الحكومة تبرر رفضها لاقتراحات «العفو»: تدخل سافر في عمل السلطة القضائية

No Image
تصغير
تكبير

بررت الحكومة رفضها للاقتراحات بقوانين بشأن «العفو» معتبرة أن هذه المسألة تعد «تدخلا سافرا من السلطة التشريعية في عمل السلطة القضائية بالمخالفة لمبدأ الفصل بين السلطتين المنصوص عليه في المادتين (50، 163) من الدستور».

وأبدت الحكومة ممثلة بالمجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل ووزارة الداخلية عدم الموافقة على تقرير اللجنة التشريعية عن ملف العفو الخاص والمدرج في جدول أعمال جلسة مجلس الأمة المقبلة، حيث تم دمج 4 تقارير وهي التقرير الخاص بالمحكومين في قضية دخول المجلس وقضية خلية العبدلي وقضية العفو عن أصحاب الراي الذي أضيف تحت بند ما يستجد من أعمال.

رأي الحكومة والجهات المعنية عن الاقتراحات بقوانين الأول والثاني والثالث:
استطلعت اللجنة التشريهية رأي الجهات المعنية عن الاقتراحات بقوانين المشار إليها سلفة واطلعت على الردود الواردة بشأنها والتي انتهت جميعها إلى عدم الموافقة على الاقتراحات بقوانين للأسباب التالية:

المجلس الأعلى للقضاء
الاقتراحات بقوانين الثلاثة تدور في فلك واحد وهو طلب صدور قانون بالعفو الشامل عن أشخاص بعينهم محكوم عليهم في قضايا معروفة ومحددة، وردت أرقامها وبياناتها تحديدا في صلب هذه الاقتراحات بقوانين، وبناء عليه انتهى المجلس الأعلى للقضاء إلى الآتي:
• لا يرى المجلس الأعلى للقضاء صدور العفو الشامل عن هذا الكم من الجرائم الخطرة وما ارتبط بها من جرائم أخرى، والإفراج عن كل المتهمين الذين صدرت ضدهم أحكام نهائية بالإدانة عما اقترفوه بالفعل من جرائم واعتبار تلك الأحكام كأن لم تكن، و أن تحفظ النيابة العامة كل البلاغات والقضايا التي تحقق فيها والمتصلة بالجرائم المشار إليها، وأن يمتد هذا العفو إلى كل الجرائم التي ارتكبت خلال فترة زمنية طويلة تصل في الاقتراح بقانون الثاني لعشرات السنين ، الفترة من عام 1988 وحتى 2015/8/12 ، لأن صدور قانون بالعفو الشامل على هذا النحو - كما وكيفة - تتأذى منه فكرة العدالة، وينال كثيرة من مصداقية المنظومة التي تقوم على إدارتها وجدية تطبيق القانون على الكافة.
• الجرائم المشمولة بالعفو تتسم بالخطورة الشديدة على أمن الدولة في الداخل والخارج ويتصف مرتكبها بنزعة إجرامية وميول عدوانية تستوجب العقاب، فإذا ما صدر ضده حكم قضائي نهائي بالإدانة، فإنه يكون حرية بالتنفيذ عليه زجرا له وردعا لغيره حتى لا تتفشى في المجتمع ظاهرة التجرؤ على محارم القانون، والاستهانة بالأحكام القضائية على أمل بصدور قانون بعفو شامل.
• الاقتراحات بقوانين تفتقد بجلاء إلى أهم أركان القاعدة القانونية وهي أن تكون عامة مجردة، عامة في أبعادها وتطبيقها على كل من تنطبق عليه، ومجردة من أن يكون القصد في إقرارها وتطبيقها مصلحة فردية لا جماعية.
• الاقتراحات بقوانين في صيغتها وتوقيتها تهدد ما نص عليه الدستور بشأن استقلال السلطات، وتجور على اختصاص أصيل للسلطة القضائية بأن تهدر أحكامها، وتغل يدها عن إصدار أحكام في قضايا لا تزال منظورة أمامها، وهو ما يشكل ميلا تشريعية يجب أن يتنزه عنه المشرع، باعتبار أن التشريع ضرورة اجتماعية واقتصادية وأمنية ولا يصح أن يكون الثوب السياسي طاغية على المهنية القانونية والدستورية في التشريع.

النيابة العامة
فيما يتعلق بالاقتراحات بقوانين الثلاثة، انتهت النيابة العامة إلى أن:
• العفو الشامل يكون عن الجرائم وليس عن القضايا أو عن المحكوم عليهم، إذ يتميز بطابع موضوعي ويقوم على اعتبارات مستمدة من مصلحة المجتمع تتصل بالنظام العام، حيث ينصب على مجموعة من الجرائم، فيزيل ركنها الشرعي ومن ثم يستفيد منه جميع المساهمين في هذه الجرائم.
• العفو عن الجرائم التي أدين بها أشخاص معينين في قضايا معينة ينطوي على إهدار لقيمة وحجية الحكم القضائي، ويعد تدخلا سافرة من السلطة التشريعية في عمل السلطة القضائية بالمخالفة لمبدأ الفصل بين السلطتين المنصوص عليه في المادتين (50، 163) من الدستور.
• الجرائم التي تنطبق عليها الاقتراحات بقوانين جرائم شديدة الأهمية وبالغة الخطورة مما لا يستساغ معه العفو عنها عفوا شاملا، بل يتعين وجوب إدانة المتهمين بارتكابها وتنفيذ العقوبات المحكوم بها فيها تحقيقا للردع العام والخاص.
• رغم بوقوع الجرائم المطلوب العفو عنها لأسباب سياسية وتبريرها على هذا النحو أمر لا توافق عليه النيابة العامة، إذ أن الخلاف في الرأي والمعارضة السياسية لا تبرر بأي حال من الأحوال التعبير عن الرأي بأفعال إجرامية مؤثمة قانونا.
• الجرائم الواردة في الاقتراحات بقوانين لم تكن بالكثرة التي تجعل منها ظاهرة عامة ولم تقع الأسباب موضوعية مبررة، بل وقعت من عدد محدود من الأشخاص في عدد محدود من القضايا، الأمر الذي يثير شبهة الرغبة في إعفاء هؤلاء الأشخاص من الأحكام القضائية النهائية الصادرة
ضدهم والتي هي عنوان الحقيقة والتي يعد إهدارها عدوان على سلطة القضاء.
• ترى النيابة العامة أن يكون العفو عن هؤلاء الأشخاص وفقا لما يراه سمو أمير البلاد المفدى الذي يختص بسلطة العفو الخاص عن تنفيذ العقوبات المحكوم بها أو تخفيضها أو إبدالها بعقوبة أخف منها، وفقا لنص المادة (239) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية.

وزارة العدل
تنضم للنيابة العامة في رأيها، وتبدي عددا من الملاحظات على النحو التالي:
• الاقتراحات بقوانين الثلاثة، المادة (75) من الدستور فرقت بين العفو عن العقوبة وبين العفو الشامل عن الجريمة بأن جعلت العفو عن العقوبة فردية ومن اختصاص سمو الأمير، في حين جعلت العفو الشامل جماعية ومن اختصاص السلطة التشريعية ، وفي كلتا حالتي العفو لابد أن تتوافر حالة تدعو فيها المصلحة القومية العليا للبلاد لممارسة هذه السلطة ، ولا يسوغ تقرير هذا العفو لاعتبارات شخصية أو تحقيقا للمجاملة الفردية للمحكوم عليه ، إذ أن هذا يبطل العفو باعتباره سلطة أقرها الدستور لتحقيق مصلحة عامة مهمة للبلاد .
• الاقتراحان بقانونين الثاني والثالث، انصبا على جرائم فردية ارتكبها أشخاص محددين وصدر بشأنهم أحكام قضائية بعقابهم ، حيث استهدف الاقتراحان إعفاءهم من العقاب ،ومن ثم يكون مجال ذلك هو العفو عن العقوبة والذي يختص بإصداره وفقا للدستور سمو أمير البلاد في حالة توافر شروطه وليس العفو الشامل الذي يتعين أن يكون جماعية وليس فردية.

وزارة الداخلية
إن الاقتراح بقانون الأول، جاء بصيغة جزئية وخاصة وذلك بتحديده ليومين فقط هما 16 و17 نوفمبر لعام 2011، خلافا لما استقر عليه الفقه في العفو الشامل بأن يكون بمثابة إباحة للأفعال المجرمة المقصودة فقط حتى قبل تاريخ صدور هذا العفو.
• الاقتراحان بقانونين الثاني والثالث، جاءا بصيغة جزئية خاصة حيث حصر أحدهما العفو الشامل في جناية واحدة فقط وحصرها الآخر بشخص واحد فقط، وفي ذلك مخالفة لما استقر عليه الفقه القانوني والتشريعات القانونية ذات الصلة وانحراف واضح وجلي لعمومية الأسباب التي يتطلبها العفو الشامل تأسيسا على ما تقدم ، فإن الاقتراحات بقوانين الثلاثة لم تراع شروط وأهداف العفو الشامل الذي يتصف بالعمومية والشمولية ، وأنها في حقيقتها تشكل عفوا جزئية وخاصة تنظمه الفقرة الأولى من المادة (75) من الدستور التي تنص على أن "للأمير أن يعفو بمرسوم عن العقوبة أو أن يخففها ....".

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي