No Script

رأي قلمي

منها صحيح وآخر سقيم...!

تصغير
تكبير

إن الثقافة هي التي تترجم نظرة أصحابها إلى الكون والحياة والإنسان، وهي التي تمكن الفرد من الولوج والاختراق إلى البعد الإنساني، لهذا نالت كلمة (ثقافة) تداولاً واستخداماً كثيراً في العصر الحديث، وذلك نظراً للأهمية المتزايدة التي منحناها إياها من خلال جعلها القاعدة الأساسية لتشكيل وعينا بذاتنا وبالعالم. وهذه السيرورة الواسعة والتطور والامتداد لهذه الكلمة كانت سبباً مهما في غموض مدلولاتها وتنوع استخداماتها تنوعاً جعل تصور معناها من خلال تعريفات محددة أمراً شاقاً.
وقد استعرض كثير من علماء الاجتماع ما يزيد على مئة وستين تعريفاً للثقافة والمفاهيم المرتبطة بها، وكان في مقدمة تلك التعريفات ما قدّمه (تايلور) في كتابه (الثقافة البدائية) حيث قال عن الثقافة إنها: «ذلك الكل المركب من المعارف والعقائد والفن والأخلاق والقانون والأعراف، وكل ما اكتسبه الإنسان باعتباره عضواً في مجتمع ما». وهذا التعريف هو المرجع الأساسي لكل التعريفات التي جاءت بعده. ومنطوق هذا التعريف مؤداه أن في كل أرض ثقافتها، وأن الناس جميعاً مثقفون.
ولا يغفل عن البال أن هناك مدلولات أخرى لهذه الكلمة تضاد وتغاير هذا التعريف في قليل أو كثير، فمنهم من قال: إن الثقافة تطلق ويراد بها نوع من تجاوز الطبيعة، حيث تصبح الثقافة عملية تهذيب، أو ما يسميه العرب بِالأدب، وما أطلق عليه كتاب القرن السادس عشر في أوروبا: تدريب العقل، ووصفه (فولتير) بتكوين الروح. ولهذا الاعتبار تطلق كلمة مثقف على من نال حظاً متميزاً من العلم والمعرفة، وقد تستخدم كلمة ثقافة لتمييز ميادين ذهنية ومادية مختلفة، فيقال: ثقافة اقتصادية وثقافة بدنية.


باختصار يمكن أن نقول: إن الثقافة تكتسب أهميتها البالغة من كونها النبع الغزر والثري لتكوين الشخصية المستقلة المتميزة على مستوى الأمة والفرد، إن الثقافة الحية المعافاة تستطيع أن تصوغ ذواتنا على نحو يمكننا من إدراك التحديات المعاصرة، كما يجعلنا في الموضع الصحيح والمناسب للاستجابة لها، والثقافة المريضة لا يمكن أن تنتج إلا التخلف والاضمحلال والانشقاق والنزاع.

m.alwohib@gmail.com
‏mona_alwohaib@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي