No Script

أطباء أكدوا أن ممارسات البعض تخالف قانون مزاولة المهنة وتتخذ مسلكاً يضرب أخلاقيات ذوي الرداء الأبيض

رفض طبي لاستخدام المشاهير والمرضى في الإعلانات: لا يجوز أن تتحول المهنة إلى عمل تجاري

تصغير
تكبير
  • منيرة بن نخي:  الظاهرة بحاجة ماسة  إلى تشريع جديد ينظمها  ورقابة صارمة للحد من التجاوزات 
  • عادل رضا:  «هستيريا» القطاع الخاص جعلت بعض الزملاء يعيشون «هوس» السوشيال ميديا 
  • فاطمة خاجه:   عرض صور المرضى في وسائل التواصل لا أجده أخلاقياً حتى وإن كان بموافقتهم 
  • محمد القناعي:   هناك ضوابط تحكم  أسلوب ومحتوى الدعاية  ويجب عدم تجاوز النصوص القانونية  
  • منصور الشمري:   للمرضى حقوق يجب أن نصونها ونحميها من المتاجرين بالمهنة 
  • وليد الضاحي:   عيادات الأطباء أصبحت ساحة لـ «السناب» و«الانستغرام» للدعاية باستخدام المرضى  
  • يوسف بهبهاني:   الأمر تجاوز الإعلان إلى الترويج  الذي قد يهز مصداقية الطبيب  لدى مرضاه  
  • أحمد العلي:   شهدنا أخيراً ترويجاً حوّل مهنة الطب  إلى سلعة تجري عليها خصومات وباقات

قوبل التوجه المتصاعد لبعض الجهات الطبية في استغلال مشاهير الإعلام الإلكتروني، للدعاية والإعلان لها، برفض واسع في الجسد الطبي الذي رأى أعضاؤه أن هذا السلوك يسيء إلى الأطباء وينتهك خصوصية المرضى، كما انه يضرب أخلاقيات المهنة ويخالف قانون مزاولة المهن الطبية الصادر سنة 1981، الذي ينص على أنه «لا يجوز للطبيب ان يقوم بالدعاية لنفسه بأي طريقة كانت»
ورأى بعض الأطباء والاستشاريين في تصريحات متفرقة لـ«الراي» أن استخدام المرضى والمشاهير من الشخصيات الإعلامية أو الفنية، أمور تتناقض مع مكانة أي طبيب يحترم نفسه وذاته، ومهنته الإنسانية، ولاسيما أن المسألة ترويجية دعائية بحتة، مشددين على أن أي تعديل قادم على القانون يجب ان يتضمن ضوابط محددة لتقنين الإعلان، حتى لا تتحول الطب من مهنة إنسانية الى مصدر رزق تجاري، معتبرين ان المسؤولية الاخلاقية والمهنية العالية التي يتمتع بها غالبية الاطباء تثلج الصدر، وان ممارسات القلة القليلة الشاذة يجب ان تواجه بالرفض من اقرانهم مع توعية المرضى بهذا الاطار.
وشدد أطباء على ان للمرضى حقوقا يجب ان تصان، وان تتم حمايتهم ممن أسموهم بالمتاجرين بمهنة الطب، مؤكدين ان الدعاية الطبية، موضوع دقيق جدا يحتاج الى تشريع وتنظيم حتى لا يصل الحال الى الفوضى التي نشهدها للاسف، والتي تسيء إلى أخلاقيات مهنة الطب وبعدها الانساني، وأن اساءة استخدام هذه الحقوق، أمر يعد تجاوزا ولا يتناسب مع طبيعة واخلاقيات المهنة وبعدها الانساني.


اختصاصي الأمراض الباطنية الدكتور منصور الشمري ندد بتزايد الحملات الدعائية للعيادات الطبية عبر استخدام المرضى أو المشاهير، لافتا الى ان ذلك قد ينطوي على مخالفة لقانون مزاولة المهن الطبية واخلاقيات المهنة. وقال «يجب ان تكون هناك ضوابط تحكم الحملات الإعلانية للعيادات والمراكز الطبية، ويجب الا يطلق لهم العنان، ولا سيما ان هناك مطالبات بتعديل قانون مزاولة المهن الطبية ليتواكب مع المستجدات، ومن ضمنها ما طرأ على اساليب الدعاية».
وأضاف الشمري «للمرضى حقوق يجب ان تصان، وأن تتم حمايتهم من المتاجرين بمهنة الطب، وأن اساءة استخدام هذه الحقوق، أمر يعد تجاوز ولا يتناسب مع طبيعة وأخلاقيات المهنة وبعدها الانساني».
بدوره، اعتبر أخصائي الأمراض الباطنية والغدد الصماء والسكري، الدكتور عادل رضا ان استخدام المرضى وحتى المشاهير من الشخصيات الإعلامية أو الفنية وغيرهم من الأمور تتناقض مع مكانة أي طبيب يحترم نفسه وذاته، ومهنتة الإنسانية وخاصة ان المسألة ترويجية دعائية بحتة.
وأضاف رضا انه «بات واضحا لمن يتابع أن المسألة اخذت طريقا غير سليم وسيئا، حيث هيستيريا القطاع الخاص جعلت بعض الزملاء والزميلات يعيشون هوس السوشيال ميديا». ورأى انه «حتى الظهور بالإذاعات الخاصة والتلفزيونات، كل هذا لا غبار عليه ما دام الزملاء والزميلات يلتزمون بتخصصهم، ويكونون من حملة الشهادات الاكلينيكية المعتمدة، ناهيك عن واجب التزامهم في بروتوكولات العلاج العالمية المعتمدة والثابتة احصائيا».
ورأى ان «ما يثير الحزن والخجل عندما نرى ونشاهد عكس ذلك، ويتم تحويل الطب الى كلام قهاوي شعبي أو اشياء غير معقول حدوثها طبيا، أو الامتناع عن ذكر مضاعفات عملية جراحية او التحدث عن دواء غير معتمد، أو الكلام عن اغذية بديلة عن العلاجات الطبية الصحيحة. عدا التكلم من غير شهادة اختصاص حقيقية والاعتماد على مسميات عضو جمعية طبية أميركية او بريطانية او ألمانية أو كندية أو غيرها، وهي بالأساس جمعيات نفع عام يستطيع أي شخص عادي التسجيل والانضمام إليها، ولكن لغير الطبيب، ولمن لا يعرف حقيقة الواقع فالإنسان العادي يتصورها شهادات اختصاص أو أنها تمثل موقعا علميا».
وأضاف ان «السعي وراء المادة ليس عيبا ولا شيء محرما، وكذلك العمل بالقطاع الخاص وفتح مراكز طبية، فكل هذه الأشياء من الأمور المقبولة والطبيعية، ولكن المعيب التكلم طبيا من غير شهادة اختصاص، وبما يخالف بروتوكولات العلاج العالمية المعتمدة والثابتة احصائيا انها تفيد المريض». ودعا رضا الجهات الحكومية المختصة وجمعية المحامين الكويتية واللجان البرلمانية لمجلس الأمة بالتنسيق والتعاون لسد الثغرات القانونية والنقص التشريعي بما يحفظ كرامة الاطباء ويحافظ على المرضي من الاستغلال الاعلامي والتدليس.
من جهته، قال طبيب جراحة الحروق والتجميل والترميم الدكتور أحمد باقر العلي ان «أهم ما يعطي مهنة الطب بعدها الانساني هو مهنية الطبيب بالدرجة الاولى، وللاسف شهدنا أخيراً بعض الترويج الذي لا يتوافق مع اخلاقيات المهنة، محولا الطب والتداوي الى سلعة تجري عليها خصومات وباقات».
ورأى الدكتور العلي انه ليس هناك مشكلة في عرض الحالات المرضية اذا كان باطار توعوي تعليمي اما استغلالها للدعاية البحتة فهو موضوع يطول نقاشه وتنقسم حوله الاراء والمهم هنا دراية المريض وموافقته الكاملة، وان تكون مكتوبة خطيا لحفظ حقوق المريض.
وحول إمكانية ان يكون هناك تشريع جديد ينظم هذا الأمر قال العلي«لا اعتقد ان التشريع الجديد هو الحل خاصة في ظل وجود تشريعات ولوائح منظمة، بل ارى ان المسؤولية الاخلاقية هي الاهم والمهنية العالية التي يتمتع فيها غالبية الاطباء تثلج الصدر اما القلة القليلة الشاذة فيجب أن ترفض ممارساتهم من أقرانهم ويتم توعية المرضى بهذا الاطار».
وانتقد اختصاصي أمراض الكلى والامراض الباطنية الدكتور يوسف بهبهاني من يستخدم المرضى أو بعض المشاهير للدعاية للعيادات الطبية، وقال ان«كثيرا من ذلك اصبح يسيء لمهنة الطب وتجاوز حد الإعلان عن الخدمة إلى الترويج الخاضع للمقابل المادي مما قد يهز مصداقية الطبيب لدى مرضاه.
وأضاف بهبهاني ان «كثيرا مما نراه مخالف للقانون اصلا وليس لاخلاقيات المهنة فحسب، فقانون المهن الطبية الصادر سنة 1981 ينص صراحة على انه (لا يجوز للطبيب ان يقوم بالدعاية لنفسه بأي طريقة كانت). ومع ذلك ربما نحتاج اليوم الى بعض المرونة في التعامل مع هذه المسألة لانها اصبحت امرا واقعا، والطبيب يحتاج بشكل او بآخر للإعلان عن خدماته،» مؤكدا ان «أي تعديل قادم على القانون يجب ان يتضمن ضوابط محددة لتقنين الإعلان كي لا نرى تحول الطب من مهنة انسانية الى مصدر رزق تجاري فحسب».
من جانبها، قالت استشارية الجراحة العامة الدكتورة فاطمة خاجه ان «موضوع الدعاية الطبية أجده دقيق جدا ويحتاج في رأيي الشخصي الى تشريع وتنظيم دقيق حتى لا يصل الحال الى الفوضى التي نشهدها للاسف، والتي تسيء بالضرورة الى أخلاقيات المهنة وخصوصية مهنة الطب». وأضافت ان «الدعاية الطبية في التلفزيون والاذاعة والمجلات ووسائل التواصل الاجتماعي مقبولة، اذا لم يتم فيها الاخلال بخصوصية مهنة الطب وبأخلاقيات المهنة، كما يجب ان تكون أولا المادة الطبية الاعلانية صحيحة المعلومة وغير معقدة لغير مختص، كما يجب الا تُذكر نسب غير صحيحة وغير مثبتة علميا.
ورأت خاجه ان»عرض الاعلانات وصور الاطباء في الشوارع يضر بخصوصية وسمو مهنة الطب كما أن عرض المشاهير للاطباء يضر بالمهنة الا ان يُذكر صراحة بان إعلانهم مدفوع الثمن«.
وأكدت أهمية عدم تضليل المجتمع في تخصص الطبيب وان الطبيب عندما يذكر انه متخصص في المجال الفلاني فان ذلك يجب ان يكون مثبتا بحصوله الفعلي على الزمالة في هذا التخصص وليس فقط تزكية لنفسه وأنه مثلا لا يجب ان يطلق على نفسه جراح سمنة الا اذا كان ذا تخصص وخبره في جميع عمليات السمنة وليس فقط في عمليات التكميم وقس على ذلك جراحة الثدي والاورام والقولون وغيرها..
وأضافت خاجه ان»انتقاء الاطباء وتواصلهم مع المشاهير فقط عمل يضر بأساسيات المهنة ولا يوجد اسوأ من التفرقة بين المرضى في العلاج، والتخصص في علاج فئة دون اخرى، وعرض صور المرضى في وسائل التواصل لا اجده اخلاقيا، حتى وان حصل الطبيب على موافقة المريض، اما اذا كان الغرض نشر الصور في كتب الطب او المجلات العلمية فقط فذلك عمل مقبول. واعتبرت ان اطلاق الطبيب صفات وألقاب على نفسه وعمله غير مقبول اخلاقيا ومهنيا، مثل «المتميز في الجراحة الفلانية» و«الافضل» و«الاقل في المضاعفات» وان «لديه»مهارة خاصة«وان انتقاء عبارات شكر بعض المرضى للطبيب بما يوحي بانه لا يتلقى سوى الشكر والجميع راض عنه امر غير دقيق ولا يتفق مع مبادئ المهنة».
ورأت ان عرض بعض العمليات التي مازالت تحت التجربة أو البحث بأنها مثبتة علميا وناجحة وآمنة تماما أمر يضر بالمهنة، وان ذكر معلومة بان المبلغ الذي يتقاضاه الطبيب من المريض سيرجعه بالكامل اذا لم يكن المريض راضيا عن النتائج امر مخل باساسيات المهنة. وأضافت ان هذه بعض الضوابط على سبيل المثال لا الحصر، والكثير منها ان لم يكن كلها ضُربت بعرض الحائط للاسف ومازالت تُضرب، وأود ان اضيف نقطة عن دعايات المشاهير للاطباء فقد انصدمت من بعض الاطباء في سبيل الدعاية والشهرة والمال يذكر بانه «تشرّف بعلاج خبيرة الميكب الفلانية او العارضة الفلانية!! فهل هذا تكريس لمجتمع يركع فيه صاحب الشهادة العلمية والتخصص الانساني النبيل للفارغين الجامعين للمال».
من جهتها،عبرت استشارية جراحة التجميل والترميم الدكتورة منيرة بن نخي عن رفضها لأسلوب الدعاية الطبية للعيادات عبر استخدام بعض المرضى والمشاهير، مضيفة «لم اتجه إليه ولن اتجه إليه لا في المستقبل القريب ولا البعيد لأنه ضد مبادئي. فنحن مجتمع إسلامي محافظ، تحكمنا عادات وتقاليد تمنعنا من نشر صور المرضى في قنوات التواصل الاجتماعي. ولكن للأسف انتشرت هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة واستغرب من عدم وجود رقابة تمنع هذه الظاهرة الدخيلة».
واعتبرت بن نخي ان ذلك يعتبر مخالفاً لاخلاقيات المهنة اذا تم نشر الصور والفيديوات من دون علم وإقرار المريض. او اذا كان فيه تلاعب بالصور والفوتوشب او استخدام معلومات غير صادقة بهدف الترويج الإعلاني البحت«مرتئية ان كانت الدعاية وفق الضوابط الشرعية والأخلاقية وبعلم المريض واقراره، وباستخدام صور حقيقية ومعلومات صادقة والهدف منها التوعية او إيصال معلومة، فلا يوجد فيها اي مخالفة. ورأت ان الأمر بحاجة ماسة الى تشريع جديد تشريع ينظم الأمر ورقابة صارمة للحد من التجاوزات.
 من جهته، قال استشاري الغدد الصماء والسكر الدكتور وليد الضاحي المشكلة ان عيادات الاطباء أصبحت ساحة لـ «السناب» و«الانستغرام» فأصبحت الدعاية باستخدام المرضى والمشاهير سواء مقابل خدمة أو مدفوعة الاجر، مضيفا«ان الكثير منا عمل في اكبر المستشفيات ومع اشهر العلماء والاعلان عن عيادتهم كان بالاسم والتخصص والسيرة الذاتية، والمنحنى خطير وللاسف ينحى معه الكثير من الزملاء الاكفاء».
في السياق نفسه،أكد الأمين العام السابق للجمعية الطبية الكويتية الدكتور محمد القناعي ان«الدعاية هي حق لكل مقدم خدمة وان من حق متلقي الخدمة ان يكونوا على دراية بالخدمات المقدمة اليهم سواء كانت خدمات طبية أو غيرها».
وقال إن هناك ضوابط تحكم اسلوب ومحتوى الدعاية لا ينبغي الحياد عنها، ولا يجب تجاوز النصوص القانونية التي تنظم تلك المسألة، لافتا الى ان كان هناك استغلال موثق من قبل مقدم الخدمة فينبغي على متلقي الخدمة التقدم بشكوى للجهات المختصة.
وأكد ان قانون مزاولة المهن الطبية 25 /‏1981 وضع مواد تنظم عملية الدعاية في المجال الطبي وان المطالبة بتعديل هذا القانون تأتي تماشيا مع المستجدات الحديثة التي طرأت على مختلف الجوانب في المهن الطبية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي