ترامب يرفع حظوظه في الولايات المتأرجحة: «الديموقراطي» يستخدم «كورونا» لسرقة الانتخابات
قبل 70 يوماً من الانتخابات الرئاسية المقرّرة في الثالث من نوفمبر المقبل، أظهرت سلسلة من استطلاعات الرأي تقدماً في شعبية الرئيس دونالد ترامب، الذي يسعى للفوز بولاية رئاسية ثانية على حساب منافسه الديموقراطي نائب الرئيس السابق جو بايدن، محذّراً من أن الديموقراطيين سيسعون لسرقة الانتخابات من دون أن يقدم دليلاً.
وظهر تحسن أوضاع ترامب في الولايات الأربع أو الخمس المتأرجحة، التي ستحسم السباق، خصوصاً أوهايو في الوسط الغربي، التي أظهرت أرقامها أن الرئيس الأميركي قلب تأخره تقدماً، وان كان تقدمه ما زال طفيفاً وفي نطاق هامش الخطأ الحسابي.
ويأتي التحسن في شعبية ترامب على خلفيه انحسار بعض الأزمات التي تعصف بالبلاد منذ مارس الماضي، مع الانتشار الواسع لوباء كورونا المستجد، حيث قارب عدد الأميركيين المصابين عتبة الستة ملايين، وهو الأعلى في العالم، بالتزامن مع تقلّص اقتصادي هو الأكبر منذ الكساد الكبير في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي.
وتظهر أحدث الجداول البيانية أن نسبة الاصابات الجديدة بين الأميركيين انخفضت بواقع الربع في عموم البلاد، وانخفضت معها أعداد الوفيات.
كذلك، تظهر بيانات وزارة العمل أن الاقتصاد أفاد من تسعة ملايين فرصة عمل جديدة، في الأشهر الثلاثة الأخيرة، أسهمت في التعويض عن فداحة المشكلة التي خلقتها خسارة 20 مليون وظيفة في أول شهرين لبدء انتشار الوباء.
وعلى الرغم من أن بايدن يبدو أنه متقدم شعبياً بفارق شاسع يتعدى العشر نقاط مئوية، إلا أن عدداً من نقاط الضعف تشوب هذا التقدم، أهمها اثنتان: الأولى تكمن في أن استطلاعات الرأي في الفترة التي تسبق موعد الانتخابات بكثير لا تميّز بين المستطلعين ممن سينتخبون، وممن يدلون بآرائهم من دون أن تكون لديهم نية الذهاب الى صناديق الاقتراع للانتخاب.
لكن مع اقتراب موعد الانتخابات المقررة، تقوم مراكز الاستطلاع بالتركيز على المسجلين ممن ينوون الاقتراع فحسب، وهو غالباً ما يقلّص الفارق في الشعبية بين المرشحين الى أدنى حدود.
ويقول أبرز خبير أميركي في شؤون استطلاعات الرأي نايت سيلفر، إن بايدن يتقدم حالياً بفارق أكثر من عشر نقاط مئوية، وأنه حتى مع تقلّص الفارق بسبب التركيز على المقترعين بين المستفتين، سيبقى متقدما وتبقى حظوظه بالفوز أعلى بكثير.
لكن في حال ارتفعت شعبية ترامب، أو انخفضت شعبية منافسه، بشكل طفيف حتى يصبح الفارق الحالي بينهما عشر نقاط أو أقل، يتقلص الفارق بين المرشحين الى معدل في نطاق هامش الخطأ الحسابي.
المشكلة الثانية تكمن في نجاح ترامب في تجاوز منافسه في ولاية ويسكونسن، حسب آخر استطلاعات الرأي.
ويقول الخبراء إنه إن كان سوء اداء ترامب وادارته في مكافحة الفيروس، مع ما نجم عنه من تقلّص غير مسبوق في الناتج المحلي للنمو الاقتصادي، وسلسلة الكتب الشديدة السلبية بحق الرئيس الأميركي والتي أصدرها كبار من عملوا في إدارته ممن سبق أن كانوا من المقربين إليه، ومع ذلك يتقدم ترامب على بايدن في أوهايو حتى قبل أن يبدأ التركيز على خيارات المقترعين وحدهم، فهذه مشكلة من غير الواضح أن كان لدى الحزب الديموقراطي ومرشحه بايدن المقدرة على التصدي له وقلبها لمصلحتهما.
وكان بايدن أفاد شعبيا من وباء كورونا والتدهور الاقتصادي الذي رافقه، فسجّلت استطلاعات الرأي تصدره في اوهايو بفارق تعدى ثلاث نقاط مئوية في ذروته على مدى شهري يونيو ويوليو. لكن مع نهاية الشهر الماضي، استعاد ترامب الصدارة للمرة الأولى، وتبادلها مع منافسه على مدى الأسابيع الماضية، الى أن استعاد ترامب الصدارة مجدّداً قبل أيام، وان بفارق ضئيل بالكاد يبلغ واحداً على عشر نقاط مئوية.
أما في ويسكونسن وفلوريدا ومينيسوتا وبنسلفانيا، الولايات المتأرجحة التي يظهر فيها تقدم بايدن على ترامب ثابتا، تحافظ شعبية الرئيس الأميركي على نسبة مستقرة بشكل حديدي، نحو 45 في المئة من إجمالي المستفتين، وهو ما يضع بايدن أمامه بنحو خمس نقاط مئوية.
واذا ما احتسبنا تقلص الفارق الحتمي مع الاقتراب من موعد الانتخابات، فان تقدم بايدن يقع ضمن نطاق هامش الخطأ الحسابي، وهو ما يعني أن هذه الولايات قد تذهب الى أي من المرشحين، وأن النتيجة النهائية ستبقى غير معلومة حتى نهاية عملية الفرز واحتساب الأصوات، ما يعني أن ترامب قد يفجر مفاجأة - على عكس أرقام الاستطلاعات - على غرار ما فعل في انتخابات العام 2016 يوم أطاح منافسته الديموقراطية وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، بعدما كانت الاستطلاعات تشير إلى تقدمها على مدى الأشهر الستة التي سبقت يوم الانتخابات.
أمام امكانية أن يعاني بايدن من مفاجأة مشابهة للانتخابات الماضية، سمعت «الراي» من مسؤولي الماكينة الانتخابية للديموقراطيين أنها تعول على السيناتور كمالا هاريس، التي اختارها بايدن للترشح الى جانبه لمنصب نائب رئيس. ويعتقد الديموقراطيون أنه يمكن لهاريس، وهي الوحيدة من أصول أفريقية بين مرشحي الحزبين الأربعة للبيت الأبيض، أن تلعب دوراً في بث الحماسة بين الناخبين السود الذين ساهموا في انتصار الرئيس السابق باراك أوباما، والذين أدى التراجع في نسبة اقتراعهم الى خسارة كلينتون.
وتُظهر بيانات 2012، مشاركة 66 في المئة من الناخبين السود، وأن نسبة 87 في المئة من هؤلاء اقترعوا للرئيس الأسبق باراك أوباما وبايدن. على أنه في 2016، انخفضت نسبة المشاركة لدى هذه الفئة الناخبة الى 59 في المئة فقط. وأظهرت استطلاعات الرأي أن كلينتون حصدت 81 في المئة فقط منهم.
ويمثل الأميركيون من أصول أفريقية نحو 12 في المئة من الناخبين، ويمثلون حصة كبيرة من الأصوات في ست من الولايات السبع التي فاز بها ترامب في 2016 بفارق خمس نقاط مئوية أو أقل عن كلينتون. وهذه الولايات هي فلوريدا التي يقطنها 15 في المئة من السود، وجورجيا حيث يسكن 32 في المئة منهم، وميشيغن 13 في المئة، ونورث كارولينا 22 في المئة، وبنسلفانيا 10 في المئة، وويسكونسن حيث 6 في المئة من السود.
ويستند مسؤولو الحملة الانتخابية للديموقراطيين الى تقرير صادر عن مجموعة كوك المتخصصة بالشؤون الانتخابية، اعتبر أن التراجع في نسبة مشاركة السود في دعم الديموقراطيين بين 2012 و2016 كان في الغالب السبب الذي رمى ميشيغن وويسكونسن على الأقل، وربما فلوريدا وبنسلفانيا كذلك، إلى ترامب، وهو السيناريو الذي يحاول الديموقراطيون تفاديه اليوم.
ومساء الاثنين (رويترز)، افتتح الجمهوريون مؤتمرهم العام برسم صورة قاتمة لأميركا إذا أطاح بايدن بالرئيس ترامب في الانتخابات، وتبنوا نبرة متشائمة طرحها ترامب قبل ساعات عندما حذر من أن الديموقراطيين سيسعون لسرقة الانتخابات من دون أن يقدم دليلاً.
وتعهّد الجمهوريون بتقديم رسالة إيجابية ملهمة على عكس ما وصفوه الأسبوع الماضي بأنه مؤتمر ديموقراطي قاتم وكئيب. لكن المتحدثين في الليلة الأولى، طرحوا آفاقاً مشؤومة إذا فاز الديموقراطيون بالسلطة.
وركز ترامب، من ناحيته، على رسالة «القانون والنظام» رداً على الاحتجاجات واسعة النطاق التي أعقبت مقتل الأميركي الأسود جورج فلويد في مينيابوليس في مايو الماضي، وحض المدارس والشركات على إعادة فتح أبوابها رغم وباء «كوفيد - 19».
وتمثل الرسالتان محاولة من الحملة لاستعادة ناخبي الضواحي، ولا سيما النساء، بعدما تخلوا عن الحزب الجمهوري بأعداد كبيرة في عهد ترامب.
وكرّر ترامب بأن التصويت بالبريد، وهو عنصر قديم من عناصر الانتخابات الأميركية من المتوقع أن يكون أكثر شيوعاً أثناء جائحة فيروس كورونا المستجد، قد يؤدي إلى زيادة في عمليات التلاعب.
وقال: «السبيل الوحيد الذي يُمكّنهم من سلب هذه الانتخابات منا هو أن تكون مزوّرة. سنفوز بهذه الانتخابات».
ويعتبر خبراء مستقلون في مجال أمن الانتخابات، ان تزوير الانتخابات أمر نادر جداً في الولايات المتحدة.
وكما فعل مراراً، وصف ترامب تصدي الولايات لإصابات «كوفيد - 19»، بعبارات حزبية صارخة، معتبراً عمليات الإغلاق والخطوات الأخرى التي أوصى بها مسؤولو الصحة العامة محاولات للتأثير على التصويت في نوفمبر.
وأضاف: «ما يقومون به هو استخدام كوفيد - 19 لسرقة الانتخابات. يستخدمون كوفيد للاحتيال على الشعب الأميركي، كل شعبنا، في انتخابات نزيهة وحرة».