أعلن عن تطوير معايير اختيار النصوص بالتنسيق مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب
صلاح دبشة لـ «الراي»: قصائد المتنبي وأبي تمام ستعود إلى مناهج اللغة العربية
بدءاً من هذا العام سننتقل من التقييم البنائي إلى التحصيلي الأكثر واقعية
نحتاج باستمرار إلى نقد المناهج وتقييمها على أسس موضوعية... والأبواب مفتوحة
تضمين مهارات القرن الحادي والعشرين ومفاهيم التنمية المستدامة أهم التحديات التي تواجهنا
الرؤية الجديدة لتطوير المناهج ساهمت بتشكيلها دراسات تقييم دولية للمنهج الحالي والسابق
سنركز على بناء أساس معرفي ومهاري قوي للمتعلم في المرحلة الابتدائية
إدارة التقويم وضبط جودة التعليم سيكون لها دور مهم في المرحلة المقبلة
لا تدخلات سياسية في المناهج... هناك توجهات لتحقيق الشراكات المجتمعية
وضع الوكيل المساعد للبحوث التربوية والمناهج في وزارة التربية صلاح دبشة، الخطوة الأولى لتطوير المناهج على سكة التنفيذ وتصحيح بعض الأوضاع غير الصحية، أهمها عودة النصوص الشعرية الجميلة إلى لغتنا العربية، وعلى رأسها قصائد المتنبي وأبي تمام، وتشكيل لجنة تحدد معايير اختيار النصوص الأدبية، بالتنسيق مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، مشدداً على ضرورة تطوير معايير اختيار النصوص وتأصيل الذائقة الأدبية لدى المتعلم.
وأعلن دبشة في حوار مع «الراي» عن نزع عباءة الكفايات وإجراء بعض التعديلات عليه، في الأساسات وفي أسلوب تصميم المنهج، مؤكداً أنه لا يوجد منهج خال من النقد ولا يوجد منهج سيئ، ومنهج الكفايات يحتاج إلى إمكانيات وتجهيزات معينة، وبنية تعليمية تتوافق معه والأهم عدم جودة ترجمة المفاهيم ولم تصل بصورتها المتكاملة إلى المعلم في الميدان.
وكشف عن دراسة لمكتب التربية العربي لتقييم المناهج، وهو أعلى جهة في العالم لتقييم المناهج، خلصت توصياتها إلى أن هناك جوانب كثيرة غامضة في الكفايات، أهمها كثرة المصطلحات وعدم استناده على أصول التربية ثم ان هذا التصميم لمنهج الكفايات تصميم فريد خاص بدولة الكويت وتم دمج الكفايات مع المعايير، وبالتالي خلق نوع من التعقيد المؤدي إلى صعوبة في الفهم.
ونفى دبشة وجود أي تدخلات سياسة في المناهج، وإنما بعض الجمعيات والجهات الحكومية تقدم مقترحاتها للمشاركة في إدخال المفاهيم، كالمفاهيم القانونية لتثقيف الطلبة، مؤكداً أن مناهج الكويت في الثمانينيات كانت تدعو إلى التطرف وفيها بعض الغلو، ولكن الآن تدعو إلى التعايش السلمي واحترام الآخر وكثير من القيم المستمدة من شريعتنا السمحة.
وفي ما يلي تفاصيل الحوار:
• بداية، كيف تُقيّم المناهج الدراسية في الكويت؟ وهل هناك قصور يعتريها؟
- هناك تقارير تقدم ودراسات تتم في تقييم المناهج، والقصور يتحدد من خلال نتائج هذه الدراسات مثل الدراسة التي أجراها مكتب التربية الدولي التابع لليونسكو 2018 وهو أعلى جهة على مستوى العالم في تقييم المناهج، ومثل دراسة معهد كامبردج الدولي لتقييم التعليم 2018، وكل منهما وضع ملاحظات وتوصيات عديدة، ومن ذلك التنازل عن الأساس التنظيمي للمهارات ورصف معايير المنهج في مقابل الكفايات الخاصة ليعطي شكلا من التقاطعات أكثر من تقديم بنية متماسكة، وذلك يدفع المعلم بالضرورة إلى التفكير في الكفاية بطريقة اصطناعية.
• تعرضت المناهج في الكويت إلى كثير من الهجوم التربوي والمجتمعي والسياسي. ما السبب من وجهة نظرك؟
- الواقع أبسط من السؤال، وإن كان هناك هجوم فسنعتبره قوة دافعة لتحسين جودة المناهج، والأسباب تتمثل في تعدد رؤى المجتمع وأفكاره تجاه المناهج واختلاف التوجهات والتطلعات بين أفراده تجاه التعليم، وذلك يدفعنا لمزيد من العمل، وتمكين سياسات المناهج القائمة على احترام جميع الرؤى والأفكار مع بناء مواءمة مجتمعية جديدة تنطلق منها المناهج باتجاه تحقيق أهداف الدولة ورؤيتها التنموية.
• ما أبرز المعوقات التي واجهها قطاع المناهج طوال فترة عملك في القطاع؟ وكيف تم التغلب عليها؟
- الاحتياجات المهنية... فعلى الرغم من وجود كفاءات مميزة إلا أنها بحاجة إلى دعم إضافي بكوادر مهنية متخصصة، لأن ضغط العمل وسرعة وتيرته يتطلب المزيد من تلك الكوادر، ولدينا خطط لمعالجة ذلك عبر التعاون مع القطاع الإداري.
• بم تفسر إطلاق كثير من التربويين من مديري مدارس ومعلمين أسهم نقدهم باتجاه الكفايات؟
- عندما تشير إلى مديري المدارس أو المعلمين فأقول لك إنهم تعاملوا مع المنهج بشكل مباشر من خلال عملية التطبيق، وهذه العملية بطبيعتها تكشف عن الثغرات في تصميم المنهج وتبين مدى واقعيته، فإن كنا أصحاب النظرية والمفاهيم فهم أصحاب التجربة والواقع، فإن كان نقدهم متواترا تجاه مواطن محددة في المنهج، فإن ذلك يمثل تغذية راجعة تدفع إلى إعادة النظر في تلك المواطن أو أسلوب تصميم المنهج بصورة عامة.
• ما الحلول بنظرك؟
- هي تتمثل في الاستفادة من إيجابيات البرنامج المتكامل لإصلاح التعليم، رغم أنه لم يقدم مساهمة فاعلة كما كان متوقعاً، لتحسين قدرة النظام التعليمي على رفع جودة التعليم، والحلول تتمثل أيضا في استثمار قدرات الكفاءات الوطنية وتوجيهها ضمن خطط منظمة للإصلاح، مع التنسيق المتكامل بين قطاعات الوزارة وربط مشاريعها معاً ضمن خريطة متكاملة لدفع عملية التطوير إلى الأمام وخلق بنية مستدامة ومتماسكة لنظام التعليم.
• هل نستطيع إذاً أن نصف المنهج الحالي بأنه «هجين»؟
- هذه كلمة مثيرة للجدل ومن غير الموضوعي وصفه بذلك، يمكن القول إنه تصميم خاص بدولة الكويت. فتصميم منهج الكفايات يختلف من دولة إلى أخرى بين الدول التي طبقته، ولدينا تم تحديد وظيفة معيار المنهج لقياس مستوى إنجاز المتعلم في الكفاية الخاصة، حيث جاء معيار المنهج بديلا لما يسمى بالوضعية. وجاء التقييم البنائي لمعايير المنهج محل معايير تقييم الكفاية التي تتمثل في الصحة أي الاستعمال الصحيح من قبل المتعلم لموارد الكفاية الخاصة، والاتساق أي التماسك في أداء المتعلم أو التسلسل أو الترابط أو التناغم، والمماثلة أي مماثلة إنجاز المتعلم مع التعليمات الخاصة بالمهمة المطلوبة، ونرى أن عملية إدخال التعديلات المتواصلة في أثناء استكمال بناء المنهج عبر أكثر من سنة أدى إلى حدوث فجوات، رغم أن الطموحات كانت عالية وكانت تهدف إلى مواءمة منهج يصلح لنظام قائم على معلم الصف وأعداد قليلة من المتعلمين مع نظام قائم على معلم الحصة وأعداد كبيرة من المتعلمين. وبلا شك فالمنهج الحالي يقدم فرصا للتعلم، ومعايير المنهج الحالية تمنعه من التهافت، وخبرات المعلمين تقود مناطقه العائمة إلى مواقف تعلم صحيحة، لكن هذه الحال استثنائية ولا تدوم طويلا.
• ماذا سيحدث إذاً خلال الفترة المقبلة؟ هل سيتم التعديل الجزئي أم الإلغاء الكامل للمنهج؟
- ستبدأ لجان تأليف الكتب الدراسية على أساس منهج قائم على المعايير، التي تعبر عن نواتج تعلم معينة، فوظيفة المعايير هنا ستختلف تماماً عن وظيفة المعايير في منهج الكفايات حيث المعيار يعمل داخل الكفاية.
• إذاً سيكون هناك تعديل جزئي؟
- هو أبعد من ذلك، دعنا نقول هو تغيير في الأسس والمفاهيم وفي أسلوب تصميم المنهج وفي المحتوى.
• كيف تُقيّم تعاون وزارة التربية مع البنك الدولي في ملف تطوير المناهج؟ وهل لديك ملاحظات أو تحفظات على هذا التعاون؟
- البنك الدولي كان متعاوناً إلى حد بعيد وهو شريك في عملية التطوير، وهو يرى مثلنا أن برنامج إصلاح المنظومة التعليمية طموح وتصميمه معقد، حيث واجه البرنامج عدداً من التحديات خلال سنوات تنفيذه لأسباب كثيرة.
• باختصار هل أثمر التعاون مع البنك عن فائدة؟
- بلا شك هناك ثمار لهذا التعاون وهناك طرق تفكير جيدة دخلت إلى المناهج وهناك خبرات تكونت حول التعلم النشط والتعلم المتمايز ودراسة ميزة مثلا، لقد استفدنا من التفاصيل أكثر من التصميم الكلي للمنهج.
• في اللغة العربية تحديداً كونك أحد فرسانها، هل ترك البنك الدولي أثراً في تطوير هذه المادة؟
- وثيقة منهج اللغة العربية افتقدت الأساس التنظيمي للمعارف والمهارات اللغوية، لأن رؤية خبير البنك الدولي في تدريس اللغة العربية قائمة على لغة أجنبية، وما لديه من أفكار ومفاهيم هو مستنتج أساساً من لغته الأصلية، وهو يريد تطبيقها باعتبار أنها مفاهيم مشتركة بين جميع اللغات، وهذا يجعل لغتك الأم تفقد بعض الخصائص والتفاصيل في سبيل التواءم مع تلك الأفكار، وترى انعكاس ذلك في عدد من الكتب الجديدة اعتبارا من الصف الثاني الابتدائي.
• هل تعتقد أن مناهجنا الدراسية كانت تدعو إلى التطرف والغلو في فترة من الفترات كما يدعي البعض؟
- حالياً لا أعتقد ذلك، ونحرص دوما على تطبيق معايير تأليف الكتاب، وسنحاول تقديم مستويات دقة عالية في تلافي ما يعبر عن التطرف والغلو، أما الفترات السابقة فإنني أعول على المقاصد التي تدفع إلى تجنب ما يدعو إلى التطرف والغلو في محتوى الكتب الدراسية، في مقابل ترسيخ مفاهيم وقيم احترام الآخر والتعايش السلمي.
• وهل هناك تيارات سياسية ترمي بتوجهاتها في المناهج؟
- لا توجد أي تدخلات سياسية في المناهج، إنما هناك توجهات وتسهيلات لتحقيق الشراكات المجتمعية، فنجد أن بعض الجمعيات والجهات تقدم مقترحاتها للمشاركة في إدخال مفاهيم عامة أو متخصصة ومنها مثلاً ما يتعلق بتعزيز الثقافة القانونية لدى المتعلمين.
• كيف تقيّم أداء المعلم الوافد بعد فترة الغزو إلى الآن؟
- ما زال لدينا بعض النخب المتميزة الآن، وهم أشقاؤنا وشركاؤنا، لكن المستوى العام في السابق كان أفضل إلى حد ما.
• هناك ضعف شديد يجتاح طلبة المدارس وربما الجامعات في اللغة العربية. ما سبب هذا الضعف وما الحلول بنظرك؟
- مشكلة اللغة العربية لا تقتصر على دولة الكويت وحدها بل جميع الدول العربية تعاني من هذه المشكلة، وهذا يحتاج إلى جهود سياسية ومجتمعية وتربوية لمعالجة هذه القضية، وفي النظام التعليمي سنعمل على تقديم أفضل الممارسات والطرق لتعليم اللغة العربية.
• لماذا فقدت مناهجنا كثيراً من القصائد الجميلة في العصر الجاهلي والعصور التي تلته، وما سبب اللجوء إلى الشعر الحديث؟
- نعمل حاليا على تطوير معايير اختيار النصوص الشعرية في المناهج، وسندخل عدداً من النصوص الشعرية المؤسسة للثقافة والهوية العربية والمفاهيم الوطنية والقيم الاجتماعية في المناهج، وستعود مثلاً قصائد المتنبي وأبي تمام وغيرهما من شعراء العربية عبر العصور، إضافة إلى الشعراء الأعلام في الكويت من خلال لجنة تشكل بالتنسيق مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
قضايا
التقييم التحصيلي
قال وكيل وزارة التربية المساعد لقطاع البحوث التربوية والمناهج صلاح دبشة لـ«الراي» إن القطاع يقوم حالياً بالانتقال من التقييم البنائي في المناهج إلى التقييم التحصيلي، وهذه خطوة أولى في سياق تطوير المناهج، والفارق هو أن التقييم البنائي يقيس مستوى المتعلم في كل معيار منهج وينتظر تطور مستوى المتعلم في هذا المعيار، وترصد نتائجه في نهاية الفصل. وهو نشاط تقييم متواصل لا يتوقف خلال عملية التعلم. ففيه يتم تقييم المتعلم في كل حصة مثلا، وهو محكي المرجع، وقد يزاحم عملية التعلم نفسها، أما التقييم التحصيلي فيقيس تحصيل المتعلم في فترات محددة تقسم إلى فترتين أو ثلاث أو أربع خلال الفصل الدراسي الواحد، وترصد النتائج في كل فترة ثم تجمع للرصد في نهاية الفصل وهو نشاط تقييم يحدث بعد عملية التعلم، ويترك مساحة كافية من الزمن للتعليم والتعلم، وهو معياري المرجع ويعتبر الأنسب لواقع نظامنا التعليمي الحالي.
دراسة الكفايات
أكد دبشة أن دراسة أعدها مكتب التربية العربي لتقييم المناهج، وهي أعلى جهة في العالم لتقييم المناهج، كشفت عن جوانب غامقة في منهج الكفايات أهمها كثرة المصطلحات إضافة إلى أن المنهج غير مستند على أصول التربية ثم ان هذا التصميم لمنهج الكفايات تصميم فريد خاص بدولة الكويت وتم دمج الكفايات مع المعايير وبالتالي خلق نوع من التعقيد المؤدي إلى صعوبة في الفهم.
ترجمة المفاهيم
ذكر دبشة أنه لا يوجد منهج خال من النقد ولا يوجد منهج سيئ المناهج وضعت من أجل تحقيق غايات معينة أو الوصول إلى نتائج معينة وكل منهج يحتاج إلى سياق يتوافق معه ويتلاءم معه وهذه نقطة أساسية بالنسبة لنا ومنهج الكفايات يحتاج إلى إمكانات وتجهيزات معينة وبنية تعليمية تتوافق معه، ثم يحتاج إلى تغيير بيئة التعلم الحالية، ثم يحتاج إلى ثقافة يجب أن يكتسبها المعلم من خلال برامج التدريب، ليتم العمل وفق مفاهيم المنهج وتقديم أفضل الأداء، هناك أشياء كثيرة نحتاجها في المنهج ولكن المشكلة الأساسية هي عدم جودة ترجمة المفاهيم التي لم تصل بصورتها المتكاملة إلى المعلم في الميدان.