No Script

من زاوية أخرى

تصرفات رجال الأمن وهيبة الدولة

تصغير
تكبير

بعيداً عن الأضواء التي سلطت على ما جرى مع الإعلامي ماضي الخميس الأسبوع الماضي، أو الإساءة لأحد ضباط الأمن، وما نالته هاتان الحادثتان من تسليط صدى إعلامي وتفاعل نيابي قد يفسر بما يسمى بـ«التكسب الانتخابي» ولا سيما أن الحادثتين شهدتا تفاعلاً من وزارة الداخلية التي تحقق فيهما، بعيداً عن ذلك، تعرض مواطن ستيني للإهانة والضرب في إحدى إدارات شؤون الإقامة التابعة لوزارة الداخلية، ولسوء حظ هذا المسكين أنه مواطن بسيط ليس له مكانة إعلامية تدفع لتسليط الضوء عليه، أو نواب يستغلون قضيته في تسجيل المواقف الانتخابية، ولا سيما أننا على أبواب انتخابات تشريعية مقبلة، فتم تمييع قضيته، بل سُجل محضر ضده بإهانة موظف أثناء تأدية عمله!
وإذا كانت القضيتان الأوليان قد نالتا نصيبهما من التغطية الإعلامية، وأصبحتا قضيتي رأي عام، فإن قضية المواطن الستيني لم تنل أي نصيب، وحتى أنه أصبح متهماً رغم ما لحق به من أذى نفسي وجسدي، ورغم أنه حصل على تقرير طبي من المستشفى يفيد بتعرضه للضرب، وهذا الموقف يأتي مصداقاً لقول أحد النواب تعليقا على قضية ماضي الخميس، عندما تساءل «كم شخصاً مثل ماضي الخميس قد تعرض للإهانة والضرب؟» ما يؤكد أن مسألة اعتداء رجال الأمن على الناس، سواء أكانوا مواطنين أو مقيمين، أصبحت اعتيادية، ولعل المؤلم في هذا أنه يمكن تجيير أي موقف لمصلحة المعتدي من رجال الأمن باعتباره قد تعرض للإهانة أو الاعتداء أثناء تأدية مهام عمله، الأمر الذي يحول الضحية إلى جانٍ والجاني إلى ضحية.
فقضية الرجل الستيني الذي قد يتهم بأنه تلفظ أو أهان موظف الجوازات، تدل على تجاوز في صلاحيات رجال الأمن، فليس هناك أي مبرر لضربه، كما لم يكن مبرراً في حالة ماضي الخميس، فهو رجل كبير، ويمكن السيطرة عليه بسهولة كبيرة - هذا إذا افترضنا أنه ثار وحاول الاعتداء - ثم تسجيل قضية إهانة وتعدٍّ بحقه، من دون ضربه وإهانته.
أحد المتخصصين لفت إلى قضية مهمة في مسألة وجود كاميرات مراقبة في الدوائر والإدارات، وهي أن الكاميرات تصور فقط دون تسجيل صوتي، وبالتالي فقد يستفز الموظف أو الضابط المراجع بكلام قاس وإهانات، وهو هادئ ومبتسم، في ما تبدو ردة فعل المراجع وكأنه هو المعتدي مع أن تصرفه يكون رد فعل على ما تلقاه من الموظف أو الضابط، وهو ما يستدعي أن يكون هناك آلية لوجود مراقبة «صوت وصورة» لينال كل ذي حق حقه، سواء من رجال الأمن أو المراجعين. كما أن هناك سؤالاً مهماً يطرح في هذا الموضوع، وهو: هل تؤهل وزارة الداخلية ضباطها الذين يتم فرزهم للتعامل المباشر مع الجمهور، تأهيلاً نفسياً واجتماعياً لطرق وأساليب التعامل مع المواقف والحالات التي تمر معهم؟ فهذا التأهيل ضروري جداً لإعداد رجل أمن يتمتع بالحكمة والخبرة في التعامل مع المواقف المختلفة التي يتعرض لها مع الجمهور من جهة، وللحفاظ على هيبة الدولة وثقة المواطن بها وبرجالها من جهة ثانية. وهي قضية نضعها أمام اصحاب القرار لتدارك الوقوع في مواقف كالتي ذكرناها والتي لم نذكرها ولا نعرف بها، ولنا ثقة بأن تجد الدعوة اهتماما منهم.

h.alasidan@hotmail.com
@DAlasidan
Dr.alasidan@hotmail.cm

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي