No Script

قيم ومبادئ

التنمية ليست تنويع الدخل!

تصغير
تكبير

التنمية الحقيقية تبدأ أولاً بالاعتماد على الله - سبحانه وتعالى - في حصول المطلوب ودفع المكروه، مع الثقة به وفعل الأسباب المشروعة وهذا ما فعله الكويتيون قبل النفط، فأغناهم الله من فضله.
ولا بد من أمرين:
أولاً: أن يكون الاعتماد على الله اعتماداً صادقاً حقيقياً.


ثانياً: فعل الأسباب المشروعة.
فمن جعل أكثر اعتماده على الأسباب، نقص توكله على الله، ويكون قادحاً في كفاية الله له فكأنه جعل السبب وحده هو العمدة في التنمية، ومن جعل اعتماده على الله ملغياً للأسباب، فقد طعن في حكمة الله، لأن الله جعل لكل شيء سبباً، فمن اعتمد على الله اعتماداً مجرداً، كان قادحاً في حِكمةِ الله، لأن الله حكيم، يربط الأسباب بمسبباتها، كمن يعتمد على الله في حصول الولد وهو لا يتزوج.
والنبي صلى الله عليه وسلم أعظم المتوكلين، ومع ذلك كان يأخذ بالأسباب، فكان يأخذ الزاد في السفر، ولما خرج إلى غزوة أُحد لبس درعين اثنتين، ولما خرج مهاجراً أخذ من يدله الطريق، ولم يقل سأذهب مهاجراً وأتوكل على الله، ولن أصطحب من يدلني الطريق، والتوكل نصف الدين، ولهذا نقول في صلاتنا:
(إياك نعبد وإياك نستعين) فنطلب من الله العون اعتماداً عليه سبحانه بأنه سيعيننا على عبادته، كما يُعيننا على الأسباب في تحصيل معايشنا
وعليه نقول لابد من تحقيق التوكل وهو خُلق، وهو من عمل القلب.
ولا يمكن تحقيق العبادة إلا بالتوكل، لأن الإنسان لو وُكِلَ إلى نفسه وُكِلَ إلى ضعف وعجز، ولم يتمكن من القيام بالعبادة، فهو حين يعبد الله يشعر أنه متوكل على الله، فينال بذلك أجر العبادة وأجر التوكل، ولكن الغالب عندنا ضعف التوكل، وأننا لا نشعر حين نقوم بالعبادة أو العادة بالتوكل على الله والاعتماد عليه في أن ننال هذا الفعل، وهو ثواب التوكل، كما أننا لا نوفق إلى حصول المقصود كما هو الغالب في خطط التنمية، سواء حصل لنا عوارض توجب انقطاعها أو عوارض توجب نقصها.
والتوكل أهم أنواعه:
الأول: توكل عبادة وخضوع، وهو الاعتماد المطلق على من توكل عليه، بحيث يعتقد أن بيده جلب النفع ودفع الضر، فيعتمد عليه اعتماداً كاملاً، مع شعوره بافتقاره إليه، فهذا يجب إخلاصه لله، ومن صرفه لغير الله تعالى، فهو مشرك شركاً أكبر، كالذين يعتمدون على الصالحين من الأموات والغائبين، وهذا لا يكون إلا ممن يعتقد أن لهؤلاء تصرفاً خفياً في الكون، فيعتمد عليهم في جلب المنافع ودفع المضار.
الثاني: الاعتماد على شخص في رزقه ومعاشه وغير ذلك، وهذا من الشرك الأصغر، مثل اعتماد كثير من الناس على وظيفته في حصول رزقه، ولهذا تجد الإنسان يشعر من نفسه أنه معتمد على هذا اعتماد افتقار، فتجد في نفسه من المحاباة لمن يكون هذا الرزق عنده، فهو لم يعتقد أنه مجرد سبب، بل جعله فوق السبب، ولهذا عمَّ الفساد في التزلف للمسؤولين في مقابل السكوت عن المخالفات.
الخلاصة:
التنمية بمفهومها الشامل ثقافة مجتمع وليست حكراً على الحكومة أو المجلس، ويجب على الإنسان أن يكون مصطحباً للتوكل - بمعناه الصحيح - في جميع شؤونه.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي