مبادرة هرمز للسلام: مشروع الأمل

تصغير
تكبير

تتمتع منطقة هرمز بأهمية استراتيحية في مجال التجارة الدولية والطاقة، ويتم ضخ حوالي 15 مليون برميل من النفط يومياً من هذه المنطقة الي المستهلكين، وبالتزامن يجري تبادل كميات هائلة من البضائع بين الدول المرتبطة بهذه المنطقة وخارجها.
إن استتباب الأمن والاستقرار بغية ضمان التواصل مع الأسواق الدولية يعتبر ضرورة لا مناص منها.
منذ قرون ودول المنطقة تضمن وتتكفل أمن هذه المنطقة للوصول الي الأسواق الدوليه كضرورة ملحة وهو الأمر الذي لا يتحقق من دون التعاون والتعامل البنّاء.


إن الظروف الحالية المتأزمة يجب أن تجعلنا نؤمن أن حاجة المنطقة المُلحة لتكريس الأمن المستدام والذي من دواعي الأسف أنها لم تنعم به لحد الآن، هو الوصول الي إيمان مشترك بأن الأمان لا يستتب عن طريق شراء الأسلحة وتكديسها وتوقيع الاتفاقيات العسكرية مع القوي الأجنبية التي من خلال تدخلها المستمر ودعمها للكيان الصهيوني شكّلت أكبر تهديد للمنطقة بأسرها، بل إن الأمن يعتمد علي كسب الثقة والاعتماد علي الشعب والطاقات الوطنية وتمتين علاقات حسن الجوار مع بقية دول المنطقة.
إن المنطقة تعاني من فقر للحوار الاقليمي الشامل في المجالات المختلفة، الأمر الذي يؤدي إلي جفاف جذور السلام والعمران الي الأبد.
إن منطقتنا بحاجة الي الحوار الاقليمي الداخلي أكثر من ميلها نحو كيل الاتهامات واستخدام التعابير العدائية والعنيفة والتنافس التسليحي وتكديس الأسلحة.
إن الجمهورية الإسلامية الايرانية ومن خلال استيعابها للمخاطر المستقبلية اقترحت سابقا مبادرتين هما: «مجمع الحوار الاقليمي» و «معاهدة عدم الاعتداء»، والآن مع العلم بتضاعف التهديدات والتحديات ومن اجل إنقاذ المنطقة من حافة الانزلاق في هاوية الدمار، فإننا نستشعر ضرورة تحقيق الحوار الجديد في المنطقة اكثر من أي وقت مضي، ونري ان الحفاظ علي امن المنطقة هو مسؤولية جماعية لكل الدول المتواجدة فيها، واننا علي ثقة من خلال مشاركة كل الدول في حوض هرمز يمكننا وفي خضم الامواج المتلاطمة، ان نعبر بالمنطقة الي ساحل الهدوء والتقدم والازدهار.
إن توفير الأمن الاقليمي هو المسؤولية الاساسية لكل دول المنطقة وإن الأمن يجب ان ينبع من الداخل بعيدا عن التدخلات الاجنبية.
إن مصير شعوب المنطقة، وانطلاقاً من الوشائج الدينية والثقافية والتراثية والجغرافية والأواصر العائلية قد ارتبط وتشابك بعضه ببعض وان الأمن لا يمكن تجزئته وتفكيكه، فإما ان ينعم الجميع بالأمان أو أن ينحرم الجميع منه.
وعلي هذا الاساس تم طرح «مبادرة هرمز للسلام» من قبل فخامة الرئيس حسن روحاني رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية في كلمته في اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة.
إن «مبادرة هرمز للسلام» بمشاركة الدول المتعلقة به وهي المملكة العربية السعودية ، جمهورية العراق، سلطنة عمان، الامارات العربية المتحدة، دولة الكويت، دولة قطر، مملكة البحرين والجمهورية الاسلامية الايرانية تتمتع بالامكانيات اللازمة والكافية لتحقيق الأمن الشامل في ربوع المنطقة عن طريق الحوار الاقليمي الداخلي.
ان هذه المبادرة مبنية علي أصول ثابتة، منها الالتزام بأهداف ومبادئ الأمم المتحدة، حسن الجوار، احترام سيادة الدول ووحدة اراضيها، عدم الاخلال بالحدود الدولية، حل كل الخلافات بطرق السلمية، رفض التهديد واللجوء للعنف أو المشاركة في أي تحالف أو حلف عسكري ضد احدها الآخر، عدم التدخل في الشؤون الداخلية والعلاقات الخارجية لأحدها الآخر، احترام المقدسات والرموز الوطنية والدينية والتاريخية للآخر والاحترام المتبادل، المصالح المتبادلة والمكانة المتساوية لكل دول المنطقة، ومن هذا المنطلق الحصول علي اهداف سامية تشمل النهوض بالسلام والاستقرار والتقدم والرفاهية لكل دول وشعوب المنطقة، تشجيع التفاهم المتبادل والأواصر السلمية والودية والتعاون في سبيل استئصال الارهاب والتطرف والصراعات الطائفية، معالجه التوترات وحل كل الاختلافات والنزاعات بالسُبل السلمية وعن طريق الحوار، دعم وتمتين الاتصالات والتحذيرات الوقائية، توفير الأمن الجماعي للطاقة، حرية الملاحة والنقل الحر للنفط وبقية المصادر، حماية البيئة وتعزيز التعاون والتواصل وتشجيع العمل والتجارة والاستثمار علي كافة المستويات والمجالات المختلفة بين الدول والسكان والقطاع الخاص.
إن تحقيق الأهداف آنفة الذكر تتم متابعتها من خلال إقامة الملتقيات علي المستويات المختلفة كالخبراء والوزراء وقادة الدول وكذلك المختصون والمراكز الفكرية والقطاع الخاص وتشكيل فرق عمل للمبادرات اللازمة التي تحظي بأولوية.
إن معاهدة عدم الاعتداء وعدم التدخل والسيطرة علي التسلح واجراءات بناء الثقة وايجاد منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل والعلاقات العسكرية وتبادل المعلومات والمعطيات وخطوط الاتصال المستمر ومنظومات الانذار الوقائي ومكافحة المخدرات والإرهاب وتهريب البشر وتحسين أمن الطاقة وحرية الملاحة للجميع والاستثمار المشترك في قطاعات النفط والغاز والطاقة والترانزيت والنقل وارتقاء تعامل القطاع الخاص والعمل والتجارة والتعاون الثقافي والاجتماعي كالحوار بين المذاهب والمبادلات الثقافية والسياحية والتعاون العلمي كتبادل العلماء والطلاب الجامعيين والمشاريع المشتركة في المجالات العلمية والتقنية والتعاون في المجالات الحديثة السيبرانية كالأمن السيبراني والأمان النووي والحفاظ علي البيئة ولاسيما البيئة البحرية والعواقب السلبية للغبار والأتربة وتكثيف التعاون الانساني لا سيما في مجال المهاجرين واللاجئين والمشردين، هي من جملة مصاديق مجالات التعاون والمحاور القابلة للطرح لدي فرق المبادرات واجتماعات الدول الثماني.
وكذلك يمكن الاستفادة من امكانية الأمم المتحدة لايجاد غطاء دولي لازالة القلق المحتمل لدي بعض الاطراف وتأمين المصالح المشروعة للمجتمع الدولي.
من البديهي أن نجاح أي مشروع يحتاج الي مشاركة جماعية لكل الأعضاء وبناءً علي الثقة المتبادلة.
إن فخامة الرئيس روحاني قد كلفني بالبدء بمشاوراتي في استطلاع آراء الدول والنخب في المنطقة وإكمال وتقوية مبادرة هرمز للسلام.
إن النخب والمراكز الفكرية والقطاع الخاص يمكنهم من خلال تقديم وجهات نظرهم واستعراض المقترحات البناءة أن يساهموا في تدعيم وتكريس مبادرة هرمز للسلام.
كلنا أمل وثقة لتحقيق هذه المبادرة ونتوقع ردود فعل إيجابية لدي دول المنطقة تجاهها، ونعرب عن استعدادنا لخوض الحوار الشامل والجامع في إطار المبادئ والأهداف المذكورة أعلاه.
وزير الشؤون الخارجية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي