No Script

وثائق استخبارية إيرانية مسرّبة تكشف دور طهران الخفي في العراق

u0633u0644u064au0645u0627u0646u064a u064au062du062fu062f u0633u064au0627u0633u0627u062a u0625u064au0631u0627u0646 u0641u064a u0644u0628u0646u0627u0646 u0648u0633u0648u0631u064au0629 u0648u0627u0644u0639u0631u0627u0642
سليماني يحدد سياسات إيران في لبنان وسورية والعراق
تصغير
تكبير

المصدر المجهول يريد أن «يرى العالم ما تفعله إيران في بلدي العراق» 

أوباما اعتبر المالكي السبب بظهور «داعش»

العبادي والجعفري والجبوري والزبيدي على صلة وثيقة بإيران 

كشف موقع «ذي إنترسبت» الإلكتروني وصحيفة «نيويورك تايمز»، عن مئات التقارير الاستخباراتية الإيرانية المسرّبة التي تظهر عمق نفوذ طهران في العراق.
وتقدم الوثائق «صورة مفصلة عن مدى القوة التي عملت فيها طهران لترسيخ نفسها في الشؤون العراقية، والدور الفريد للجنرال (قاسم) سليماني».
ويعتبر سليماني، وهو قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري، رجل طهران الأساسي في العراق. ودأب على زيارة بغداد خلال الاضطرابات السياسية.
وفي خضم أكبر وأكثر الاحتجاجات دموية في العراق منذ عقود، ترأس سليماني اجتماعات في بغداد والنجف خلال الأسابيع الأخيرة، لإقناع الأحزاب السياسية برص الصفوف حول رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، بحسب ما ذكرت مصادر لـ»وكالة فرانس برس».
وفي إحدى التسريبات الإيرانية، يوصف عبدالمهدي بأنه كانت له «علاقة خاصة» بطهران حين كان وزيراً للنفط في العام 2014.
وأبلغ مكتب رئيس الوزراء، «فرانس برس»، إنه «لا يملك تعليقاً» على التقرير في الوقت الحالي.
وتظهر البرقيات، أن الحرس الثوري وتحديدا «فيلق القدس»، هو من يشرف على وضع سياسات إيران في العراق ولبنان وسورية، وهي الدول التي تعد الأكثر حساسية لطهران، وتعيين السفراء بهذه الدول عادة لا يكون من السلك الديبلوماسي إنما من الرتب العليا في الحرس الثوري.
وتكشف الوثائق، عن أحداث تبدو وكأنها جاءت من روايات تجسسية، مثل لقاءات سرية تحت غطاء الليل، وتصوير عسكريين أميركيين في مطار بغداد بشكل سري، ومراقبة تحليقات طيران التحالف الدولي، مشيرة إلى أن طهران ركّزت على تعيين مسؤولين رفيعي المستوى في العراق، وأن وزير الداخلية السابق، بيان جبر (باقر جبر الزبيدي)، من أبرز المسؤولين المقربين من طهران.

كي «يرى العالم»
وأوردت الصحيفة والموقع الأميركيين، أنهما تحققا مما يقارب 700 صفحة من تقارير كتبت في عامي 2014 و2015 من قبل وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية، وأرسلت إلى «ذي إنترسبت» من قبل شخص، رفض الكشف عن نفسه.
وقال المصدر المجهول، الذي رفض اللقاء بالصحافي شخصياً، إنه يريد أن «يرى العالم ما تفعله إيران في بلدي العراق».
وذكرت الوثائق أن رئيسي الوزراء السابقين حيدر العبادي وإبراهيم الجعفري، ورئيس البرلمان السابق سليم الجبوري، هم سياسيون لهم صلات وثيقة بإيران.
ووفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز»، تمكنت طهران من حصد المزيد من المكاسب والنفوذ بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق في العام 2011، والتي أكدت إنها تركت المخبرين العراقيين لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) «عاطلين ومعدمين».
وجاء في التقرير، إن هؤلاء لجأوا بعد ذلك إلى إيران، وقدموا معلومات عن عمليات وكالة الاستخبارات المركزية في العراق، مقابل أموال.
وتمكنت إيران من استغلال صعود «داعش» من أجل توسيع الفجوة بين إدارة الرئيس السابق باراك أوباما والطبقة السياسية في العراق، إذ كان أوباما قد دفع باتجاه الإطاحة برئيس الوزراء في حينها نوري المالكي وربطه كشرط لتجديد الدعم العسكري الأميركي.
واعتبر أوباما أن سياسات المالكي الوحشية والقمعية ضد السنّة أدت إلى ظهور «داعش»، مؤكدة أن المالكي كان الشخصية المفضلة لإيران.

«دولة تابعة»
وفي أحد الأمثلة، تشير الصحيفة إلى أن ضابطاً في الاستخبارات العسكرية العراقية سافر من بغداد إلى مدينة كربلاء المقدسة لدى الشيعة، للقاء مسؤول في المخابرات الإيرانية.
وخلال الاجتماع الذي استمر ثلاث ساعات، قال المسؤول العراقي إن رئيسه، الفريق حاتم المكصوصي، أخبره أن ينقل رسالة إلى إيران مفادها بأن «جميع استخبارات الجيش العراقي، اعتبرها تحت أمرك».
وعرض المكصوصي تزويد إيران بمعلومات حول نظام سري أنشأته الولايات المتحدة للتنصت على الهواتف العراقية، يديرها مكتب رئيس الوزراء والاستخبارات العسكرية، وفق التقرير نفسه.
ونفى المكصوصي للصحيفة، إرسال بمثل هذه الرسالة إلى إيران.
وسمح ذلك لإيران بتوسيع نفوذها من خلال علاقاتها الوثيقة مع جيل جديد من السياسيين الذين أصبحوا قادة للعراق، وساعدها في تشكيل قوات «الحشد الشعبي» التي تضم فصائل شيعية موالية لها.
وجعلها ذلك أيضا شريكاً تجارياً رئيساً للعراق الذي يستورد منها الكهرباء والغاز الطبيعي لدعم منشآت الطاقة المدمرة، في بلد أصبح ثاني أكبر مستورد للمنتجات الإيرانية بينها السيارات والسجاد والمواد الغذائية.
واستخدمت إيران العمل الاستخباراتي للمحافظة على دورها في العراق، بحسب ما ذكرت الصحيفة والموقع الأميركيين، لتحقيق أهداف إستراتيجية تتمثل بـ»منع انهيار العراق ومنع استقلال (إقليم) كردستان» الشمالي.
وأشارت الوثائق إلى أن «التركيز الأكبر» كان باتجاه «المحافظة على العراق كدولة تابعة لإيران، والتأكيد على بقاء الفصائل السياسية الموالية لطهران في السلطة».
وأكدت الوثائق، أن إيران في كل مرحلة تقريباً تفوقت على الولايات المتحدة في حرب خفية من أجل النفوذ في العراق.
وأكدت إحدى الوثائق أن الاستخبارات الإيرانية حاولت تجنيد وكيل داخل وزارة الخارجية الأميركية، لكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود توجت بنجاح.
وتذكر وثائق مؤرخة في نوفمبر 2014 أن مخبرا عراقيا كان يعمل لصالح «سي اي اي» لقبه «دوني براسكو»، أصبح بعد ذلك يعمل مع الاستخبارات الإيرانية وكان لقبه «المصدر 134992» في حينها.
وأخبر «المصدر 134992» الإيرانيين عن كل المعلومات التي يعرفها حول الاستخبارات الأميركية في العراق: مواقع البيوت الآمنة، أسماء الفنادق التي يقابل فيها العملاء، تفاصيل الأسلحة والتدريب الذي تلقاه، أسماء العراقيين الآخرين الذين يعملون معه كجواسيس، وزاد أنه كان يتقاضى نحو 3000 دولار شهريا للفترة التي عمل فيها مع «سي أي آي» وهي مدة 18 شهرا إضافة إلى مكافأة صرفت له لمرة واحدة 20 ألف دولار وسيارة.

أجواء العراق
وكشفت الوثائق أن وزير النقل العراقي وبتنسيق مع سليماني حافظ على إبقاء الأجواء العراقية مفتوحة للطيران الإيراني، والذي ربما استخدم في إيصال أسلحة وذخائر إلى داخل الأراضي السورية، من أجل دعم القوات الموالية لإيران.
وأشارت إلى أن وزير النقل حينها وجد نفسه في مواجهة مع ضغوط أميركية لوقف حركة الطيران الإيراني في الأجواء العراقية، ولكنه لم يستجب لها على الإطلاق.
كما ذكرت الوثائق أن نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق الحالي الذي كان حينئذ رئيسا لوزراء الإقليم، بعد لقاء عقده في بغداد في ديسمبر 2014 مع مسؤولين أميركيين وبريطانيين رفيعي المستوى بحضور العبادي سلم ما تلقاه من المعلومات فورا إلى مسؤول في الاستخبارات الإيرانية، ولكن نفى ناطق باسمه هذه الادعاءات للصحيفة.
وأشارت الوثائق إلى أن إيران بذلت جهوداً ملموسة بغية بسط نفوذها في الجنوب العراقي ونشرت هناك شبكة وكلاء واسعة، غير أن موجة التظاهرات الأخيرة تؤكد، حسب الصحيفة، أن طهران ارتكبت خطأ في تقييمها لتطلع الجنوبيين العراقيين (الشيعة) إلى التخلص من أي نفوذ أجنبي.
وأكدت الوثائق وجود خلافات بين وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية وجهاز استخبارات «الحرس الثوري»، حيث انتقدت الوزارة بشدة عمليات قمعية في العراق بحق السنة نفذها مسلحون شيعة عراقيون مدعومون من الحرس الثوري، بما في ذلك ما جرى في منطقة جرف النصر (الصخر) بعد تحريرها من «داعش».
وحذرت وزارة الاستخبارات في تقاريرها من أن مثل هذه التصرفات تنسف ما أحرزته طهران من النجاح في كسب دعم العراقيين، وحتى انتقدت سليماني، متهمة إياه بـ«الترويج لدوره المتقدم في الحملة ضد داعش في العراق من خلال نشر صور له في مواقع التواصل الاجتماعي».
وكشفت الوثائق كيف كان المخبرون والعملاء يتلقون المقابل عن عملهم لِصالح إيران، سواء كان بهدايا من الفستق والعطر والزعفران، أو بتقديم الرشاوى لمسؤولين عراقيين، وحتى نفقات مصاريف لضباط في الاستخبارات العراقية.
وأكد المحلل السياسي والمستشار في شؤون العراق لدى الحكومة الإيرانية، غيس غريشي، أن طهران تدخلت في تعيين مسؤولين رفيعي المستوى، قائلا: «لدينا عدد كبير من الحلفاء من بين القادة العراقيين، الذين يمكن أن نثق بهم وأعيننا مغلقة».
ورغم أن التحقيق المنشور يصف بعض الوثائق بالهزلية أو المضحكة مثل اقتحام جواسيس إيرانيين لمعهد ثقافي ألماني في العراق عادوا منه خالي الوفاض لعدم تمكنهم من فتح الخزنة التي كانوا يمتلكون أرقامها السرية ولكنها كانت خاطئة على ما يبدو، إلا أن بعض الوثائق كانت في غاية الأهمية خاصة تلك التي تكشف عن شخصية عملاء وجواسيس وزارة الاستخبارات الإيرانية والذين يمتازون بالصبر والاحتراف والمهنية.
ومهمة الجواسيس الأساسية تتضمن: منع العراق من الانهيار، ومنع وجود مسلحين من الطائفة السنية على الحدود الإيرانية، وعدم إثارة حرب طائفية تجعل من الطائفة الشيعية أهدافا للعنف، ومنع خروج كردستان من تحت مظلة العراق بما يهدد أمن وسلامة إيران.
كما سعى الحرس الثوري وسليماني من أجل القضاء على تنظيم «داعش»، ولكن مع مراعاة إبقاء ولاء العراق كدولة تابعة لإيران، والتأكد من بقاء الفصائل السياسية الموالية لطهران في السلطة.

عملية جرف الصخر
من جهة أخرى، أظهرت برقيات أن عملية جرف الصخر التي جرت في 2014 والتي «طهرت المنطقة من عملاء إرهابيين» أدت إلى تهجير العائلات السنية ودمرت القوات العسكرية المنازل وسيتم تدمير البقية، كما تم اقتلاع بساتين النخيل لمنع الإرهابيين من اللجوء إليها.
وأشارت وثائق أخرى إلى مخاوف من تبديد المكاسب الإيرانية في داخل البلاد، لأن العراقيين يكرهون الميليشيات الشيعية، وأصبح سليماني رمزاً مستهدفاً، داعين إلى عدم نشر أي صور لسليماني على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتكشف الوثائق، أن أميركا كانت تقود التحالف ضد داعش، ولكن إيران كانت تعمل بشكل سري على التجسس على التنظيم، وتقدم مساعدات لفصائل مسلحة لكسر التحالفات ما بين المتمردين.
ويشير التحقيق إلى أن إيران كانت تدعم الفصائل والميليشيات الشيعية والجيش العراقي، ولكنها كانت تدعم بالسر شركاء آخرين من الأكراد والسنة.
وكانت طهران، بحسب الوثائق، تمارس دور السيئ والجيد في الداخل العراقي، إذ يمكن إلقاء اللائمة على الحرس الثوري لكل ما يتم خارج نطاق القانون من تطهير عرقي، فيما كانت أطراف أخرى داخل أجهزة الدولة تمارس عملا «براغماتيا» يصب في مصلحة الدولة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي