نواب ديموقراطيون وسود يعدون مشروع قانون لمكافحة عنف الشرطة
الهدوء يسود أكبر احتجاج في واشنطن
إصابة 14 شرطياً خلال احتجاجات مناهضة للعنصرية في لندن
تظاهر عشرات الآلاف في كل أنحاء الولايات المتحدة، السبت، ضد التمييز العنصري وعنف الشرطة، في تحرك يأتي ضمن حركة احتجاجية انطلقت على خلفية قضية جورج فلويد، الأميركي الأسود الذي قضى تحت ركبة شرطي أبيض، خلال توقيفه في 25 مايو الماضي.
في المقابل، ينوي ديموقراطيون بقيادة نواب من أصول أفريقية في الكونغرس، طرح تشريع لمكافحة عنف الشرطة وغياب العدالة بين الأعراق بما يشمل تسهيل إجراءات الملاحقة القضائية للضباط الذين يرتكبون جرائم قتل.
وعمت التظاهرات المدن الرئيسية من نيويورك إلى لوس أنجليس، لكن العاصمة واشنطن كانت في مركز الاحتجاجات حيث تدفق الآلاف إلى الشوارع المحيطة بالبيت الأبيض الذي سُيّج بالحديد.
وكتب المرشح الديموقراطي للرئاسة جو بايدن في تغريدة: «اليوم، الألم قوي جداً، لدرجة يصعب الحفاظ فيها على الإيمان»، مضيفاً «لكن اتحادنا اتحاد يستحق القتال من أجله، وكلنا مدعوون للدفاع عن هذه القضية».
وقالت كريستين مونتغومري، المتحدرة من واشنطن، إن «هذه المعركة قائمة منذ عقود عدة، مئات الأعوام، وقد حان الآن وقت التغيير، حان الوقت لجعل المستقبل أكثر إشراقاً».
وصرحت جميلة مهيمن، المقيمة في واشنطن أثناء مشاركتها في تظاهرة قرب البيت الأبيض: «أشعر وكأن لدي الفرصة لأصبح جزءا من التاريخ وجزءاً من المجموعة التي تحاول أن تغيّر العالم من أجل الجميع».
وفي يوم مشمش وحار جداً، وضع كثيرون كمّامات للوقاية من فيروس كورونا المستجد. ووزع متطوعون زجاجات مياه ولوازم أخرى مع وجود عربات بيع طعام وباعة يروجون أقمصة تحمل شعار «حياة السود مهمة».
راقب عناصر من الجيش التجمّع، وطافت طوّافات في الأجواء بينما رقص بعض المتظاهرين وصاح آخرون «هذه ليست حفلة!».
ومنعت العوائق وحراس غير مسلحين، متظاهرين من الوصول إلى عتبات نصب لينكولن التذكاري، حيث ألقى أيقونة حركة الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ خطابه الشهير «لديّ حلم» عام 1963 مطالباً بإنهاء العنصرية في الولايات المتحدة.
وقال المتظاهر دينيس لورونت مانتي (31 عاماً): «باعتبارنا أميركيين من أصول أفريقية جئنا لإيصال رسالة أمل، لنقول إن هذا النظام الفاسد لن يحدّد مصيرنا».
وأضاف: «مارتن لوثر كينغ وقف هنا، وبعد سنوات عديدة عدنا إلى هنا حاملين رسالة أمل جديدة».
وانطلقت التظاهرات عقب انتشار فيديو يظهر شرطياً يضع ركبته على عنق فلويد لنحو تسع دقائق بينما كان الأخير يتوسل إليه لتركه يتنفس، في أحدث قضية يلام فيها عناصر شرطة بيض على مقتل شخص أسود أعزل.
ووجهت تهمة القتل من الدرجة الثانية للشرطي ديريك شوفين.
«نضال»
وكانت التظاهرات في واشنطن السبت، الأكبر منذ أن انطلقت الاحتجاجات في مينيابوليس عقب وفاة فلويد.
ورحب العديد من المتظاهرين السود بالتنوع العرقي والإثني بين المتظاهرين، معتبرين أن في ذلك تغييراً «منعشاً».
وقالت جاكي مادوكس (59 عاماً)، التي تتذكر كيف نزل والداها قبل عقود في واشنطن للمطالبة بحقوقهم، إنها تشعر «بالارتياح» لأن السود لم يعودوا بمفردهم بعد اليوم.
وكان أحد التجمعات المثيرة للدهشة لحركة «بلاك لايفز ماتر»، احتشاد ما بين 150 و200 شخص في مدينة فيدور شرق تكساس والتي تشتهر منذ فترة طويلة بارتباطها بجماعة «كو كلوكس كلان» العنصرية.
وفي نيويورك، عبر حشد كبير من المحتجين جسر بروكلين صوب مانهاتن السفلى بعد ظهر السبت ومروا عبر برودواي الخالية تقريبا. واحتشد آلاف آخرون في هارلم قرب الطرف الشمالي الغربي من متنزه سنترال بارك للسير إلى متنزه واشنطن سكوير في المدينة.
وباستثناء سياتل التي استخدمت فيها الشرطة قنابل الصوت في مواجهات مع المحتجين في حي كابيتول هيل، اتسمت احتجاجات وتظاهرات السبت بشكل عام بالهدوء مقارنة بنظيراتها في الأيام السابقة.
وفي مسقط رأس فلويد في رايفورد (ولاية نورث كارولينا)، اصطف مئات عند كنيسة لإلقاء نظرة الوداع على جثمان فلويد قبل إقامة مراسم تأبين خاصة ستقتصر على أفراد الأسرة.
ومن المقرر أن تقام جنازة فلويد يوم غد في هيوستن التي عاش فيها قبل أن ينتقل إلى منطقة مينيابوليس.
وقالت شقيقتا فلويد، لاتونيا وزازا للصحافيين إنهما لا تقويان الدخول لرؤية شقيقهما في التابوت.
وأعربت لاتونيا عن ألمها لمشاهدتها مقطع الفيديو الذي التقط قبل أن يفارق شقيقها الحياة، مؤكدةً «هذا صعب جداً. في كل مرة أنظر إليه فيها، أتذكر كيف كان ممدداً على الأرض ويصرخ طلباً للمساعدة».
وأضافت أنها تأمل في ان تتم إزالة الفيديو عن مواقع التواصل الاجتماعي.
وبدأت حدة الاحتجاجات في التراجع يوم الأربعاء عندما أمر ممثلو الادعاء في مينيابوليس باعتقال الضباط الأربعة المتورطين في وفاة فلويد. وتم توجيه اتهام رسمي بالقتل من الدرجة الثانية لديريك تشوفين الذي شوهد في التسجيل وهو يثبت رقبة فلويد بركبته على الأرض لما يقرب من التسع دقائق بينما ردد فلويد «لا أستطيع التنفس».
وهذه الاضطرابات واحدة من أكبر التحديات التي يواجهها الرئيس دونالد ترامب خلال فترة رئاسته. وفي حين دان وفاة فلويد، اعتمد موقفاً صارماً إزاء المتظاهرين واصفاً إياهم بـ«المجرمين» و«الإرهابيين»، وهدد بإنزال الجيش ضدهم.
وكتب مساء السبت في تغريدة «القانون والنظام!»، مضيفاً في وقت لاحق أن حجم المتظاهرين في واشنطن كان «أقل بكثير» مما كان متوقعاً.
«تكتل السود»
واليوم، يكشف تكتل السود في الكونغرس مع أكثر من 50 عضواً من مجلسي النواب والشيوخ، عن تشريع من المتوقع أن يشمل منع استخدام الشرطة لأوضاع الخنق وتصنيف المشتبه فيهم وفقاً للعرق، وأن يتطلب تثبيت كاميرات في أجساد أفرادها وإخضاع أجهزتها لمجالس رقابة مدنية وفرض بروتوكولات جديدة لعملها تحد من استخدام القوة الفتاكة، وإلزام عناصرها بالتدخل إذا شهدوا مخالفة لقواعد العمل.
ويحظى التشريع، الذي يُتوقع أيضاً أن يؤسس لقاعدة بيانات وطنية تحدد مخالفات الشرطة للقواعد، بدعم من كبار الساسة الديموقراطيين ومن بينهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر.
وتقول مصادر في الكونغرس، إن من المتوقع أن يضم التشريع أيضاً إلغاء الحصانة التي تحمي أفراد الشرطة من الملاحقة القضائية المدنية.
وكشف تحقيق أجرته «رويترز» ونُشر في مايو الماضي، كيف سهلت الحصانة لأفراد الشرطة قتل أو إصابة المدنيين من دون خوف من العقاب.
ويقول أعضاء تكتل النواب السود في الكونغرس إنهم سيحتاجون لممارسة حلفاء سياسيين للضغوط داخل المجلس وخارجه لتأمين التصويت بالتأييد على التشريع في مجلس الشيوخ الذي يقوده الجمهوريون.
احتجاجات الخارج
وخارج الولايات المتحدة، نظّمت تظاهرات تضامنية مع الحركة الاحتجاجية الأميركية.
في لندن، جرت تظاهرة أمام مجلس العموم، صرخت فيها الحشود «حان وقت إسقاط العنصرية المؤسساتية».
وقالت قائدة شرطة لندن كريسيدا ديك، إن 14 من أفراد الشرطة أصيبوا في اعتداءات «صادمة وغير مقبولة بالمرة» خلال احتجاجات مناهضة للعنصرية في وسط العاصمة البريطانية.
وبعد يوم اتسم بالسلمية إلى حد بعيد، اشتبكت مجموعة صغيرة من المحتجين مع أفراد من خيالة الشرطة بعد أن احتشد آلاف للتعبير عن غضبهم من وحشية الشرطة الأميركية.
وقال وزير الصحة البريطاني مات هانكوك، أمس، إن مشاركة آلاف الأشخاص في احتجاجات مناهضة للعنصرية في لندن وغيرها من المدن البريطانية الكبرى، تمثل مجازفة «بلا شك» بزيادة حالات الإصابة بمرض «كوفيد - 19».
وأضاف: «أدعم بكل قوة ما ينادي به المحتجون... لكن الفيروس في حد ذاته لا يميز والتجمع بأعداد كبيرة يخالف اللوائح تماما لأنه يزيد من خطر تفشي هذا الفيروس».
وتجمع عشرات الآلاف أيضاً في أستراليا وفرنسا، بينما ردد المئات في تونس عبارات «نريد العدالة! نريد أن نتنفس».
في هونغ كونغ، تجمع العشرات أمام القنصلية الأميركية، أمس، للاحتجاج على وفاة فلويد.
ورغم هطول الأمطار، تدفق المتظاهرون، الذين كان معظمهم طلبة أجانب وأعضاء في رابطة الديموقراطيين الاشتراكيين السياسية المناصرة لحقوق الإنسان، رافعين صورا لفلويد ولافتات كتبوا عليها «حياة السود مهمة».
مساعدة لترامب تعتذر عن الترويج للعنصرية
واشنطن - رويترز - اعتذرت مساعدة كبيرة للرئيس دونالد ترامب، عن الترويج للعنصرية على «تويتر».
وقالت مرسيدس شلاب، وهي من كبار المتحدثين باسم ترامب، إنها «تعتذر بشدة» عن إعادة بث شريط مصور على «تويتر» لرجل يمسك بمنشار آلي في تكساس ويصرخ في وجه محتجين مناهضين للعنصرية، موجهاً لهم إهانة عنصرية. وتابعت شلاب في رسالة عبر البريد الإلكتروني لـ«رويترز»، السبت: «أعدت بث المقطع المصور من دون مشاهدته كله. حذفت هذه التغريدة. لم أكن أتعمد ترويج استخدام هذه الكلمة عن قصد».