No Script

لا تُعارض بقاء «الحشد»... لكن تحت سلطة الحكومة بالكامل

واشنطن تعمل على بناء شراكة متينة مع الكاظمي

No Image
تصغير
تكبير
  • طهران تبدّل أسلوبها  من العمل العسكري  الظاهر إلى السري

في الأيام الـ59 الأولى من توليه منصب رئيس حكومة، أثار مصطفى الكاظمي إعجاب غالبية المسؤولين الأميركيين من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، الذين تعتقد غالبيتهم أن واشنطن قد تكون عثرت على شريك جدي ساع لاستعادة سيادة الدولة العراقية والتمسك بحكم القانون واحترام الدستور.
ولم يكد يمر شهران على تسلم الكاظمي الحكم، حتى سارعت دوائر إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى السعي لتدبير زيارة للمسؤول العراقي للبيت الأبيض، في إشارة إلى الدعم الذي تنوي تقديمه لبغداد لمساعدتها على حصر استخدام العنف بالقوات الحكومية، وتعزيز القضاء، ودعم الاقتصاد.
وكان أول دلائل دعم البيت الأبيض للكاظمي، مسارعة الرئيس الأميركي لإعلان إعفاء يسمح بموجبه للعراق بتسديد الأموال المترتبة عليه إلى إيران، رغم العقوبات القاسية على طهران، وذلك ثمن استيراد العراقيين كهرباء من جيرانهم الإيرانيين.


ويعمل المسؤولون الأميركيون مع نظرائهم العراقيين على إعداد أجندة برنامج لقاء القمة بين زعيمي البلدين. وسمعت «الراي» من مسؤولين أميركيين أن المحادثات المرتقبة بين ترامب والكاظمي ستكون بمثابة إحدى حلقات الحوار الاستراتيجي، والذي بدأت جولته الأولى - على مستوى وكلاء وزراء الخارجية والسفيرين وديبلوماسيين - في يونيو الماضي.
ولا يسعى الأميركيون من خلال المفاوضات إلى تمديد تواجد قواتهم في العراق، ولن يحاولوا انتزاع أي اتفاقية لإقامة قواعد دائمة، بل إن واشنطن - وعملاً بالسياسة المعروفة لترامب والتي لا يختلف معه فيها معارضوه الديموقراطيون - تسعى لتقليص عدد جنودها المنتشرين في مناطق تعاني من صراعات حول العالم.
لكن الانسحاب بالنسبة للمسؤولين الأميركيين، لا يعني الفرار أو التنصل من المسؤولية، بل التأكد من تسليم أي مناطق أو دول ينسحبون منها إلى حكومات منتخبة قادرة على ممارسة سيادتها وفرضها القانون على كامل أراضيها.
في الإطار العراقي، تسعى واشنطن للتأكد أن تنظيم «داعش» الإرهابي لن يعود إلى الحياة بعد انسحاب قواتها من العراق، وهو ما يتطلب، لا قدرة أمنية عراقية فحسب، بل شراكة سياسية بين بغداد والمناطق التي ينطلق منها «داعش» شمال غربي البلاد. والشراكة السياسية تتطلب ثقة كل المناطق بأن الحكومة الفيديرالية في بغداد قادرة، وعادلة، ومنصفة لجميع مواطنيها.
واستعادة بغداد للسيادة، يعني أيضاً للأميركيين نهاية التنظيمات التي تصنفها واشنطن إرهابية، وفي طليعتها «كتائب حزب الله» وغيرها من الميليشيات المنضوية تحت لواء «الحشد الشعبي».
لا تعارض واشنطن بقاء «الحشد»، لكن شروط بقائه تتضمن خضوعه بالكامل للحكومة، بما في ذلك شؤون التجنيد والترقية والإدارة داخله، فضلاً عن تأكيد ألّا يقسّم أي من في «الحشد»، الولاء لأي شخصيات خارج العراق أو لأي حكومات أجنبية، وأن يكون ولاء كل مقاتليه للدولة العراقية التي يأتمرون بأوامرها.
وكانت «قوات مكافحة الارهاب» - قوات النخبة العراقية ذات التدريب والتسليح الأميركي - قامت باعتقال 13 مقاتلاً في «الحشد» بعد ورود أخبار عن نيتهم بشن هجوم بصواريخ «الكاتيوشا» على محيط مطار بغداد الدولي. وفور القبض عليهم واقتيادهم إلى المنطقة الخضراء، قامت قوة مسلحة تابعة لـ«الحشد» بمحاصرة المنطقة إلى أن تم الاتفاق مع الحكومة على الإفراج عنهم.
ويعتقد المسؤولون الأميركيون أنه «يمكن لأية حكومة أن تعتقل أي مسلحين على أراضيها»، وأن «استعراض القوة الذي أجراه الحشد ضد الحكومة يؤكد أنه لا يأتمر بأوامرها، بل أنه يزاحمها على السيادة»، وأنه «الاستعراض الذي أظهر النوايا الحقيقية للحشد».
ومن الأفكار التي يطرحها سياسيون عراقيون يدافعون عن «الحشد» أثناء أحاديثهم مع مسؤولين أميركيين، ان «الحشد» مثل البيشمركة الكردية في إقليم كردستان. لكن البيشمركة تأتمر بأوامر حكومة الإقليم المنتخبة، وهو ما يجعلها على طراز «الحرس الوطني» التابع لحاكم كل ولاية من ولايات أميركا الخمسين.
والحرس الوطني لا صلاحية له خارج ولايته، كما لا صلاحية للبيشمركة خارج إقليم كردستان، وكما لا مبرر ليكون لـ«الحشد» مقرات في بغداد، ومقدرة على فرض سلطتها على الحكومة المركزية.
الكاظمي يبدو أنه يدرك كل المشاكل التي يمثلها وجود «الحشد»، وهو بدأ بالقيام بسلسلة من الخطوات، كان أهمها تسليم أمن المعابر الحدودية في عموم العراق لقوات مكافحة الإرهاب، بعدما كانت تسيطر على المعابر مع إيران وسورية، ميليشيا «الحشد».
في واشنطن، سيسمع الكاظمي، كل الدعم المطلوب، سياسياً وديبلوماسياً واقتصادياً وعسكرياً، وستعمل الولايات المتحدة على مساعدته في تعزيز سلطة الدولة وسيادتها، وتعديل قوانينها بما يصون ذلك، وفي مساعدته على تنظيم انتخابات نزيهة وعادلة، بإشراف دولي، وبتغييب السلاح غير الحكومي الذي يمكنه أن يؤثر في النتائج.
في المقابل، وأمام الغضب الشعبي العراقي ضد إيران، ومعارضة المرجعية الشيعية في النجف، للميليشيات الموالية لإيران، يبدو أن طهران تعمد إلى تبديل أسلوبها من العمل العسكري الظاهر إلى السري.
في هذا السياق، رصد الخبراء الأميركيون إعلان عدد من المجموعات العسكرية السرية قيامها، مثل «ثوار المهندس» نسبة إلى نائب قائد «الحشد» السابق أبو مهدي المهندس، و«جند سليماني»، نسبة إلى القائد السابق لـ«فيلق القدس» قاسم سليماني.
من ناحية ثانية، كلف الكاظمي، الفريق الركن عبدالغني الأسدي برئاسة جهاز الأمن الوطني بدلاً من فالح الفياض، الذي بقي رئيساً لـ«هيئة الحشد الشعبي».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي