No Script

أبعاد السطور

الهروب من وزارة التربية والتعليم

تصغير
تكبير

كان لي صديق يعمل مدرساً في وزارة التربية والتعليم، في المرحلة المتوسطة، وبينما كان يقوم بمراجعة دفاتر واجبات التلاميذ المدرسية، لاحظ في أحدها الإهمال وعدم حل الواجبات وعدم النظافة! فنادى على اسم التلميذ المدون على الدفتر، وبعد تكرار مناداته رفع أحد التلاميذ يده بالإجابة. فطلب منه المعلم أن يأتيه، فذهب التلميذ إليه بكسل. أخذ المعلم يسأله عن سبب إهماله الشديد لدفتره وعدم محافظته على نظافته، ثم أخذ يعاتبه على ذلك، وأوصاه بأن يتجنب ذلك تماماً، ثم مد المعلم يده نحو كتف التلميذ وضربه ضربة خفيفة جداً، ترمز لأن ينتبه التلميذ للموقف الذي حصل.
في صباح اليوم التالي وبينما كان ذلك المعلم في فصله، إذ برئيس القسم يطرق عليه الباب ويستأذنه بالخروج لكي يخبره بأمر ما، وعندما وقفا خارجاً، قال رئيس القسم للمعلم: ما الذي فعلته بالتلميذ فلان، لماذا ضربته على كتفه؟ لِمَ لم تتجنب هذا الموقف؟ فقال له المعلم: أنا لم أفهم شيئاً حتى الآن! فقال له رئيس القسم إن مدير المدرسة أخبره بأن والد التلميذ المعني موجود عنده في المكتب، وهو غاضب بسبب الموقف الذي وقع مع ابنه أمس، اتجه المعلم نحو مكتب المدير على الفور، ولما دخل المكتب، وما إن رآه والد التلميذ حتى هبّ واقفاً وعيناه تتطايران شرراً وهو يتوعده بأنه سيشتكيه في مخفر الشرطة، وفي الوزارة! وأمام كل هذا وقف المعلم مذهولاً مما سمع! وبعد أن أنهى والد التلميذ كل وعيده، سأله المعلم: ما اسم ابنك؟ فقال له: فلان، الذي ضربته أنت أمس على كتفه! ثم نظر المعلم إلى مدير المدرسة وقال له: إني استأذنك لدقائق. ومن ثم خرج المعلم نحو مكتبه، وكرّ راجعاً... وما إن وصل حتى أخرج ورقة بيضاء كتب عليها بعض السطور ثم أنهاها بتوقيعه، ومن بعدها ذهب نحو الفصل وأخذ من التلميذ المعني دفتره، ثم عاد من جديد إلى مكتب مدير المدرسة فأعطاه الورقة التي كتبها ودفتر التلميذ محوّر الحكاية، ثم انصرف من دون أن يقول أي كلمة.
ولما دقق مدير المدرسة في الورقة وجد أن المعلم قدم استقالته، وحينما أخذ مدير المدرسة ووالد التلميذ يتفحصان دفتر الواجبات المدرسية وجدا فيه قمة إهمال هذا التلميذ، وهذا الأمر انعكاس واضح لعدم متابعة والدي التلميذ لابنهما دراسياً.


أما صديقي فبعد أن قدم استقالته من وزارة التربية والتعليم، تفرغ لتجارة والده الصغيرة، واخذ يتوسع فيها بخطى واثقة، واستطاع أن يفتتح فروعاً عدة في أكثر من منطقة، حتى أصبح لديه اسم ما إن يُذكر إلا وتُذكر معه الثقة وحُسن التعامل مع العميل.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي