No Script

جيانلويجي بوفون ... ما خفي كان أعظم

No Image
تصغير
تكبير
  • إذا عشتَ حياتك بطريقة عدميّة وفكرت فقط بكرة القدم... فإن روحك ستذبل شيئاً فشيئاً ... في النهاية، ستكتئب لدرجة أنك لا تريد حتى مغادرة الفراش

يتعرض لاعب كرة القدم، مثله مثل أي شخص آخر، لضغوطات قد تؤثر بالسلب، ليس فقط على مردوده في الملاعب، بل حتى على حياته الشخصية، وصولاً إلى حد القضاء عليه.
حارس المرمى بالذات يعتبر «عنصراً مختلفاً» في هذه الرياضة. فهو رهين الخشبات الثلاث والمسؤول المباشر عن إبقاء شباك فريقه عذراء.
دوره مغاير للغاية عن غيره. يجد نفسه «محدوداً» في المساحة الممنوحة له. مسؤوليته أكبر والضغوط الملقاة على عاتقه أكبر. وإنْ حصل ولعب تمريرة حاسمة «عابرة» جاء منها هدف، اعتُبر «بطلاً». وإنْ سجل هدفاً بنفسه، رأوا فيه «لاعباً استثنائياً» كسر القيود التقليدية.


الإيطالي جيانلويجي بوفون، ابن الـ41 سنة، يعتبر أحد أفضل الحراس في التاريخ، ويمتاز بأخلاق لا مثيل لها.
هو قائد من الطراز الرفيع، لكنه قبل كل شيء إنسان يتفاعل مع محيطه والأحداث، وهو ما تحدثت عنه صحيفة «إندبندنت» البريطانية، كاشفةً عن حرب نفسية خاضها بوفون مع الاكتئاب في الفترة التي تلت فرضه لنفسه الرقم واحد، سواء مع فريق يوفنتوس أو منتخب إيطاليا.
«إندبندنت» استقت معلوماتها من موقع «ذا بلايرز تريبيون» الذي يمنح النجوم فرصة لنشر رسالة يكتبونها بأنفسهم ويخاطبون من خلالها أنفسهم عندما كانوا صغاراً وشباباً.في رسالته، اعترف «جيجي الرجل» لـ»جيجي الصبي اليافع» بأنه «مررتَ بظروف عصيبة بحثاً عن السعادة في الحياة» خلال فترة معينة من مسيرته شعر فيها بأنه ذاب أكثر فأكثر في مشاكل نفسية.
وكشف أنه «شعرتَ بالاكتئاب في شهر يناير من إحدى السنوات الماضية حين اضطررتَ إلى تفويت إحدى مباريات يوفنتوس نتيجة نوبة ذعر واضطراب».
وأقرّ بوفون بأن الروتين الذي عاشه خلال فترة امتدت سبعة أشهر عندما كان في الـ26 من عمره، جعله يشعر وكأنه في سجن.
وتابع: «إذا عشتَ حياتك بطريقة عدميّة وفكرت فقط بكرة القدم، فإن روحك ستذبل شيئاً فشيئاً. في النهاية، ستكتئب لدرجة أنك لا تريد حتى مغادرة الفراش».
وكتب بوفون، العائد مطلع الموسم الراهن إلى «السيدة العجوز» بعد موسم واحد مع باريس سان جرمان الفرنسي: «سيحدث ذلك في ذروة مسيرتك المهنية عندما تشعر بأنك حصلتَ على كل شيء تريده في هذه الحياة. سيكون لديك المال وتحظى بالاحترام. حتى أن الناس سيدعونك الرجل الخارق. لكنك في الواقع، لست بطلاً خارقاً. أنت مجرد رجل، مثلك مثل أي رجل آخر. الحقيقة أن الضغط الذي تفرضه مهنة كرة القدم عليك، قد يحولك إلى رجل آليّ. الروتين الذي تعيشه قد يتحوّل إلى سجن حقيقي».
يدرك معشر كرة القدم بأن بوفون يلهث منذ بداية مسيرته للفوز بدوري أبطال أوروبا، المسابقة الأهم على مستوى الأندية، بيد أنه فشل في تحقيق ذلك بعدما خسر المباراة النهائية في أكثر من مناسبة، مع العلم أنه أحرز مع بارما الإيطالي كأس الاتحاد الاوروبي («يوروبا ليغ» حالياً) في الموسم 1998-1999، غير أن عقدة «تشامبيونز ليغ» لا علاقة لها بتاتاً بما عاشه على مستوى مشكلته النفسية.
يتابع بوفون في رسالته سارداً ما مرّ به شخصياً: «في صبيحة أحد الأيام، عندما تنهض من فراشك للتوجه إلى التمارين، سترتجف ساقاك دون أن تتمكن من التحكم بهما. ستكون ضعيفاً للغاية إلى درجة أنك ستعجز حتى عن قيادة سيارتك».
يضيف: «في البداية، تعتقد بأنه تعب أو إرهاق، أو فيروس ما. بعد ذلك، يصبح الوضع أسوأ، وكل ما تود القيام به هو النوم، ولا شيء غيره. في التمارين، سيبدو كل إنقاذ تقوم به وكأنه استلزم جهد إنقاذ سفينة تايتانيك من الغرق. لسبعة أشهر، ستعيش ظرفاً عصيباً تسعى من خلاله لإيجاد السعادة في الحياة».
لكن كيف بدأ «بوفون الرجل» رسالته إلى «بوفون الصبي»؟
كتب: «لنبدأ بالخبر السيئ. أنتَ في الـ17 من العمر، على وشك أن تصبح لاعباً حقيقياً، كما في أحلامك. تعتقد بأنك تدرك كل شيء. لكن الحقيقة، صديقي، أنك لا تعرف شيئاً».
كيف ختم الرسالة؟
كتب: «كنتَ في الرابعة من العمر. تساقطت الثلوج طوال الليل. لم يسبق لك أن رأيت الثلوج. استيقظت وألقيت نظرة من النافذة. رأيت حلماً. كل البلاد تحولت بيضاء. تركض الى الخارج بقميص النوم دون أن تعلم ما هو الثلج. لم يكن هناك تردد. تنظر الى الثلج. ماذا فعلتَ؟ هل فكرتَ؟ هل تأمّلتَ؟ هل عدتَ أدراجك الى المنزل لجلب المعطف؟ لا، فقد قفزتَ في الثلج بلا خوف. جدتك تصرخ : جيانلويجي، لا لا. كنتَ ترتجف برداً، وانتهى بك الحال مريضاً لأسبوع. لكنك لا تبالي. رميتَ بنفسك في الثلج. هذا ما أنت عليه. أنت بوفون. ستجعل العالم يعرف بأنك موجود».
منذ الرابعة، مروراً بسن الـ17، وصولاً إلى الـ41، عرف بوفون الكثير من المطبات الخافية على كثيرين.
ألقاب بالجملة حققها مع يوفنتوس تحديداً، أبرزها 9 على جبهة الدوري المحلي، ولقب مونديالي في 2006 مع المنتخب، لكن هذا الرجل كان جريئاً كفاية ليكشف معاناة حارس مرمى جبّار بقي واقعياً في مقاربة مشكلة نفسية هزّت شباك كينونته... دون أن تتمكن من النيل منه.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي