No Script

رأي قلمي

لا سواد شعر ولا قوة جسم...!

تصغير
تكبير

قال أفلاطون: إن تكوين إنسان يتطلب خمسين سنة. وإذا كان التكوين يتطلب كل تلك المدة فإن الوصول إلى النضج الكامل لا سبيل إليه مهما عاش الإنسان.
إن حاجتنا للتربية تفوق حاجة أطفالنا إليها، فنحن بحاجة ماسّة إلى أن نشعر أننا لم ننضج بعد، وهذا الشعور هو المدخل والمنفذ الوحيد إلى جعلنا نستفيد من العبر، ونستخلص الدروس من نتائج ومعطيات أنشطتنا المختلفة، وهذا ما جعل لدينا القابلية لأن نتعلم، ونضيف كل يوم خبرة إلى خبراتنا، فالإنسان يظل قاصراً عن الإحاطة بالصورة الكلية التي ينبغي أن يكون عليه شأنه. إن علينا معاشر الناضجين الراشدين أن نتربى، ونضفي على ذواتنا وخبراتنا صفة الوضع النهائي، وهي لا تزال تحبو في مدارج الكمال.
إن جهلنا بكثير من الحقائق ومجريات الأحداث التي تتم تحت السطح، وعجزنا عن مقاومة كثير من الشهوات والإغراءات إلى جانب طرق جديد كل يوم، يوجب علينا مطاردة دائمة لأهداف لا نملكها بغية إنجاز ذواتنا والبلوغ بها أسمى ما يمكننا الوصول إليه. وإن استنفدت أهدافنا التي نحيا من أجلها فهذا مؤشر أننا انقطعنا عن إنسانيتنا، وتكون حياتنا عبارة عن أيام مكرورة لا فائدة نجنيها من ورائها سوى انتظارالرحيل.


إن الشخص الذي لا يملك تغيير عاداته في التفكير والتعامل وقبول النقد والتكيف مع الجديد كلما حاد عن الجادة، هو شخص دخل في مرحلة التخشب التي تجعل منه شخصاً يعيش حياة نباتية، فهو يأكل وينام ويتنفس ويتكاثر ثم يموت ليس أكثر.
ومن أهم الظواهر التي تدل على أن الإنسان ما زال شاباً، وأنه لم يدخل مرحلة الشيخوخة، وأن ما أصابه وعكة ليس أكثر، أن يحاول رسم أهدافه الكبرى الاستراتيجية والمرحلية، وأن يبدع في إيجاد الأنظمة والأوعية والوسائل التي تقربه من تلك الأهداف، هي المواقف التي تدلنا على أننا ما زلنا نحتفظ بحيوية الأطفال ودهشتهم من الجديد وحديثهم عن المستقبل، وليس الشباب في سواد الشعر ولا قوة الجسم.

m.alwohib@gmail.com
‏mona_alwohaib@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي