No Script

العراق... بازار «بيع وشراء» مناصب

No Image
تصغير
تكبير

في وقت تتواصل احتجاجات العراقيين ضد الفساد وسطوة الأحزاب، تحقّق السلطة القضائية في مزاعم قيام أطراف بدفع مبالغ طائلة لقاء «بيع وشراء» وزارات ومناصب في الحكومة العتيدة.
وأبلغ سياسيون عن صفقات مماثلة خلال تشكيل الحكومات السابقة، لكن «البازار» يعود إلى الواجهة حالياً بينما يترقّب الشارع ولادة حكومة مستقلة كما تعهّد رئيس الوزراء المكلّف محمد علاوي، تلبية لمطالب التظاهرات التي قتل فيها نحو 550 شخصاً.
وللمرة الأولى، أعلنت السلطة القضائية أنّها تجري تحقيقات مع سياسيين حول المزاعم التي رافقت ولادة الحكومات الأربع السابقة منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003.


وبدأت التحقيقات على اثر تغريدة للمحلل السياسي ابراهيم الصميدعي، القريب من رئيس الوزراء المكلّف، قال فيها إنّ 30 مليون دولار عرضت عليه من أجل حجز وزارة «لجهة معينة».
والصميدعي ليس الوحيد الذي ذكر ذلك، فقد قال النائب كاظم الصيادي، المنتمي للائحة «دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، إن الوزارات «للبيع»، وكتب «وزارة النفط بـ10 مليارات (نحو 8,4 مليون دولار)، من يشتري»؟
وقامت السلطة القضائية بالتحقيق مع الصميدعي، وتسعى لرفع الحصانة عن الصيادي بهدف التحقيق معه في المزاعم التي ذكرها.
وخسر العراق، خلال 17 عاماً، نحو 450 مليار دولار بسبب الفساد المستشري، وفقا للبرلمان، أي بمعدل 25 مليار دولار سنوياً.
ويؤكّد علاوي أن حكومته ستكون مستقلّة بشكل كامل، لكن القوى السياسية لا تزال تطمع بالهيمنة على المناصب التي تدر عليها المال كجزء من موروث اعتادت عليه منذ تغيير النظام في 2003.
وبحسب المحلل السياسي هشام الهاشمي، فإن السياسيين يتّبعون التكتيكات ذاتها للسيطرة على المناصب رغم التحركات الشعبية، وشرح أنّ «سماسرة هذه الملفات هم من فئتين»، الأولى مكونة من نوّاب وشخصيات قريبة من سياسيين معروفين بفسادهم، تقوم بنقل «السيرة الذاتية الى الفريق المقرّب من المسؤول مقابل مبالغ يُتّفق عليها بين الطامع بالمنصب والسمسار».
أمّا الفئة الثانية، فهي «قادة بعض الكتل، ومعروف عنها بيع الوزارات بإحدى طريقتين، إمّا مرّة واحدة مقابل مبلغ مقطوع، وإما بيعها على أربع دفعات، أي دفعة عن كل سنة في الوزارة».
ويعقّد هذا الأمر المفاوضات حول تشكيل حكومة علاوي، لأنّ الوزير أو الحزب الذي دفع مبالغ طائلة لقاء تولّيه حقيبة في نهاية 2018 لمدة أربع سنوات، لن يرحّب بسهولة بالخروج من الحكم بعد سنة واحدة فقط.
ومع خشية بعض الأحزاب فقدانها مصادر تمويلها والعقود التجارية التي تمّول بها نفسها، يسعى أحد قادة هذه الأحزاب لإقناع علاوي على أبقاء إحدى الوزارات من ضمن حصته.
وأبلغ مسؤول حزبي «فرانس برس» أنّ «زعيم الحزب قال لعلاوي إن لديه التزامات مالية في الوزارة في الوقت الحالي ولا يمكن التخلي عنها في هذه الفترة وطالبه بتوزير شخص مقرب منه».
وقال مسؤول حكومي رفيع المستوى إنّ قضية تكليف وزراء مستقلين «مجرد كذبة ولا يمكن العمل فيها وسط التهافت الحزبي» على الحصص الوزارية. ولا تنحصر سطوة الاحزاب بمنصب الوزير وحده، بل تتخطّى ذلك لتستهدف موارد الوزارة كلها، خصوصاً عبر السيطرة على المناصب المهمة الأخرى مثل وكيل الوزير ومدير عام الوزارة، وهي المواقع التي تمرّ عبرها غالبية التسهيلات المالية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي