علماء دين أكدوا لـ «الراي» ضرورة الصلاة عليه ودفنه في البلد المتوفى فيه

لا غُسل لجثمان ميت بالفيروس... خشية العدوى

تصغير
تكبير

بعد اشتعال الجدل بشأن تعليق صلوات الجماعة في المساجد، وقف العلماء أمام نازلة فيروس كورونا ليبحثوا الجوانب الشرعية المتعلقة لها والوقاية من انتشارها بين المسلمين، وكان الحديث يدور حول شرعية جلب جثمان المتوفى بالفيروس خارج البلاد ليدفن في بلده، وما حكم تغسيله وهل يسقط واجب التغسيل عنه أم أن هناك حلولا أخرى للتعامل مع هذه النازلة الجديدة؟
«الراي» استطلعت آراء عدد من أهل العلم الذين أكدوا أن الضرر الأكيد أو المحتمل يسقط واجب غسل الميت ولا يجب جلب جثمانه من الخارج، خاصة إذا كان مقيماً في بلد غير بلده، ويدفن في البلد الذي توفي فيه، ويصلى عليه ويُسأل الله أن يكون شهيداً.
وقال عميد كلية الشريعة السابق وعضو هيئة الفتوى في الكويت الدكتور الشيخ عجيل النشمي لـ«الراي» إنه إذا توفي من أصيب بفيروس كورونا ويحتمل انتقال العدوى لمن يغسله فإنه لا يغسل، وينتقل الى التيمم، فإن وجد احتمال انتقال العدوى إليه فيسقط الغسل والتيمم لضرورة الحال، ولأن الحفاظ على الحي من العدوى مقدم على وجوب الغسل أو التيمم للميت.
وأَضاف أن الضرورات تبيح المحظورات، ويكتفى بكفن يلف عليه ويصلي عليه من حضر، ويدعى للميت المسلم بالشهادة لشموله ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم، «الشهداء خمسة: المطعون والمبطون، والغرق وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله»، وهذا الميت مبطون.
وأضاف أن العدوى تنتقل بطريق مباشر وغير مباشر، وبالنسبة لنقل الميت المصاب بالمرض المعدي، إذا قال أهل الاختصاص إن مس الميت أو تغسيله قد ينقل العدوى - وهذا طريق مباشر - فإنه في هذه الحال لا يغسل وإنما يكفن ويدفن ويصلى عليه.
وتابع، أما إذا كان انتقال العدوى بطريق غير مباشر مثل أسطح المكاتب ومقابض الأبواب التي مسها المصاب فترش بالمضادات وتعقم- كما نراه في الفضائيات، فإذا قال أهل الاختصاص إن العدوى ممكن انتقالها من حمل الميت المصاب ولو تم لفه بقماش عادي، فالواجب أن يلف بأقمشة خاصة معقمة - كما نشاهده عبر المحطات الفضائية - والحكم الشرعي حينئذ هو التكفين بهذه الأقمشة المعقمة، ويمكن حمله بعدها ويدفن بها ويصلى عليه بعد الدفن.
وأما إذا كان الميت المصاب في الخارج ويراد نقله الى بلده وتعذر الحصول على الأقمشة المعقمة أو لأي سبب آخر، فيجب حينئذ أن يدفن في البلد الذي مات فيه بأسرع وقت.
وبيّن أن ما ذكره من أحكام مبني على قواعد شرعية: مثل الضرورات تبيح المحظورات، والضرر يزال، ويحتمل الضرر الأخف لدفع الضرر الأكبر، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والضرر العام - وهو حفظ صحة الناس من العدوى - مقدم على حقوق الميت الخاصة وهذه القواعد الشرعية مستندة الى آيات وأحاديث ومجمع عليها من الفقهاء... والله أعلم
بدوره، قال الشيخ الدكتور بدر الحجرف لـ«الراي» إذا كان الميت بفيروس كورونا خارج البلاد وخشي من انتقال العدوى، فلا يجلب الى بلده ويدفن في البلد المتوفى فيها ويصلى عليه، وهذا الامر ينطبق على تغسيل الميت المتوفى بالفيروس فيسقط عنه الغسل ويدفن على حاله بعد تكفينه، مبيناً اذا كان هناك ضرر معلوم وفقا لرأي أطباء مختصين فتطبق القاعدة الفقهية لا ضرر ولا ضرار فالضرر ان كان 1 في المئة فيعفى من الغسل والدفن في بلده.
أما الشيخ الدكتور جاسم الجاسمي، أكد لـ«الراي» أن جمهور الفقهاء متفقون على وجوب غسل الميت عند تعذر الموانع، بل إن بعضهم نقل الإجماع على أن ذلك من فروض الكفاية، كما يرى الجمهور أنه عند تعذر غسل الميت على وفق ما ورد في الشريعة لسبب مانع من حرق أو مرض يغلب على الظن تضرر الغاسل أو المغسول، فإنه يسقط الغسل مع الدلك ويصار إلى صب الماء على الميت من غير دلك، وإلا انتقل إلى التيمم.
ولفت إلى أن بعض العلماء يرون سقوط التيمم عند تعذر الغسل كما هو في الرواية الثانية عند الحنابلة بناء على أن القصد من غسل الميت هو التنظيف، وهو لا يتحقق بالتيمم فيصلى عليه والحالة هذه من غير غسل ولا تيمم، فيما ذهب بعض المعاصرين من أهل العلم إلى أن الميت إذا تعذر غسله بسبب مرض معدٍ يخاف من انتقاله إلى مغسله، فإنه يصار إلى التيمم، وأنه إذا قرر المختصون من أهل الطب خطورة الغسل والتيمم على من باشره، فإنه يصلى عليه من غير غسل ولا تيمم.

لم يثبُت نقل جثمان صحابي لغير مقابر البلد

أكد الدكتور جاسم الجاسمي أنه جاء في فتاوى اللجنة الدائمة في وزارة الأوقاف، بأن السنّة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أصحابه بأن يدفن الموتى في مقابر البلد الذي ماتوا فيه، وأن يدفن الشهداء حيث ماتوا، ولم يثبت في حديث ولا أثر صحيح نقل جثمان أحد من الصحابة إلى غير مقابر البلد الذي مات فيه أو في ضاحيته أو مكان قريب منه، ومن أجل هذا قال جمهور الفقهاء، لا يجوز أن ينقل الميت قبل دفنه إلى غير البلد الذي مات فيه إلا لغرض صحيح مثل أن يخشى من دفنه حيث مات من الاعتداء على قبره، أو انتهاك حرمته لخصومة أو استهتار وعدم مبالاة، فيجب نقله إلى حيث يؤمن عليه، ومثل أن ينقل إلى بلده تطييبا لخاطر أهله ليتمكنوا من زيارته فيجوز، أو ينقل من بلده إلى بلد أفضل رجاء البركة، وإلى جانب هذه الدواعي وأمثالها اشترطوا ألا يخشى عليه التغير من التأخير، وألا تنتهك حرمته، فإن لم يكن هناك داع أو لم توجد الشروط لم يجز نقله.
وأكد الجاسمي أن القول بسقوط الغسل والتيمم لا يصار إليه إلا بعد اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع انتقال عدوى المرض إلى المباشرين للغسل أو التيمم.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي