No Script

انشقاق عائلي وانهيار اقتصادي وتزايد التوترات مع روسيا

«واشنطن بوست»: الأسد يواجه «تحديد المصير»

No Image
تصغير
تكبير
  • بوادر تمرد جديد  خصوصاً في درعا 
  • لينا الخطيب:  صندوق أدوات  الأسد أصبح فارغاً 
  • عبدالنور:  ممنوع أن يصبح  مخلوف مهماً 
  • نور الدين منى:  النظرة المستقبلية  قاتمة ومخيفة

يواجه الرئيس السوري بشار الأسد، مجموعة من التحديات الكبيرة التي قد تحدد مصيره وقدرته على تعزيز قبضته على السلطة، وهي الانشقاق داخل عائلته، وانهيار الاقتصاد وتزايد التوترات مع حليفه الرئيسي روسيا، وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست».
لقد نجح الأسد في استعادة السيطرة على أغلب أجزاء سورية من يد المعارضة، ولم يتبقَ سوى مدن عدة في الشرق، ولم يعد هناك من ينافس رئيس النظام وعائلته على السلطة... لكن الخلافات بدأت تظهر داخل البيت الواحد.
قد يدفع الاقتصاد المتدهور، السوريين إلى الفقر على نحو غير مسبوق في التاريخ الحديث، لأن الوضع في روسيا وإيران، لا يسمح لهما بضخ مليارات الدولارات التي تحتاجها دمشق لإعادة البناء، كما يواصل الأسد رفض الإصلاحات السياسية التي قد تفتح الأبواب أمام التمويل الغربي والخليجي.
وترى الصحيفة الأميركية أن «هناك بوادر تمرد جديد يلوح في الأفق داخل المناطق التي استعادت الحكومة السيطرة عليها، خصوصاً في محافظة درعا الجنوبية».
وتقول لينا الخطيب، من مركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن، إن «الأسد قد يكون أكثر عرضة للخطر الآن من أي وقت في السنوات التسع الماضية من الحرب». وأضافت: «أصبح يعتمد بشكل كبير على الدعم الإيراني والروسي. ليس لديه الموارد المحلية، وليس لديه شرعية دولية، وليس لديه القوة العسكرية التي كان يملكها قبل النزاع»، مؤكدة أن «صندوق أدواته أصبح فارغاً».

الخلاف داخل العائلة
وفقاً للصحيفة، يعتبر الخلاف العلني بين الأسد وابن خاله رامي مخلوف، مجرد عرض من أعراض المشاكل العميقة، فقد لجأ رجل الاعمال السوري إلى «فيسبوك» للشكوى من محاولات الدولة مصادرة أصوله، بعد ما أصبح غير قادر على التواصل مع الرئيس مباشرة.
وفي سلسلة من التصريحات التي تنطوي على تهديدات متزايدة، أوضح مخلوف أنه لن يعطي دمشق طواعية أكثر من 600 مليون دولار، لمصلحة الضرائب.
وألمح رامي إلى قدرته على إحداث دمار في الاقتصاد من خلال سيطرته على شبكة من الشركات التي توظف الآلاف من السوريين وتضم شبكة «سيرياتيل» للهواتف المحمولة.
وذكر في أحدث مقطع فيديو نُشر الأسبوع الماضي: «لم أستسلم أثناء الحرب، هل تعتقد أنني سأستسلم في ظل هذه الظروف؟ يبدو أنك لا تعرفني».
مخلوف ليس وحده في هذا المأزق، فالحكومة تعمل على إجبار رجال الأعمال الذين استفادوا من الحرب على دعم اقتصاد الدولة المتعثر.
كما أن الأسد يحاول استعادة بعض النفوذ الذي أصبح مشتتاً بين رجال الأعمال الذين يشبهون «أمراء الحرب»، والعديد منهم، بما في ذلك مخلوف، يديرون الميليشيات إلى جانب مؤسساتهم التجارية، على حد قول الخطيب.
من جانبه، صرح أيمن عبدالنور، الصديق السابق والمقرب من الأسد الذي انشق عام 2008: «الأمر مختلف عن الضغط على رجال الأعمال الآخرين، هذا داخل الدائرة الداخلية».
وأوضح أن «مخلوف لا يشكل أي تهديد لرئاسة الأسد، لكن أسرة المخلوف في حد ذاتها جزء مهم من الطائفة العلوية الحاكمة، فقد قدمت شركات مخلوف والجمعيات الخيرية والميليشيات سبل العيش لعشرات الآلاف، مما منحه قاعدة دعم داخل المجتمع العلوي المستاء بشكل متزايد».
وأضاف: «لقد أصبح مخلوف كبيراً، وهذا غير مسموح به في سورية، ممنوع أن يكبر ويصبح مهماً».
ويقول الصحافي والمحلل السياسي السوري داني مكي، إن «مخلوف تحدى الرئيس علانية، وهو أمر لا يتم التسامح به عادة»، مضيفاً: «ما نراه الآن ليس مجرد معارضة بل معارضة مفتوحة للرئيس ولمؤسسة الرئاسة من قبل رجل أعمال. السؤال الأكبر، ما الذي يحدث للاقتصاد على المدى الطويل، إنه حقاً سباق مع الزمن بالنسبة للأسد لإيجاد مخرج، فلا يقتصر الأمر على بقاء النظام، بل على البلد بأكمله».

تدهور الاقتصاد
وأشار مكي إلى أن «ما يقلق السوريين أن ثورتهم تركزت في يد دائرة صغيرة من الناس في وقت أصبحت النسبة الأكبر من السكان تحت خط الفقر».
العملة تفقد قيمتها، وأسعار المواد الغذائية الأساسية، مثل الخبز والسكر، ترتفع، مما يعرض البلاد لخطر الوقوع في المجاعة، بحسب تقرير لبرنامج الغذاء العالمي.
ووفقاً لـ«واشنطن بوست»، فان المشكلة الأكبر للأسد، هي الاقتصاد الذي دمرته الحرب، والعقوبات الأميركية - الأوروبية، التي تهدف تمنع أي نوع من الاستثمار أو تمويل إعادة الإعمار.
كما أنه اعتباراً من يونيو المقبل، ستدخل العقوبات الأميركية الجديدة حيز التنفيذ بموجب «قانون قيصر»، الذي يستهدف أي فرد أو كيان في العالم يقدم الدعم للنظام.
وقد أعقبت فيديوهات مخلوف المتحدّية، منشورات جريئة للمؤيدين على وسائل التواصل الاجتماعي يتحدثون عن مظالمهم، كان أكثرها تأثيراً من جندي سابق يدعى بشير هارون، أُصيب أثناء قتال المعارضة ويضع صورته مع الأسد وزوجته كغلاف لصفحته على «فيسبوك»، عندما انتقد الحكومة بعد قطع تمويل العلاج الطبيعي للمصابين، وفق الصحيفة الأميركية.
وقال: «تعاملنا مثل فرسان السباق، الذين قتلوا بالرصاص عندما أصيبوا، في كل يوم تقوم بإصدار قرار يكسرنا ويذلنا ويقتلنا».
بدوره، كتب وزير الزراعة السابق نور الدين منى، على صفحته على «فيسبوك»، أن «النظرة المستقبلية قاتمة ومخيفة، في الأفق تلوح الأحداث التي يصعب التنبؤ بها أو تفسيرها. الشعب السوري مليء بالقلق والخوف والجوع والفقر».
توتر العلاقات مع روسيا
إضافة إلى كل هذه الضغوط، انتقدت مقالات في وسائل إعلام روسية، نظام الأسد، ما أثار تكهنات بأن الدعم لرئاسته قد يتضاءل.
وجاء النقد الأكبر من السفير الروسي السابق في دمشق ألكسندر أكسينيونوك، الذي أكد أن رفض الأسد تقديم تنازلات سياسية يتعارض مع مصالح روسيا.
وأوضح: «إذا حكمنا من خلال كل شيء نراه، فإن دمشق ليست مهتمة بشكل خاص بإظهار نهج بعيد النظر ومرن، النظام متردد أو غير قادر على تطوير نظام حكومي يمكن أن يخفف من الفساد والجريمة».
وحذر أكسينيونوك من أن «روسيا وصلت إلى حدود التسوية في عملية السلام التي ترعاها والتي تأمل أن تؤدي إلى إصلاحات سياسية».
ويرى محللون روس، في المقابل، انه لا يوجد سبب للاعتقاد بأن التعليقات تدل على أي تغييرات رئيسية في سياسة موسكو.
واعتبر فيودور لوكيانوف، رئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاعية ومقره موسكو، انه من خلال تدخلها المباشر في الصراع عام 2015، «حققت روسيا أهدافاً حيوية في السياسة الخارجية، ولن تتخلى عنها».

عودة المعارضة
وقال: «بالطبع الأسد يعتمد على الدعم الروسي، لكن موسكو تعتمد عليه سياسياً أيضاً... لا تستطيع أن تتخلى عنه من دون أن تتعرض لضرر سياسي كبير».
لكن نيكولاي سوركوف، الأستاذ في قسم الدراسات الشرقية في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، يعتقد أن موسكو تشعر بالإحباط من رفض النظام الموافقة على الإصلاحات السياسية، ويرى أن مثل هذه الإصلاحات، التي من شأنها أن تضعف سلطة الأسد المطلقة، تعتبر شرطاً أساسياً للمصالحة الحقيقية والدائمة.
وتابع: «حتى لو فازت الحكومة عسكرياً، سيكون هناك خطر كبير من استئناف التمرد طالما لم يتم تلبية المظالم الرئيسية للسكان».
وتقدم الاضطرابات في درعا الجنوبية، وهي أول محافظة سورية ثارت ضد الحكومة عام 2011، دليلاً على هذا الخطر، فقد تم إرسال قوات حكومية إلى المحافظة لقمع دوامة من عمليات الخطف والاغتيالات والكمائن التي أودت بحياة العشرات من القوات الحكومية في الأشهر الأخيرة.
ويرى عبدو جباسيني، الباحث في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا، أن «من يقف وراء العنف ليس واضحاً، ولكن يبدو أن تمرداً جديداً في طور التكوين».
وأكد المحلل مكي، أن «كل هذا يعطي شعوراً بأن الأسد لا يسيطر على الدولة». وقال: «هذه أكثر خطورة وتحدياً من أي فترة في الحرب بأكملها، ما لم يتمكن من إيجاد حلول، فلن يحكم أبداً سورية المستقرة».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي