«نيويوركر» القريبة من الديموقراطيين تعتبر أن نظام طهران عطّل الإصلاحات الجدّية
كلام أميركي عن «خريف الثورة الإيرانية» وخامنئي قد يرحب بوصول ظريف إلى الرئاسة
المرشد يدير النظام برمته ويعرف كل قائد صغير وحتى أسماء أولادهم
فائزة رفسنجاني: النظام فقد الدعم الشعبي ... والشعب فقد الأمل
لم يعد الحديث عن ضعف إيران سراً في العاصمة الأميركية، فالتعثر الاقتصادي دفع الجمهورية الإسلامية إلى طلب قرض بقيمة خمسة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، الذي دأبت طهران على وصفه بأنه أداة للغرب والاستكبار والإمبريالية.
ومثل إيران، تراجع «حزب الله» اللبناني عن معارضته للصندوق تحت ضغط الانهيار الاقتصادي في لبنان، ووافق على طلب بيروت مساعدة من الصندوق.
وبين إيران ولبنان، سأم الروس من سورية، التي لا يبدو أنها ستعود عليهم بالفائدة المالية التي تصوروها، بل أن حكومة الرئيس بشار الأسد لن تفي موسكو تكاليف تدخلها العسكري. لهذا السبب، رأى الخبراء الأميركيون أن إيران تراجعت في العراق، ووافقت على وصول مصطفى الكاظمي، وهو ليس من المحسوبين عليها، إلى منصب رئيس حكومة.
وفي هذا السياق، كان لافتاً المقال الذي نشرته مجلة «نيويوركر»، المحسوبة على الديموقراطيين، بقلم ديكستر فيلكنز، بعنوان «خريف الثورة الإيرانية».
وفيلكنز يزور إيران بانتظام، ما يشي بنوع من الرضى عنه، وهو الذي كان أطلق شهرة قائد «فيلق القدس» السابق قاسم سليماني بين الأميركيين، من غير الخبراء والمتابعين، يوم نشر مقالة مطولة عن الجنرال الإيراني في العام 2013 بعنوان «قائد الظلّ».
وفي «نيويوركر»، تكتب أيضاً روبن رايت، وهي أيضا ممن يزورون إيران بانتظام ومن المدافعين عن الانفتاح على النظام من دون شروط.
وروى فيلكنز مطولاً سيرة المرشد الأعلى علي خامنئي، وقال إن رئاسته إيران على مدى عقد الثمانينات أعطته «سلطة مطلقة تقريباً»، بما في ذلك «السيطرة على كل فرع من فروع الحكومة، وقيادة القوات المسلحة، والإشراف على القضاء، حيث أثبت أنه ذكي وحيوي، وقام بخلق هيكل مواز لكل مؤسسة».
وبحلول ذلك الوقت، كان لخامنئي وزوجته السيدة منصورة أربعة أبناء وابنتان، «فنقل الأسرة إلى منزل في وسط طهران، في نهاية شارع فلسطين، ثم أغلق الشارع. وفي ما بعد، نما المجمّع ليحتوي على نحو 50 مبنى، لكن خامنئي قدم نفسه على أنه زاهد، ودأب على ارتداء الملابس وتناول الطعام ببساطة».
ونقل فيلكنز عن مقابلة مع السيدة منصورة في مجلة للنساء، قالت فيها «ليس لدينا زخارف بالمعنى المعتاد... منذ سنوات، حررنا أنفسنا من هذه الأشياء».
ونقل فيلكنز عن الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى مهدي خلجي، أن «خامنئي يدير النظام برمته، لذا فإن الجميع مخلصون له، وهو شديد النشاط، ويعرف كل قائد صغير، وحتى أسماء أولادهم، وهكذا أصبح الحرس الثوري الأساس الرئيسي لقوة خامنئي، الذي بدوره جعلها المؤسسة الأمنية الرائدة في البلاد».
ونقل فيلكنز عن مصادر في واشنطن اعتقادها بأن النظام الإيراني قد يستأنف المفاوضات مع واشنطن بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل.
وفي واشنطن نظريتان حول مستقبل العلاقة مع إيران: إذا خسر الرئيس دونالد ترامب، يمكن إحياء الصفقة النووية، يقول البعض. أما البعض الآخر، فيرى انه إذا فاز ترامب، فلن يكون أمام خامنئي خيار سوى التفاوض.
ثم ينقل فيلكنز عن المسؤولين الإيرانيين رفضهم كلا السيناريوهين، وقولهم إن خامنئي لن يعقد صفقة مرة أخرى. «لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة للحفاظ على كلمتها»، ينقل فيلكنز عن محمد مرندي، الأستاذ في جامعة طهران.
كما أجرى فيلكنز مقابلة مع فائزة رفسنجاني، ابنة الرئيس الراحل هاشمي رفسنجاني، قالت فيها إنه يجب أن تستمر الاحتجاجات حتى يدرك النظام أنه «لا يمكن التغاضي عن عملية احتيال بهذا الحجم».
وأكدت أن إيران معزولة، وأن الخلل وصل إلى طريق مسدود. وتابعت: «فقد النظام كل الدعم الشعبي، ومع ذلك فهو غير قادر على التغيير، والنتيجة أن الشعب الإيراني فقد الأمل... نحن بلا أمل الآن».
وعرّج فيلكنز على موضوع الإصلاحيين، وكتب أنه على «مر السنين، دفع الإصلاحيون داخل الحكومة وخارجها إلى تعزيز سيادة القانون، والسماح للصحافة بقدر أكبر من الحرية، والحد من الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن».
وكتب: «مراراً وتكراراً، عطّل النظام القائم أي جهد جاد في الإصلاح، وجاءت إحدى أبرز اللحظات في عام 1997، عندما بدأ الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي في تنفيذ برنامجه، فواجه مقاومة فورية من داخل النظام، وفي وقت مبكر من ولايته، اهتزت البلاد بسبب قتل نحو 80 فناناً ومثقفاً منشقاً».
يوافق الكس فاتانكا، وهو باحث في معهد الشرق الأوسط في العاصمة الأميركية، قول فيلكنز إن الحركة الإصلاحية في إيران «فشلت، وأن كل ما تبقى هو الحرس الثوري واقتصاد منهار».
ويقول فاتانكا، لـ«الراي»، إنه «يبدو أن الإصلاح والقادة المعتدلين لم يعودوا معنيين بتقديم نتائج فعلية للناخبين، ولا يبدو أن للاصلاحيين أهمية تذكر».
ويضيف: «لطالما انتشرت إشاعات في طهران مفادها بأن الإصلاحيين سيطلبون من وزير الخارجية محمد جواد ظريف الترشح للرئاسة في العام 2021، إذ ليس لدى الإصلاحيين شخصيات ليطرحونها في الانتخابات الرئاسية المقبلة».
ويتابع الخبير الإيراني الأميركي، «لأن حركة الإصلاح فشلت مراراً في الوفاء بوعودها السياسية التي وعد بها كل من خاتمي و(الرئيس حسن) روحاني، فإن الأمل الوحيد الذي تبقى الآن هو خلق بعض الإثارة حول شخصية معروفة».
ويضيف: «من المؤكد أن ظريف هو شخصية عامة معروفة، ويعتبر أقرب إلى المعسكر الإصلاحي. لكنه أيضاً جندي مخلص لخامنئي، ولن يختلف كرئيس عن روحاني أو خاتمي في احترام رغبات المرشد الأعلى، وهذا بالضبط سبب احتمال أن تصبح رئاسة ظريف ممكنة لأنها لا تشكل تهديداً لخامنئي».
ويعتقد فاتانكا أن خامنئي قد يرحب «بترشيح ظريف ورئاسته لإلهاء الجمهور عن حقيقة أنه هو المسؤول الفعلي، بغض النظر عن من هو الرئيس، وهو ما يعني أنه إذا وافق مجلس صيانة الدستور على ترشح ظريف، فيصبح من غير المحتمل أن يقاطع الإصلاحيون انتخابات 2021، وقد تكون هذه التمثيلية السياسية كافية لجعل قادة الإصلاح المفترضين يشعرون بأهمية، رغم أنهم فقدوا مؤيديهم منذ فترة طويلة».