No Script

خواطر صعلوك

كيف تعرف أنك أصيل؟!

تصغير
تكبير

في اللغة يختبئ الوجود ويتمظهر.
الألف هامة الأحرف في الكلمات والمعاني... فهي ألف الرأس والرأي والرأفة والأصل، والأفق والامتداد، وألف الأم والأب والأخ والأخت... وما بدئ به اسم الله.
وما أضيفت الألف في صفة إلا جعلتها أفعل وأفضل وأعلى وأسفل من غيرها.
الألف ألف الأصيل.
والأصيل هو ابن أصل الفعل وأثره الطيب والحسن.
والصاد في اللغة هي طلب شديد ومتكرر بالصمت والإنصات للفعل والقول.
فالصب إصغاء الفعل لحركته وتدفقه...
والإصغاء هو الاستماع بتركيز في اتجاه واحد والإنصات هو استماع أعلى وفي كل اتجاه وأفق...
والصمت بيت السكوت الواعي ووطنه، والصبر هو الصمت تجاه ما ستر فيك وعنك.
وقالت العرب: صه!وهو طلب الصمت والإصغاء.
كثف كل ذلك في حرف الصاد فأصبح بداية... الصديق والصاحب والصالح.
والصاد هي صاد الأصيل.
والأصيل هو الواعي لفعله والمدرك لأثر تصرفاته والمنصت لما توارثه من الهوية.
والياء في اللغة هي بين ياء المنادي وبين ياء الملبي المستجي إنها ياء الـ«بين» والربط لكل المعاني، فتم تكثيفها فوضعت في الرفيق والطريق والصديق والفريق.
والياء هي ياء الأصيل.
والأصيل هو الرابط لما توارثه من صفات الجمال والكمال، وبين ما يخلقه من صفات النبل والامتثال.
واللام في اللغة هي لام الامتلاء والإحاطة والاحتواء... فهي في الكل والتفاصيل والأشكال والأعمال والأقوال... وما ارتفع بنفسه عن الأرض.
والأم تجلي الأصيل في الكلمات.
هكذا تتلاعب بنا اللغة لتقول إن للحرف معنى وللكملة قوامة على صاحبها، وما تطلق عليه الأسماء، فمنطق اللغة منطق وجودي.
اللغة هي أصل الأشياء... تساهلت مع الحيوان فجعلت أصالته في دمه، فقالت «لَهُ جَوادٌ أَصيلٌ أي خالِصُ النَّسَبِ، نَقِيُّ الدَّمِ»، أما مع الإنسان فأبت إلا الأخلاق، والشرف والطهر الراسخ الحر الذي يتصرف من نفسه من دون وكيل.
الأصيل هو المنتصب لربه، والمنصت والمصغي لذاته وغيره، الرابط للمعاني الجميلة والممتلئ بذاته مع حسن التناول لاحتواء ما سواه.
هو صرخة سلالة أجداده وتكثيف عال لجميع ممارساتهم وإبداع الهوية التي صنعوها.
لا يمكن لورقة بكامل طوابعها وأختامها وتواقيعها أن تتحايل على اللغة... الأصالة فعل اجتماعي وليست قراراً قانونياً أو معادلة اقتصادية أو وجاهة سياسية أو وثيقة جنسية.
إن ما يستطيع المرء أن يقوله بيقين تام تقريباً، هو أن النور لا يكشف عن نفسه في الإضاءة، بل في القلوب فقط، كذلك الأصيل لا يكشف عن نفسه بممارسات من ماتوا بل بممارساته وأثره مع وفي وبين الأحياء.
كيف تعرف أنك أصيل؟
إن معرفة الذات نتيجة سؤال واستفهام، وليس ما تخبرك به سجلات المواليد وهيئة المعلومات المدنية... فالإنسان الذي يريد الاستجابة لقدره يجب أن يستفهم من ذاته عن ذاته، والأصالة والأصيل توجد في «لام» الفعل وليس «ميم» الدم.

@moh1alatwan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي