No Script

رؤية ورأي

خليل أبل وقانون «البدون»

تصغير
تكبير

في نهاية شهر أكتوبر الماضي، قدم رئيس المجلس بمعية ثمانية نوّاب اقتراحين بقانون متطابقين لمعالجة أوضاع «البدون» في الكويت، يعرّف حالياً باسم قانون مرزوق الغانم لـ«البدون». وألحق هذا القانون المقترح بآخر من قبل جمعية المحامين الكويتية، على أن يتبناه أحد النواب ويقدمه للمجلس كاقتراح بقانون. لا شك أن في تزامن تقديم هذين الاقتراحين المتناقضين في فلسفتهما، وما تبعهما من تزاحم في الندوات بالدواوين دعماً لأحدهما في مقابل الآخر، شواهد على أن أمامنا طريقاً وعراً قبل الوصول إلى صيغة توافقية وطنية وإنسانية لقانون «البدون».
من منظور آخر، هذا التقاذف والتباعد في آراء ومواقف المواطنين والسياسيين من الاقتراحين، بإمكاننا توظيفه لصالح تنمية دقة وجودة القانون التوافقي المأمول إصداره، ولكن بعد نجاحنا في تقوية مناعة هذا التنوع الفسيفسائي في الآراء من عدوى بعض المواقف المتطرفة والموجّهة، التي قد تعرقل أو تعيق مساعي التوصل إلى الحالة التوافقية المأمولة.
لذلك أناشد المهتمين والحريصين على معالجة أزمة «البدون» إلى التمسك بالطرح الموضوعي وتجنب استفزاز التوجهات الأخرى المشاركة في صياغة القانون. كما أدعوهم إلى التصدي لمحاولات وأد مسودات قانون «البدون» من قبل سياسيين تابعين لأقطاب في الصراع السياسي. وإلا فستكون هذه الفرصة الثالثة التي نفوّتها لمعالجة أزمة «البدون»، بعد الأولى قبيل إغلاق لجان التجنيس والثانية بعد التحرير.
لذلك أثني على منهجية النائب الدكتور خليل أبل في التعاطي مع المشروع الوطني لتشريع قانون لـ«البدون». حيث إنه شديد الحرص على رعاية بيئة مناسبة للتحاور من أجل التوافق بين التوجهات المختلفة حول القانون، وهذا ما بدا ساطعاً في لقائه الأخير مع الإعلامي علي حسين في برنامج «الحوار السياسي» على قناة «أي تي في». فعلى سبيل المثال، امتنع الدكتور عن وصف قانون الغانم بالظالم عندما أصر عليه محاوره ليختار من بين وصفين: ظالم أم عادل لـ«البدون»، وفي الوقت ذاته، كان واضحاً في إعلان رأيه في القانون بالقول إن «القانون ناقص وفيه بعض المشاكل».
والجزئية الأخرى الجميلة في منهجية الدكتور تكمن في اعتقاده بأولوية الملف الإنساني الخاص بالحقوق القانونية والمدنية لـ«البدون» على الملف الشائك الخاص بتجنيس المستحقين منهم. وهذا لا يعني بالضرورة رفضه دمج معالجتهما من خلال مشروع وطني واحد كما هو التوجه السائد الآن. وفي رأيي المتواضع، هذه العقيدة التفاوضية ستزيد من مرونة صاحبها وقدرته على المناورة من أجل التوافق على أي قانون يُقترح لمعالجة أزمة «البدون» يضمن الحدود الدنيا من الحقوق المدنية لهم، وينص على تجنيس الأفراد الذين أقر باستحقاقهم الجنسية «الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية»، وقد يكون إلى جانبهم أبناء الكويتيات من «البدون»، ويؤجل البت في مسألة تجنيس الفئات الأخرى مع إمكانية مساعدة الراغبين منهم في الحصول على جنسية أي دولة لديها نظام ضمان اجتماعي مناسب.
نحن بحاجة إلى الكثير من الحوار الوطني الصريح لنتفهم تصورات ومخاوف بعضنا البعض تجاه أزمة «البدون». فعلى سبيل المثال، بيننا من يخشى على هويتنا الوطنية من التزييف إن تم تجنيس أعداد كبيرة من «البدون» غير المستحقين، وفي مقابلهم لدينا من يحرص على ترميم هويتنا الوطنية من خلال تجنيس كويتيين حرموا من الجنسية بسبب تقاعس أو تقصير آبائهم أو بسبب عجز أو تهاون أو قصور مسؤولين من آبائنا الذين لم يرصدوا جميع الكويتيين، الذين كانوا يسكنون في الكويت قبل الاستقلال، فأصبحوا هم وذرياتهم «بدون»... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي