No Script

ربيع الكلمات

اختفاء... كوداك و نوكيا!

تصغير
تكبير

نحن نعيش في عالم ليس متغيرا فحسب وإنما واقع شديد التطور، وهذا التطور فرض نفسه على هذا الواقع، والبقاء سيكون للأحدث ومن يستطيع التكيف، ومن لم يتقدم سيتقادم، والكثير من الأعمال التقليدية ستتغير وفِي مختلف المجالات بالطب والهندسة وقطاع التجزئة وحتى الوظائف، ويقال إن هناك شركات ووظائف ستختفي، وستظهر أخرى قادرة على مسايرة هذا الواقع الرقمي، ولعل ما حصل لشركة «كوداك» وعملاق الاتصالات «نوكيا» خير مثال ودليل وشاهد.
حيث كانت «كوداك» عملاق إنتاج الكاميرات القديمة وأفلام الكاميرات، فظلت الشركة متربعة 133 عاما على عرش صناعة الكاميرات، وحققت تاريخاً حافلاً من النجاحات الكبرى في هذه الصناعة، حيث تأسست الشركة عام 1892م من قبل جورج ايستمان، فكانت الشركة متخصصة في إنتاج معدات التصوير ومواده.
استحوذت الشركة على اهتمام 90 في المئة من الأميركي، ولكن بدأت معاناة الشركة المالية، بسبب انخفاض نسبة المبيعات لمنتجاتها من أفلام التصوير، وكان السبب بروز نجم الكاميرا الرقمية، فبدأت الشركة في الهبوط في عام 2004، لم تعد تظهر ضمن قائمة داوجونز، المخصصة لأكبر 30 شركة داخل الولايات المتحدة الأميركية.
فلسفة الشركة التسويقية اعتمدت على بيع الكاميرات بأسعار زهيده، من أجل الحصول على حصص تسويقية عالية، إنتاج كبير وتكلفة منخفضة، مع إعلانات كثيرة، وذلك يؤدي إلى تحقيق الانتشار العالمي، والتركيز على الزبون.
وفِي عام 2012 قامت الشركة بإعلان إفلاسها، وذلك لحماية أصول الشركة من الدائنين وإعادة التنظيم، فلم تتوقع الشركة بثورة التصوير الرقمي وكاميرات الهاتف الذكي، وظلت تحاول المنافسة، ولكن دون جدوى تذكر.
أما النموذج الآخر لشركة هواتف كان لديها مليار مستخدم وعميل والآن أصبحت في خبر كان، هي شركة «نوكيا» حيث كانت اللاعب الرئيسي في سوق الهواتف، ومبيعات تقارب نصف السوق العالمي بأكمله، والآن كأنه لا أثر للشركة وانهارت بشكل شبه كامل.
شركة بحجم «نوكيا» لا يمكن أن تنهار بين ليلة وضحاها، بل أخذت وقتاً طويلاً قبل الانهيار لدرجة أن بعض المدراء كان يقدم مصلحته الشخصية على مصلحة الشركة، وبالتالي كانت القرارات غير مدروسة، إضافة إلى التحزبات وتقديم صاحب الولاء على الكفاءة والمكابرة وعدم الاستماع لنصائح أهل السوق.
وبداية التهديد الحقيقي وجرس الإنذار كان عام 2007 مع بداية ظهور كل من الهواتف الذكية، بينما كانت الشركة غير واعية أبداً لحجم التهديد على حصتها السوقية، حيث انها فشلت في إصدار منتج منافس حتى عام 2010 مع هاتف Nokia N8، ولكن الأمر كان متأخراً، بحث كان وقتاً كافياً للتحول إلى الشركة الحديثة.
وهذا نداء إلى كل صاحب شركة ورائد أعمال... احترس وراقب البحوث التسويقية وباستمرار، لأنها تقودك لمفاتيح فهم المستقبل، اقرأ المجلات المتخصصة في مجالك، ولا يوجد هناك شخص كبير على المعلومة والعلم، إياك أن توظف أحداً شفقة، ابحث عن أفضل اللاعبين واجعلهم أصدقاءك، ولا تضحي بالموظف الجيد بسهولة، ورأس الخيبة والسقوط هي المجاملة وعدم قول الحقيقة.

akandary@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي