كلمات ناطقة

مؤشر الخطورة... أحمر!

تصغير
تكبير

تقف الكويت اليوم، كما يقف العالم كله، على قدم في مواجهة «الطاعون الجديد» الذي يغزو العالم، وأحدث استنفاراً وحجراً دولياً لم يشهده العصر الحديث بهذه الحدة والخطورة، مع تحذيرات بأن يكون الوباء فتاكاً، حتى تجاوز ما كان يعرف سابقاً، المجتمعات الفقيرة وذات البيئة الصحية المتهالكة، ليضرب أقوى الأنظمة الصحية في العالم ويصل إلى مراكز اتخاذ القرار وقصور الحكم.
الطاعون الجديد هو فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، الذي أكمل حضانته في مدينة ووهان الصينية ليعيث في العالم فساداً، مخلفاً آلاف القتلى وعشرات الآلاف من المصابين، حتى أنه أصاب وزراء وقيادات سياسية ذات مستوى رفيع عالمياً، وجعل منظمة الصحة العالمية تصنفه على أنه «وباء» استفحل في العالم، وسط تحذير خطير أطلقه رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون بأن الكثيرين سيفقدون أحبتهم جراء هذا الفيروس. وهو ما دفع العالم ليقرع جرس الخطر ويتخذ إجراءات شديدة لمواجهة هذا الطاعون، وكانت الكويت في بؤرة العاصفة، بعد أن تسلل إليها الفيروس مع القادمين من إيران بشكل أساسي، قبل أن يسجل بعض الحالات من دول أخرى ليتجاوز رقم الإصابات حاجز المئة، ويجعل الدولة في حالة طوارئ ارتفع معها مؤشر الخطورة إلى أقصاه ليضيء اللون الأحمر، ويدفع الجهات المختصة لاتخاذ قرارات غير مسبوقة على مستوى البلاد في محاولة لتطويقه، فمددت تعطيل المدارس وأوقفت الحياة في البلاد لمدة أسبوعين، وفرضت ما يشبه الإقامة الجبرية للجميع - مواطنين ومقيمين - وأوقفت الصلوات في المساجد، ومنعت الدخول إلى الحدائق والشواطئ وغير ذلك، إضافة إلى اتخاذ الإجراءات الاحترازية لفحص عشرات الآلاف ممن قدموا إلى الكويت خلال الأسبوعين الماضيين، في تصرف مسؤول يعكس وعياً سياسياً وصحياً بضرورة تطويق المرض ومنع انتشاره في البلاد.
ونحن، إذ نشد على يد وزارة الصحة ومعها كل الوزارات المعنية، في خطواتها للحد من تسجيل إصابات بالفيروس، نؤكد أن المسؤولية الكبيرة تقع على ظهر الجمهور، من مواطنين ومقيمين، بضرورة الوعي وإدراك خطورة وحساسية الأمر، وهو ما ينقصهم حقيقة، ودليل ذلك ما شهدناه مساء يوم الأربعاء الماضي، مع إعلان مجلس الوزراء إجراءاته الاحترازية، من تسابق غير واعٍ ولا مسؤول إلى الأسواق لتخزين المواد الغذائية، وكأن الكويت قد دخلت في حالة من المجاعة أو الحرب، رغم كل خطابات الطمأنة والتهدئة، ولكن الحالة الشعبية عكست قلة كبيرة في الوعي والمسؤولية، وإن رأيناها تراجعت في ما بعد بوتيرة ضعيفة يوم الخميس حتى توقفت يوم الجمعة، وهذا أمر يجب الوقوف عنده كثيراً، ويفرض على الحكومة دراسته ملياً وبحث الحلول لمعالجته، وليس أقلها من تخصيص مادة دراسية تحت مسمى «تربية مجتمعية» تنمي الحس الاجتماعي والوطني، لأن كل ما سمعناه وقرأناه سابقاً، تلاشى في مساء الأربعاء، ونحن نتابع الهجمة الشرسة على الأسواق والأفران والتكالب على تخرين المواد التموينية التي وصلت حتى التسابق على «الشيكلس» في صورة غير حضارية ولا سوية، وهنا لا يمكن أن يكون كلامنا تعميماً، فقد كانت شريحة ليست بالقليلة، وفي الوقت نفسه ليست بالكبيرة، من المواطنين على قدر المسؤولية ولم تندفع مع اندفاع الآخرين وظلت في بيوتها تتابع الأحداث واثقة من كلام الحكومة وإجراءاتها، ونحن هنا نتكلم عن المواطنين لا الوافدين الذين كان هجومهم على الأسواق أكبر، ولهم وضعهم الذي يختلف عن المواطنين.
في المحصلة نثني على إجراءات الحكومة، ونراها تصب في مصلحة الأمن الصحي، وبقي أن يبادر المواطن بالالتزام بالتعليمات لتجاوز الأزمة بسلام.

h.alasidan@hotmail.com
@DAlasidan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي