بلهجة آمرة ونبرة استعلائية، خاطب الرئيس دونالد ترامب الدول المصدرة للنفط «أوبك» قائلاً: «خفّضوا أسعار النفط فوراً، فلن تتمتعوا بالأمان طويلاً بدوننا»، هذه اللهجة التي لا تخلو من ابتزاز كعادة ترامب، تعكس صلفاً وغطرسة أميركية، واستهانة بالدول الأخرى وبسيادتها.
وتأتي هذه الأوامر قبيل انتخابات الكونغرس في نوفمبر المقبل، إذ أن ارتفاع أسعار النفط قد يؤثر على التخفيضات الضريبية في أميركا، جراء ارتفاع أسعار البنزين، التي ساعدت في تعزيز الاقتصاد الأميركي حسب ما يقوله الجمهوريون، ما ينعكس بالتالي على نتائج الانتخابات التي لن تكون في صالح ترامب بسبب هذا الارتفاع.
ولا شك بأن العقوبات الأميركية على إيران، سببت نقصاً في الامدادات النفطية، ويريد الرئيس الأميركي تعويض ذلك من ثروات منظمة دول الأوبك، فالحروب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة على دول عدة منها تركيا والصين، سترتد عليها إذ لا حروب دون خسائر من الطرفين.
ويعكس أمر الرئيس الأميركي قلقاً من تنبؤات بعض الاقتصاديين أيضاً، من أن الأزمة الاقتصادية ستضرب النظام الرأسمالي من جديد، وستتكرر انهيارات أزمة 2008 وبشكل أشد وأعمق، وهو أمر كما قلنا مراراً، له علاقة بطبيعة النظام الرأسمالي، وأزماته العامة والدورية.
إن النظام الذي يدافع عنه ترامب، ويهدف إلى حمايته وانعاشه، يتسم بعدم العدالة في التوزيع، فهو وكما حدث في العقود الأخيرة، زاد ثراء الأثرياء وزاد فقر الفقراء وبنسبة 99 إلى 1 في المئة.
ولم تنقذ سياسة العولمة هذا النظام، كما ادعى بعض مفكريه وكتابه، هذا إضافة إلى السلوك التدميري المستمر من قبل هذا النظام للبيئة، الذي ساهم في انخفاض الموارد الغذائية، وشح المياه الصالحة للشرب.
لقد عفّى الزمن على الاستعمار الكولنيالي المباشر، واستقلت معظم الدول المستعمرة، وحصلت على سيادتها وعضويتها في الأمم المتحدة، لكن عقل دونالد ترامب لم يستوعب ذلك بعد، ويمضي في إملاء أوامره، غير آبه بكرامات الشعوب وسيادة أوطانها، ويريد من بعض دول الشرق الأوسط أن تحارب نيابة عن أميركا، وتحميلها إعادة إعمار الدول التي دمرتها الولايات المتحدة، فترامب لا يُخفي أهدافه وأطماعه.
osbohatw@gmail.com