No Script

ببساطة

«مو فخار يكسّر بعضه»!

تصغير
تكبير

لم يخلُ تاريخ الكويت من صراعات الأقطاب، بل كان ذلك الصراع موجوداً حتى قبل ولادة الدستور، فقد شهدت الكويت عام 1938 صراع المغفور له الشيخ عبدالله السالم وبقية أبناء الأسرة حول العلاقة في مجلس 1938، أما فترة الخمسينات فقد شهدت صراع الشيخ عبدالله المبارك والشيخ عبدالله الأحمد والشيخ فهد السالم رحمهم الله، ولم ينته ذلك الصراع - الذي عطّل البلد - إلا بسبب الوفاة أو الابتعاد عن مواقع المسؤولية، وفي الستينات من القرن الماضي كانت حكومة 1964 ضحية لصراع المرحوم الشيخ جابر العلي مع بقية الأقطاب، فسقطت تلك الحكومة بعد أزمة سياسية حول المادة 131 من الدستور، هذه الأمثلة ليست إلا قيضا من فيض وجزءا بسيطا من الصراعات بين مراكز النفوذ والأقطاب، لكن السؤال المهم هو: أين نحن من تلك الصراعات وما هو دورنا كشعب فيها؟
هناك من يروّج بسذاجة بأننا يجب أن نبتعد عن تلك الصراعات، وأن ننتظر حتى يحل أبناء العمومة مشاكلهم وصراعاتهم، مستخدماً المثل القائل «فخار يكسر بعضه»، لكن الواقع غير ذلك تماماً، فهذا الصراع ليس صراعاً حول ميراث أو مناصب في شركة خاصة، بل هو صراع عادة يتم داخل مؤسسة دستورية (الحكومة) ويمس بالدرجة الأولى حياتنا كشعب ومواطنين، ونتيجة تلك الصراعات عادة ما تكون كارثية علينا كشعب، فالحكومات التي تشهد تلك الصراعات ستكون بالضرورة حكومات فاشلة وعاجزة عن تقديم أي شيء، كما أن التاريخ يشهد بأن تلك الصراعات دائماً ما تنعكس سلباً على الوضع السياسي، فتأخر إقرار الدستور حتى بداية الستينات كان بسبب صراع الاقطاب والانقلاب الأول على الدستور كان كذلك أيضاً، وهناك العديد من الأمثلة التي لا يكفيها مقال واحد.
لهذا فإن القول بأن تلك الصراعات لا تهمنا و«فخار يكسر بعضه»، هو قول ساذج بل أظن أن من يروّج له يحاول أن يستفيد من تلك الصراعات ويحاول أن يشتت أنظار الناس عن مصالحهم التي يتم تدميرها بسبب تلك الصراعات، فكما قلت سابقاً هي ليست صراعات عائلية حول مشكلات أسرية، بل هو صراع نفوذ، ونحن لسنا ضيوفاً عندهم بل نحن مواطنون نتمتع بالحقوق نفسها وتقع علينا الواجبات ذاتها، وتلك الصراعات دائماً ما نكون نحن ضحيتها، وندفع الثمن الأكبر من خلال التردي العام لأوضاع البلد والتراجع الكبير على جميع المستويات، وبالتأكيد انتشار الفساد والنهب المنظم لأموال الدولة بسبب الاستقطابات التي تتم أثناء تلك الصراعات.


«مو فخار يكسر بعضه»... و«مو مالنا شغل فيهم»، لأن حقيقة الأمر أننا نحن الفخار الذي يتكسر خلال معاركهم وصراعاتهم، ولم يعد هذا الأمر مقبولاً بعد اليوم، فبعد 57 عاماً من إصدار الدستور الذي حدد طبيعة العلاقة بين الأسرة والمواطنين لا يزال البعض يعتقد أننا نعيش عصر المشيخة، ولا تزال المادة السادسة التي تنص على أن نظام الحكم ديموقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً غير مفعلة، وحان الوقت لتفعيلها وإنهاء حالة الصراعات المستمرة، حتى يتسنى لنا استكمال بناء هذا البلد الذي تراجع كثيراً بسبب هذه الصراعات.

dr.hamad.alansari@gmail.com
twitter: @h_alansari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي