طَلَب من رجال «حزب الله» عدم إخفاء الحقيقة وإمكانات اندلاعها واطلاع العائلات وأهالي القرى
نصرالله: احتمالات الحرب مع إسرائيل مرتفعة هذا الصيف قد لا أبقى بينكم وقد «يُقتل» معي أكثر قادة الصف الأول
- إجراءاتٍ اتخذت للحالات القصوى وقتْل القادة ... لا داعي للتساؤل!
- دلائل كثيرة على أن إسرائيل تسعى لمفاجأة الجميع وعلى الشعب اللبناني والبيئة الحاضنة أن تستعدّ لكل الاحتمالات
يَعْتقد الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله أنّ احتمالَ نشوبِ حربٍ مفاجئة مع إسرائيل سيحصل على الأرجح هذا الصيف في لبنان.
وفي لقاءٍ خاص مع قادة المناطق، طَلَب نصرالله من رجاله عدم إخفاء الحقيقة وإمكانات اندلاع الحرب واطلاع العائلات وأهالي القرى على هذا الاحتمال.
«قد لا أبقى بينكم فترة طويلة وقد يذهب (يُقتل) معي أكثر قادة الصف الأول، وبالتالي من الممكن أن تنجح إسرائيل في اغتيال القادة. إلا أن هذا لا يعني نهاية (حزب الله) الذي لا يَعتمد بوجوده على الأفراد بل هو جزء من المجتمع اللبناني الباقي في هذه البلاد»، قال السيد نصر الله للمُجْتَمِعين. ولم يُخْفِ زعيم «حزب الله» ان «إجراءاتٍ قد اتخذت حتى في الحالات القصوى وقتْل القادة، فلا داعي للتساؤل».
«هناك دلائل كثيرة على أن إسرائيل تسعى لمفاجأة الجميع، مثل حرب 2006. إلا أن (بنيامين) نتنياهو ليس مثل (ايهود) أولمرت المتردِّد. ومثلما فعلتْ إسرائيل في غزة العام 2008 فمن المحتمل أن تفعل الشيء نفسه العام 2019 بهدف إزالة التهديد المقبل من حزب الله إلى الأبد. ولذلك فإن على الشعب اللبناني والبيئة الحاضنة أن تستعدّ لكل الاحتمالات»، أضاف السيد نصرالله.
وبحسب تقدير «حزب الله»، فإنه من المحتمل أن تُخْلي إسرائيل كل المستوطنين من الناقورة وحتى مزارع شبعا في حال اندلاع الحرب لمنْع «حزب الله» من العبور وأخْذ هؤلاء كرهائن. وتَستخدم إسرائيل هذه الخطة كإستراتيجية دفاعية متحرّكة بهدف محاصرة وقتْل القوة المهاجمة.
وتقول مصادر مطلعة إن «السيد نصر الله لم يكن يوماً بهذا التشاؤم، ما رفع احتمال الحرب مع إسرائيل من 50/50 الى 70/30 نسبياً». لا يعلم أحد مدى عنفِ الحرب المقبلة، إلا أن الاعتقاد السائد أن إسرائيل تملك بنك أهداف بنحو 1000 الى 2000 هدف لتدميرها في الأيام الأولى من الحرب. وكذلك من المؤكد أن إسرائيل ستبدأ الحرب إذا عرفت مكان السيد نصرالله لتغتاله. وهذا ثمنٌ تستطيع القيادة الإسرائيلية مقابِله إقناع الرأي العام الداخلي بالأكلاف التي ستدفعها في حال إرسال «حزب الله» صواريخه إلى الجبهة الداخلية.
ويأتي تَوقُّع السيد نصرالله المتشائم كتحذيرٍ لقادته لاتخاذ كل تدابير الحيطة والحذر والإبقاء على حال التأهب كي لا يتفاجأ أحد. وهناك اعتقاد سائد أن إسرائيل وأميركا وبريطانيا سيكونون شركاء في أي حربٍ مقبلة.
ويأتي هذا الاحتمال وسط وضْع اقتصادي حرج يمرّ فيه لبنان يصعب معه تَحَمُّل حرب مدمّرة. إلا أن كل الظروف ملائمة كي يستغلّها نتنياهو وخصوصاً أن الوضع الإقليمي والدولي فريدٌ من نوعه حيث لم تعد إسرائيل عدوّة لدولٍ عدّة في المنطقة بل أصبحت كذلك إيران وشركاؤها وبالأخصّ «حزب الله».
وتقول المصادر المطلعة إن «الترسانة التي يملكها حزب الله كافية لإطلاق مئات الصواريخ العشوائية والدقيقة يومياً ولفترة طويلة جداً من الزمن. وكذلك أنهى حزب الله بناء خنادقه ومدنه تحت الأرض لتُشْبِه أنفاق باريس المشهورة، أو جبنة (الغرويير)، التي تكسوها الثقوب. أما من الناحية المادية فلم يعد (حزب الله) يحتاج إلى مبالغ ضخمة لأن وجوده على الخط الأمامي في سورية قد تَقَلّص إلى الحد الأدنى».
وهنا السؤال: هل تتقبّل إسرائيل وجود جيشٍ مدرَّب ومنظَّم غير نظامي على حدودها بعدما استحدث نتنياهو إستراتيجية عسكرية جديدة؟ يعتقد «حزب الله» ان نتنياهو تخلى عن سياسة ديفيد بن غوريون (مؤسس الدولة الصهيونية وأول رئيس وزراء لإسرائيل) التي تنصّ على «نقْل المعركة إلى أرض العدو»، واتبع سياسةً جديدة تقوم على أخذ المبادرة وإزالة كل التهديدات والقضاء عليها. ولهذا ضرَب الطيران الإسرائيلي مواقع في العراق (قصف مراكز الحشد الشعبي) وفي سورية كلّما علِم بوجود أسلحة متطورة أو مستودعات سلاح وذخيرة. ويعيش نتنياهو في زمنٍ شُلّ فيه الجيش العراقي والسوري ولم تعد دول عدة في المنطقة تشكل خطراً على إسرائيل. ويبقى فقط الخطر المقبل من إيران و«حزب الله» في لبنان. فلماذا يتعايش نتنياهو مع هذا الخطر؟
لا يُتوقّع الكثير من روسيا التي تحاول أن يكون لها موطئ قدم في لبنان. ولذلك فهي لا تريد الرئيس بشار الأسد قوياً، يَعْتمد على حليف قوي مثل «حزب الله». وبإزاحة الرئيس الأسد سيتسنّى لروسيا عقْد صفقة مع أميركا والتوصل إلى إعادة سيطرة دمشق على إدلب وانسحاب أميركا من الحسكة - دير الزور والتنف مقابل إزاحة شخص الأسد. وهذا ما تقْبل به واشنطن.
ولكن لماذا هذا التشاؤم المفاجئ؟ يراقب «حزب الله» حركة القوات الجوية والبحرية الأميركية في المنطقة، وسلوك نتنياهو مع غزة (يعطيها ما تريده من مساحة بحرية وعبور بكفالة ورعاية مصر شرط أن تبقى على الحياد في حالة حرب مع «حزب الله»)، ودعْم ترامب اللا محدود لرئيس الوزراء الاسرائيلي، وإضافة «حزب الله» على لائحة الإرهاب من دول عدة، والتحذيرات المتكررة من أميركا للبنان والعداء لإيران ومحاصرتها، وانتصار اليمين المتطرّف في إسرائيل وأخيراً صفقة القرن المؤجَّلة الى الصيف المقبل.
ولكن كيف ستكون ردة الفعل؟ إيران و«حزب الله» في موقفٍ دفاعي غير مُبادِر بالهجوم. وقد تُطَوِّر إيران قدراتها النووية لتكون كاسِرة للتوازن وقلْب الطاولة على رأس الجميع لوقف احتمال الحرب بنظرها. أما «حزب الله» فقد اتخذ تدابير لمواجهة بنك الأهداف الإسرائيلي وتمّ إفراغ المئات من المواقع والتخلّي عنها وتفويض الصلاحيات العسكرية للقادة الميدانيين ووضْع خطط احتياطية لأسوأ سيناريو.
لقد احتلّ «حزب الله» بيروت العام 2008 عندما حاولتْ الحكومة اللبنانية شلّ قدرته على الاتصالات الداخلية الآمنة. فماذا سيفعل إذا شعر بأن وجوده أصبح في خطر؟
إنها وجهة نظر متشائمة لـ «حزب الله» وقادته الذين يستعدّون للأسوأ. فمن المحتمل ألا تفكّر إسرائيل بمغامرةٍ عسكرية وتبقى سعيدة تراقب عقوبات ترامب على إيران ولبنان وسورية.
الصيف قريب، وهو يمثّل المناخ المثالي لإسرائيل لشنّ الحروب عندما تكون السماء صافية. فهل يستمتع اللبنانيون بشمس الشرق الأوسط الحارقة وسواحها أو يستعدّون للأسوأ؟