No Script

حديث

خدم «الشورت تايم»

No Image
تصغير
تكبير

ظاهرة مارثون هروب الخدم المتزايدة والدوافع التي تقف خلفها، وعدم وجود قوانين تحمي حق الكفيل، لن تنتهي طالما الحبل تُرك على الغارب من دون إيجاد حلول، وكأن هذه المشكلة يراد لها أن تستمر، رغم أنها لا تحتاج لعبقرية تضع حداً لهذه الفوضى المتنامية، فمن غير المعقول أن ينتظر الكفيل لأشهر حتى يصل الخادم، ومن ثم يبدأ بمعاناة التدريب والتعليم وصرف الأموال، ومع أول اتصال بأقران هذا الخادم قد يصبح في خبر كان، رغم أننا - كمجتمع مواطنين كنا أو مقيمين - جُبلنا على احترام عمالتنا المنزلية وإعطائها حقوقها كاملة، بل إن الكثير منا يعاملون الخدم على أنهم من أهل بيتهم، لكن مع وجود المغريات وفوضى القوانين وتقاعس المسؤولين، فالهروب يعتبر فرصة ذهبية عندما يكون الراتب مضاعفاً للخادمة، التي ستعمل عبر مافيا الخدم بنظام (الشورت تايم) نصف الوقت وبضعف الراتب، أو عندما يصبح سائق المنزل (تاكسي) بمركبة خاصة سواء كانت له أو لمن حرضه على الهروب، لاستثماره في تجارة تدر عليه أضعاف ما كان يحلم به.
هناك أكثر من جهة تتحمل هذه الفوضى وأولها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والهيئة العامة للقوى العاملة، بحكم أن التبعية نقلت من وزارة الداخلية... إليها، وما زالت المشاكل التي يواجهها الكفيل كما هي من دون أي تغيير لصالحه، فمن المُستغرب غياب دور مباحث الهجرة في ملاحقة هؤلاء وتقديمهم إلى الجهات المختصة، فمثل هذه الواجبات لن تكلفهم شيئاً عندما يضعون الخطط المحكمة لضرب وتفكيك تلك الشبكات، وقطع أي طريق أمام كل من يحاول إغراء وتحريض العمالة، أيضاً قطاع المرور يتحمل جزءاً من تلك المشكلة، فالكثير عندما يحصلون على رخصة القيادة يهربون ويفترض في هذه الحالة ربط الرخصة بالكفيل والغاؤها ومنع استخراجها في حال تم تسجيل تغيُّب ضد السائق، وتقديم المتستر للعدالة عبر إيجاد تشريع قانوني صارم، بالإضافة إلى ضرورة إلغاء تحمل أرباب العمل قيمة التذكرة ومنعهم من وضع الكفالات، فإجراءات كهذه ظالمة ومجحفة ويفترض عدم تسفير المتغيب، إلا بعد دفع تذكرته حتى تكون رادعاً له، ولمن يفكر في الهرب، فضمان رحيله بهذه السهولة وبالمجان يشجع الآخرين على الهرولة خارج بيوت الكفلاء.
كمية مشاكل الخدم التي يعاني منها المواطن، اعتقدنا بأنها قد لامست ضمائر المسؤولين، عندما أُعلن عن إنشاء شركة الدرة للعمالة المنزلية، التي استبشرنا بها خيراً، وانتظرناها إلا أنها ومنذ نشأتها وإلى الأمس القريب وهي للخلف دُر حتى تم تغيير مجلس إدارتها القديم بجديد والذي أعلن أنه سيقدم الأفضل خلال أولى مبادراته الإصلاحية باقتصار الطلبات على المواطنين فقط، وتقليص المصروفات ووعد بخفض الأسعار، وإيجاد حلول تُرضي الجميع، لكنها فرحة لا يراد لها أن تكون، بعد ظهور صوت برلماني - نكن له كل محبة وتقدير - يهدد ويرمي التهم غير المُقنعة والمرسلة، من دون وجود أي دليل، مما يجعلنا كمستفيدين من القرارات الأخيرة للمجلس الجديد، من أنها ضد المواطن، فمن باب أولى يفترض على نائبنا الفاضل أن يعطيهم فرصة لتنفيذ برنامجهم الإصلاحي، ومن ثم محاسبة المقصرين، فمن غير المعقول وبعد الإعلان مباشرة عن عزل المدير السابق لشركة الدرة، الذي أتى ورحل من دون أي إنجاز يذكر، نرى هذا الكم من الهجوم ، لقد بتنا كمواطنين ونحن نُتابع السجال البيزنطي الدائر بين طرفي المعركة والحكومة في وضعية المتفرج، فلا نُفرق بين التشريع والتشريب بسبب تصفية الحسابات والشخصانية، من دون إعطاء أي أهمية لحقوقنا الضائعة في سراديب تحكمها المصالح الضيقة.
بإمكان حكومتنا - بعد أن أثبتت فشلها في إيجاد الحلول - أن تستعين بخبرات الدول الرائدة في مجال جلب العمالة والاستفادة منها، ولكن - ولأن المشاكل الادارية لدينا مستدامة والتخبطات الحكومية ثقافة - فإن الحلول التي ينتظرها المواطن قد لا تأتي إلا عبر مصباح علاء الدين السحري، وأن التفكير فقط في نهاية مثل هذه المشاكل عبر التشريعات، قد لا يتحقق الا بدعاء في ليلة القدر... بهداية المسؤولين على المواطنين وبتثبيت أقدام الخدم في بيوت الكفلاء.

* كاتب كويتي

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي