59 عاماً مرّت على إنهاء اتفاقية الحماية البريطانية واسترجاع الاستقلال والوطنية

19 يونيو 1961... يوم السيادة الكويتية

تصغير
تكبير



عبدالله الهاجري:
الذكرى تجسيد لحلم شعب صغير مُسالم في وطن مرفوع الرأس موفور الكرامة

- الأطماع العراقية ظهرت من جديد وأعلنت عن نفسها مُبكّراً عقب الإعلان عن استقلال الكويت

- رد الفعل العربي كان مؤيداً ومباركاً للخطوة المهمة في تاريخ الكويت وعودتها إلى وضعها الطبيعي

- نهضة الكويت ورقيها مرتبطان بقدرتها وأبنائها على الحفاظ على هويتها وثوابتها والالتفاف حول قيادتها

- كلٌّ منّا يجب أن يعمل بالطريقة التي تحمي وتكرّس أمن هذا الوطن وعزته وسيادته واستقلاله

- بريطانيا والسعودية ومصر والأردن والسودان سارعت إلى إرسال بعض الوحدات لإنهاء حالة التوتر بين الكويت والعراق

- إعطاء هذا الحدث التاريخي أهميته لأن يوم الاستقلال فاصل في حياة كل شعب ودولة





تشهد الكويت غداً ذِكرى مرور 59 عاماً على الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية.
ففي 19 يونيو العام 1961 استكملت الكويت سيادتها الكاملة وحصلت على استقلالها، وباتت دولة عربية مستقلة بعد أن كانت خاضعة لنظام الحماية البريطاني.
هذه الذكرى التي لها إحساس مختلف في قلب كل كويتي، والتي جسّدت حلم شعب صغير مسالم في وطن مرفوع الرأس موفور الكرامة، فلقد استطاعت الكويت في هذه الفترة التاريخية أن تلغي مظاهر التبعية وتستكمل مظاهر السيادة. فقد أتى يوم الاستقلال تتويجاً لعمل وجهد وطموحات أمة في حقها في أرض حرة ووطن مستقل.
وفي هذا الصدد، قال أستاذ تاريخ الكويت الحديث المعاصر في قسم التاريخ بجامعة الكويت الدكتور عبدالله الهاجري، في دراسة خص بها «الراي»، إن «الاستقلال بالنسبة لنا لا يعني فقط إنهاء لاتفاقية الحماية، وانما هو استرجاع لسيادة وطنية نبتت وعاشت في حبات رمال هذا الوطن، ورعاها وحافظ عليها أبناؤها، واذا كان يوم 25 فبراير هو يوم ذكرى جلوس الشيخ عبدالله السالم وتوليه مقاليد حكم الكويت رسميا، ويستحق الاحتفال بـ(أبو الاستقلال) إلا أننا مطالبون كذلك بإعطاء هذا الحدث التاريخي الفريد 19 يونيو 1961م حقه، ذلك لأن يوم الاستقلال في حياة كل شعب ودولة هو يوم فاصل في تاريخها ودليل دامغ على أن هذا الوطن أراد الحياة بعزة وكرامة وسيادة وطنية خالصة فكان له ما أراد».
وأضاف الهاجري «كل الشواهد تقول إن أي دولة مهما بلغت ستضعف يوماً ما، وأقصد هنا تحديدا المملكة المتحدة بريطانيا العظمى تلك الامبراطورية التي قيل عنها لا تغيب عنها الشمس، والتي حلت محلها قوة جديدة متمثلة في الولايات المتحدة الأميركية على الساحة الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وتلك هي عجلة التاريخ وناموس الحياة»، لافتاً إلى أن «اليوم ربما دولة مثل الصين، ستستطيع خلال سنوات قليلة أو كثيرة أن ترث نفوذ الولايات المتحدة الاميركية، وذلك في ظل شواهد عديدة تدل على أن بلداننا ( الشرق الأوسط) لا تزال وحتى إشعار آخر عاجزة عن لعب دور فاعل، في النظام العالمي وميزان القوى، ولعل السؤال الكامن في طيات هذا المدخل هو هل نعيش مع تداعيات وباء أو جائحة فيروس كورونا المستجد واحدة من تلك اللحظات التاريخية التي سيشهد العالم بعدها تغييراً جوهرياً من حيث ميزان القوى؟».
وقال «ليس المهم الآن أن نكون في انتظارعالم مختلف جذرياً عن العالم الذي ولدنا فيه، المهم، برأيي، أن نحافظ نحن ككويتيين على، هويتنا وتماسكنا وقدرتنا على مواجهة مشكلاتنا، والتعامل معها وفق آليات تضمن لبلدنا الاستقرار أولا، ولأبنائه الحرية والعيش الآمن وبسلام، فهكذا عاش الآباء المؤسسون منذ أن وطئت أرجلهم أرض الكويت وأسسوا وطنهم في العام 1613 وهكذا عاشت الكويت في ظل تلاطم القوى الكبرى آنذاك وتصارعها ما بين الدولة العثمانية تارة، وفي ظل وجود الحماية البريطانية تارة أخرى، وبالرغم من ذلك كانت الكويت، منطقة وشعبا فريدا، وصفته هذه القوى نفسها بالقول (الكويت مستقلة)، وعن أهلها قيل ( أكثر أهل الخليج حبا للحرية والإقدام)».
وعن نتائج هذا الاستقلال، ذكر الهاجري «هذا وقد أحدث استقلال الكويت صدى كبيرا في جميع الأوساط خاصة على المستوى العربي وتوالت التصريحات والبرقيات مؤيدة ومباركة لهذا الحدث العظيم للكويت وشعبها فقد بعث جمال عبدالناصر برقية تهنئة للشيخ عبدالله السالم أعربَ فيها عن أمله في استمرار الدعم الكويتي للأمة العربية وقضاياها المصيرية، كذالك رحب السودان وهنأت إذاعة مكة الكويت على هذا الحدث الكبير ولقد أرسل حاكم العراق عبدالكريم قاسم برقية أعرب فيها عن سروره لإلغاء اتفاقية الحماية والتي وصفها (بغير القانونية)، ومن ثم توالى رد الفعل العربي مؤيدا ومباركاً لتلك الخطوة المهمة في تاريخ الكويت وعودتها إلى وضعها الطبيعي في الصف العربي جزءا حرا مستقلا ذات سيادة وطنية».
وأضاف «ظهرت الأطماع العراقية من جديد وأعلنت عن نفسها مبكرا عقب الإعلان عن استقلال الكويت وبدأ الرئيس العراقي عبدالكريم قاسم يطالب وبشكل استفزازي بضم الكويت، ففي 25 يونيو 1961 عقد عبدالكريم قاسم بوزارة الدفاع مؤتمرا صحافيا ادعى فيه تبعية الكويت للعراق ) ولسنا هنا بصدد تفنيد تلك الادعاءات والأكاذيب، لذا فقد كان على القيادة الكويتية أن تتحرك وبسرعة لرد تلك الأكاذيب والدعاوى المزيفة والباطلة، فعلى الصعيد العربي شجبت الدول العربية هذه الادعاءات وأنكرتها حتى ان الصحافة العربية أعربت عن أسفها واستغرابها من هذه التصرفات التي لا تمت للعروبة ولا للوحدة العربية بأي صلة، كما حذرت الصحافة العربية والتي كانت تمثل في هذا الوقت التوجه الرسمي لسياسة دولها من خطورة التوجهات التي يقوم بها عبدالكريم قاسم على هذا النحو خاصة على الصعيد الإقليمي لدول الخليج متهمة إياه بإيجاد نوع من التوتر وتصدير القلاقل إلى دول مستقرة ذات سيادة يجب أن تحترم، وأرجعت تلك الادعاءات إلى عوامل سياسية واقتصادية وشخصية».
وتابع «على المستوى الداخلي كان الرفض الحاسم والقاطع لتلك الادعاءات من جانب أبناء الكويت قيادة وحكومة وشعبا وأصدرت الإذاعة الكويتية بياناً في اليوم التالي لتلك التصريحات جاء فيه (أوردت وكالات الأنباء تقارير المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس العراقي عبدالكريم قاسم وطالب فيه بضم الكويت، وإذا صحت هذه المعلومات فإن الكويت تعلن بأنها دولة عربية ذات سيادة، ومن ورائها يقف شعب الكويت يدعم قادتها)، ونتيجة للإقبال المتزايد تم تخصيص مراكز عدة للمتطوعين للتدريب على استخدام السلاح، وكان لهذا الموقف الوطني النبيل من أبناء الشعب الكويتي أثره الكبير في نفسية القيادة السياسية للكويت بل لم تقف المرأة الكويتية موقفا سلبيا من الأحداث وتفاعلت معها بدرجة كبيرة حتى أنها بدأت في الخروج في مظاهرات رافضة ادعاءات العراق ومؤيدة لحقوق وطنها وقيادتها وشعبها وعليه اضطرت الكويت إلى تفعيل نص من نصوص مذكرة إلغاء اتفاقية الحماية وطلبت من بريطانيا مساعدتها عسكريا لمقابلة تلك التهديدات التي أطلقها عبدالكريم قاسم، كما ردت الدول العربية على تلك التهديدات العراقية بخطوات فعلية، وبدأت الكويت في استقبال القوات فقد سارع كل من بريطانيا والسعودية ومصر والأردن والسودان إلى إرسال بعض الوحدات في محاولة منها لإنهاء حالة التوتر بين الدولتين وخوفا من قيام العراق بخطوة غير محسوبة لغزو الكويت بيد أنه بعد أن هدأ الخطر نسبيا بدأ بالتدريج إحلال القوات العربية محل القوات البريطانية، وحتى بعد أن سقط عهد قاسم وجدت الكويت نفسها مضطرة بل مطالبة بأن تأخذ تلك التهديدات على محمل الجد، والتي لم تتوقف في عهد بقية الأنظمة العراقية إلى أن اتخذت منحنى خطيرا في العام 1990 بالاحتلال الغاشم لمجمل الأراضي الكويتية ووجدت الكويت نفسها مرة أخرى في مواجهة مع دولة العراق».
وأكد أنه «يمكننا أن نتفق على أن عهود الاستعمار وإن كانت قد ولت إلا أن أهم تحديات الكويت اليوم هو تحدي ترسيخ الانتماء للوطن بكل فئاته والانتماء للهوية الكويتية، أكثر من الانتماءات القبلية والعصبية والمذهبية والتي ما زالت بعد كل تلك السنوات من نيل الكويت لاستقلالها تطل برأسها مبدية نمطاً غريباً هدّاماً في البنية الاجتماعية للكويت، إن التزامنا نحو الكويت يجب أن يكون أفعالا نترجمها إلى حقائق، فكل جيل مطالب بل وحق عليه أن يسلّم الراية إلى مَن يأتي بعده من أجيال شاهدة على ما قدمه لوطنه وأمته».
واختتم الهاجري بالقول «أعود للتساؤل الذي طرحته في بداية الدراسة هل ستشهد الكويت مثلها مثل كل بلدان العالم تغييرا حيث ميزان القوى السياسي والاقتصادي، يتبدّل بشكل حاسم ؟ وأقول: إن نهضة الكويت ورقيها مرتبطان بقدرتها وأبنائها على الحفاظ على هويتها وثوابتها والالتفاف نحو قيادتها، ولنتعلم من تجارب الآخرين حولنا، ولا ننزلق إلى مهاترات ليس من ورائها إلا مزيد من الفرقة والخلاف. فإن كانت القوى الاستعمارية والتهديدات العسكرية قد ولت - بالوقت الرهن- إلا أن الخطر ما زال قائما وكل منا يجب أن يعمل بالطريقة التي تحمي وتكرّس أمن هذا الوطن وعزته وسيادته واستقلاله...
 حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها وأدام عليها نعمة الأمن والأمان».

 عبدالله السالم... «أبو الاستقلال»

يمكن القول بحق إن الشيخ عبدالله السالم «أبو الاستقلال والديموقراطية»، حيث وضع الكويت على الخريطة العالمية ورسخ مبادئ المشاركة الشعبية حقيقية، وكثف من ضغوطه لتأمين الاستقلال الدائم والشامل للكويت. فقد أثار الشيخ عبدالله السالم موضوع إعادة النظر في اتفاقية 1899، وفي نفس العام 1961 بدأ تبادل المذكرات مع المندوب البريطاني في الخليج العربي، وفي 19 يونيو 1961 كانت مذكرة المندوب السياسي للملكة في الخليج العربي إلى سمو الأمير حاكم الكويت، والتي جاء فيها:
«حضرة صاحب السمو لي الشرف أن أشير إلى المباحثات التي جرت أخيراً بين سموكم وسلفي الذي يمثل صاحبة الجلالة ملكة المملكة المتحدة في شأن الرغبة في تكييف علاقات المملكة المتحدة - بريطانيا العظمى وشمال أيرلندا - ودولة الكويت، وذلك للأخذ بعين الاعتبار حقيقة كون حكومة سموكم تنفرد بمسؤولية إدارة شؤون الكويت الداخلية والخارجية، وقد جرى التوصل إلى النتائج التالية:
 - إلغاء اتفاقية 23 يناير 1899 باعتبارها تتعارض مع سيادة الكويت واستقلالها.
 - تبقى العلاقات بين البلدين تسودها روح الصداقة المتينة.
 - عند الحاجة تتشاور الحكومتان معا حول القضايا التي تهم كليهما.
- لن يؤثر أي شيء من هذه النتائج على استعداد حكومة صاحبة الجلالة في أن تساعد حكومة الكويت إذا طلبت هذه الحكومة مثل هذه المساعدة. وإذا كان ما تقدم ذكره يمثل تمثيلاً صحيحاً للنتائج التي تم التوصل إليه بين سموكم وبين السير جورج ميدلتون، فلي الشرف أن أقترح بناء على تعليمات وزير الدولة الرئيسي لصاحبة الجلالة للشؤون الخارجية أن تعتبر هذه المذكرة مضافا إليها جواب سموكم بهذا الخصوص، اتفاقية بين المملكة المتحدة والكويت في هذا الشأن وتبقى سارية المفعول إلى أن يقوم أحد الطرفين بتوجيه إخطار قبل ثلاثة أعوام بعزمه على إنهائها وأن اتفاقية 23 يناير 1899 تعتبر منتهية اعتبارا من تاريخ هذا اليوم.
 إمضاء
المقيم السياسي لصاحبة الجلالة».
وقد جاء رد الشيخ عبدالله السالم على النحو التالي:
«مذكرة من حضرة صاحب السمو حاكم الكويت إلى مندوب صاحبة الجلالة السياسي في الخليج - الكويت:
حضرة صاحب الفخامة المقيم السياسي لصاحبة الجلالة في الخليج المحترم بعد السلام والتحية، أتشرف بأن أشير إلى مذكرة فخامتكم المؤرخة بتاريخ اليوم ونصها ما يلي: ( تم إعادة نص الرسالة) وأذكر أن مذكرة فخامتكم تمثل تمثيلاً صحيحاً للنتائج التي تم التوصل إليها بيني وبين سير جورج ميدلتون. وأوافق، لأي اعتبار أن مذكرة فخامتكم وجوابي عليها يكونان معا اتفاقية بين الكويت والمملكة المتحدة في هذا الخصوص.
مع أطيب التحيات.
توقيع
عبدالله السالم الصباح 19 يونيو 1961».

 اتفاقية الحماية... حققت أهدافها

ظلت اتفاقية الحماية الكويتية - البريطانية، المعقودة نهاية القرن العشرين 1899، سارية حتى ستينيات القرن الماضي، وقد حققت للطرفين أهدافهما، إلا أن ذلك الوضع، ولا سيما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، بدأ يتغير بشكل كبير، بعد أن بدأت مراحل تشييد الإمارة وتطورها وتطور الأوضاع الداخلية.
 وقد تعاقب على حكم الكويت، منذ اتفاقية الحماية، كل من الشيخ مبارك الكبير (1896 - 1915) الشيخ جابر الصباح (1915 - 1917) الشيخ سالم بن مبارك (1917 - 1921) الشيخ أحمد الجابر (1921 - 1950) وصولا إلى الشيخ عبدالله السالم (1950 - 1965). كما استمر المجتمع الكويتي في النمو، إذ أصبح وحدة سياسية أكثر اندماجاً وحيويةً، ففي عام 1911 مثلا أنشئ المستشفى الأميركي، وأسس مستشفى آخر عام 1912، كما افتتح أول مستشفى وطني في 18 أكتوبر 1949، هذا إلى جانب اكتشاف النفط الذي أحدث نقلة نوعية هائلة وايجاد نمط حضاري جديد، حيث صدرت أول شحنة منه عام 1946.
فضلا عن ذلك، كان هناك تشكل وحراك سكاني متنوع للمجتمع، كما بدأ العمران الحديث يدب في أوصال الإمارة وتطورت أنظمة القضاء والأمن والدفاع والمجالس والهيئات، وغيرها من منظمات المجتمع المدني الوليد في تلك الفترة، إلى جانب الهيئات التنظيمية الأخرى، وزاد باطراد الوعي القومي والنضج الوطني لدى القيادات السياسية المتعاقبة والمواطنين.

 تحطيم تبعات الوصاية

جاء يوم الاستقلال في 19 يونيو العام 1961 محطماً لتبعات الوصاية ومحاولات اختراق حرمات السيادة، فكان يوماً خالداً في سجل تاريخنا يوماً ما زال متجدداً يزيدنا ثقة وتفاؤلاً وإصراراً نحو الاستمرار في الرقي والتطوير والبناء.
فقد كانت اتفاقية الحماية مع بريطانيا عام 1899 مقيدة لجوانب الحياة السياسة في الكويت، وخاصة على المستوى الدولي، حيث عقدت تلك الاتفاقية في ظروف دولية غاية في الصعوبة والدقة، وبدأت أطماع الدول الاستعمارية على المنطقة تُعلن عن نفسها بقوة ووضوح، كالتدخلات العثمانية والروسية والألمانية، وكذلك ظهور الأحلاف والتكتلات بالمنطقة الداخلية، ناهيك عن المحاولات الروسية لخلق مصالح تجارية وإقامة بعض المشاريع لها على أرض الكويت. كانت الكويت وقتها مطالبة أن تؤمّن نفسها، وتبتعد عن الدخول في صراعات ومواجهات لا جدوى من ورائها، سوى تكريس حالة التنافس الشرس بين قوى استعمارية مصممة على التواجد في منطقة الخليج العربي، في ظل أوضاع سياسية ودولية متردية، فما كان من حاكم الكويت الشيخ مبارك الكبير (1896 -1915) آنذاك إلّا استغلال تلك المتناقضات وهذا الصراع المتكالب، فقام بالفعل بعقد اتفاقية حماية بين الكويت وبين بريطانيا العظمى، في 23 يناير 1899، ويمكن القول إن كلا الطرفين استفاد بطريقته، فبريطانيا اختارت حلاً للوضع المتأزم بالنسبة لها خاصة في ظل وجود قوى كبرى تنافسها مثل روسيا وألمانيا، والكويت دخلت تحت المظلة الأمنية البريطانية التي وفّرت لها قدراً معقولاً من الحماية.

 ذكرى النضال في خضم الجائحة

الكويت وهي تستذكر الأحداث التاريخية وفي خضم جائحة مرضية ألمت بجميع مناطق ودول العالم، تستذكر النضال والوفاء من القيادة والشعب لهذا الوطن، وتستذكر أيضا بكل التقدير هذا التفاني والوفاء الذي تبديه اليوم القيادة والتحام أبناء وبنات الكويت ومساندة وطنهم في هذه المحنة التي ندعو الله ألا تطول.
يستذكر الجميع اليوم هذه الأحداث التي مرت والتي تمر، ويشعرون بالفخر والاعتزاز لمسيرة وطننا الذي استطاع بحكامه وأبنائه اجتياز تلك المحطات والأزمات، ومؤكداً على حقيقة بينة أن الكويت بلد صغير مساحة ولكنه كبير قيادة وسيادة وشعباً، وهذا أدعى ألا نتكاسل، بل إن كل ما مر ويمر بنا اليوم يجعلنا أمام تحديات لا بد أن نتغلب وننتصر عليها. فكم من بلدان تعطلت وتجمدت مسيرتها لأنها لم تستطع أخذ تدارس تاريخها جيدا، نجاحاته وانكساراته، آماله و آلامه طموحاته وأهدافة ما تحقق وما ينبغي أن يتحقق فكان الجمود والتخلف.وتقترب الكويت بفضل الله وبسرعة من احتواء هذه الجائحة، لكن نذكر أن أهم اللحظات التاريخية الفارقة في حياة كل أمة وشعب، هي لحظات الاختيار بين إكمال المسيرة والمضي قدما نحو تحقيق الاستقرار والمساواة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي