود الصيانة وقطع الغيار والمشتريات والمصاريف العامة السارية، من خلال إعادة التفاوض وتأجيل التوظيف، إلا أن التخفيض في الميزانية الرأسمالية هو أكثر تأثيراً لضخامته وأثره الايجابي على السيولة، مقارنةً مع الميزانية التشغيلية.


يجب على مؤسسة البترول أن تركز أولاً على خفض الميزانية الرأسمالية أسوة بما قامت به شركات النفط العالمية من خلال مراجعة محفظة المشاريع للشركات، لإلغاء وترحيل بعضها أو تخفيض نسب الصرف لهذه السنة، مع وقف فوري لأي مشاريع استحواذ جديدة، ويمكن للمؤسسة أن تستعين بالمعايير العالمية لنسب الخفض «Benchmark»، أو بناءً على معدل نسب الصرف الفعلية مقارنةً مع الميزانية لآخر 3 سنوات، أو وفقاً للتدفقات النقدية.
وباعتقادي، يجب ألا تقل نسبة الخفض عن 30 في المئة من الميزانية المعتمدة كتوجه عام، مع تقييم الشركات التابعة لتحقيق التخفيض المستهدف على أن تفند أي شركة مبرراتها القاهرة لعدم قدرتها على تحقيق الهدف. كما على جميع الجهات الحكومية بالبلاد أن تحذو حذو مؤسسة البترول بالتخفيض فوراً لخطورة الوضع.
وختاماً، جاء تطمين وزير النفط وزير الكهرباء والماء بالوكالة الدكتور خالد الفاضل للعاملين في القطاع النفطي بتاريخ 14 مايو الجاري بأن «إجراءات ترشيد الإنفاق وتقنين المصروفات التي اتخذتها مؤسسة البترول لا علاقة لها برواتب العاملين ومزاياهم المكفولة وفق نصوص القوانين»، موفقاً في التوقيت والمضمون، ورسالة مهمة للعاملين بالقطاع النفطي في هذه الظروف الصعبة، التي تحتاج تضافر الجهود في هذا القطاع الحيوي.

* نائب الرئيس التنفيذي السابق لشركة البترول الكويتية العالمية (KPI)

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي