No Script

ربيع الكلمات

علّموا أولادكم... التسامح

تصغير
تكبير

«أعقلُ الناس أعذرهم للناس».
علي بن أبي طالب
نعيش في عالم متغير، وميزة هذا العصر هو السرعة في نمط الحياة، لدرجة أن العلوم بدأت تتضاعف في زمن قصير، والأجهزة الحديثة جعلت العالم قرية صغيرة، والشركات العظمى عابرة القارات أصبحت تتعاون في ما بينها من أجل المصالح.
وفِي هذا العالم المتغير السريع نجد من ينبش الماضي وما حصل فيه لبحث عن نقاط الاختلاف والتركيز عليها، نقرأ كتب التاريخ ليس للعبرة والمعرفة وإنما للبحث عن الثارات والثأر، من دون أن نملك الأدوات التي تسمح لنا بفهم كتب التاريخ خصوصاً الفكر النقدي.
لمحة سريعة على واقعنا وما يكتب في برامج التواصل الاجتماعي أو عبر التراشق عن طريق الرسائل الصوتية لتكتشف وتدرك حجم المأساة التي نعيشها، وحجم الكره الذي نحمله للطرف الآخر الذي نشابه ونشترك معه إلى حد التطابق.
وغالبية مشاكل التنمر هي نتيجة طبيعية للتنشئة الأسرية في الأساس، فعندما تجد سقط القوم يتحدث ويتطاول على آخرين بأساليب سوقية... ثم تجد من يصفق له بل ويقول إنك قلت ما لم نستطع أن نقوله نحن من زمن فهذا دليل على حجم التنشئة على كره الآخرين.
إن أكثر الذين ينشرون ويبثون سموم التنمر على الآخرين هم أشخاص يريدون أن يستفيدوا منها لأسباب خاصة، وكسب تعاطف أكثر عدد من البسطاء والعزف على مشاعرهم، أو حتى أنه يريد منصباً معيناً له ولمن حوله، وقد تكون معاملة خاصة يريد تمريرها أو أجندات أخرى.
والمتنمرون قلة قليلة ولله الحمد والمنة، ويجب ألا ننسى بأن هناك جهوداً مخلصة تريد نشر الوعي الصحيح، وتلاحظ ذلك من خلال حديثهم وما يخرج من قولهم عن طريق القنوات الإعلامية المختلفة، وهم يستحقون التقدير والاحترام... وهم أقوياء وليسوا ضعفاء، وكما يقول نيلسون مانديلا: «الشجعان لا يخشون من أجل السلام»، فكن شجاعاً وتسامح وسامح.
علّموا أولادكم التسامح وثقافة التعايش، علموهم أن القواسم المشتركة أكثر بكثير من نقاط الاختلاف، وأن نحترم بعضاً بعيدا عن الخلاف، والتسامح هو التغيير والتأثير بقناعات الأبناء للوصول إلى أرضية مشتركة، وإننا في أمس الحاجة لتأصيل لغة الحوار بينهم لأن ما يجمعنا أكبر بكثير من الذي يفرقنا من القيم الإنسانية...
علموهم على الفكر النقدي ليستطيعوا أن يعيشوا حياة صحية سليمة خالية من العقد، وأن الوطن يسع ويتسع للجميع.
أعتقد أن مرض الكراهية والتنمر، يجب التصدي له بكل حزم عن طريق نشر ثقافة التسامح، بداية من البيت. والوالدان عليهما المسؤولية الكبيرة في ذلك، والمدرسة والكتاب وقادة الرأي وأعضاء مجلس الأمة وخطباء المساجد، كل هؤلاء عليهم مسؤولية كبيرة. ما أجمل أن نعيش بتسامح في ما بيننا وأن نعلّم التسامح لأبنائنا ومن حولنا.

akandary@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي