سارة النومس

الحرب الزوجية
قام نزار قباني، بوضع نفسه مكان المرأة قبل أن يكتب قصيدته الشهيرة «رسالة من امرأة» وغنتها فايزة أحمد، بكل مشاعرها، رسالة امرأة تتألم لنفسها لا لحبيبها.ونظراً بأن المرأة تتحكم بها العاطفة والهرمونات والتغييرات النفسية، ما عرضها لتحمل السخرية والتقليل من قوتها وشأنها على مدى عقود طويلة من الزمن، قبل أن يتحد كثير من النساء حول العالم ويجعلن من الرجل مخلوقاً منافساً لا شريك حياة.إنّ المنافسة التي شعرت بها المرأة بالرجل جعلتها تضغط على (دواسة البنزين) كي تتفوق عليه، وكان لبعضهن ذلك، فقد تفوقت على زوجها بالشهادة والراتب الأكثر والذكاء وتربية الأطفال. حتى أصبح بعض الازواج يرون انفسهم مزهرية في المنزل، فلا يتحمل مصاريف المنزل ولا مسؤولية الأطفال.اشتكت إحدى النساء من جفاء زوجها، وبأن جل اهتمامها هو في المنزل والأطفال، لقد أصبح يعاتبها بكل عاطفة، نوع العتاب العاطفي الذي غالباً ما تستخدمه المرأة، لقد قامت المرأة دون قصد بعزل دور الرجل عن طريق الصرف في المنزل بحكم راتبها الأعلى، على الرغم من أن الرجال يستطيعون العيش والصرف، حتى لو كان راتبهم أقل فالقوامة لهم، يستطيعون التصرف لو أرادوا ذلك.ومن الأمور الغريبة هي بقاء الكثير من الرجال أمام التواصل الاجتماعي لساعات طويلة، لدرجة أن الرجل أصبح يقارن زوجته المهملة بالمشهورة التي تزوجت (مليونير) وتنازلت عن وظيفتها وأصبحت حياتها هي الاهتمام بالبقاء مزينة وملونة أمام زوجها المليونير كي لا تخسره، فيرى المتابع عكس ذلك فهو اهتمامها فقط ولا يرى المميزات والرفاهيات التي حصلت عليها لقاء هذا الاهتمام.كما يقوم بعض الرجال في التواصل الاجتماعي بوضع صور فتيات جميلات والتعليق على أنهن من الدولة الفلانية ويرغبن بالزواج بالمجان دون مهر، أعلم أن المقصد من المواضيع تلك هي إثارة غيرة الفتيات. تصرف مشين يظهر نظرة سطحية لمجموعة من الرجال التافهين، بأن يعرضوا النساء كالبضائع الرخيصة معلنين عدم استعدادهم للصرف نظير تأسيس أسرة، انفسهم لا يقبلون أن تُعرض أختهم بهذه الطريقة، بل ولا يقبلون زواج أختهم مجاناً.الحرب بين الرجل والمرأة لن تتوقف وقد تكون ردود الأفعال أحياناً شرارة لحرب طويلة، ولكن أرجو ألا يحكم الرجل على المرأة بناء على التواصل الاجتماعي وبعض الأفكار التي يسعى العديد من النساء لنشرها بصورة عدوانية للرجل، وألا تحكم المرأة على الرجل من خلال صورة المرأة الخارقة في الأفلام، المديرة القوية الذكية وزوجها سعيد للأبد، هي المتحكم وهي المتصرف في كل شيء في حياة هذه الأسرة.كانت لحملات المساواة والمطالبة بالحقوق ضريبة لا بد أن تدفعها النساء وأن يتحملن قسوة الحياة المليئة بالإغراءات المزعجة، وعليها أن تعي أن الرجل يستطيع الحصول على المال ويستطيع التكفل بأسرته وسيشعر بقيمته كرجل مسؤول ويسعده ذلك الشيء (لو أراد) فلا تشعر بالشفقة عليه ولا تعطيه رسائل مفادها: لا تقلق سأقوم بدور المرأة والرجل في المنزل.

د. عبدالرحمن الجيران

أين المتابعة؟!
لا بأس إذا أنا استمرأتُ الراحة وجعلت من هذه المقالة جماماً من تعب، فإن الحُمّى جعلتني خاضعاً للملل فوق الملل الذي كنت أجده من متابعة ما يسمى (الحراك السياسي) والمعارضة التي زعمت متابعة الأداء الحكومي منذ كتابة الدستور حيث استمعت لبعض المشاركين في المجلس التأسيسي وأسلوبهم في الإدارة ومحاسبة الحكومة مروراً بفترات حل المجلس.وخلال هذه المدّة اشتدّ أوار المعارضة وزحفها على صلاحيات الحكومة إلى أن اصطدمت (العربة في الجدار) فتبعثرت الأوراق وأنا مفطور على الملل من السخف المتشابه في الضحك على الذقون في (الحراك الجديد) وأشد مللاً من الغفلة عن إدراك هذا التشابه المتتابع المزخرف بـ(الديمقراطية) و(هامش الحرية) و(المشاركة في القرار) إلى آخره من شعارات براقة رفعها الإسلام السياسي، فاجتمع عليّ من الملل ما آثرت معه أن أتخفف من هذا الضيق بمرض الحمّى ببعض هذه الآمال لأقول إن (مجلس الأمة) سوف يتصّلح!أليس من حقي أن أتمدد على ظهري واضعاً ساقاً على ساق حيث أجمع كفي يدي مشبكاً الأصابع من وراء رأسي وأخلع نظارتي وأغمض عيني وأتحدث بالسجية من غير تكلّف ولا رسميات؟إنه من حقي أن أفعله بين رَبْعي وزواري وأقرب أصحابي بلا ريب... وإذا كان الأمر كذلك فمن حقي أن أفعل ذلك أيضاً على الورق! بين قرائي وخاصة أهل مودتي في أن يقرأ هذه المقالة أليس كذلك؟! وهكذا هي الدنيا وإلا فمعذرة فهكذا أنا سواء رضي مني القرّاء ذلك أو كرهوه!وخطر في بالي هنا أن أفترض إن (مجلس الأمة) سوف ينصلح حاله مستقبلاً... ثم أصور لهم حال المجلس القادم المثالية وعليهم أن يصدقوها ولم لا؟ أليس مؤسسة دستورية؟ فما يمنعه من إصلاح الكويت وقد مضى عليه ستون عاماً؟ ومن الذي يملك أن يكذبني فيما أقول؟ومعي هذا الصدق وهذا المنطق (الشعبي) لأننا في زمان عجيب... فمثلاً لو حدثتك أن إنساناً نظر في المرآة فلم تعجبه طلته فانطلق مسرعاً إلى أقرب (عطار) طمعاً في أن (يصلح العطار ما أفسده أهل الدهر) فدخل وخرج بعد ساعة شاباً وسيماً ووجهاً وضيئاً قد عاد مسنون الوجه بعد استدارة وجهه واغبراره أحور العينين بعد جحوظهما رقيق الشفتين بعد الهَدَل... فلو حدثتك بهذا لما كان شيئاً عجيباً ولوجب عليك أن تصدقني... ومن سفه الرأي ألا تصدق، وتوكل على الله... وهكذا إذا قلت لك إن مجلس الأمة سيستقيم بعد هذه الفضائح التي سمعها القاصي والداني فالسياسيون غالباً من طينة واحدة! مهما تغير الزمان! و«هذا سيفوه وهذي خلاجينه».لكن هل معنى هذا اليأس والقنوط مع وقف التنفيذ في الإصلاح؟الجواب، لا، وهذا لا يمكن تصوره فالمثل يقول (يد واحده لا تصفق) فلا يمكن للوزراء ومجلس الوزراء العمل منفرداً للنهوض من جديد بالكويت دون ربط موضوعي مع مؤسسات الدولة، فهو بحاجة دائماً إلى استخراج الآراء للخلوص للرأي السديد، وبعد تعديل الهوية الوطنية وتوقيع اتفاقيات المشاريع الكبرى وفرض هيبة القانون يأتي جهاز متابعة الأداء الحكومي بحلته الجديدة لتلائم المرحلة آملين أن نسمع جديداً؟!فما الجديد بعد سلسلة الإصلاحات المالية والإدارية والقضائية؟وهل سيكون الجهاز بديلاً؟وما نحب أن نسمعه بالأخص ما يلي:فيما يتعلق بوضع نظم استطلاع الرأي العام حول مستوى الأداء الحكومي.فيما يتعلق باقتراح ما يلزم بشأن الموقف التنفيذي للجهات المعنية.واقتراح الآليات بشأن تقارير ديوان المحاسبة عن نتائج الفحص والمراجعة السنوية.

د. جمال عبدالرحيم

هل يحقق قانون «الحوالة البديلة» العدالة... أم يفتح باب الاجتهاد؟
بينما أضع اللمسات الأخيرة على كتابي الجديد «الحوكمة العرجاء - انتشال وطن (6)»، الذي يتناول الفجوات بين التشريعات الكويتية والخليجية والتشريعات الدولية، جاء تشريع «الحوالة البديلة» ليكون الحافز الأخير لإخراج هذا العمل إلى النور بعد أكثر من خمسة وعشرين عاماً من البحث المتقطع والتردد في نشره. فقد مثّل هذا القانون نموذجاً لإشكالية تشريعية قد تتجاوز حدود النص إلى آثار تمس المجتمع والقضاء والاقتصاد.لقد أثار القانون جدلاً واسعاً في داخلي بسبب صياغته الفضفاضة التي تُجرّم «الحوالة البديلة» بعبارات عامة لا تقدم تعريفاً دقيقاً، وتفرض عقوبات تصل إلى الحبس والغرامات المرتفعة دون وضع ضوابط تحدد ما يعد مخالفة وما يدخل ضمن التحويلات البسيطة أو الأنشطة التي يفترض تنظيمها لا تجريمها. هذا الاتساع في الصياغة يفتح الباب أمام اجتهادات متفاوتة قد تؤدي إلى صدور أحكام مختلفة في قضايا متماثلة، وهو ما ينعكس سلباً على ثقة المجتمع بالمنظومة التشريعية والعدلية.ولا تقف الإشكالية عند هذا القانون وحده؛ إذ يبرز الأمر ذاته في قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وهو موضوع ناقشته في أحد كتبي عام 2005. فقد عرّف القانون «الأموال المتحصلة من جريمة» تعريفاً واسعاً للغاية، إذ نصت المادة الأولى على أنه «أي أموال تنشأ أو تحصل بصورة مباشرة أو غير مباشرة من ارتكاب جريمة أصلية...». غير أن القانون لم يحدد بدقة ماهية هذه الجرائم الأصلية، بخلاف التشريعات المقارنة التي وضعت قوائم واضحة. هذا الاتساع يخلق سلطة تقديرية واسعة في التطبيق، مع أن التشريع الجنائي يفترض فيه أن يكون شديد الوضوح في النص والعقوبة، وإلا وجد القضاء نفسه أمام نص لا يمكن تطبيقه بصورة آلية أو حرفية إذا كانت نتائجه غير منطقية أو غير متناسبة أو لا تنسجم مع الهدف التشريعي، بما قد يؤدي إلى خلق مسؤولية جنائية غير مقبولة عقلاً أو قانوناً.وإذا كان الهدف من تشريع «الحوالة البديلة» هو ضبط التحويلات المالية غير المرخصة، فإن التجريم ليس الخيار الوحيد ولا الأكثر فاعلية. فدولة الإمارات، مثلاً، اعترفت بهذا النظام منذ سنوات، ونظمته من خلال تعليمات المصرف المركزي التي شملت شروط الترخيص والامتثال والرقابة، مما ساهم في دمج الاقتصاد الموازي ضمن إطار قانوني واضح. كما أن مكتب مكافحة الجريمة والمخدرات في الأمم المتحدة ينظر إلى «الحوالة البديلة» بوصفها وسيلة مالية عالمية، ويدعو الدول إلى تنظيمها بدلاً من تجريمها بالكامل، لأن التجريم غير المدروس قد يدفع التعاملات إلى خارج نطاق الرقابة.إن جوهر القضية لا يتعلق بالرغبة في حماية النظام المالي -وهو واجب لا يختلف عليه اثنان- بل بضرورة صياغة نصوص محكمة لا تترك المواطن أو القاضي أمام اجتهادات مفتوحة. فالمشكلة ليست في الرقابة نفسها، بل في جودة النص وقدرته على وضع معايير واضحة تمنع التباين والإرباك القانوني.نحن اليوم أمام خيار واضح: إما الاستمرار في إصدار نصوص عامة قد تتباين فيها الأحكام في القضايا المتشابهة، أو الانتقال إلى نهج تشريعي حديث يستفيد من التجارب الدولية ويعتمد معايير دقيقة وواضحة. فالأمن المالي لا يتحقق بالعقوبات وحدها، بل بالتنظيم الرشيد، والعدالة لا تُبنى بالنوايا بل بالنصوص المحكمة التي تعزز الثقة بعدالة التطبيق.وهذه دعوة إلى المعنيين بصياغة التشريعات لإجراء مراجعة هادئة وشاملة، بما يضمن اتساق القوانين وانسجامها، ويحمي المجتمع والاقتصاد، ويسهم في خلق بيئة قانونية جاذبة للاستثمار.

محمد ناصر العطوان

مانيفيستو المثقفين
لماذا يحتاج المثقف أن يصنع هويته بدلاً من أن ينتظر الدعوات من المساحات الثقافية الواقعية والافتراضية؟ ولماذا أكبر فيلسوف معاصر قرر افتتاح «مدرسة» بدلاً من إلقاء محاضرات؟تخيل معي أيها القارئ العربي المسكين المحشور بين المفكرين والمثقفين! أن فيلسوفاً بريطانياً من أصل سويسري اسمه ألان دي بوتون، بدلاً من أن يظهر في التلفزيون ليل نهار ويعطي محاضرات في الجامعات ويبحث عن جوائز الدولة التشجيعية والتقديرية ومسابقات القطاع الخاص، ويقول «أنا كاتب كبير»، بدلاً من كل ذلك قرر أن يبني مشروعه الخاص!في 2008 أسس «The School of Life» - مدرسة الحياة - والتي أصبحت لديها فروع في 12 دولة؟! لماذا فعل ذلك؟ ببساطة لأنه فهم أن المثقف الحقيقي لا «يبحث عن منصة»... لكن «ينشئ منصة»!حسناً، لعلك تسأل من هو ألان دي بوتون؟ وكيف وضع الفلسفة في كبسولات «للبيع»؟ في البداية فإن هذا الرجل «الخواجة» له كتابات ثورية مثل عزاءات الفلسفة والتي نجح فيها في تحويل الفلسفة المعقدة إلى لـ«مسكن آلام» البسطاء... وكتاب آخر بعنوان «قلق السعي للمكانة» حيث حلل توترات الطبقة الوسطى وأسئلة القلق لديهم، وكتاب آخر بعنوان «فن السفر»، الذي صحح المفاهيم حول السياحة من الترفيه لـ«تجربة وجودية»... كذلك له مجموعة كبيرة من الكتب لا يتسع المقال لذكرها.أعتقد أن هذا الرجل نجح في التحول من الكاتب إلى رائد أعمال، لأنه طور الفكرة من «أكتب كتاباً» لـ«أبني مؤسسة» ومن «أحاضر» لـ«أصمم تجارب»، ونجح في اكتشاف الفرق بين كاتب عادي وصانع حركة فكرية.ما هي «مدرسة الحياة»؟ وما الفرق بينها وبين معاهد الاستشارات المنتشرة في وطننا العربي؟رؤية المدرسة هي تعليم الناس كيف يعيشون باتباع منهج عملي في العلاقات والعمل والقلق الوجودي... وتقدم المدرسة خدماتها في شكل دروس: كيف تتخذ قرارات حكيمة؟ وعلاج وجلسات استشارية فلسفية، وكتب ومحتوى عملي لا نظري، وفعاليات وورش عمل جماعية... النتيجة وجود مليوني متابع على يوتيوب و12 فرعاً حول العالم من أستراليا إلى هولندا.ومن حق أي مثقف ومفكر عربي الآن، يجلس في أي مقهى ويقرأ عن تاريخ الشام ومصر وبغداد، أن يتساءل عن سر النجاح لهذا «الخواجة»، ولماذا نجحت مدرسة الحياة؟ ببساطة إنه الابتكار والانطلاق من حاجات الناس... وتحويل الفلسفة إلى سلعة يحتاجها الناس... من دون تعقيد وتقعير للمصطلحات، والحديث عن «نظرية معرفية»، لكن تقديم كبسولات فلسفية تعلمك «كيف تتعامل مع والديك» من دون الدخول في «جدل ميتافيزيقي»؟ ولكن كيف «تختار شريك حياتك»؟انطلقت «مدرسة الحياة» من الإطار الإيجابي، وبشعار بسيط «مجال عملنا إعطاء الناس أفكاراً جيدة»، أما مجال التركيز فهو تحسين جودة الحياة اليومية، أما النموذج فهو تجربة شاملة للمتعلم فيها كتب + فيديوهات + فعاليات + استشارات.عزيزي المثقف! الذي صدع رأسنا بكلمات مثل «أنا مدعو لمؤتمر»... «أنا قرأت كتاباً نادراً... أنا سافرت لدولة وجمعت معلومات فريدة»... ارحم نفسك أرجوك، وارحمنا معك، فأنت موهبة ثقافية مدفونة وتستحق فعلاً أن تدفن أكثر... وستبقى في المكان نفسه والنادي نفسه والأرضية نفسها.المثقف الحقيقي هو شخص يبتكر حلولاً، يصنع هويةً، يخلق حركةً، يؤسس مشروعاً مستداماً... لقد مللنا من المثقف المتكلم، والظاهرة الصوتية، وحان الوقت لنموذج المثقف الصانع والمبادر الذي يتحول لقيمة اقتصادية واجتماعية.إن الدخول لاقتصاد المعرفة، والصناعات الإبداعية يتطلب تحويل معرفتك لمنتجات، وسلع وخدمات... ومشروع صغير أفضل من خطابات كثيرة في زمن تزاحم الكلام، والاستمرارية أهم من الصيت الموقت... ركز على احتياجات الناس... اسأل ما الذي يحتاجه الناس فعلاً وما الذي يؤلمهم؟ قدم حلولاً وبدائل عملية لمشاكل حقيقية.قدم محتوىً ثقافياً بشكل مبسط... قدم تعليماً إلكترونياً عالي الجودة... استفد من إمكانيات غير مستغلة في تراثنا الفلسفي، من ابن خلدون للمعتزلة والصوفية، استفد من حكمتنا الشعبية في أمثال وأقوال يمكن تطويرها، قدم علم النفس الإسلامي للناس التي تشعر بالقلق والاكتئاب...الثقافة ليست ترفاً واستعراض عضلات وقراءات... بل صناعة إبداعية تحتاج رواد أعمال!لذلك، فالمعرفة بدون مشروع، تعتبر كلاماً فارغاً... الهوية بدون تطبيق، تعتبر وجوداً وهمياً... والتأثير بدون استمرارية، يعدُّ ضياعاً للطاقة... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر... وكل ما لا يُراد به وجه الله... يضمحل.

خيرالله خيرالله

2025... سنة مغربيّة بامتياز
كانت السنة 2025، سنة مغربيّة بامتياز. كانت سنة انتصار المغرب في الحرب التي تعرّض لها طوال نصف قرن منذ استعاد، سلماً، أقاليمه الصحراويّة من المستعمر الإسباني.لماذا كانت تلك الحرب؟ ولماذا استمرارها طوال نصف قرن؟توجد مجموعة من الأسئلة تكشف، بين ما تكشف، صمود المغرب في وجه التحديات التي واجهها من جهة وأنّ قضيّة الصحراء كانت في كلّ وقت قضيّة وطنية تهمّ كلّ مواطن في الصميم، المملكة من جهة أخرى.جاء انتصار المغرب، الذي كرسّته السنة 2025، بصفة كونها سنة مغربيّة، بشكل قرار صدر عن مجلس الأمن حمل الرقم 2797. أكّد القرار ما هو مؤكّد. أكّد «مغربية الصحراء» وسيادة المغرب عليها وأنّ مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها الملك محمّد السادس، في 2007 «في أساس» أي مفاوضات في شأن الصحراء.كان لدول الخليج العربي، منذ البداية، موقف واضح من قضيّة الصحراء ومن مغربيتها. جاءت القمة الأخيرة لدول مجلس التعاون لتثبيت الرابط بين الأمن العربي ومغربيّة الصحراء. أكّد البيان الصادر عن القمة التي انعقدت في المنامة «مغربية الصحراء ودعم مبادرة الحكم الذاتي لحل قضية الصحراء المغربية». رحب المجلس في بيانه الختامي، بقرار مجلس الأمن الرقم 2797، الصادر بتاريخ 31 أكتوبر 2025، باعتماد هذه المبادرة كـ«خطوة مهمة نحو التوصل إلى حل واقعي قابل للتطبيق». كما أشاد بقرار الملك محمد السادس، القاضي بتقديم هذه المبادرة إلى مجلس الأمن وجعل يوم 31 أكتوبر من كل سنة عيداً وطنياً تحت مسمى «عيد الوحدة».وقفت دول مجلس التعاون باكراً مع المغرب ومع قضيته الوطنيّة. يوجد شعور عميق في دول مجلس التعاون بأن وحدة التراب المغربي جزء لا يتجزّأ من الأمن العربي ككلّ، خصوصاً أنّ كلّ المحاولات التي بذلت من أجل المس بمغربيّة الصحراء كانت تصبّ في اتجاه توفير مناخ مناسب لتكثيف نشاطات المنظمات الإرهابية والمتطرّفة بكل أشكالها في منطقة الساحل الممتدة من شواطئ موريتانيا إلى جنوب السودان.لم يكن البيان الأخير للقمة الخليجية الأول من نوعه. سبقته بيانات أخرى في الاتجاه ذاته، لكنّ اللافت في البيان إشارته إلى قرار مجلس الأمن 2797 وإلى اعتماد يوم صدور القرار عيداً وطنيّاً مغربياً. يكرّس ذلك عمق العلاقة التي تربط المغرب بدول الخليج العربي ووعياً لأهمّية قطع الطريق على أي تنظيمات، بمن في ذلك «حزب الله» اللبناني، في استخدام جبهة «بوليساريو». لم يكن سرّاً تدريب عناصر من «بوليساريو» في لبنان وسوريا، على استخدام مسيّرات، في مرحلة ما قبل سقوط نظام بشّار الأسد وانهيار الحزب.لا يتعلّق الأمر بنجاحات حقّقها المغرب على كلّ صعيد منذ حصول «المسيرة الخضراء» في نوفمبر 1975 فحسب، بل يتعلّق الأمر أيضاً بوجود سياسة مغربيّة ثابتة ذات حلقات متماسكة. بدأت هذه السياسة بتحصين الصحراء عن طريق بناء سلسلة من الجدران والحواجز الطبيعية مكنت أهلها من العيش بأمان.توّجت هذه السياسة في 2025 بصدور القرار 2797 الذي لم تعترض عليه لا روسيا ولا الصين. يشير ذلك إلى شبكات العلاقات التي بناها المغرب في العالم. لا تعتبر دول مثل روسيا والصين جمعيات خيريّة بمقدار ما أنّها دول تبحث عن مصالحها. ما كان لدولتين تمتلك كلّ منهما حق «الفيتو» في مجلس الأمن الامتناع عن التصويت لولا وجود مصالح حقيقية لكلّ منهما في المغرب.استطاع المغرب جعل نفسه لاعباً على الصعيدين الإقليمي والدولي. كانت من بين أهمّ الخطوات التي أقدم عليها تحقيق اختراقات أفريقية. لم يقتصر الأمر على الدول الأفريقية الفرنكفونية، بل اخترق المغرب دولاً أفريقية ناطقة بالإنكليزية. لا يمكن الاستهانة بطبيعة الاستثمارات المغربية في القارة السمراء، وهي استثمارات قائمة على المنافع المتبادلة، بما في ذلك مصانع إنتاج الأسمدة الكيميائية بفضل الفوسفات المغربي وبناء مدارس ومستشفيات ونشر الإسلام المعتدل.طوّر المغرب الصحراء كي تكون الواجهة الأطلسية لدول القارة السمراء. لا بدّ من الإشارة، في هذا المجال، إلى الدور الذي بات يلعبه ميناء الداخلة الذي يعدّ نفسه لدور كبير على صعيد الربط بين أفريقيا والقارة الأميركيّة. أكثر من ذلك لا يستطيع المراقب المحايد تفادي الاعتراف بأهمّية خط أنابيب النفط والغاز الذي يجري بناؤه والذي يخترق دولاً عدة انطلاقاً من نيجيريا.يبقى السؤال الأساسي ما سرّ الانتصار المغربي؟ السرّ في العلاقة بين العرش والشعب، وهي علاقة قائمة على الثقة المتبادلة التي سمحت للمغرب بالدفاع عن صحرائه من جهة ومتابعة البناء من جهة أخرى. بات المغرب يتمتع ببنية تحتية متقدمة، خصوصاً في ما يتعلّق بشبكة السكة الحديد التي تربط بين المدن والمناطق المختلفة. المهمّ أن لا عقد في المغرب. هذا يعني أنّ لا عيب في الكلام العلني عن أي مشاكل يمكن أن تبرز، من نوع أزمة التعليم والطبابة وتتسبب باحتجاجات. كلّ ما في الأمر أن المغرب بلد متصالح مع نفسه. يمكنّه ذلك من مواجهة التحديات وبعضها تفرضه الطبيعة مثل الجفاف أو الهزات الأرضيّة.يحدث ذلك بعيداً عن الغوغاء والمزايدات. يحدث ذلك عن طريق متابعة مسيرة الانماء والإعمار في بلد يمتلك رؤية واضحة، هي رؤية تقوم على الاستثمار في الإنسان المغربي الذي يبقى الثروة الحقيقية للبلد...

د. خالد أحمد الصالح

القلم ما زالَ في جيوبهم
ظلّ المثقّف العربي، وكثيرٌ من أصحاب الفكر لدينا، يمارسون الهيمنة الفكرية في أطروحاتهم أمام الناس طوال عقودٍ طويلة. ومن أجل تحقيق هذه الغاية ـــ غاية السيطرة والاستئثار بالخطاب، لم يجدوا أمامهم إلا تحليل الواقع، وأحياناً تمزيقه، لتكريس السيادة الفكرية وضمان استمرارهم في قيادة مجتمعاتنا.ويخبرنا واقعنا القديم أن عدداً من الرموز الثقافية والفكرية قد ارتدوا ثياب الليبرالية والعلمانية، وعاشوا فوق سطح الماء بعيدين عن جذورهم. تنفّسوا في فضاءٍ منفصل، واستثمروا قدراتهم الفكرية المرنة لتحليل الواقع بأسلوب يُقنع العامة بثقافتهم وجمال طرحهم، لقد كانت، ولا تزال، قيادات الفكر الليبرالي تمارس لعبة الساحر الذي لا يريدك أن ترى ما تفعله اليد الأخرى، كل ذلك من أجل كسب إعجابك وإقناعك بحركاته.إنّ تاريخ أمّتنا العربية الحديث، وتحديداً في بدايات التخلّص من النماذج القديمة كالاستعمار العسكري والهيمنة المباشرة، كشف للمحايدين عن اليد الخفية التي واصلت العزف داخل مجتمعاتنا، يدٌ صيغت تحت تأثير النموذج الغربي الذي تبنّاه الاستعمار، وحرص على تعليمه وتدريبه ليكون النموذج البديل بعد أن صار الاحتلال المباشر عبئاً لا يريد الغرب تحمُّل تبعاته.ويمكن لأي مثقّف عربي أن يشير إلى أسماء كثيرة برزت كقيادات فكرية تدعو إلى النهج الغربي وتتبنّى أطروحاته، من تحرير المرأة إلى الهجوم على ثقافتنا وتحقير تاريخنا. وقد تكرّر ظهور هذه الأسماء في تاريخنا المعاصر، ونجحت في تشكيل تيارٍ تغريبي فصل الأمّة عن ثقافتها ولغتها، وهو اليوم يحاول فصلنا عن ديننا.وفي عصر الرقمنة والذكاء الاصطناعي، انتقلت مراكز هذا التيار من المشرق العربي إلى الجنوب، حيث تبنّى بعض الإعلام الخليجي بقايا الليبرالية القديمة وأعاد إحياءها. فتصدّر المشهد ليبراليون خليجيون ومن يرتبط بهم من التيارات الفكرية، يجتهدون في «تأكيد المؤكَّد» وإحياء قيم ليبراليةٍ بالية. ولم ينجحوا في إحيائها فحسب، بل استحوذوا على منصّات فكرية وإعلامية عريقة للتسلّل إلى العقل العربي.وسيُعيد التاريخ نفسه إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه، فكما كانت الليبرالية القديمة نسخةً محليّةً للاستعمار، ستكون الليبرالية الحديثة صورةً جديدةً للتغريب، تُعمّق تدمير جذور الثقافة العربية والإسلامية، لنُصبح نسخةً مشوّهةً من الحداثة، لا تسهم في مسيرة العطاء البشري التي كان يُنتظر من أمتنا العظيمة أن تقدّم فيها الكثير.إنّ نتائج حقبة التغريب التي قادها ـــ نيابةً عن المستعمر ـــ ليبراليون متضامنون ومتعاونون، وكأنهم فريقٌ يتلقّى التعليمات من مدرّب واحد، نراها اليوم بوضوح. فالأرقام تكشف موقعنا المتأخّر في العالم من حيث البحوث والصناعات - لا سيما الثقيلة منها - واعتمادنا شبه التام على التقنية الغربية، وهي التقنية التي تصلنا أحياناً من عقولنا المهاجرة هناك.لقد بات مؤكّداً أنّ كثيراً من تنظيرات الليبراليين ليست سوى بضاعةٍ مغشوشة، تنكشف حقيقتها عندما تناقَش قياداتُهم في أهمية الاعتماد على الذات، وتقليص الهيمنة الثقافية الغربية، والتمسّك بلغتنا مفتاحاً للعلم والثقافة، وتطوير المناهج وفق حاجاتنا لا وفق توصيات المستشارين الغربيين. عندها يعودون إلى لعبة الساحر، ويُخرجون من جيوبهم حججاً جديدة لصرف الأنظار، مقنعين بعض أصحاب القرار بأنّ الطريق نحو المستقبل لا يمرّ إلا عبر التغريب والمتواصل على أبواب أوروبا وأميركا.وستظلّ أمّتنا تعاني ما دام القلم ما زال في جيوبهم.

علي الفيروز

«عودة جيفري إبستين إلى الواجهة!
يوماً بعد يوم يكتشف العالم صوراً وفيديوهات جديدة لمنزل جيفري إبستين، الخاص في جزيرة سانت جيمس الصغرى الواقعة في الكاريبي، فقد نشر أعضاء الحزب الديموقراطي في مجلس النواب الأميركي صوراً وفيديوهات صادمة وتعرض للمرة الأولى عن هذه الفيلا وسط الجزيرة المليئة بالأسرار، والتي كان يستخدمها إبستين، لرغباته من خلال تكتيكاته الشيطانية في تهريب الفتيات القاصرات إلى مصيدة منزله.ويقال إن معظم المعلومات التي قد حصل عليها الأعضاء جاءت من سلطات إنقاذ القانون التابعة لجزيرة الفيرجن الأميركية، وتتضمن أكثر من مشهد لداخل الفيلا التي يمتلكها إبستين، حيث كانت مكونة من غرف نوم خاصة ذات جو رومانسي ومكتبه فيها لوحة طباشيرية مكتوب عليها كلمات وألغاز غير مفهومة.وهناك غرفة أخرى يوجد بها كرسي طبي خاص لطبيب أسنان وأقنعة غريبة الأطوار، لربما تكون مرتبطة بصديقة إبستين، وهي فرجينيا لوزي جوفري، الناشطة الأميركية من أصل أسترالي وطبيبة، ولكنها مشاركة مع ضحايا الاتجار الجنسي، ثم قلبت موازين الخطة حينما اتهمت صديقها إبستين، والأمير البريطاني أندرو باستغلالها جنسياً.وكذلك مشاركة صديقته الأخرى المقربة غيسلين ماكسويل، وهي ناشطة بريطانية ولكنها ساعدت إبستين، كثيراً بالاتجار في الجرائم الجنسية مع فتيات قاصرات أعمارهن بين الـ 13 - 17 عاماً، وتجنيد أخريات لتوسيع شبكته.والصدمة كانت حينما ذكرت أن صديقها المقرّب إبستين، لم ينتحر في زنزانته عام 2019 لأنه كان مقرّباً لصديقه ايهود باراك، وسط شكوك كبيرة على عدم موته في السجن بل هناك من قام بتهريبه إلى الخارج لكي يتجنّب المحاكمة في تهم عدة ومنها الاتجار بالجنس والاعتداء الجنسي على فتيات قاصرات والعمل على تهريبهن إلى جزيرته الساحرة (جزيرة ليتل سانت جيمس).وفي عام 2022 توصّلت وزارة العدل (محكمة جزر الفيرجن الأميركية) إلى تسوية تزيد قيمتها على 100 مليون دولار مع تركة إبستين، بعد اتهامه في قضايا جنسية عدة، وفي الوقت نفسه، هناك ملفات إضافية عدة متعلقة بقضية إبستين الأساسية ما يكون أمراً مهماً لجهود الكونغرس الأميركي، وهذه المستجدات الأخيرة ستبقى وسيلة ضغط على الإدارة الحالية بقيادة دونالد ترامب، فيما نجد أن هناك مجموعة من أعضاء الحزبين الجمهوري والديموقراطي قد طالبوا الكونغرس بأن يكون هناك تحديث جديد ومتابعة دقيقة للمدعية الأميركية بام بوندي، في ما يتعلق بملفات التحقيق الخاصة للملياردير اليهودي جيفري إبستين، وهو ما يؤكد أن الرئيس ترامب، ربما يواجه عاصفة داخلية تكاد تتحول إلى أزمة سياسية تهدد مستقبله الرئاسي والشعبي، وبالتالي نجد أن ملف جيفري إبستين، برمته أصبح يهدّد مستقبل السياسة الأميركية.فهناك أوساط متابعة لهذه المستجدات تتساءل: ترى هل هناك صور وفيديوهات أخرى لم يتم الإعلان عنها حفاظاً على مستقبل السياسة الأميركية، أم أن هناك المزيد في الأيام المقبلة لضمان مبدأ الشفافية العامة في التحقيق؟!وهل هناك أسرار إضافية في عالم جزيرة جيفري إبستين، بعد سنوات من الجدل حول الوثائق المختومة المتعلقة بالتحقيق؟باعتقادي أن صديقته غيسلين ماكسويل، المقربة منه تحمل الكثير من الأسرار وبالأخص مع هذه الأسماء المشبوهة التي لم ينشر عنها في وسائل الإعلام، فهناك أسماء لشخصيات مرموقة كانت تحضر للجزيرة ومازالت تنفي ارتباطها مع جيفري إبستين، وبالتالي تبيّن أن جزيرة إبستين تحمل الكثير من الأسرار وتخفي الكثير من الأحداث طالما كانت ملاذاً آمناً لإقامة الحفلات مع أصحاب الشهرة والفن والغناء ورجال الأعمال جميعاً، فلمَ لا إذا كان صاحبها، يمتلك أفخم عقارين في جزر العذراء الأميركية، فلو نلقي نظرة إلى ليتل سانت جيمس، فقد اشتراها بـ 7.95 مليون دولار في عام 1998، وأيضاً غريت سانت جيمس، فقط اشتراها بمبلغ 17.5 مليون دولار، وهو ما يعني أن الملياردير اليهودي إبستين كان يخطط لإنشاء شبكة خاصة لهذا الأمر، مع الليالي الصاخبة منذ زمن بعيد!وكذلك نرى أن الناس لم يحصلوا على نظرة داخلية لجدران المكان في ليتل سانت جيمس، إلا في يوم 3 ديسمبر، وهو اليوم الذي أصر فيه أعضاء مجلس النواب الأميركي في لجنة الرقابة على نشر هذه الصور والفيديوهات الغريبة والتي لم تعرض للناس من قبل!وفي هذا الصدد، أفادت وزارة العدل في بيانها أن هؤلاء المشاركين من المشاهير ورجال الأعمال وأصحاب السلطة قد تعاونوا مع جيفري إبستين، في استخدام الخداع والاحتيال والإكراه لأهداف معروفة، وهي إغراء واستدراج الفتيات الصغار من أجل نجاح الاتجار بالجنس عن طريق وعود المساعدات المادية، وكذلك الدفع لعائلاتهن عن تكاليف الدراسة والرعاية الصحية والأمور الأخرى، والسؤال هنا: هل تتوقعون أن هؤلاء المتهمين سيفلتون من عدالة المحكمة بعد اختفاء زعيم الشبكة جيفري إبستين؟!ولكل حادث حديث،،،[email protected]

حمد الحمد

يا حكومة... نحتاج ناطقاً رسمياً!
هناك أشخاص يظهرون في وسائل التواصل ويعلنون عن قوانين كويتية جديدة، وهم لا في العير ولا في النفير، ولا يمثلون أي جهة حكومية رسمية، وأخيراً منهم من قال إن قانون المخدرات الجديد به بند يلزم كل من يتقدم لخطبة بنات الناس بعمل اختبار تعاطي المخدرات، وأنا أجزم أنه لا وجود لبند كهذا، لأنه لو وجد لاتهم كل شباب الكويت بالتعاطي سواء الشباب أو البنات وهم ليسوا كذلك، لكن التعاطي كارثة بكل معاني الكلمة ويدمر أسراً بأكملها للأسف.لكن قضية الزواج مسؤولية أي أسرة في القبول أو الرفض وتقع بالكامل عليها، حيث يفترض أن تقوم بكل المهمة، ولو كان هناك أي شك بشأن التعاطي تطلب الأسرة من المتقدم أن يقدم شهادة من الجهات الرسمية عن سجله الأمني.وفي ذاكرتي من سنوات بعيدة أوكل لي قريب أن أسأل عن شاب متقدم لابنتهم، وقمت بالمهمة وسألت عنه في العمل وكان الرد إيجابياً، ومن بعض أصدقائه وكان إيجابياً كذلك، لكن عندما سألت أحد جيرانه، كان الرد سلبياً حيث قيل لي إن الشاب المتقدم قد عقد قرانه على بنت وفي اليوم التالي تشاجر معها لسبب تافه وطلق، وهنا رفض طلبه بالاقتران رفضاً قاطعاً.وحالة أخرى عند قران شاب قال للمأذون سأذهب لسيارتي لجلب هاتفي وذهب وتأخر، وبعد استطلاع الأمر وجد أنه ولى الأدبار وعدل عن الزواج في آخر لحظة واختار الهروب من قفص الزوجية.وسالفة أخرى، كان هناك موعد لقدوم النساء للخطبة، لكن بعد أن تأخرن قامت البنت -التي يفترض أنها ستُخطب- بالاتصال بالخاطب، الذي قال ببساطة (صراحة نسيت!)، وكان انكساراً لها ما بعده انكسار، ما نعنيه أن قضية الزواج موضوع حساس لا يقف فقط عند قضية التعاطي، إنما هناك أمور أخرى كثيرة تقع على الأسرة.وأمر آخر... شخص ظهر في وسائل التواصل الاجتماعي قد يمثل نفسه، وأعلن أنه صدر في الكويت قانون جديد وهو أن أي مواطن متزوج يُقبض عليه من قبل الأمن في مكان عام وهو مع عشيقة يحكم عليه بالسجن من شهر إلى سنة، هذا الكلام تم تداوله بوسائل كثيرة، والمحامية مريم المؤمن، وهي نشطة بالانستغرام ودائماً ما توعي الناس، لهذا تقول: (هذا كلام غير صحيح، ومن صاحب هذا السيناريو؟ ومن هو مؤلف هذا الفيلم؟ حيث لا وجود لقانون كهذا بتاتاً في الكويت).لكن المشكلة أن الموضوع الأخير أصبح حقيقة لدى وسائل ونشرات عربية واعتبر قانوناً كويتياً جديداً، ويتندر الكثيرون عليه.ما أود قوله، أين الجهات الحكومية الذي يفترض أن تقوم بتوعية الناس، وتنفي بعض ما ينشر؟ بل وعليها أن تحاكم من ينشر أخباراً ملفقة عن البلد مما يشوه سمعته، وينبغي أن يكون هناك ناطق رسمي يوضح هذه الأمور للجمهور، نأمل ذلك!

مقالات

د. دانة العنزي

مسارات التأثير السياسي غير التقليدية... الدبلوماسية الرياضية
تشهد السياسة الدولية تحولات متسارعة تدفع الدول إلى البحث عن أدوات تأثير تتجاوز القنوات التقليدية للدبلوماسية الرسمية، ومن أبرز هذه الأدوات برزت الرياضة كمسار قوة ناعمة قادر على بناء الجسور وصياغة الانطباعات وتعزيز مكانة الدول عالمياً.وفي هذا الإطار، تبرز بطولة كأس العرب 2025 في قطر كمثال حديث على توظيف الرياضة ليس فقط كحدث تنافسي بل كمنصة تأثير سياسية وثقافية تعكس جاهزية الدولة، وقدرتها على التنظيم وحرصها على تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية.الرياضة كأداة قوة ناعمةتحولت الرياضة إلى مؤثر تعتمد عليه الدول لإبراز هويتها وقدراتها ويعد حضور قطر في المشهد الرياضي نموذجاً واضحاً إذ تستثمر الدولة في البطولات الكبرى لبناء صورة إيجابية وتعزيز موقعها كفاعل إقليمي قادر على جمع الشعوب ضمن حدث واحد يرسخ قيم التعايش والتواصل.قطر وكأس العرب 2025 منصة دبلوماسية مفتوحةتمثل استضافة قطر لبطولة كأس العرب 2025 استمراراً لمسار دبلوماسي رياضي رسخته خلال كأس العالم 2022، وجودها يعكس حضوراً قوياً في البطولة، إضافةً إلى جاهزيتها التنظيمية والبنية التحتية المتقدمة بالإضافة إلى تعزيز التفاعل بين الشعوب العربية وإرسال رسائل إيجابية حول تماسك المنطقة رغم تحدياتها السياسية.استضافة البطولات الكبرى وصناعة الانطباع الدوليالبطولات الكبرى أصبحت عنصراً أساسياً في بناء القوة الناعمة وبالنسبة لقطر، فإن تنظيم كأس العرب 2025 يساهم في تعزيز صورتها كدولة رائدة في الفعاليات الرياضية وإظهار قدرتها على إدارة أحداث متعددة ضمن معايير عالمية بالإضافة إلى فتح قنوات سياسية غير مباشرة من خلال التواصل الشعبي والثقافي.الجماهير كقوة مجتمعية مؤثرةأجواء الملاعب في قطر تظهر كيف يمكن للجمهور أن يصبح عنصراً فاعلاً في الدبلوماسية النشطة، الصور والمقابلات التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تنتشر من مدرجات الملاعب خصوصاً في بطولة كأس العرب 2025، تنقل رسائل عن الاستقرار، والهوية الوطنية، والتلاحم بين الدول المشاركة.الرياضيون كسفراء سياسيينيؤدي لاعبو المنتخبات العربية دور سفراء غير رسميين في نقل صورة بلدانهم إلى العالم، فنجاحاتهم أو مواقفهم الإنسانية تعزز رسائل سياسية ناعمة يصعب إيصالها عبر الخطاب الرسمي.توظيف الرياضة في بناء التحالفاتالبطولات الإقليمية مثل كأس العرب 2025، تعد مساحة مثالية لتعزيز العلاقات العربية المشتركة بحيث تجمع الفرق والجماهير والوفود الرسمية يخلق بيئة سياسية مرنة تفتح المجال للتقارب والتفاهم وتبادل الرسائل السياسية الإيجابية.وتؤكد التجارب أن الرياضة أصبحت أداة سياسية للقوة الناعمة، وتأثيرها يتجاوز حدود الملاعب، وبطولة كأس العرب 2025 في قطر مثال معاصر على كيفية توظيف الأماكن والجماهير والرموز والإنجازات في إنتاج رسائل سياسية ودبلوماسية جديدة، وللدول التي تسعى إلى تعزيز حضورها الدولي فإن الاستثمار في الدبلوماسية الرياضية بات ضرورة إستراتيجية لا مجرد خيار.

د. تركي العازمي

دكتور... هذا «شيقول»!
استكمالاً لمقال الأحد الماضي، ذكر أخينا الدكتور عبارة... (هذا «شيقول»!).في ذلك المقال تحدثنا عن بعض السلوكيات وهي في الغالب مستجدة بعد التحرير وتدور حول البحث عن الثراء السريع والجاه وربط الموضوع بالرزق المقدر للإنسان والحلال والحرام والحق والباطل، وخلال الحديث عن البوادر الإصلاحية تطرقنا لما يدور في مجالسنا من باب معرفة الأسباب لتحسين ثقافة المجتمع وتحديداً فئة الشباب.من ضمنها، ذكرنا موقفاً كنا قد طرحناه أمام مجموعة تضم الشباب و«الشياب المتشببين».في تلك الليلة، ركزنا على أهمية القضاء على «الواسطة» وأهمية تطبيق القانون بدون استثناء.قبل سنوات قليلة كنا نقول للجمع إن التحوّل إلى الحكومة الرقمية سيقضي على الواسطة ويحقق العدالة وتكافؤ الفرص، بحيث تكون معاملاتنا جميعها تنفذ إلكترونياً عن طريق تطبيقات الهواتف الذكية كـ«سهل» وغيرها، ويتفرغ المسؤولون لعملية التطوير والتنمية، وبعد خروجنا وردني اتصال من أحد الحضور يقول فيه إن أحد الشياب نوعاً ما والبعض يتهكم بقول «دكتور... هذا «شيقول»، شلون...«ما عنده سالفة»!وبعد أن لاحظنا كثيراً من معاملاتنا تتم عبر تطبيق «سهل»، صادفنا المجموعة نفسها ومنهم «الشايب» الله يبارك له وفيه، الذين قالوا «اسمحوا لنا... كلامكم طلع صحيح واعذرونا ما كنا ندري».ولأن المقارنة مهمة هنا، فنحن مازلنا في أول الطريق ومعظم الدول من حولنا أصبح كل شيء عبر التطبيقات أي «حكومة لا ورقية» وقامت تستقطب الكفاءات لتنصيبهم في مراكز قيادية ليصنعوا لهم مستقبلاً مشرقاً ويحققوا التنوع في مصادر الدخل ومنها الإمارات.ومع دخول الذكاء الاصطناعي قد يأتي اليوم الذي لا نحتاج فيه للأيدي البشرية في معظم الأعمال.الشاهد، إن سبب مطالبتنا بمجالسة الأخيار الثقات هو لقناعتنا بأن الإصلاح يبدأ من الفرد إلى المجتمع ومؤسساته.لا تنظر إلى هيئة الشخص ونبرة صوته أو طريقة حديثه بل تعمق في المضمون ومحتوى الرسالة التي يريد الشخص صاحب الخبرة والعلم والمعرفة إيصالها لك.مرات عديدة، نتأثر بالكيمياء الشخصية في قبول الحديث من عدمه وهذا يُعد أحد العوامل الهدامة... فـ«مو شرط تحب الشخص أو تشعر بارتياح منه أو ليس من ربعك أو ثوبك»، حيث الأهم هو ماذا يملك من خبرة وعلم ومعرفة مضافة تساعدنا في التحوّل إلى تحقيق الإنجازات على أرض الواقع.الزبدة:إن الجنوح لهوى النفس وميولها سبب رئيسي في تراجع أداء كثير من مؤسساتنا وكذلك الحال فيما يخص علاقاتنا مع الآخرين.إن النهوض بأي مجتمع ومؤسساته يبدأ من حسن الإختيار فإن صلحت إختياراتنا نهضت مؤسساتنا وزانت علاقاتنا ورفعنا من جودة ثقافتنا. وذكرنا إننا في أول الطريق يعود لتمسكنا مع الأسف في طريقة إختياراتنا التقليدية وهي حجر عثرة أمام أي نقلة تنموية نريد إنجازها على أرض الواقع... الله المستعان[email protected]: @TerkiALazmi

كامل عبدالله الحرمي

الكويت على أبواب نادي الدول المنتجة للغاز
كنّا قد بدأنا سابقاً الحديث عن اكتشاف الغاز الحُر في الكويت من خلال ثلاثة حقول مختلفة بالقرب من جزيرة فيلكا، وهذه الحقول هي: جزّه، النوخذة، والجليعة. وهي حقول بحرية، لكنها منتجة للغاز، ومعها ندخل عالم الدول المنتجة للغاز الحُر غير المصاحب للنفط. ولعلّ الله سبحانه وتعالى يمنّ علينا بمصدر مالي جديد يُضاف إلى النفط، خصوصاً إذا كانت الكميات المكتشفة كافية للاستهلاك المحلي، مما قد يوفّر على الدولة ما بين 3 إلى 3.5 مليارات دولار سنوياً قيمة استيراد الغاز لصالح وزارة الكهرباء والماء لاستخدامه وقوداً لمحطات توليد الكهرباء والماء. وبهذا قد نستغني عن النفط ومشتقاته عبر الاعتماد على الغاز النظيف الصديق للبيئة.ويتوقع أن تبلغ الطاقة أو الكميات الاحتياطية المكتشفة حدود تريليون قدم مكعب، مع وجود احتمالات لاكتشاف احتياطيات أكبر مع التعمّق في الدراسة والبحث، ومع مرور الوقت وتعلّم كيفية التعامل مع هذا المجال الجديد الذي لا نملك فيه خبرات سابقة كافية.ولا نعلم حتى الآن كيف ستتعامل شركة نفط الكويت مع هذا الاكتشاف، وهل ستعمل منفردة أم ستطلب الدعم والتعاون مع الشركات العالمية المتخصصة في الغاز، بهدف إنتاجه في وقت أسرع والحفاظ على هذه الثروة المكتشفة.والكويت في حاجة ماسّة إلى الوقود النظيف، كغيرها من دول العالم، حفاظاً على البيئة وحمايةً للأجيال القادمة. فخفض نسبة الكبريت في النفط ومشتقاته أصبح ضرورة، ومع اكتشاف الغاز يمكن أن نكون قد حققنا خطوة مهمة نحو تحسين الصحة العامة وتقليل الانبعاثات الضارة التي تؤثر على البيئة المحلية وقد تمتد إلى الدول المجاورة. لكن الأهم اليوم هو الإسراع في إنتاج الغاز بأقصر وقت ممكن، والتقليل من اعتمادنا المحلي على النفط ومن استيراد الغاز من الخارج، وتوفير الأموال اللازمة لتطوير الحقول والمحافظة عليها. وقد يكون لنا مستقبلاً، وإن كان بعيداً، القدرة على التصدير الخارجي، وبذلك نحقق مصدر دخل إضافياً، أو بعبارة أخرى نوفّر البديل المطلوب.وليس من المستبعد أن تتوافر لدينا كميات الغاز اللازمة، خاصةً أننا محاطون بدول كبرى منتجة ومصدّرة للغاز.والأهم في المرحلة الحالية هو إيجاد شركاء خارجيين لدعمنا في تطوير حقول الغاز باستخدام أحدث التقنيات، ثم الاستفادة منه محلياً، مع إمكانية التطلّع إلى تصديره مستقبلاً ليكون منفذاً اقتصادياً آخر إلى جانب النفط.لقد اكتشفنا الغاز في أراضينا، وعلينا تطويره خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، لنصبح عضواً في نادي الدول المنتجة للغاز مثل جيراننا في الخليج العربي، ولننطلق نحو صناعة جديدة علينا، تؤمن لنا مدخولاً مالياً وتوقف كلفة استيراد الغاز التي قد تتجاوز مستقبلًا 4 مليارات دولار سنوياً، ما يوفر مصدراً إضافياً لخزينة دولة الكويت.كاتب ومحلل نفطي مستقل[email protected]

م. أحمد عبدالهادي السدحان

لا يستحق المنصب!
مع التوجه الحكومي الإيجابي الحالي بتتبع مزوري الشهادات الدراسية والمتمثل -كما أرى- في لجنة فحص الشهادات الدراسية للعاملين في القطاعين الحكومي والخاص من المواطنين والمقيمين للتأكد من صحتها، وكما قرأنا بأن «اللجنة بدأت بفحص شهادات موظفي الدولة من القياديين والإشرافيين وجار استكمال فحص شهادات الموظفين وسيتم توقيع العقوبات اللازمة على المخالفين منهم». لذا -ومن وجهة نظري- فإنه يمثل توجهاً حازماً لاجتثاث من تعين بوظيفة أو أخذ منصباً بشهادة مزورة واستولى بذلك على حق الدولة وحق موظف آخر كان أجدر منه!وفي سياق مقارب كنت قد كتبت مقالة بعنوان (تزوير المنصب) في شهر ديسمبر 2024، أي منذ سنة، وملخص الذي ذكرته عن التأكيد على الحركة الحكومية الإصلاحية ومن ضمنها ضبط الهوية الوطنية وتتبع مزوري الجنسية ومحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه في هذا الملف المهم، وذكرت أيضاً عن معايشتي لواقع القطاع الحكومي وطالبت بعمل حركة إصلاحية مهمة أخرى ضرورية وممنهجة في هذه المرحلة المفصلية وهي بتتبع -وبحزم وسرعة- من قام بتزوير المنصب -إن جاز التعبير!- وجلس على كرسي مسؤول أكبر منه ومن قدراته الفعلية في تلك الوزارة أو تلك الجهة، وذلك نتيجة ما حصل للأسف في الفترة السابقة عن حصول البعض منهم على المناصب فقط لأنه جاء بالـ( البارشوت) الذهبي، الأمر الذي يشبه كرة الثلج التي تتدحرج وتكبر لتهدم مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية والوظيفية بين أفراد المجتمع وتحبط الكفاءات ويصل البعض للمنصب وهو ليس ذا كفاءة أو تدرج حقيقي وبالتالي (يخبص) في الوظيفة وفي القطاع الذي يرأسه والتأثير السلبي في النهاية تكون على مصالح البلاد والعباد.لذلك، يجب أن يكون التركيز مُنصّباً على مصلحة البلد وضرب الفساد بكل أشكاله ومن ضمن الشكل الذي ذكرته والإصرار المستمر على تحقيق العدالة في هذا الأمر والإصلاح الحقيقي يكون بالتعامل الحازم مع التراكمات السلبية المرفوضة، وأن يتم ضخ العقليات الواعية والتي تعبر عن طريق شروط واختبارات وبالشفافية وذلك لضخها في دم الوزارات والجهات الحكومية بعيداً عن العوامل المعروفة السابقة والمرتبطة بالمحاصصة والترضيات السياسية والمقولة الذهبية (هذا ولدنا)، (انتهى).لذا، فإنهما وجهان لعملة الشر -إن جاز التعبير- وهو وجه تزوير الشهادة الدراسية ووجه تزوير الكرسي بالحصول عليه دون كفاح أو كفاءة مناسبة. والخلاصة... فإن الشهادات الدراسية المزوّرة خطر، لأنها تسمح لغير المؤهل بتولّي وظيفة وهو لا يستحق المنصب إذا حصل عليه مما يضعف كفاءة مؤسسات الدولة والثقة في التعليم وسوق العمل وتؤدي إلى ظلم الكفاءات الحقيقية.ومواجهة هذه الظاهرة تتطلب رقابة قوية وعقوبات رادعة وتوعية مجتمعية بأهمية الشهادات الدراسية الصحيحة، بالإضافة إلى محاربة تزوير المنصب كما قلت بمقالتي السابقة والمرتبطة بالواسطة، وإن شاء الله نظل متفائلين في هذه المرحلة المهمة.والله -عزوجل- المعين في كل الأحوال.X @Alsadhankw

موسى بهبهاني

الحرب المستحقة
ظاهرة إدمان المخدرات بين الشباب وفئات المجتمع تُعتبر من أخطر الحروب الداخلية وآفة تدمر الأسرة والمجتمع، وبسببها يفقد الإنسان صحته وماله وعقله وغيرته وكرامته، بل يفقد كل مشاعره الإنسانية، وللأسف هؤلاء المروجون استهدفوا الشباب وطلاب المدارس لنشر تلك السموم التي تستهدف النيل من القيم الإنسانية.فهناك مَنْ يروج ويتاجر بهذه السموم في نظير جني حفنة من الأموال على حساب الآخرين وشقائهم وتعاستهم.فكل مَنْ يقوم بهذا الفعل المجرّم سواء قام بزراعته أو جلبه وترويجه يعتبر مجرماً في حق نفسه وفي حق الآخرين، ويستحق إزهاق روحه حفاظاً على سلامة المجتمع كله من أن يعبث به العابثون ويتلاعب به المجرمون.وهنا يجب أن تتخذ الأسرة والمجتمع والسلطة القرارات الحازمة والمشددة اتجاه كل هؤلاء المتاجرين والموردين والموزعين لهذه السموم القاتلة.- الكويت وحربها ضد المخدرات:قامت وزارة الداخلية بحملة مركزة ضد مروجي آفة المخدرات ومكافحة المؤثرات العقلية بكل أنواعها، وسوف تبدأ الكويت حربها المشروعة والمستحقة ضد هؤلاء المجرمين لتصل إلى العقوبة المشددة الرادعة وهي (الإعدام).وخلال الأيام القليلة المقبلة سيتم نشر المرسوم الجديد بقانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، لبدء الحقبة الجديدة من الإصلاح وحماية المجتمع من العابثين.قصة من الواقع:يحكي أحد الآباء والتأثر بادٍ عليه أن احد أبناء الأسر تقدم لخطبة بنت، فقام بالسؤال عنه فمدحه الجميع، وقبل طلبه، وبعد إتمام الزواج اكتشفت ابنته أن شريكها يتعاطى الملوثات العقلية!فاتصلت على أسرتها وأبلغتهم بذلك... وتم الانفصال بعد مرور أيام قليلة؟تناقلت الاخبار بان هناك نية للفحص العشوائي على الموظفين في جميع وزارات الدولة وذلك أمر مستحسن، ونطمح إلى تطبيق ذلك على المقبلين على الزواج والمرشحين للوظائف العامة والخاصة.قديماً كانت العوائل إذا تقدم لهم مَنْ يطلب المصاهرة يسأل عن خلقه وإيجابياته وسلبياته وكانوا يذكرون السلبيات والإيجابيات بكل صراحة وبدون مجاملة أو محاباة، إنما الآن وللأسف الشديد يخفون السلبيات بسبب المحاباة والمجاملة أو لاعتقادهم بان الأمور السلبية ستنصلح بعد الزواج وكل ذلك على خلاف الحقيقة.المعضلة:فعندما يقبل الأبناء على الزواج وبعد بدء العلاقة الزوجية يتم الاكتشاف بأن أحد الشريكين مدمن على المخدرات!ويشكّل ذلك خطراً حقيقياً على الأسرة، ويؤدي إلى مشاكل نفسية واجتماعية ومالية، ويؤثر ذلك على صحة الشريك غير المدمن، وقد ينحرف الشريك بالتأثير عليه من الطرف الآخر المدمن، ناهيك عن التأثير على صحة الأطفال والعلاقات الأسرية مستقبلاً.فإن كان الفحص الطبي قبل الزواج إجبارياً وأساسياً في الكويت، وهو شرط لإتمام عقد الزواج، وبها يتم تحديد وجود الأمراض الوراثية والمعدية، ولا يُسمح بتوثيق العقد إلا بعد تقديم نتيجة الفحص الطبي، فلماذا؟1/ لا تتم إضافة فحص إدمان الملوثات العقلية والأمراض النفسية والعقلية؟2/ أليست أمراض الاكتئاب الشديد، القلق، الاضطراب السلوكي، وانفصام الشخصية قد تتطور إلى الشروع بالقتل؟3/ لماذا لا تتم إضافة الصحيفة الجنائية للمقبلين على الزواج؟4/ أليس من حق الطرفين الشعور بالاطمئنان قبل كتابة عقد الزواج؟5/ أليس من حق الطرفين معرفة المعلومات الضرورية قبل القبول بالزواج؟6/ أليس من المفترض أن يتضمن الفحص كل ذلك لتفادي كل ما ذكر أعلاه؟الخطر الداهم:مما يحزن أن المروجين قد استهدفوا أبناءنا الطلبة، وهذا الأمر خطير، لأنه الاستهداف الأكبر لأكبر شريحة من المجتمع، وهم الثروة الحقيقية للأمة، والبداية للإدمان تكون بشكل بسيط جداً، وبعدها تتحوّل إلى إدمان خطير لذلك المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على الأسرة ثم المجتمع، يجب أن يتكاتف الجميع للقضاء على هذه الآفة القاتلة والخطيرة.الطب النفسي:1/ هل هناك إحصائيات تبيّن عدد المرضى من (المواطنين - الوافدين ) في المستشفى النفسي؟2/ هل يسمح لمَنْ لديه ملف في الطب النفسي من استخراج الرخص التجارية؟ ألا يشكّل ذلك خطراً على العاملين تحت إدارته!مركز فحص العمالة الطبي:-قانون استقدام العاملين مرتبط بنتائج الفحص الطبي، إن كانت النتائج سليمة يسمح لهم بالإقامة والعمل في الدولة، وإن كانت سلبية يتم ترحيلهم إلى الخارج.ومن الأفضل اضافة فحص الحالة النفسية خاصة إن كان مصاباً بالأمراض النفسية الشديدة.ختاماً:بعض المدمنين ضحايا للمروجين والمتاجرين بتلك الملوثات، ولذلك من اللائق بل من الضروري إنشاء مصحات ومراكز متخصصة للتعافي من المخدرات.فهي ضرورية لعلاج الإدمان الذي يمثل مشكلة صحية واجتماعية خطيرة، وتقدم هذه المصحات برامج علاجية متكاملة (طبية، نفسية، سلوكية) تحت إشراف خبراء لضمان الشفاء والوقاية من الانتكاس، مع توفير بيئة داعمة وسرية، وهو ما سيساهم في إنقاذ الأفراد وإعادة تأهيلهم للمجتمع، وتكون تحت إشراف الدولة.يجب أن يتكاتف الجميع للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التي بدأت تنهش بالمجتمع، وقبل أن يفوت الأوان يجب أن نقف صفاً واحداً للقضاء عليه وإلا ستسوء الأمور.اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.

سالم النخيلان

الهروب الكبير
لا أحبُّ تغيير المسميات أو تفخيم الألقاب أو تعويم المصطلحات لتتماشى مع قوتي أو ضعفي، أو مزاجي أو طاقتي وقدرتي تبريراً لنفسي وفعلي؛ فيما أُجبرنا عليه ولم نختره، وفيما وُضع في طريقنا فاستسلمنا له، وفيما اخترناه وأقنعنا أنفسنا بأنه لا عيش لنا بدونه، وفيما لم نفكر باختياره وقلنا إنه ضروري ولا يصحُ العيش بدونه. وكل ذلك وهمٌ، وألمُ إدراكه أشدُّ على النفس الجبانة من ألم التفكير به وتصنيفه ثم مواجهته فعلاجه، في التنازل أو ترك ما لا غاية منه، وكلُّنا جبناء.يتعرّض الإنسان في حياته المليئة باللاوعي، والغارقة في بحر الترف، والمهددة بانقراض الشعور، والقابلة للضياع في زحام الاستهلاك، والمتأخرة — رغم التسارع الرهيب في كل شيء — إلا في المدركات التي أعتقد أنها عجزت عن مواكبة السرعة؛ يعيش الفرد ضائع الفكر، تائه الذهن، ثقيل الخطى، ضارباً بالواقعية عرض الحائط، محاولاً رسم الخيال الذي لا يعرف له شكلاً ولا هيئة ولا حدوداً، ولا أرض انطلاق، والفرح الذي لا يدرك بداياته ولا الغاية منه ولا كيفية الوصول إليه، غير أنه يريد الفرح الذي لا يعرف منه إلا اعتقاداً بلا اعتقاد بأنه فرح، ولا حتى كيفية التعبير عنه.كل تلك الأمور تجعل الشخص لا يعرف سبيلاً للمقاومة أو التفكير، إلا اللجوء — مضطراً — إلى هروبٍ كبيرٍ واضح لكل مدرك، حتى الهارب نفسه، إذ يهرب بجبنه وخيبته من جبنه وخيبته، يستر خوفه وبؤسه في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، ليحكم على عقله بالمعروض، وعلى تفكيره بالاقتناع بالوهم، وعلى مشاعره بإحساسٍ لا يشعر به ولا يعنيه الشعور به أصلاً؛ لظنه أن هذا فرحٌ، وذاك حُبٌّ، وذلك إنجازٌ، وغيره إعجابٌ، وتلك حريةٌ وهذه معلومة وواقع.فيسقط في إطار هذا القالب المؤطَّر بزيف التجديد والتغيير، ظنّاً أن لا إطار يحويه ولا حيز يضبطه، وكل ذلك هروبٌ خفيٌّ من الجبن في مواجهة الأسد الكامن في داخله؛ وهو النفس الكسولة الواهمة صاحبها بالتغيير والتوافق مع الزمن. إمّا هكذا تكون الحياة، وإلّا فلا عيش ولا فرح ولا حب ولا سعادة ولا إنجاز. ومنها وفيها ومعها تزيد أحمال الخيبة والخذلان، ويزداد الثقل المصاحب طرداً للنفور من مواجهة النفس.والأثقل و الأدهى والأمرّ على الإنسان غير المُدرك حين يعلّق خيباته وأسباب ألمه على مَنْ حوله، والمطلوب منهم مسؤوليات تجاهه والعكس؛ فيظنُّهم مانعين لفرحه الذي لم يفرحه، وإنجازه الذي لم ينجزه، وتحرره الذي لم يحصل عليه، بينما هو لايزال عبدَ كسله وخموله، ميتاً رغم تنفّسه وقلبه الذي لايزال ينبض.أعتقد أن الحياة مليئة بالصخب الذي يحجب أسماعنا عن سماع أصواتنا الجميلة التي تنبع من داخلنا وذواتنا، تلك التي تحدثنا بما يليق بها، وقلوبنا الصادقة الطاهرة التي تخبرنا حقاً وصدقاً بما ترغب به دون مشتتات خارجية تُضعف الصلة بيننا وبين بواطننا.والسبيل إلى ذلك يكون بالصمت والعزلة وتصفية الذهن، ويقينٍ بأن القلب والباطن لديهما ما يخبرانك به، ولديهما حاجتهما منك، التي إن لم تنصت لها بهدوء فلن تعرفها وتدركها وتعمل بها. حينها ستدرك باطنك الجميل وقلبك النقي الذي يخبرك بما يريد وما لا يريد، وما يحب وما يكره، وما يفرحه وما يحزنه، وأين مأمنه ومخاوفه؛ ضمن ضوابط فطرته السليمة السوية التي يمليها على جوارحك ومدركاتك الحسية مستعيناً بميزان العقل، فيكون الفرح داخلياً، ثمّ قِس عليه بقية مراداتك.ذلك الإدراك يجعلك تُغرّد خارج السرب الذي ينعق كالغربان في سماء دنياك التي تراها صافية. فإن كانت الشجاعة لاتزال تحلو في عينك، وصوتك الداخلي مازال صافياً وتستمع إليه بوضوح دون مشوشات؛ فاضرب بالذوق العام عرض الحائط، واستمر مع نفسك، وواجه الحياة بما يحلو لك لا بما يُملى عليك.وقد يكون الإدراك مؤلماً لشعورك ولو جزئياً بالوحدة، لكنها ليست إلّا خروجاً من حظيرة الإدمان والضعف والعبودية للوهم إلى رحابة الحرية والحقيقة. وأجزم أنه لو ضاقت الدنيا، ففي داخلنا عالمٌ رحبٌ جميل، فيه متّسع لنا ولمن نحب. يكفينا أننا به نعرف الله ونؤمن به ونحبه ونخافه، ونحب نبيه ونصدّقه. فنكون بذلك قد هربنا من الدنيا ومن أنفسنا إلى خير مفرٍّ وخير مهرب وإلى خير ملجأ.