No Script

ربيع الكلمات

جدد حياتك... بعد الحج

تصغير
تكبير

«آفات الفراغ فى أحضان البطالة تولد آلاف الرذائل، وتختمر جراثيم التلاشى والفناء. إذا كان العمل رسالة الأحياء فإن العاطلين موتى».
محمد الغزالي
من الكتب الجميلة التي ألفها الدكتور محمد الغزالي كتاب «جدد حياتك»، يتميز الكتاب بالسمو الفكري الجميل وبأسلوب سهل ممتن في كلماته وايصال الأفكار من خلاله، وأبدع الغزالي في الغوص في النفس الإنسانية حتى تعتقد بأنه مختص في علم النفس، ومن أهم ما يميز الكتاب أنه يجعلك تواجه الحياة برحابة صدر وكيف تحول الأفكار السلبية إلى طرق عملية قابلة للتطبيق.
قرأ الغزالي كتاب «دع القلق وابدأ الحياة» فجاءت لديه فكرة تأليف كتاب على غرار ما كتبه المؤلف ديل كارنيجي في كتابه، حيث قام بتأصيل الكتاب تأصيلاً إسلامياً، خصوصاً وأن الغزالي لديه عمق في هذا المجال، فأبدع في مؤلفه حتى أصبح من الكتب البارزة وإضافة للمكتبة العربية.
ويذكر في كتابه «جدد حياتك»: «إن خروج الإنسان عن سجاياه وانفصاله عن طباعه العقلية والنفسية السليمة أمر يفسد عليه حياته ويثير الاضطراب في سلوكه، اعلم أنك نسيج وحدك، فأنت شيء فريد في هذا العالم ولا يوجد من يشبهك تمام الشبه شكلياً أو نفسياً، وهذا من تمام قدرة الله عز وجل، فاغبط نفسك على هذا وارض بما قسم الله تعالى لك، وابذل جهدك لتستفيد مما منحك ربك إياه من مواهب وصفات متقبلاً في الوقت ذاته علاتك وسلبياتك».
ويقول ديل كارنيجي في كتابه: «دع القلق وابدأ الحياة» وأضاف: «إن أفكارنا هي التي تصنعنا، واتجاهنا الذهني هو العامل الأول في تقرير مصايرنا، إن أحداً لا يستطيع إنكار ما للروح المعنوي من أثر باهر لدى الأفراد والجماعات»، أما ماركس أورليوس فيبين أن: «حياتنا من صنع أفكارنا فإذا نحن ساورتنا أفكار سعيدة كنا سعداء، وإذا تملكتنا أفكار شقية غدونا أشقياء، وإذا خامرتنا أفكار مزعجة تحوّلنا خائفين جبناء، وإذا تغلبتْ علينا هواجس السقم والمرض فالأغلب أن نبيت مرضى سقماء، وهكذا».
وتأتي شعيرة الحج لتكون أجمل فرصة، لكي يجدد الإنسان حياته من كثرة المعطيات المادية التي كان يعيشها قبل الحج، فيعود منها وهو نقي السريرة صافي القلب، فيحلق عالياً ويتسامى عن الماديات المنسية والملهية في حياته اليومية.
إن النفس الإنسانية في غاية التعقيد، وتدور بداخل أكبر المعارك... علاوة على قصور معرفي لدى غالبية الناس عن فلسفة هذه النفس، حتى يأتي الحج في السنة مرة واحدة ويساعد الإنسان على ترتيب أولوياته، ويعيد كل شيء في مكانه الصحيح.
ويرى المفكر الايراني علي شريعتي: «أن الحج عملية ارتقاء نحو الله، وذلك عبر استعراض خمس قضايا، الحج في جوهره هو عملية ارتقاء الإنسان نحو الله، وهو المظاهرة الرمزية لفلسفة خلق آدم، وبعبارة أوضح وأقرب: إن أداء شعائر الحج هو استعراض لمعان عدة في وقت واحد، فهو عرض لقصة الخلق، وهو عرض للتاريخ، وهو عرض للوحدة، وهو عرض لــعقيدة الإسلام، وهو عرض للأمة».
والمعركة الحقيقة مع النفس والحياة تبدأ بعد الحج، ليكون عند الإنسان عقيدة أن العناصر المادية يجب ألّا تتجاوز الروحية.

akandary@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي