No Script

هايلي ساخرة: توقّعنا سقوط السماء لكنها ما زالت في مكانها

قرار ترامب في شأن القدس... بلا مفاعيل

No Image
تصغير
تكبير

على الرغم من خطاب الرئيس دونالد ترامب، الذي «اعترف» فيه بالقدس عاصمة لاسرائيل، ما تزال السياسة الأميركية الرسمية تجاه الوضع في «الأراضي الفلسطينية» تنص على أن القدس الشرقية والضفة الغربية هي أراض «متنازع عليها»، وأن كل المستوطنات الاسرائيلية المقامة في هذه الاراضي هي مستوطنات غير شرعية.
أما سبب استمرار السياسة الأميركية تجاه فلسطين على حاله، فمرده الى ان الرئيس الاميركي تعمّد الغموض في خطابه الأربعاء الماضي، فهو لم يقل إن «القدس الموحدة» عاصمة إسرائيل، ولا اعترف بحدود القدس كما ترسمها الحكومة الاسرائيلية، بل اكتفى بالقول إن شكل حدود القدس خاضع لمحادثات الحل النهائي.
وفيما تباهى ترامب بما بدا مرسوماً اشتراعياً وقّعه على اثر خطابه، فإن ما وقّعه ترامب فعلياً هو نفس الإعفاء الذي دأب على توقيعه الرؤساء الاميركيون المتعاقبون على مدى الأعوام الاثنين والعشرين سنة الماضية، وهو إعفاء لوزارة الخارجية من تنفيذ قوانين الكونغرس التي تفرض نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.
بكلام آخر، على عكس الانطباع السائد عربياً ودولياً، لم يقرن الرئيس الأميركي خطاب اعترافه المزعوم بالقدس بأي قرار أو مرسوم تنفيذي للقوانين المصادق عليها في الكونغرس والمتعلقة بنقل السفارة الى القدس.
ويشبه خطاب ترامب الاستعراضي حول القدس خطابه الاستعراضي عندما أعلن نيته عدم تقديم إفادة للكونغرس بأن إيران متجاوبة مع الاتفاقية النووية، وهي خطوة لاقت استحساناً واسعاً في أوساط الحزب الجمهوري وأصدقاء إسرائيل، بيد أنها خطوة شكلية لم يقرنها الرئيس بأي تعليمات للعاملين في إدارته، خصوصاً في البعثة الأميركية إلى الأمم المتحدة، بضرورة تحدي الايرانيين والذهاب إلى تحكيم، حسب نص الاتفاقية، يسمح لأميركا بنقض أي محاولة في مجلس الأمن للإبقاء على الاتفاقية ويعيد تلقائياً العقوبات الاقتصادية الاممية على طهران.
خطابات ترامب المسرحية هذه، تتوافق مع ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، عن أن الرئيس الاميركي قال للعاملين في إدارته إن عليهم أن يتخيلوا أن كل يوم في إدارته وكأنه يوم في مسلسل تلفزيوني يومي. كما ذكرت الصحيفة أن ترامب يمضي أربع إلى ثماني ساعات يومياً وهو يشاهد التلفاز، وأن غالبية مواقفه مستوحاة مما يشاهده، خصوصاً على برنامج «فوكس اند فريندز» الصباحي، الذي تبثه قناة «فوكس نيوز» اليمينية.
وسبق لترامب أن لعب دور نجم مسلسل تلفزيون الواقع «ذي ابرنتيس»، ويبدو أنه ما يزال متأثراً بصناعة شخصيته بشكل من شأنه أن يرفع من شعبيته بين المشاهدين. ويعتقد المراقبون أن الرئيس الأميركي نجح فعلياً في إقناع مجموعة من الأميركيين بتأييده بشكل مطلق، لكن أسلوبه المسرحي، الذي يتسم بالتحريض ضد مجموعات دون أخرى، ساهم في الوقت نفسه بمنحه أدنى معدلات التأييد في تاريخ الرئاسة، في استطلاعات الرأي العام الدورية.
ترامب يبدو رئيساً تلفزيونياً أكثر منه رئيساً واقعياً، وهو ما قد يفسر المواقف النارية والخطابات المتكررة التي يدلي بها، ويتضح أنها مواقف وخطابات يندر أن تتحول الى سياسات فعلية على الأرض. ومن بين هذه المواقف خطابه حول اعترافه بالقدس عاصمة دولة اسرائيل، وهو خطاب بلا مفاعيل، على الرغم من أنه أثار ثائرة حكومات وشعوب الدول العربية والإسلامية، ممن راحوا يطالبونه بالتراجع عن قرار أوحى أنه اتخذه، لكنه في الواقع لم يتخذه فعلياً.
في سياق متصل (وكالات)، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي إن الاعتقاد بعد قرار ترامب بشأن القدس كان «أن السماء ستُطبق على الأرض، لكن لم يحصل شيء».
وقالت بسخرية في لقاء مع شبكة «سي إن إن»، ليل أول من أمس، إنه «مرّ الخميس والجمعة والسبت والأحد ولا تزال السماء في مكانها ولم تسقط».
وأضافت: «الطبيعة البشرية للبعض تعتقد أن ما حصل أمر فظيع لكن ماذا لو كان المفيد هو ما فعلناه؟... ما نقوله أمر حقيقي القدس عاصمة إسرائيل».
وأشارت هايلي إلى أن الإدارة الأميركية «لم تتحدث عن القدس الشرقية لسبب واضح هو أنه أمر يتعلق بالفلسطينيين والإسرائيليين وكل ما نريده نحن أن تكون سفارتنا في العاصمة».
وعلى صعيد المواقف العربية الرافضة لقرار ترامب، أوضحت هالي أن واشنطن «لديها الكثير من القواسم المشتركة مع العرب أكثر من السابق بسبب المعركة الحالية مع إيران».
وأضافت: «قد نختلف حول هذه القضية لكن هناك الكثير من القضايا التي يمكن أن نعمل عليها سوياً».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي